|
الفن الفلمنكي – روبينز
محمد زكريا توفيق
الحوار المتمدن-العدد: 4065 - 2013 / 4 / 17 - 02:29
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
بعد زمن ماتسيس، تاه الفن الفلمنكي أثناء ثورة شملت بلاد أوروبا المنخفضة(هولاندا وبلجيكا ولوكسمبرج). بعد فترة قصيرة، حكمت البلاد دوقات بورجندي، ثم إمبراطور ألمانيا، ثم ملك إسبانيا. ثم قامت ثورة ضد حكم الطاغية الملك فيليب الثاني الإسباني ودوقاته الدمويين.
أدت الثورة إلى اتحاد مقاطعات الشمال، فكونت الجزء البروتستنتي من هولندا. الجزء الجنوبي ظل كاثوليكيا. في بداية القرن السابع عشر، أصبحت البلاد محكومة بآرشيدوق النمسا. وبدأ عصر الفن الذهبي لكل من هولندا وبلجيكا. في هولندا، ظهر "ريمبرانت"، وفي بلجيكا ظهر "روبينز".
مدينة أنتويرب في بلجيكا، في القرن السادس عشر، أجمل مدن أوروبا. بها كنائس وقصور رائعة، تعداد سكانها كان لا يزيد عن 200 ألف نسمة. مئات السفن كانت ترسو في موانيها. ينزلها العديد من الغرباء من كل أنحاء العالم.
قرابة نهاية القرن السادس عشر، عندما قام سكان البلاد المنخفضة بالثورة على الحكام الإسبان الطغاة، كانت مدينة أنتويرب مركزا للأحداث ، حصار وسلب ونهب وخلافه. أدى إلى تدمير المدينة، ولم تسترد عافيتها وتعود إلى مركزها السابق في التجارة والنفوذ إلا بعد مدة طويلة.
لكن المدينة كان لها شئ تفخر به. هو انتسابها للرسام الفلمنكي العظيم "روبينز". الذي أحيا عصر ازدهار الفن الفلمنكي من جديد. كان روبينز يعيش في أنتويرب البلجيكية، لكنه لم يولد بها.
أثناء الصراع الديني مع الإسبان، نفي والده. أول خيوط للضوء رآها روبينز، كانت عام 1577م، في قرية سيجين بألمانيا، في يوم الاحتفال بالقديسين بطرس وبولس. لذلك، تيمنا بهذه المناسبة السعيدة وطلبا لبركة القديسين، سمي روبينز ب "بطرس بولس"، أو "بيتر بول".
الأبوان كانا ميسورا الحال، من الطبقة الأرستقراطية. بطرس بولس كان الطفل السابع لهذه الأسرة. قرر أبواه توفير أفضل تعليم له. وكان يطلب منه، وهو طفل، التحدث مع والده باللغة اللاتينية، لغة العلم والثقافة والطبقة الأرستقراطية، والتحدث مع والدته باللغة الفلمنكية، ومع مدرسه الخصوصي باللغة الفرنسية.
توفى الأب عندما كان بطرس بولس في سن التاسعة. عادت أمه إلى مدينة كولونيا الألمانية لكي تعيش هناك. وضعت الأم صغيرها في مدرسة يسوعية، وهناك نشأ روبينز كاثوليكي روماني.
كان روبينز يحب العلم والدراسة. عندما بلغ سن العاشرة، كان يترجم من اليونانية، ويعزف على العود. كان يتقن وهو طفل ثلاث لغات، أضاف إليها فيما بعد اللغة الإنجليزية والفرنسية والإسباني والإيطالية.
كنوع من التربية القويمة، ولزيادة خصاله الحميدة، وضعته والدته في رعاية أحد السيدات النبلاء. لكنه، بعد سنة واحدة، مل حياة الترف والفراغ، فأخذ يلح في العودة لدراسة الفن والرسم. إلا أن الأم لم تكن متأكدة من أي الخيارات أفضل بالنسبة للصغير روبينز.
بعد استشارة باقي أفراد الأسرة، تقرر أن الأفضل لروبينز أن يلتحق بمدرسة رسم مع أحد الرسامين المشهورين. لذلك، بدأ روبينز دراسة فن الرسم مع إثنين من الأساتذة.
بعد ذلك، انتقل للدراسة في مرسم "فاينيوس" رسام بلاط الأرشدوق ألبرت، حاكم البلاد المنخفضة. عندما نظر فاينيوس إلى لوحة أحضرها روبينز معه، صرخ من المفاجأة، لأنه اكتشف في اللوحة موهوبا سوف يتفوق على فنه.
ظل روبينز مع الرسام فاينيوس عدة سنوات. كان الأستاذ معجبا بقدرات روبينز ومؤهلاته. عندما بلغ الثالثة والعشرين من العمر، نصحه أستاذه بالذهاب إلى إيطاليا لتكملة دراسة فن الرسم هناك.
اجتمعت العالئلة للمرة الثانية، ووافقت على سفر روبينز إلى إيطاليا. أعطاه الأرشدوق خطاب تذكية، وسلسلة ذهبية لكي تذكره ببلاده في الغربة.
في عام 1600م، مليئا بالرجاء والأمل، غادر روبينز الشاب على ظهر حصان متوجها إلى إيطاليا. وصل إلى هناك بعد رحلة طويلة مضنية عبر طرق جبلية وعرة. كان روبينز يحب الألوان، لذلك سحرته مدينة البندقية وأعمال "تيتان" و"فيرونيزي".
في الواقع، تأثر روبينز بالأخص بأعمال "فيرونيزي"، إلى الدرجة التي جعلته يسمى في بعض الأحيان ب "فيرونيزي الشمال". لم يمكث كثيرا في إيطاليا. عندما قُدّم لدوق "مانتوا"، وشاهد أعماله، سحر بفنه وشخصيته. فعينه رساما للبلاط.
في مانتوا، رسم عدة لوحات، وقام بنسخ بعض الأعمال المشهورة لفانين كبار، كطلب الدوق. في المقابل، كان الدوق يمنحه هدايا ثمينة. كلما اقترب الدوق من روبينز وعرفه أكثر، ازدادت قناعته بأنه يصلح لكي يكون سفيرا عظيما. أخيرا، أرسل الدوق رسامه سفيرا لبلاده لدى ملك إسبانيا.
في ذلك الوقت، كانت شخصية روبينز قد نضجت وتكاملت. يتمتع بأخلاق عالية وعقل رصين خلاق مبدع، يتكلم سبع لغات. لقد كان الدوق محقا، هذه الخصال، جعلت روبينز دبلوماسيا رائعا طيلة حياته.
بدأ روبينز بعثته الدبلوماسية، حاملا هدايا قيمة لملك الإسبان. جواهر نادرة، وفازات ولوحات فنية، وعربة فاخرة تجرها ستة خيول مطهمة من نابلولي.
السفر في تلك الأيام كان بطيئا. كان روبينز يمتطي صهوة جواد في ترحاله. في بعد الأحيان، عربة تجرها الخيول. أحيان أخرى، يجر بالبغال أو الثيران عبر طرق وعرة.
في مدينة بيزا، أبحر في مركب شراعي. بعض الهدايا حدث لها تلف بسبب الأعاصير وأمواج البحر. ثلاثة شهور كانت مدة الرحلة. الطائرة تقطعها اليوم في أقل من ساعة.
الباسبور الذي قدمه روبينز لبلاط فيليب الثالث في إسبانيا، كان يحتوي على الفقرة الآتية: "هذه أوراق بطرس بولس الفلمنكي. بطرس بولس سوف يقدم نفسه ويقول كل ما يليق بهذه المناسبة."
وتمتد الفقرة لتقول: "هذا الرجل الكفؤ، بطرس بولس، هو أيضا رسام بوتريه ممتاز. إذا رغبت سيدات المجتمع في رسم صور بورتريه لهن، فدعوهن يقتنصن فرصة وجوده بينكم".
هذه لوحة بورتريه رسمها روبينز لنفسه: http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/d/db/Rubens_Self-portrait_1623.jpg
هنا في إسبانيا، كما كان الحال في إيطاليا، استقبل روبينز بحفاوة بالغة. قام برسم أعمالا فنية رائعة، منها لوحة بورتريه لفيليب الثالث ملك إسبانيا.
دوق "مانتوا" كان سعيدا جدا بنجاح روبينز. عند عوته، قابله الدوق بالأحضان، راجيا أن يظل معه لا يفارقه. لكن بعد فترة، طلب روبينز أن يترك إيطاليا، لأنه لم يأت إلا للدراسة وليس للإقامة الدائمة.
الفلمنكي، كما كان يعرف في إيطاليا، كان يقابل بكل أنواع الاحترام أينما يذهب. في روما، رسم لوحة للبابا. قام بدراسة أعمال مايكل أنجلو، خصوصا تفاصيل العضلات في أجسام شخصياته.
كان مهتما بلوحة "فولتيرا" المسماه "الهبوط من الصليب". ربما يفسر هذا العمل الرائع، أعمال روبينز العظيمة عن نفس الموضوع. هذه لوحة فولتيرا. http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/2/26/Descentfromthecross.jpg
إيطاليا بالنسبة لروبينز كانت هي مغارة على بابا المليئة بالكنوز الفنية. أخيرا، جاءته رسالة من موطنه بأن والدته مريضة مرضا خطيرا. إذا أراد أن يودعها الوداع الأخير، عليه أن يسرع بالعودة. فقام روبينز بشحن لوحاته وأشيائه الثمينة بالبحر، وسافر هو نفسه عائدا عبر جبال الإلب.
لكن رحلة العودة كانت بطيئة. وصل روبينز متأخرا. فلم يلحق برؤية والدته التي كان يحبها حبا جما. سجن نفسه حزنا أربعة شهور بالدير الذي دفنت فيه، لا يغادره. ثم فكر في العودة إلى إيطاليا. إلا أن الأرشدوق عرض عليه راتبا مغريا ورجاه البقاء كرسام للبلاط.
في عام 1609م، تزوج روبينز من الجميلة إزابيلا براندت. هي وطفلاها غالبا ما يظهروا في لوحاته. بني بيتا عظيما على الطراز الإيطالي. به استوديو رائع. وسط المنزل بهو كبير كان يجمع فيه لوحاته المنتقاه، ومجموعة فازات وتماثيل وجواهر وما شابه من التحف الفنية الثمينة.
بينما كان روبينز يبني بيته، تعدى بعض العمال على أرض الجيران. وكانت تخص نقابة الرماة. حلا للإشكال، طلبت منه النقابة رسم لوحة للقديس كريستوفر لكي توضع في مبنى النقابة. لكن روبينز فاجأهم برسم لوحة "حاملي المسيح".
هذه اللوحة موجوده الآن في كاتدرائية أنتويرب، المشهورة بأقواسها الداخلية العالية ونوافذها الملونة. الكاتيدرائية ، بها لوحتان أيضا مشهورتان لروبينز، لكن لوحة "النزول من الصليب" هي كنز الكاتيدرائية الذي لا يقدر بثمن. http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/5/53/Peter_Paul_Rubens_066.jpg عندما يرفع الستار عن اللوحة، نرى تسعة أشخاص تملأ اللوحة. كلهم في حركة. صورة جسد المسيح في مركز اللوحة وهو ينزل من على الصليب. على الجانب الأيسر، يظهر القديس يوسف الرامي وهو يقود عملة الإنزال.
القديس بطرس يقف في الجانب الأيمن على السلم. في أسفل الصورة، القديس يوحنا الحبيب يحمل الجسد. بالقرب منهم: مريم العذراء، ومريم المجدلية، ومريم ثالثة من بيت عنيا.
قد يكون الموضوع غريبا، بالنسبة لعمل يعتبر من روائع فن الرسم. لكن صورة المسيح المصلوب، التي رسمها هنا روبينز، في رأي بعض النقاد، هي أفضل صورة رسمها روبينز على الإطلاق.
هنا نرى تباين طبيعي، بين لون الجسد، ولون قماش الكفن الأبيض الناصع. الأم مريم، تمد ذراعيها تريد أن تحضن ابنها، المجدلية تركع في المقدمة وتمسك بقدم المسيح التي تستقر على كتفها، والتي بللتها بدموعها من قبل. صورة المجدلية هنا من أجمل النساء اللاتي رسمهن روبينز.
يوحنا يقف صامدا بردائه الأحمر يستند بقدمه على السلم. النور يشع من مركز اللوحة فيضئ الوجوه ويظهر التباين بين الحياة والموت.
لوحة النزول من الصليب، زادت من شهرة روبينز بغير حدود. لم يحدث في تاريخ الفن أن بلغ أحد هذه الشهرة في هذا الوقت القصير. انهالت عليه الطلبات من كل حدب وصوب.
حياة روبينز كانت حياة منظمة. يستيقظ في الرابعة صباحا. يؤدي شعائر الصلاة، يتناول الإفطار، ثم يقوم بالرسم لساعات طويلة. ثم يخلد للراحة وتناول الغداء. يعود إلى الرسم حتى العصر.
بعد ذلك، يقوم بركوب خيله المفضلة لمدة ساعة أو ساعتين، ثم يقضي فترة المساء مع أصدقائه ومحبيه. الرسم أثناء الليل في ضوء المصابيح، يجعل الألوان غير دقيقة.
كان روبينز مغرما بالكتب. غالبا ما كان يقرأ له أحد الأصدقاء، بينما كان هو يقوم بالرسم. حب الأدب والاطلاع شئ طبيعي لمن يتقن سبع لغات. حياة أنيقة لكنها بسيطة. مليئة بالعمل المنتج المبهج والأفكار السعيد.
في عام 1620م، دعته ماري دي مديشي، أم لويس الثالث عشر ملك فرنسا لزيارة باريس، لكي يرسم على جدران قصرها، قصر لوكسمبرج، مناظر مختلفة من حياتها.
هذا عمل هائل أنجزه روبينز بمهارة فائقة. اللوحات الآن موجودة في متحف اللوفر بباريس. لوحات ضخمة لمشاهد وشخصيات تاريخية. كلها رائعة وألوانها زاهية وحركاتها رشيقة طبيعية. هذه الشخصيات تبين عبقرية روبينز في التخيل والترتيب والتنسيق.
ماري دي مديشي كانت منبهرة بالرسام. وكانت غالبا تجالسه وهو يرسم، للتحدث إليه. كان يشرح لها لماذا يضيف إلى شخصياتها التاريخية، الكثير من آلهة وإلهات الإغريق والرومان.
روبينز كان يرسم بسرعة فائقة. ليوناردو دافنشي رسم لوحته الموناليزا في أربع سنوات. أما روبينز، فيقال أنه رسم ثمانية لوحات في ثمانية عشر يوما. وكان يقيم وقته ب 50 دولارا في اليوم الواحد.
في أحد الأيام، سأله أحد الكيميائيين مساعدة مالية لبناء فرن، وعده في المقابل، عندما ينجح في اكتشاف حجر الفلاسفة الذي يحول المعادن إلى ذهب، أن يشارك روبينز المكسب.
أجابه روبينز وهو يشير إلى أحد لوحاته: "لقد أتيت إلي متأخرا عشرون عاما. أي شئ ألمسه في هذه اللوحات يتحول إلى ذهب".
رسم روبينز كل الموضوعات المختلفة. أساطير وشخصيات فلمنكية، وأناس عادية يراهم كل يوم. وقام بتحويلهم إلى آلهة وإلهات أسطورية. ومعهم كان يضيف حيوانات مفترسة.
فينوس إلهة الحب والجمال تتزين. http://www.wikipaintings.org/en/peter-paul-rubens/venus-at-her-toilet#supersized-artistPaintings-216722
منظر ليلي: http://www.wikipaintings.org/en/peter-paul-rubens/night-scene-1617#supersized-artistPaintings-216520
في لوحاته الدينية، الشعب الفلمنكي يظهر كمادونات وريفيات ، أو حواريين وقديسين وشهداء. عبقرية روبينز تظهر في تجميع الشخصيات في وحدات دينية. هذه لوحة وليمة هيرود: http://uploads2.wikipaintings.org/images/peter-paul-rubens/the-feast-of-herod-1633.jpg
موضوعاته التاريخية، أيضا من أحسن أعماله. في المناظر الطبيعية، لم يظهر الجبال أو البحر بكثرة. يفضل أن يظهر المناظر الطبيعية المحيطة بمنزله. قام أيضا برسم العديد من بورتريهات الملوك والأمراء واللوردات والسيدات بملابسهن ذات الألوان والنقوش الرائعة.
الملكة "آن" أم لويس الرابع عشر ملك فرنسا: http://www.wikipaintings.org/en/peter-paul-rubens/anna-of-austria-queen-of-france-mother-of-king-louis-xiv-1625#supersized-artistPaintings-216379
كان روبينز محبا للأطفال، وكانت له مقدرة نادرة لإظهار جمالهم وبراءتهم وحركاتهم الرقيقة في لوحاته. مجموعة أطفال ميونخ، يظهرون وهم يحملون الفاكهة والزهور في لوحة ساحرة. هذه لوحة كلارا سيرينا: http://www.wikipaintings.org/en/peter-paul-rubens/portrait-of-clara-serena-rubens#supersized-artistPaintings-216544
يمتاز روبينز بالخيال وترتيب المجموعات الكبيرة، وبالألوان الرقيقة والمتوهجة. يفضل اللوحات الكبيرة. يقول النقاد أن بعض الوجوه في لوحاته تنقصها الروح والشخصية، ولكن مَن مِن الفنانين حباه الله بكل شئ؟
تقوم تلاميذه، البالغ عددهم 200، بمساعدته في العديد من لوحاته. يقوم هو أولا بوضع الخطوط الأولية والهيكل العام للوحة. ثم يقوم التلاميذ بملء المساحات بالألوان تحت إشرافه.
يعهد بالخلفية المعمارية إلى مساعدين آخرين، وبالمناظر الطبيعية ورسوم الحيوانات إلى أخصائيين في هذه المجالات. بعد ذلك يقوم هو بالرتوش النهائية والتوقيع على اللوحة.
كان يقول لتلاميذه عندما يشعر بغيرتهم من مهارته: "أجد عملك، تجعل الآخرين يغارون منك. افعل الأحسن، وأنت تفوقهم جميعا".
في عام 1626م، توفيت زوجته الطيبة إيزابيلا براندت. ولكي يتغلب على أحزانه لفراقها، عاد للعمل كسفير من جديد، في لاهاي، ثم سفيرا لدي فيليب الرابع ملك إسبانيا. كان هناك مشهورا أيضا، بسبب شخصيته الساحرة. إيزابيلا براندت زوجة روبينز: http://www.wikipaintings.org/en/peter-paul-rubens/isabella-brandt-first-wife#supersized-artistPaintings-216468
روبينز يبلغ من العمر الآن 49 سنة. قامت بينه وبين الرسام الإسباني فيلازكويز، الذي يبلغ من العمر 21 سنة، صداقة حميمة. بينما كان روبينز في إسبانيا، رسم لوحات رائعة للملك. الذي أرسله كسفير لانجلترا، لكي يوقع معاهدة سلام بين البلدين. مما أثبت أنه، بالاضافه لكونه رساما عظيما، هو أيضا دبلوماسيا بارعا.
تشارلز الأول، ملك إنجلترا كان ممتنا لروبينز ومعجبا به. جعله يرسم سقف قاعة مأدبة قصره. بينما كان يرسم، سأله أحد رجال البلاط قائلا: "هل السفير يسلي نفسه بعض الوقت بالرسم". أجاب روبينز على الفور: "لا، بل يسلي نفسه بعض الوقت بكونه سفيرا".
أنعم تشارلز الأول على روبينز بلقب فارس. أهداه سيفا مرصعا بالجواهر. ووضع سلسلة ذهبية حول عنقه. دوق باكنجهام، الوزير المفضل لدى الملك، عقد صداقة حميمة مع روبينز، وقام بزيارته عندما عاد إلى أنتويرب.
عندما رأى مجموعة روبينز المنتقاه التي يعرضها في صالة منزله، طلب شرائها بمبلغ 50 ألف دولار. تردد روبينز قليلا، لأن المجموعة تحتوي على لوحات نادرة لا تقدر قيمتها بثمن. ثلاث لوحات لرفائيل، 19 لوحة لتيتان، 13 لوحة لفيرونيزي، وأشياء أخرى.
لكن روبينز يحب المال. والمبلغ الذي عرضه الدوق، يسيل له اللعاب في ذلك الوقت. لذلك، قبل عرض الدوق. وفي الحال، بدأ في شراء مجموعة أخرى من اللوحات والأنتيكات.
هذه الصفقة، سنت تقليدا جديدا بالنسبة لنبلاء إنجلترا، وهي أن كل نبيل، عليه أن يقوم بجمع ما يستطيع من أعمال فنية في قصره.
أخيرا، مل روبينز حياة السفراء. وقرر العودة إلى بلده للتمتع بالحياة كمواطن عادي. في عام 1630م، تزوج مرة ثانية. عمره الآن 53 سنة. عروسه، هي هيلينا فورمنت، صبية جميلة غنية عمرها 16 سنة.
لابد أنه كان واقع في الغرام لشوشته، كما يقول المثل الشعبي. لأنه لم يكف عن رسمها ورسم عائلتها الصغيرة. قبعتها الكبيرة مميزة، ولون بشرتها صافي ونضر. تلبس ملابس باهظة الثمن. http://www.metmuseum.org/Collections/search-the-collections/110001985
http://www.wikipaintings.org/en/peter-paul-rubens/helene-fourment-with-her-children-1637#supersized-artistPaintings-216457
رسم روبينز صورة لاخت زوجته، كان معجبا بها جدا، لدرجة أنه لم يكن مستعدا لبيعها بأي ثمن. وكان يحملها معه أينما يذهب. اسم اللوحة "القبعة القش". http://www.wikipaintings.org/en/peter-paul-rubens/the-straw-hat#supersized-artistPaintings-216698
قام روبينز برسم ما بين 1500 و 1800 لوحة. من الصعب الحكم عليها جميعا لمعرفة الأفضل. ليست جميعا بنفس المستوى. أعظم أعماله هي التي رسمها في السنوات الأخيرة.
بسبب مرض النقرس، تجنب اللوحات الكبيرة واكتفى باللوحات الصغيرة. عندما طال النقرس أصابعه، اضطر إلى ترك فرشته إلى الأبد. في عام 1640م، توفى روبينز بعد مرض مفاجئ.
عندما علم سكان أنتويرب بالأخبار الحزينة، التي انتقلت بسرعة إلى أجزاء كثيرة من أوروبا، تقبلوا الأنباء ببالغ الحزن والأسى. رتبت لجثمانه جنازة مهولة في كنيسة القديس جاكويز بأنتويرب، ودفن بها. ستون طفلا يتيما كانوا يحملون الشعلات ويسيرون في الجنازة.
وإلى اللقاء في المقال القادم إن شاء الله، لكي نواصل الحديث عن الفن والفنانين، فإلى اللقاء. [email protected]
#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفن الفلمنكي – فان آيك
-
الفن الإسباني – موريللو
-
الفن الإسباني – فيلازكويز
-
الفن الأسباني – عمارة الأندلس
-
الفن الإيطالي – رسامو البندقية
-
الفن الإيطالي - تيتان
-
الفن الإيطالي - كوريجيو
-
الفن الإيطالي - رفائيل
-
الفن الإيطالي - ليوناردو دافنشي
-
الفن الإيطالي – بداية عصر النهضة
-
الفن الإيطالي - كانوفا
-
الفن الإيطالي - سيليني،بولونيا،برنيني
-
الفن الإيطالي - مايكل أنجلو
-
الفن الإيطالي 1
-
الفن في بداية المسيحية
-
كنوز الفن الروماني القديم
-
الفن الإغريقي القديم – الرسم
-
الفن الإغريقي القديم – النحت
-
الفن المصري القديم
-
حفريات سبقت كتبنا المقدسة
المزيد.....
-
مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-.
...
-
إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
-
صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق
...
-
الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف
...
-
سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
-
ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي
...
-
مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا
...
-
أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
-
كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|