أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسن الخليلي - بماذا يتميز الشيوعين















المزيد.....



بماذا يتميز الشيوعين


حسن الخليلي

الحوار المتمدن-العدد: 1167 - 2005 / 4 / 14 - 10:30
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


(أريد أن أسال عن السبب في كون بعض الناس يعادون الشيوعية دون أن يعرفوا شيئا عنها وان أناسا آخرين من المتعلمين يروجون أفكارا معادية للشيوعية).
عشرون سنه وأنا اسمع تلك الأفكار التي تصور الشيوعيين بصور سلبية في البيت والمدرسة سمعت وقرأت ولقنت معلومات معادية للشيوعية.
وحينما كبرت وأصبحت اختلط بالناس وأتحاور معهم وانجذب للنضال الوطني بقيت اسمع نفس الأفكار التي كنت اسمعها في البيت والمدرسة مع تعديلات معينة تناسب واقع الحال، فقد قيل لي أن الشيوعيين لا يريدون تحرير الوطن وهم ليسوا وطنيين، إنهم امميون.
وقد اتيح لي خلال الانتفاضة أن التقي بعدد من الشيوعيين ليس في الأماكن التي اعتدت فيها لقاء الآخرين بل عند المتاريس والسدود وفي المظاهرات ولم أكن اعرف أنهم شيوعيين في البداية إلى أن بدأت اردد على مسامعهم ما تلقنته من أفكار العداء للشيوعيين وكل ظني أنها حقائق ولم يخطر ببالي أن أتسال عن مدى صحتها.
كنت قبلتها كمسلمات ودهشت حينما عارضوني الرأي وحينما عرفت أنهم شيوعيون. وفي الحقيقة شعرت بالحرج اكبر حينما اكتشفت أن الناس الذين اتهمتهم بالا وطنية هم الذين يقفون معي أمام السدود ويتصدون للمحتلين بشجاعة وكفاءة وأنني كنت معجب بهم لان لديهم أشياء تنقصني. كانوا يفسرون الأحداث بشكل أفضل مني وكانوا منظمين ومنضبطين وواثقين من أنفسهم ويعرفون ما يريدون.
ولهذا حينما عرضوا علي الاشتراك في لجنة شعبية لم أتردد في القبول. وجدت من البداية كم كان تشكيلها ضروريا في حينه. واشهد أنهم وحدهم الذين قدموا الجواب على ما كنا نواجهه، كانت أمامنا مشكلة تنظيم نضالاتنا، وإخراجها من العفوية ومشكلة حماية المناضلين من الوشاة، وتنسيق الشعار، والنشاطات، ومساعدة الجرحى، والتبرع بالدم وتامين التموين للسكان وحماية الإضراب وغير ذلك من القضايا العديدة التي طرحتها الانتفاضة منذ أيامها الأولى.
وللحق أخذت لجنتنا الشعبية تقوم بدور كبير في حل تلك القضايا، واتسعت مع تزايد هذه القضايا، وانبثقت عنها لجان فرعية لمختلف النشاطات، وقد امتدت الآن إلى الزراعة والتعليم والحراسة.
ولم اعد بالطبع اردد ما تعلمته من البيت والمدرسة ومن بعض الناس الذين جمعتني بهم ظروف العمل ولم التق بهم في الانتفاضة لكنني قرأت في بعض المجلات الصادرة في الخارج هجوما على الشيوعيين بدعوى عدم اشتراكهم في الانتفاضة أو محاولتهم كما جاء في بعض المقالات وقفها وفي مكان آخر من نفس تلك المقالات كلام منافي للآخر يدعي أن الشيوعيين يرفضون التنسيق مع الآخرين وأنهم مصرون على العمل وحدهم.
لقد دهشت وتألمت لهذه المزاعم وأنا لا أسال عنها لأنني اعرف بتجربتي أن لا أساس لها، فقد كانت لجنتنا الشعبية واللجان التي تفرعت عنها مفتوحة لمن يريد من المناضلين في منطقتنا. لكنني اسأل عن سر هذا العداء للحزب الشيوعي وأسال عن السر الذي جعل زملائي من الشيوعيين في اللجنة الشعبية يقومون بدور طليعي متميز؟ وما هو السر الذي يملا حياتهم بالتفاؤل بالمستقبل والثقة في النفس وسرعة المبادرة ونكران ألذات والاستعداد الهائل للتضحية ؟ أردت أن أتوجه إليك بهذه الأسئلة بناء على نصيحة احد زملائي وآمل أن أتلقى منك جوابا.
التوقيع
ابدأ بالقول بان رسالتك لم تفاجئني فقد مررت شخصيا بنفس التجربة وعرفت من البيت والمدرسة وبعض زملائي في العمل ما عرفته أنت في وقت لاحق وأضيف انك حينما تطالع غالبية صحفنا تجد فيها أخبار معادية للشيوعية وللاتحاد السوفيتي وتنقل أخبار مشوهه وأكاذيب عن الحياة في البلدان الاشتراكية. ولا تختلف المادة التي نسمعها في الإذاعة ونشاهدها في التلفزيون في عدائها عن تلك المقالات.
والآن للإجابة على سؤالك تتوجب الإشارة إلى انه سؤال مركب من عدة أسئلة سأحاول الإجابة عليها واحد بعد الآخر وبدءا من البداية.

جذور العداء للشيوعية

تعرف الآن يا صديقي أن الماركسية اللينينية التي أرسى مبادئها ماركس وانجلز ولينين هي نظرية ثورية تتجاوز تفسير الظواهر الاجتماعية إلى محاولة تغيير المجتمع تغييرا ثوريا. وتعني الماركسية اللينينية نظرية الاشتراكية العلمية بتخيل الطبقة العاملة وسائر الكادحين من استغلال الرأسمالي و من البطالة ومن الحرمان من التأمينات الاجتماعية كالصحة والتعليم والسكن اللائق والشيخوخة المؤمنة...الخ، كما تفتح أمامها آفاق التطور المضطرد اللاحق في كافة المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. إنها ببساطة تهدف إلى جعل الكادحين وجماهير الشعب عموما سيدة نفسها ومن اجل الوصول لهذا الهدف يتوجب أن تعود خيرات البلاد والمجتمع إلى هذه الطبقات كي تصبح ملكا للجميع بدل أن تدخل جيوب قلة صغيرة من كبار الرأسماليين والملاك.
معنى هذا وضع وسائل الإنتاج المصانع، الشركات الكبيرة، البنوك، الأرض، وثرواتها، المياه، الموصلات، العقارات...الخ بيد المجتمع أي تأميمها بجعلها مملوكة للشعب كله بعد أن كانت ملكا لبضعة أفراد وأصحاب وسائل الإنتاج هؤلاء أي الرأسماليون المتضررون من هذا التغيير هم عدو الاشتراكية ويفعل هؤلاء كل ما من شانه منع وقوع هذا التغيير وبديهي أن تشويه الاشتراكية وتنفير الجماهير منها واحد من أسلحتهم لها لمنع وقوع التغيير، ولان الرأسماليين يعرفون أن مزايا الاشتراكية جذابة للغاية للجماهير الكادحة فان إتاحة الفرصة لهذه الجماهير كي تتعرف على الحياة في البلدان الاشتراكية وكي ترى مزاياها في ميدان التطبيق من شانه أن يزيد تأييد الجماهير للحزب الشيوعي، الحزب الوحيد الذي تقوم استراتيجيته على تغيير المجتمع تغييرا ثوريا لبناء الاشتراكية وطورها النهائي الشيوعية على أساس مبادىء الاشتراكية العلمية بهدى نظرية الماركسية اللينينية.
انه لأمر طبيعي إذن أن يلجأ الرأسماليون إلى تشويه سمعة الاشتراكية، وإنكار تقدمها وارتفاع مستوى معيشة شعوبها والتشكيك في سياستها وتضامنها معنا.
إن هؤلاء أصحاب الشركات الكبيرة والمصانع والبنوك من الذين يهيئون السياسيين ويعينون الحكام ويمولون حملاتهم الانتخابية ويمتلكون وسائل الإعلام ومنهم ومن موظفيهم تتشكل أجهزة الدولة. هكذا هو الأمر الآن وكان كذلك في الماضي.
وإذا أخذنا الإدارة الأمريكية كمثال نجد أن ريغان نفسه هو واحد من أصحاب الملايين. أما جورج شولتز وزير الخارجية فكان مديرا لأكبر شركة للإنشاءات في الولايات المتحدة قبل تعيينه وزيرا، وكان وزير الدفاع السابق كاسبارواينبيرغر هو الآخر موظفا كبيرا بصفة مستشار قانوني لنفس الشركة ومثله فيليب حبيب وهنري كيسنجر وزير الخارجية الأسبق، الذي كان موظفا لدى عائلة وكفلر صاحبة البنوك والشركات الكبيرة وقد عاد لحظيرة هذه العائلة بعد تركه لمنصب وزير الخارجية وكما يقال في الولايات المتحدة فان رجال الكونغرس ومجلس النواب وحكام الولايات والمجالس البلدية هم صناعة الشركات الكبرى، وهؤلاء الوزراء وكبار الجنرالات وكبار موظفي الدولة غالبا ما يعودون للعمل في رئاسة الشركات الكبرى والبنوك بعد تركهم الوزارات، وأحيانا يتركون العمل الحكومي ويستبد لونه بالعمل لدى الشركات.
والحال المذكور هو الحال ذاته في سائر البلدان الرأسمالية وكذلك كان في الماضي، ومن النادر أن يكون وزيرا ومسئول كبير في البلدان الرأسمالية الكبيرة ليست له علاقة سابقة بإحدى الشركات الكبيرة سواء كان ذلك من خلال الوظيفة ومن خلال المشاركة في راس المال.
معنى ذلك أن أجهزة الدولة وإداراتها تعمل تحت إمرتهم المباشرة ولخدمة مصالحها وتثبيتها ولضرب أعدائهم ومنعهم من الوصول إلى امتلاك قدرات التغيير.
وكما أوضحنا فان الدعاية والتأثير واحدة من الوسائل الأساسية لتشويه الشيوعية وتنفير الجماهير منها. وليس وسائل الإعلام وحدها هي المكلفة بهذه المهمة الخطيرة. فهناك جهاز التربية والتعليم الذي يعنى بتشكيل فكر الإنسان منذ الطفولة وهناك وسائل الثقافة الأخرى، الأدب، السينما، التلفزيون، المسرح، الشعر، الفنون بأنواعها، الجامعات....وغيرها وهكذا يكون طبيعيا أن يدرس الطفل في الصفوف الابتدائية مواد تشوه الشيوعية وتفتري عليها وان يقوم الإعلام إضافة إلى تشويه الصورة عن البلدان الاشتراكية والتشكيك في سياستها بحجب الحقيقة والتعتيم الكامل على منجزاتها.
إن الطالب مثلا لا يجد في كتب العلوم، الفيزياء، الكيمياء، الرياضيات...الخ مواد في المدرسة أو الجامعة اسم عالم سوفيتي أو اشتراكي قدم إسهاما في تطوير العلوم الإنسانية والثقافة والفنون. بينما تزخر هذه الكتب بأسماء علماء كبار ومخترعين في كل المجالات من البلدان الغربية الأمر الذي يجعل الطالب ينمو وهو يفكر بان الرأسمالية وحدها تفتح مجالات التقدم وتكتشف حجب الأسرار بينما الاشتراكية فقر من النبوغ بل تقتل هذا النبوغ.
ولا يتوقف الأمر عند العلوم بل تعداه إلى مجالات أخرى كالرياضة، فان وسائل الإعلام تحاول دائما تجاهل الإنجازات الرياضية الكبيرة لأبطال الرياضة الاشتراكيين وحتى التغطية للألعاب الاولمبية تكون متحيزة دائما ولولا إنجازات الرياضيين الاشتراكيين اكبر من أن تستطيع حجبها تماما لما عرف المواطن شيئا عن تقدم البلدان الاشتراكية في هذا المجال وآخر مثال مشاركة الاتحاد السوفييتي في بطولة الأمم الأوروبية بكرة القدم وقبل هذه البطولة كان المواطن يتصور السوفييت والبلدان الاشتراكية متخلفون كثيرا في هذه الرياضة وراء البلدان الرأسمالية الغربية والأمر نفسه في كافة المجالات الأخرى.
في وضعنا الراهن فان التشكيك في سياسة الاتحاد السوفيتي الخارجية والطعن في مبدأ المواقف السوفيتية ومحاولات المس بمصداقية تضامنه ودعمه لقضيتنا يحتل حيزا هاما من فكر ونشاطات القوى الرأسمالية والأنظمة والدول التي تسيرها ذلك أن ارتفاع مصداقية الاتحاد السوفيتي وهيبته من خلال مواقفه المبدئية الثابتة تجاه القضية الفلسطينية وقضايا الشعوب العربية الأخرى تعزز ثقة الجماهير العربية وانجذابها نحو مثل الاشتراكية واختيارها طريقا لتصفية تركة التخلف الكبيرة الموروثة من العهود الاستعمارية وبالتالي تشكيل خطر مباشر على الثروات البترولية الضخمة التي تنهبها الامتيازات الرأسمالية ولما كان الحزب الشيوعي بالمواصفات التي سبق ذكرها أي الحزب الوحيد الذي تقوم استراتيجيته على تغيير المجتمع تغييرا ثوريا فانه من الطبيعي أن تسخر جميع الأوساط الرأسمالية الكبيرة وتلك التي تستغل شعوبها وتريد الاحتفاظ بأنظمة سياسية واقتصادية تضمن لها الثراء المتزايد ولشعوبنا الفقر المتزايد، أن تسخر كل طاقاتها القمعية والإعلامية ضد الحزب الشيوعي ومن الطبيعي أن لا تنتظر أن يولد هذا الحزب ويكبر ليصبح قوة يحسب لها الحساب حتى تبدأ معركتها ضده إنها بالعكس ستبادر للمعركة قبل أن يولد وفي حال كونه صغيرا أو بدور ضعيف لأنها تخشى المبادىء الشيوعية وتعلم أن إطلاع الجماهير عليها بشكل صحيح واستيعابها لها سيجعلها قوة مادية قادرة على تغيير المجتمع.
لما كان هذا الهلع من خطر الشيوعية على المصالح الاستغلالية للطبقات المالكة موجود منذ أيام ماركس وقبل أن ترتفع راية الشيوعية فوق ثلث العالم وتقوم الأحزاب الشيوعية في سبعة وتسعين بلدا فانه تزايد لدرجة الهستيريا بعد قيام منظومة الدول الاشتراكية وتعاظم نفوذ الحركة الشيوعية العالمية وانجذاب فئات اجتماعية وأنظمة سياسية في البلدان النامية إلى الاشتراكية ورفضها لطريق التطور الرأسمالي.
لقد دشنت ثورة أكتوبر عصرا جديدا في تاريخ البشرية ولم يكن انتصارها انتصار للعمال وحدهم بل أيضا للشعوب المستعمرة فهناك شعوب كانت تخضع للاستعمار الروسي وحررتها الثورة وأعطت حكوماتها حق الانفصال عن روسيا وانفصلت فعلا فنلندا وبولندا ودخلت بلدان أخرى طوعا في علاقة فدرالية مع روسيا وشكلت معها ما يعرف الآن بالاتحاد السوفييتي.
وقد أثارت هذه السياسة الدول الاستعمارية وهي الدول الرأسمالية الكبيرة في أوروبا وأمريكا لان سياسة حكومة ثورة أكتوبر قدمت المثال لعمال العالم وشعوبه المضطهدة وأشارت إلى طريق التحرر من الاستغلال والقهر الاستعماري وبالفعل حدثت ثورات وطنية عديدة بعد انتصار ثورة أكتوبر في البلدان المستعمرة منها على سبيل المثال الثورة المصرية في عام 1919 والثورة العراقية في عام 1920 والثورة السورية في عام 1925 وكانت جميعها متأثرة بثورة أكتوبر حتى أن المؤتمر الوطني الصوري الأول الذي كان فيه ممثلون فلسطينيون أشاد بثورة أكتوبر وأكد على التحالف معها وكان ذلك في أعقاب نشر الاتفاقات السرية بين الدول الإمبريالية لاقتسام البلاد العربية فيما عرف باتفاقية سايكس بيكو لقد كان نشر هذا الاتفاق من قبل حكومة روسيا بزعامة لينين علامة تضامن قوية مع الشعوب العربية وحركتها التحررية التي خدعها الاستعمار البريطاني بوعدها بمساعدتها على التحرر من النير التركي بينما كان هذا الاستعمار قد وقع اتفاقا مع فرنسا وروسيا القيصرية على اقتسام الإمبراطورية العثمانية.
لقد أعلنت حكومة روسيا الثورية إدانتها لهذا الاتفاق وأعلنت تخليها عن أية امتيازات كانت للحكومة القيصرية في البلدان الأخرى.
أما فرنسا وبريطانيا فقد اقتسمتا البلدان العربية فيما بينهما وأعلنت تعهدها بمساعدة الحركة الصهيونية على إقامة وطن قومي لها في فلسطين فيما عرف بوعد بلفور.
وكان من الطبيعي أن تشعر الجماهير العربية بالسخط على الدول الاستعمارية وتثور ضد سيطرتها. وكان فضح اتفاق سايكس بيكو ومن قبل حكومة روسيا الثورية عاملا هاما في كشف طبيعة الاستعمار ونواياه ضد البلاد العربية وقد أذهل المستعمرين الإنجليز رد الفعل الصاخب من قبل الشعوب العربية. وفي إحدى وثائق الخارجية البريطانية وردت تعليمات للمبعوثين الإنجليز ورجال الدعاية والمخابرات في البلدان العربية تطلب منهم حكومتهم فيها شن حملة معاكسة لتشويه سمعة الاتحاد السوفييتي والثورة البلشفية، أي ثورة أكتوبر وفيها تشديد من ضرورة استغلال المشاعر الدينية بنشر الأنباء الكاذبة عن اضطهاد حكومة روسيا الثورية للمسلمين ووصف البلاشفة أي الشيوعيين الروس بأقبح الأوصاف مثل عدم الاعتراف بالعائلة أو معاداة الدين وتأميم الزوجات وغير ذلك من الأكاذيب.
وقد استعمل المستعمرون الإنجليز والفرنسيون سيطرتهم على البلدان العربية وإشرافهم المباشر على نظام التعليم ووسائل الإعلام وتسخيرهم لجهاز الحكم الذي أقاموه لترسيخ افتراءاتهم ومزاعمهم ضد الشيوعيين وكل كتعاطف مع موقفهم ومع الاتحاد السوفييتي وشمل ذلك المناضلين ضد الاستعمار ومن اجل التحرر الوطني واستفاد الاستعمار في نشر هذه الأكاذيب من حالة التخلف التي كانت قائمة في العالم العربي وقلة الإطلاع بسبب ضعف وسائل الإعلام والأمية المتفشية وحظر تداول وقراءة المطبوعات التي تصدرها الأحزاب الشيوعية، كما منع من دخول المطبوعات التي تصدر في الخارج وتتحدث بموضوعية عن الشيوعية والاتحاد السوفييتي والتقت في هذا العداء مصالح المستعمرين مع مصالح الإقطاعيين وكبار الملاك العقاريين العرب، وكذلك كبار الموظفين العرب في حكومات الانتداب، وممثلي الشركات الأجنبية من كبار التجار المستوردين، فهؤلاء أيضا اعتبروا أن النضال من اجل التحرر الوطني والتقدم الاجتماعي يهدد مصالحهم وكانوا يعتبرون أن التأييد الذي يعلنه الاتحاد السوفييتي لحركات التحرر الوطني ودعمه لهذه الحركات يعني تعزيزا لنضال هذه الحركات وان تحالفها مع الاتحاد السوفييتي يشكل دفعة جبارة لنضالها من اجل التحرر الوطني ولهذا كان ضروريا لها أن تحاول بشتى السبل ومختلف الأكاذيب تشويه سمعة الاتحاد السوفييتي وتصويره وكأنه دولة استعمارية طامعة في البلاد العربية لتخويف العرب منهم وإبعاد حركات التحرر عن التحالف وإضعاف الشيوعيين وعزلهم بزعم أنهم عملاء للاتحاد السوفييتي وإعاقة بناء وتوطيد الجبهة الوطنية بين القوى المعادية للاستعمار ومنها الحزب الشيوعي.
وبالطبع لم تكن لدى الجماهير الشعبية الواسعة التي لا تتوفر لها وسائل المعرفة والاتصال بسبب السياسة الاستعمارية الرامية إلى فرض التخلف على الشعوب المستعمرة أية وسيلة لمعرفة أن تهمة العمالة كانت توجه أيضا للشيوعيين الروس وحتى لينين نفسه اتهم بالعمالة لألمانيا مثلما اتهم الحزب الشيوعي الصيني وأحزاب أخرى فيما بعد بالعمالة للاتحاد السوفييتي وفيما بعد اتهم عبد الناصر بنفس التهمه والآن يتحدث الصهاينة والإمبرياليون الأمريكيون عن أن قيام دولة فلسطين يعني أنها ستكون دولة تابعة للاتحاد السوفييتي وان منظمة التحرير صديقة للاتحاد السوفييتي وتقوم بينهما علاقات تعاون وتفاهم قوية.
إن الإمبرياليين والقوى المحلية المتعاونة معهم أو المتأئره بسياستهم يستغلون المشاعر الوطنية الصادقة للجماهير والشكوك والمخاوف من الدول الأجنبية التي سببها تحكم بعض هذه الدول في البلاد العربية لبسط هذه الشكوك والمخاوف تجاه العلاقة مع الدول الأجنبية بشكل عام، لكنهم معنيون في الحقيقة بتركيز هذه الشكوك والمخاوف تجاه الاتحاد السوفييتي بصورة خاصة وذلك لان الاتحاد السوفييتي هو الدولة الأقوى والأكبر نفوذ في المواجهة الإمبريالية العالمية وإقامة علاقات تعاون معها يعني تعزيز نضال الدول الوطنية وحركات التحرر الوطني في النضال ضد الإمبريالية.
ونعلم تجربتنا أن هؤلاء المشككين في العلاقة مع الاتحاد السوفييتي هم أنفسهم الذين يقيمون علاقات وطيدة مع الولايات المتحدة رغم مواقفها المعادية لمصالح الشعوب العربية وعدائها السافر بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وتأييدها الصريح لعدوانية إسرائيل وتوسعها واضطهادها لشعبنا وعدوانها الدائم على أشقائه الشعوب العربية، وهم أنفسهم الذين يتلقفون أية إشارة يشتم منها رائحة تأييد بسيطة تصدر عن مارغريت تاتشر أو عن أي مسئول أوروبي غربي ليكيلوا المديح لبريطانيا العظمى صاحبة وعد بلفور والسياسة التي ساعدت الصهيونية على السيطرة على فلسطين، وفي نفس الوقت يقبلون بحماس ويرددون بلا كلل كل فرية تنقلها وسائل الإعلام الإمبريالية ضد الاتحاد السوفييتي، ويصرون عليها رغم تكذيب الاتحاد السوفييتي والقيادة الفلسطينية لها مثل ما حدث بعد زيارة وفد منظمة التحرير الأخيرة لموسكو.
وعلى مستوى اقل من هذا أيضا بعض مظاهر العداء للشيوعية والاتحاد السوفييتي سياسات وممارسات بعض فصائل وعناصر حركة التحرر الوطني العربية. وهي وان كانت لا تتخذ الطابع الفج الذي تتخذه سياسات ومواقف فئات كبار الملاكين والعناصر المرتبطة بالإمبريالية، إلا أنها متأثرة في بعض النواحي بها وتعود بعض الأسباب في ذلك إلى المنابع الفكرية لقادة هذه الفصائل وبعضه الآخر إلى السمات الطبقية البرجوازية الصغيرة ولموقعهم في المجتمع إنهم ملاكون بصورة أو بأخرى، حتى لو كانوا صغارا ويظل يتملكهم الخوف الغريزي من الاشتراكية العلمية وبالتالي من الشيوعيين وهم أيضا مضطهدون ومهددون من قبل الطبقات الأكبر منهم في سلم الملكية ومن الاستعمار ونفوذه في بلدانهم، ولذلك تجدهم يخطون خطوة ويتراجعون نصف خطوة في مسيرتهم النضالية، إنهم مضطهدون في نضالهم ضد الإمبريالية يسعون إلى التعاون مع الاتحاد السوفييتي القوة الرئيسية في مواجهة الإمبريالية والقوة الرئيسية القادرة على تقديم العون الاقتصادي والعسكري والسياسي لهم دون أن تفرض عليهم الشروط وتتدخل في شؤونهم الداخلية، ولكنهم في نفس الوقت يخافون من هذه العلاقة ويترددون في توطيدها والسبب أنهم لا يرون أصحاب أمثالهم في الاتحاد السوفييتي أي أنهم لا يرون أصحاب مصانع صغيرة وملاكي أراضي صغار ومهنيين يقيمون شركاتهم أو مستشفياتهم ودكاكينهم الخاصة وهم يدركون أن توطيد العلاقات مع الاتحاد السوفييتي سيعزز سمعتها بين الجماهير الشعبية ويزيد من قوة انجذابها إلى الاشتراكية وبالتالي سيرفع من مكانة الأحزاب الشيوعية التي تتبنى الاشتراكية والصديق الموثوق للاتحاد السوفييتي والداعية المثابر بضرورة تعميق العلاقات معه خدمة لمصالح شعوبها الوطنية وتعزيز قدراتها على مقاومة الإمبريالية والتحرر من سيطرتها ونهبها لخيراتها.
وجدير بالذكر أن الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية كانت الأولى في رفع شعار الصداقة والتعامل مع الاتحاد السوفييتي، وكانت الأحزاب الأخرى تتهم الشيوعيين بالعمالة لأنهم يرفعون هذا الشعار لكن متطلبات النضال وضغوط الدول الإمبريالية وحصارها لحركات التحرر وسعيها لتصفيتها والخبرة التي اكتسبتها في مجرى الصراع مع الإمبريالية جعلها تتجه إلى التعاون مع الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية ومعروف أن جمال عبد الناصر كان أول من عقد أول صفقة أسلحه مع تشيكوسلوفاكيا بعد أن سدت كل الطرق في وجهه وبعد أن رفضت الدول الإمبريالية الوفاء بوعدها له وقد سجل ذلك في كثير من خطبه واستعرض الوعود الكاذبة التي قطعتها له الدول الإمبريالية.
وما تبين بعد ذلك من أنها ليست مستعدة لتزويده بسلاح يمكنه من الدفاع عن حدود بلاده ضد الاعتداءات الإسرائيلية ولكنها مستعدة لتزويده باسلحه خفيفة ليستخدمها ضد شعبه تحت اسم الحفاظ على الأمن الداخلي، ومنذ ذلك الوقت فتح مجال واسع للتعاون المصري السوفييتي وما من إنجاز سياسي أو اقتصادي بارز حققته مصر في عهد عبد الناصر إلا وكان للتعاون مع الاتحاد السوفييتي دور ملموس فيه، مثلا تأميم قناة السويس والإنذار السوفييتي للمعتدين لوقف العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وبناء السد العالي بعد سحب العرض الأمريكي البريطاني لتمويله، التسليح وأثره البارز في حرب 1973 الصناعات الثقيلة كالصلب والألمنيوم وغيرها والأمر كذلك في سوريا من تسليح الجيش السوري وبناء سد الفرات وعدد من المشاريع الصناعية الضخمة.
وما من دولة وطنية تريد التقدم وعدم الخضوع للسيطرة الاستعمارية إلا وقد وجدت في الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية المعين والصديق وقد عبر رؤساء هذه الدول مرارا عن امتنانهم للاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية، ومقابل ذلك كان الابتعاد عن التعاون مع الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية مؤشرا للاقتراب من الإمبرياليين والوقوع في حبائلهم وقد ظهرت هذه الحقيقة جلية في مسلك أنور السادات الذي كانت حملته العدائية ضد الاتحاد السوفييتي مقدمة لارتمائه في أحضان الإمبريالية الأمريكية وسقوطه في كامب ديفيد ووضعه مصر تحت تصرف واشنطن.
ولكن وضوح فوائد التعاون مع الاتحاد السوفييتي تبقي البرجوازية الصغيرة بوجه عام متحفظة لأنها كما قلنا تريد أن تتطور كفئة مالكة إنها تريد أن تصبح كبيرة وتعرف أن مصلحة تطور المجتمع، تطور الغالبية الساحقة من أبنائه أي العمال وفقراء الفلاحين تتعارض مع مصالحها الطبقية الضيقة إن هي أرادت السير في عملية التحرر السياسي والاقتصادي حتى النهاية ذلك لان الوصول بالتحرر والتقدم الاجتماعي إلى مداه الموضوعي يعني تبني الاشتراكية العلمية والنضال من اجل تطبيقها.
وهذا يعني التقليص التدريجي لدور المالك الصغير لصالح الإنتاج الاشتراكي الكبير، ولصالح التعاونيات أي ليس لصالح الملكية الفردية لوسائل الإنتاج.

البرجوازية الصغيرة ومهام الثورة الوطنية الديمقراطية

لكن هذا لا يعني عدم وجود أقسام من البرجوازية الصغيرة وحركتها السياسية تنجذب نحو الاشتراكية والشيوعية، لقد حدث هذا فعلا تحت تأثير نجاحات الاشتراكية وتجربة بعض الأوساط التي وصلت إلى الحكم منها وتوصلها إلى الاستنتاج الصحيح بان لا سبيل لتحقيق تقدم سريع وأزاله عاجلة لمخلفات الماضي الاستعماري والنهوض باقتصاده الوطني، ومستوى معيشة الجماهير للدفاع عن الاستقلال الوطني إلا بالتوجه نحو الاشتراكية والاعتماد على الجماهير الكادحة صاحبة المصلحة الأولى في بنائها وبالتالي تبني الماركسية اللينينية والوحدة مع الشيوعيين لقد فعل ذلك فيديل كاسترو وحركته، حركة 26 تموز في كوبا وحصل ذلك في اليمن الديمقراطي وفي عدد آخر من البلدان الإفريقية والآسيوية والأمريكية الجنوبية.
وبالمقابل صعدت أقسام من البرجوازية الصغيرة إلى سدة الحكم في بعض البلدان العربية لكنها لم تكن تريد السير بقضية التقدم حتى نتيجتها المنطقية أي الاشتراكية، ولذلك خرجت تتحدث عن اشتراكيات مختلفة (الاشتراكية الإفريقية) و (الاشتراكية الإسلامية) و (الاشتراكية العربية) محاولة التهرب من التسميات من تبني الاشتراكية العلمية ومن ضغط شعوبها المنجذبة بقوة لأفكارها وتطبيقها في البلدان الاشتراكية ومتجاوزة الحقيقة العلمية وهي عدم وجود اشتراكية إلا الاشتراكية العلمية وليس تعصبا ولكن لان وسائل الإنتاج إما أن تكون في خدمة مجموع الشعب أو في خدمة حفنة قليلة من الناس ومثلما لا توجد رأسمالية عربية أو افريقية مختلفة عن أية رأسمالية أخرى إلا من حيث تطورها، كذلك لا توجد اشتراكية عربية أو افريقية إلا من حيث وسائل وطرق بلوغها، لكن مثلما هي قوانين الرأسمالية واحده في جميع البلدان كذلك هي قوانين الاشتراكية.
إن الاشتراكية تعني تأميم وسائل الإنتاج الأساسية وجعلها ملكية للمجتمع كله وتطبيق شعار من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله وتغيير جهاز الدولة وبناءه ليخدم مصالح الشعب وتحقيق ثورة ثقافية، وتامين الازدياد المتطرد في تقدم ورفاهية جماهير الشعب وكل ذلك يستوجب قيادة حزب الطبقة العاملة، الحزب الشيوعي لتامين تحقيقه.
ومثل هذه المهمات مشتركة بين جميع البلدان وضرورية لبناء الاشتراكية في كل البلدان بغض النظر عن قوميتها، وهذا لا يستثني بالطبع واقع وجود سمات خاصة لكل بلد، وأسلوب خاص في تحقيق هذه المهمات لكل بلد، لكن القوانين الأساسية لا يمكن إلا أن تكون واحدة، إذ ليس هناك ملكية عربية اجتماعية لوسائل الإنتاج وملكية مختلفة عنها في بلد آخر، إنها ملكية مشتركة وحسب.
ليس من المهم الآن في ظروفنا الراهنة ونحن نتصدى لمهمة تحقيق الوجود الوطني الدخول في مسهب عن الاشتراكية والمواقف المختلفة منها، ولكن ما يهمنا هو القول بان بعض الفئات الحاكمة من البرجوازية الصغيرة التي رفعت قبل وصولها إلى السلطة راية التقدم الاجتماعي أخذت تحدد معاني هذا التقدم ومداه بالحدود التي تخدم مصالحها، وبالفعل كبرت هذه الفئات مع الزمن وانبثق منها ما أصبح يعرف بالبرجوازية البيروقراطية والرأسمالية الطفيلية وهؤلاء يستغلون نفوذهم في جهاز الدولة ويملئون جيوبهم بطرق فاسدة ويدخلون في شراكة سياسية واقتصادية مع وكلاء الشركات الأجنبية وكبار المقاولين والمتعهدين والملاكين، يسرع ثرائهم تدفق أموال النفط ومع ذلك ظل هؤلاء يتحدثون عن الاشتراكية ويصفون أنظمتهم بها دون أن يتوفر ولو القليل من شروط بناء الاشتراكية التي اشرنا إلى بعضها وقد رأينا كيف قضى السادات على معظم الإنجازات التقدمية التي تحققت في عهد الرئيس عبد الناصر، ومثله فعل صدام حسين الذي ما زال يرفع شعار الوحدة والاشتراكية ولا اثر لأي منها في واقع العراق.
وفي الطرف الآخر تقف عناصر من البرجوازية الصغيرة التي أصابها اليأس من فساد الفئات التي كانت تنسب إليها قبل وصول الأخيرة إلى السلطة وأخذت تبحث عن مخرج جديد مدفوعة برغبتها بالتقدم أو في تحقيق الشعارات الأخرى المنقوشة على رايات من وصلوا منها إلى السلطة وتخلوا عنها أو ظلوا يتحدثون عنها دون تطبيقها، وقد أصاب بعضهم الهدف فاقترب من الماركسية اقترابا ناضجا واخطأ بعضهم الهدف فظل على معاداته للشيوعية وأعلن تبنيه للماركسية بهدف لوي عنقها لخدمة شعاراته السابقة ومهاجمة الشيوعيين لأنهم حسب زعمهم ليسوا ماركسيين كفاية أو لأنهم اقل من المستجدين على الماركسية دراية بها وثورية على أساسها، وقد تركز هجوم هؤلاء على الأحزاب الشيوعية وخصت حزبنا الشيوعي الفلسطيني بهجوم مركز بدعوى انه لا يرفع شعار الكفاح المسلح ولا ينادي بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وكانوا يطرحون هاتين القضيتين وكأنهما في متناول الجميع لا يعيق تحقيقها سوى موقف الحزب الشيوعي وهكذا كانوا يحملون الحزب الشيوعي المسؤولية عن الإخفاقات وينكرون دوره في تحقيق الإنجازات.

الهوية الطبقية

إن إحدى ميزات الحزب الشيوعي الصدق مع الجماهير وهو يمارس الصدق في تسمية نفسه وفي تعريفه لنفسه بأنه حزب الطبقة العاملة في المدينة والريف انه على عكس الأحزاب والمنظمات السياسية الأخرى لا يخفي هويته الطبقية ولا أهدافه، أما تلك الأحزاب والمنظمات فتصور نفسها بأنها حزب كل الشعب أو الوطن أو الأمة وما شابه ذلك لإخفاء هويتها الطبقية البرجوازية عن جماهير الكادحين وبهذا الالتزام الصارم بالصدق مع الجماهير لم يتردد الحزب الشيوعي في تأييد قرار تقسيم فلسطين عام 1947 لأنه رأى فيه فرصة لإقامة دولة فلسطينية عربية ولإخراج الاستعمار البريطاني ولأنه كان الحل الممكن رغم ما كان فيه من إجحاف بحق الشعب الفلسطيني ولأنه كان يستشف من خلال قراءته لميزان القوى آنذاك اصطفاف القوى وتبعية الانظمه العربية للاستعمار البريطاني ما ينتظر شعبنا من آلام وما يحضر له من نكبات وما يعد من كارثة في حال رفضه لقرار التقسيم، وقد انقضت عشرات السنين من التشرد والآلام لشعبنا، ومن الاضطهاد والاساءه للشيوعيين قبل أن تبدأ الأحزاب والمنظمات القومية والتي أعلن بعضها تبنيه للماركسية وعداءه للحزب الشيوعي في نفس الوقت بالتحسر على قرار التقسيم وبالمطالبة بدولة فلسطينية مستقلة في حدود عام 1967، إن تبني تلك الأحزاب والتنظيمات لموقف الحزب من القضية الفلسطينية وهو ما انعكس جليا في قرارات الدورة التوحيدية للمجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر وتزكية لصحة سياسة الحزب الشيوعي وإنصاف تاريخي له، وإقرار بعدم صحة المزاعم التي لفقت ضده في الماضي حول موقفه من القضية الفلسطينية وليس مهما أن بعض الأوساط رغم موافقتها على قرارات الدورة التوحيدية تحاول ترديد مواقف قديمة لها، وتهاجم الشيوعيين على أساسها، إن السبب في ذلك لا يعود لوجود آفاق لتلك المواقف القديمة، ولكن لأنها غير قادرة على مواجهة الجماهير بالحقيقة والتعامل معها بصدق.
لقد حسمت الحياة هذه المسالة لصالح رأي الشيوعيين وسياستهم، ولا نعتبره معيبا لفصائل الحركة الوطنية الفلسطينية أن تستخلص الاستنتاجات الصحيحة من تجربة الحياة، بل المعيب هو أن لا تفعل ذلك وهي حينما تفعل ذلك أي حينما تتبنى المطالبة بدولة فلسطينية في حدود عام 1967 فإنها تعبر عن مصالح شعبها الوطنية، لكن المعيب أن تظهر أي حركة سياسية بوجهين، وجه أمام الجماهير ووجه آخر في الغرف المقفلة وفي القرارات المكتوبة

أشكال النضال

وفي المجال الآخر، مجال أشكال النضال وجهت للشيوعيين عبر السنوات العشرين الماضية اتهامات عديدة تتركز حول عدم تبنيهم أسلوب الكفاح المسلح، وكان من الغرابة بمكان أن معظم مرددي هذه الاتهامات هم ممن لا يمارسون العمل المسلح وليسوا في العير ولا في النفير في حياة الحركة الوطنية الفلسطينية ونضالاتها.
ولقد أوضح الشيوعيون موقفهم من البداية إنهم ليسوا ضد مبدأ النضال بمختلف الأشكال ضد الاحتلال الإسرائيلي بما في ذلك الكفاح المسلح لكنه استنادا إلى تحليلهم للوضع الاجتماعي والسياسي والواقع ألاحتلالي القائم والتطويق الصهيوني والرجعي للضفة الغربية وقطاع غزة يرون أن دور الجماهير له الأولوية بين أشكال النضال، فهو يعني أولا الاستفادة من القوة البشرية إلى أقصى حد، ويؤمن تفهم وتعاطف الرأي العام العالمي لنضال الشعب الفلسطيني ويساعد على كسب الأوساط الديمقراطية في إسرائيل إلى جانب هذا النضال ويفوت الفرصة على المؤسسة الصهيونية الحاكمة في ادعاءاتها تارة بعدم وجود شعب فلسطيني وتارة أخرى بتصوير طموح الشعب الفلسطيني للاستقلال الوطني بأنه بوحي من الخارج وبان المعارضة للاحتلال الإسرائيلي إما أن تكون نابعة من الخوف من (الإرهاب) أو أنها محصورة في عدد ضئيل من (المحرضين) كما يزعمون.
وبناء على هذا التقدير يسلك الحزب الشيوعي طريق إعداد الجماهير للاضطلاع بدورها النضالي على نطاق واسع، أي تهيئتها لانتفاضه ضد الاحتلال، فكانت صحافته السرية والعلنية تقوم بمهمة نشر الوعي وتثقيف الجماهير بخبرات وتجارب الشعوب الأخرى وفضح ممارسات الاحتلال والدعوة لمقاومتها وكان مناضلوه يقومون بتنظيم الجماهير في النقابات والعمل التطوعي والهيئات النسائية والشبابية، وكانت هذه المنظمات الجماهيرية سبيلا للوصول إلى أوسع قطاعات الشعب وقيادة نضالها في مختلف المجالات، وخلال سنوات الاحتلال وخاصة في السنوات العشر الماضية كان شكل النضال الجماهيري هو الشكل السائد في العمل الوطني لجماهير الأرض المحتلة وعبر العديد من الهبات والانتفاضات تمرس شعبنا بتجربة النضال وافشل محاولات المحتلين وأسيادهم الإمبرياليين الأمريكيين لفرض مشاريع الاستسلام ومنها مشروع الإدارة المدنية واتفاقيات كامب ديفيد والتقاسم الوظيفي وخطة إنشاء قيادة بديلة لمنظمة التحرير.
وجاءت الانتفاضة الكبرى انتفاضة كانون، لتبرهن بصورة قاطعة على صحة تصور الحزب الشيوعي واستنتاجاته لشكل النضال المناسب لأوضاع الأراضي المحتلة الملموسة، وما من احد يستطيع تجاهل حقيقة وضع القضية الفلسطينية قبل الانتفاضة، فقد أهملتها قمة عمان لصالح الحرب العراقية الإيرانية، وتمادي النظام الأردني في محاولته لإقامة قيادة بديلة لمنظمة التحرير ونشط أنصار أبو الزعيم وأيتام روابط القرى في دفع الأموال وإقامة المكاتب وأصبحت لهم جريدة يومية وأخذت هي وممثلو الأردن في تحدي منظمة التحرير، ويذكر الجميع بيانات الولاء للنظام الأردني وتأييد عودة الضفة إلى الأردن، كما يذكر الجميع محاولات تصفية الوجود الفلسطيني في لبنان عبر حرب وحصار المخيمات.
لقد أنهت الانتفاضة كل هذا، فرفع الحصار عن المخيمات في لبنان بتأثير الانتفاضة، وعادت القضية الفلسطينية إلى مركز الصدارة في المجالين العربي والدولي وارتفعت مكانة منظمة التحرير الفلسطينية وتعاظم الاعتراف في مختلف الأوساط الدولية بان لا حل للمشكلة سوى بضمان حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وأحبطت أحلام التوسعيين الإسرائيليين بفرض الأمر الواقع، واقع الاحتلال كحل دائم للقضية الفلسطينية.
ولعل ما يحمل مغزى كبيرا لصالح الانتفاضة أن يكون رفع الحصار عن المخيمات الفلسطينية في لبنان قد تم تحت الضغط السياسي الذي أحدثته وليس بقوة السلاح، وان تراجع الملك حسين عن تمثيل الشعب الفلسطيني بدلا من منظمة التحرير تم أيضا بقوة الانتفاضة وتعاظم التضامن الأردني والعربي معها لدرجة غير قابلة للتحدي من قبل أي حاكم عربي، والأمر كذلك بالنسبة لزيارة عرفات لسوريا وبوادر تحسن العلاقات الفلسطينية مع حكام البلد الشقيق.
وهكذا مرة أخرى تثبت صحة موقف الحزب الشيوعي وفي الحالتين، حالة أهداف النضال، وحالة أشكاله بات بالدليل العملي واضحا أن ما دعا إليه الحزب الشيوعي كان لصالح القضية الوطنية وفي خدمتها، وهذا ما يقر به الآن جميع الوطنيين بدليل أنهم يتبنون نفس المطالب السياسية ونفس أشكال النضال الذي ثابر عليه الشيوعيون.

ميزات الحزب الشيوعي
لمحة تاريخية

والآن يأتي السؤال ما الذي يجعل الحزب الشيوعي متميزا عن غيره من الأحزاب السياسية، وما الذي يجعله قادرا على وضع الخطة السياسية الصحيحة وتحديد الأهداف التي تستجيب للمصالح الوطنية؟
هناك ميزات عديدة ينفرد بها الحزب الشيوعي عن باقي الأحزاب والحركات السياسية، فهو حزب الطبقة العاملة، الطبقة التي تعرف من دراسة تطور المجتمع البشري أنها الطبقة المؤهلة تاريخيا لقيادة المجتمع الحديث وبناء الاشتراكية والشيوعية، هي آخر التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية في مسار التطور التاريخي للمجتمع، فمنذ بدء تاريخ المجتمع البشري عرف هذا المجتمع خمس تشكيلات اجتماعية اقتصادية: المشاعية البدائية حيث لم تكن هناك ملكية فردية لوسائل الإنتاج وكان الناس يعملون ويأكلون حصيلة عملهم معا وكانت أدوات عملهم بدائية وإنتاج عملهم يكفي بالكاد للمحافظة على حياتهم، ولكن عندما تطورت هذه الأدوات أصبح بامكانهم أن ينتجوا أكثر وفي الحروب التي كانت تقوم بين أبناء هذه التجمعات البدائية صار من مصلحة المنتصر أن يحتفظ بأسراه بعد أن كان يتخلص منهم بالقتل حتى لا يضطر إلى إطعامهم، لكن الآن بعد اكتشاف المحراث، وبعد أن صار قادرا بواسطته على زراعة مساحة اكبر من الأرض وبالتالي إنتاج كمية اكبر من الطعام، فعندئذ صار الاحتفاظ بالأسرى وتحويلهم إلى عبيد يزرعون الأرض مسالة مربحة، فهم بعملهم أصبحوا يستطيعون إنتاج كمية من الغذاء اكبر من الكمية الضرورية للمحافظة على حياتهم وقوة عملهم، وهذا الزائد من الإنتاج يصبح ملكا لمالك العبد، وقد أدت هذه العملية إلى الحروب والنزاعات بين القبائل المختلفة وحتى في داخل القبيلة الواحدة، وانهار مجتمع المشاعية البدائية لان الناس لم يعودوا بحاجة إلى جهودهم المشتركة لتامين حاجات حياتهم الأولية، وقام المجتمع العبودي المنقسم أساسا إلى عبيد ومالكي عبيد، غير أن هذه الانتفاضات والحروب وحالة عدم الرضا السائدة في أوساط العبيد وإتلافهم لأدوات العمل لعبت دورا هاما في تخفيض مستوى إنتاجهم، وتحت وطأة الغزوات الخارجية وتطور أدوات العمل اخذ النظام العبودي بالانهيار ليقوم مكانه النظام الإقطاعي بعلاقات إنتاج جديدة، ليست علاقة السيد بالعبد ولكن علاقة المالك الكبير(الإقطاعي) بالقن والتابع الذي كان في حالة الاقنان أشبه بنصف عبد، لكن مع ذلك كان له بيت وقطعة ارض وعائلة، وكان عليه أن يقوم بأعمال السخرة للإقطاعي وان يقدم قسما من إنتاجه للإقطاعي، وفي ظل النظام الإقطاعي ازدادت ثروات الإقطاعيين وأصبح بامكانهم شراء منتجات أخرى واخذ ينشأ في ضوء احتياجات الإقطاعيين المتزايدة الصناع الحرفيون في مختلف المجالات من أعمال الزخرفة وحياكة الملابس والأدوات المنزلية وغير ذلك، ومع الاكتشافات الجغرافية وأعمال النهب الاستعماري تكدست ثروات هائلة ورافق ذلك تطور في أدوات الإنتاج، فاكتشفت الآلة وأصبحت الصناعات بحاجه إلى عمال أحرار بمعنى أنهم يستطيعون بيع قوة عملهم وليسوا مقيدين بالأرض والعلاقة الإقطاعية، وحدثت ثورات لتغيير النظام الإقطاعي الذي كان عقبة في وجه تطور الصناعة بالقيود التي يفرضها على أتباعه، وبالحواجز الإقطاعية التي تعرقل حركة البضائع وتضيق سوق التبادل، وكان من اشهر الثورات الثورة الفرنسية الكبرى.
لقد أوجد النظام الرأسمالي بالضرورة طبقتين متعارضتين المصالح، الرأسماليون من جهة والعمال من جهة أخرى، وكان الرأسماليون في المرحلة الأولى يرفعون شعارات الحرية والإخاء والمساواة، وأحزابهم تستقطب تأييد الجماهير على أساس الوعد بتحقيق تلك الشعارات، غير أنها كانت تضلل الجماهير ولم تحقق لها تلك الوعود، بل ازدادت الفروق الاجتماعية، ولكن بدل النبلاء القدماء صار السادة أصحاب المصانع الكبيرة والبنوك والشركات وتكدست الثروات في جيوب السادة الجدد وازداد إفقار العمال وتفشت البطالة.
ومن الطبيعي أن يرفض العمال هذا الوضع وهم يرون ثمار عرقهم تذهب إلى جيوب الرأسماليين ولا ينالهم إلا الفتات رغم أنهم صانعوا الخيرات المادية في المجتمع، وقد حدثت موجات من الانتفاضات والاحتجاجات العمالية، وفي وقت ما ظن العمال أن الاله هي المسئولة عن شقاءهم، ولكنهم سرعان ما أدركوا أن ملكية الاله الفردية أي النظام الرأسمالي هو المسئول عن هذا الشقاء وتدريجيا ظهرت النقابات العمالية إدراكا من العمال أنهم لا يستطيعون وذلك بعد أن جربوا منفردين أن يحققوا مطالبهم في تحديد ساعات العمل التي كانت تبلغ 16 ساعة في اليوم ولا زيادة في أجورهم، لكن النقابات في أقصى حالات نجاحها تستطيع تحسين أوضاع العمال الاقتصادية ولكنها لا تغير شيئا في واقع الاستغلال الذي يعيشونه، ولا في تامين الحماية لهم من البطالة الملازمة للنظام الرأسمالي ولا في ضمان حقوقهم السياسية.
وقد ظهرت دعوات عديدة من اجل الإصلاح وكانت هذه الدعوات تفترض النوايا الطيبة لدى الرأسماليين وتقوم على تقدير بان الشرور التي أحدثها النظام الرأسمالي سببها عجز الناس عن طرح أفكار وتصورات لتغيير الأحوال، وان هذه الشرور ستنتهي بمجرد طرح أفكار لنظام جديد، وكانت هذه الأفكار الإصلاحية التي سمت نفسها أحيانا بالاشتراكية تفتقر إلى رؤية واقعية للمجتمع وتتصور بسذاجة مفرطة أن الرأسماليين مستعدون للتخلي عن شركاتهم وبنوكهم بوعظهم عن أهمية المساواة وبإثارة شفقتهم على الأوضاع المتردية للعمال، وبالطبع لم تنجح هذه الدعوات واندثرت دون أن تترك أثرا يذكر.
وقد كان الفضل يعود لماركس الذي اكتشف واقع الصراع الطبقي في المجتمع وان التغييرات التاريخية من تشكيله اجتماعيه إلى أخرى تمت عبر ذلك الصراع من العبودية إلى الإقطاع، كان العبيد هم القوة الثورية التي ناضلت من اجل تغيير المجتمع ومن الإقطاع إلى الرأسمالية كان أرباب الصناعة في المدن ومعهم جماهير المدن هم القوة الرئيسية في تغيير النظام الإقطاعي وانتصار الثورة الرأسمالية، والرأسمالية نفسها خلقت معها نقيضها، العامل الذي لا يملك إلا قوة عمله يبيعها إلى الرأسمالي مقابل اجر، هذا الأجر الذي هو جزء من القيمة التي تنتجها أما الجزء الباقي فيذهب إلى جيوب الرأسماليين، ومن هنا كان العمال هم القوة الرئيسية في الصراع مع الرأسماليين وهم أصحاب المصلحة الأساسية في الاشتراكية وفي الملكية العامة لوسائل الإنتاج الاجتماعي.
إن التغييرات الثورية التي حدثت عبر تاريخ المجتمع كانت في نهاية المطاف تعني انتصار طبقة مستغلة (بكسر الغين) على طبقة مثلها، ولكن الطبقة المنتصرة كانت أكثر تقدمية من الطبقة المهزومة لأنها تنقل المجتمع إلى مرحلة أرقى، ولكن هذه الطبقات من ملاكي العبيد، والإقطاعيين سادة الأرض، والرأسماليين كانت تستأثر بالنصيب الأكبر من خيرات المجتمع من خلال استغلال باقي فئات المجتمع، أما الطبقة العاملة فهي بالاشتراكية، الطبقة الوحيدة التي لا تستبدل طبقة استغلالية بطبقة مثلها، إنها لا تملك وسائل الإنتاج بل تريد بالثورة وضعها ملكا للمجتمع كله، إنها لا تريد امتلاك المصانع بواسطة أفرادها بل تؤممها لصالح كل الشعب، وهي بهذا الطبقة الأكثر تقدمية وثورية بين كل الطبقات الاجتماعية الأخرى وهذه الحقيقة أكدها انتصار ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا والثورات الاشتراكية الأخرى والتي قامت على أساسها منظومة البلدان الاشتراكية.
من هنا كان هلع النظام الرأسمالي وخوفه من الأحزاب الشيوعية ومنظومة البلدان الاشتراكية، فأهدافها موجودة في التطبيق وتاريخ تطور المجتمع يؤكد انتصارها المحتوم.
وهذه ميزة أخرى للحزب الشيوعي، وهي أن يسترشد بمبادىء الماركسية اللينينية بل أيضا بتجربة الحركة الشيوعية العالمية الثورية وحكمتها المشتركة في التحضير للثورة وفي قيادة المجتمع وبناء الاشتراكية، وهو أيضا يستفيد من تجربتها في النضال الوطني وفي مواجهة مهمات المرحلة الحالية من نضال شعبنا، مرحلة التحرر وإقامة الدولة المستقلة، وإذا نظرنا في إنجازات الحركات الثورية وخاصة في العقود الأخيرة نجد أنها كانت بقيادة الشيوعيين والقوى المسترشدة بالماركسية اللينينية والمتحالفين مع الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية، والمثل البارز على ذلك، فيتنام، كوبا، انغولا وغيرها.
إذن الحزب الشيوعي يسترشد بنظرية علمية أثبتت التجربة صحتها، وعلى أساسها تقوم الاشتراكية في ثلث العالم، ويستند إلى تجربة الحركة الشيوعية العالمية الناجحة وتراثها الكفاحي، وهو أيضا يستند إلى تجربته الذاتية تجربة عشرات السنين من النضال المسترشد بالماركسية اللينينية في السياسة والتنظيم.

ميزات الحزب

وحزبنا، الحزب الشيوعي الفلسطيني الذي أعيد تشكيله في 10 شباط عام 1982 ليس حزبا جديدا بالمعنى الحرفي للكلمة، فقد تشكل من التنظيم الشيوعي الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن الحزب الشيوعي الفلسطيني في قطاع غزة ومن منظمات شيوعية فلسطينية في الخارج كانت ضمن الحزب الشيوعي الفلسطيني، وهي قبل ذلك كانت جزء من عصبة التحرر الوطني في فلسطين ومن قبل في الحزب الشيوعي الفلسطيني الذي تأسس عام 1924، إن الحزب الشيوعي الفلسطيني امتداد لهذا التراث الثوري للشيوعيين الفلسطينيين، وسياسته ومواقفه ليست منفصلة عن ذلك التراث، بل هي تستفيد منه وتستخلص من تجاربه العديدة الاستنتاجات المناسبة التي تمد تلك السياسة والمواقف بالنضوج والعمق.
كما أن إحدى ميزات الحزب الشيوعي هي امميته، إن الحزب الشيوعي الفلسطيني متمسك بمبادىء الأممية، وهو يعكسها في علاقاته الدولية وفي نظرته للشعوب الأخرى، وهو لذلك يميز بين الحكام وشعوبهم، وبعيد كل البعد عن مشاعر التعصب العنصري والقومي، ويتضامن مع كل القوى المناضلة من اجل التحرر والديمقراطية والتقدم الاجتماعي والاشتراكية والسلام، انه ضد الاضطهاد شعب لآخر وضد أفكار الاستعلاء على الشعوب الأخرى وهو في نفس الوقت يدافع عن حق كل شعب وكل مجموعة قومية مهما كانت صغيرة في تقرير مصيرها بالصورة التي تخدم المصالح الأساسية لأبنائها الكادحين.
إن أممية حزبنا، هذه الميزة الكبرى ظلت كما في الماضي، يصورها خصوم الشيوعية محليون ومن الخارج على أنها نقيض الوطنية، وتعرض الحزب ولا يزال للكثير من الحملات الظالمة، وحاول خصوم الحزب الطبقيين، وأعداء الوطن بسبب صفة اللاوطنية للشيوعي، استنادا لكونه امميا.
والتهمه المذكورة قديمة قدم نشأة أول حزب شيوعي، واستخدمت وجرى النفخ فيها، على مدى عقود طويلة من عمر الحركة الشيوعية وهي لذلك ليست اكتشفا ذكيا للقائلين بها محليا، وعلى العكس هي ترديد قبيح لمقولات ابتدعتها أجهزة مكافحة الشيوعية في البلدان الرأسمالية.
إن الرأسماليين شنوا حملة التحريض على الأممية وتصويرها كنقيض للوطنية وإنما هدفوا لعزل الطبقة العاملة في بلد واحد عن شقيقاتها في البلدان الأخرى ليسهل على البرجوازية التي تملك وسائل قمعية ضخمة وأجهزة الدولة الاستفراد في المواجهة وتصفية حركتها ومنعها من تغيير المجتمع التغيير الثوري المنشود.
والطبقات الرأسمالية المالكة لم تكن بحاجه لإعلان التزامها بمبادىء الأممية فهناك في الواقع مبدأ مثل هذا معمول به ومطبق من قبل الطبقات الرأسمالية والمالكة الحاكمة في كل البلدان الرأسمالية أي هناك واقعيا التزام من قبل البرجوازيات الحاكمة بمبدأ الأممية البرجوازية.
إن تعرض طبقة البرجوازية في بلد ما للهجوم من قبل الطبقة العاملة وسائر الكادحين يستنفر استنفارا فوريا البرجوازيات الأخرى في بلدان العالم اجمع لمد يد العون لها ومن اجل القضاء على حركة الطبقة العاملة وحتى التصفية الجسدية.
لقد كان في الماضي وهو الآن كذلك في الحاضر، وهناك شواهد تاريخية كثيرة، منها تحالف البرجوازيات الأوروبية ضد كومونة باريس وتحالفها مع البرجوازية الروسية وملاك الأرض ضد ثورة أكتوبر، وفيما بعد ضد حكومة الوحدة الشعبية في أسبانيا وغيرها، إن مثل هذا التحالف الاممي البرجوازي يظهر على الملأ في كل معركة برلمانية تجري في فرنسا، ايطاليا، البرتغال......الخ حيث النفوذ القوي لأحزاب شيوعية.
غير ذلك تنضوي كثرة من الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية، وهي أحزاب يمينية تحت راية الاشتراكية الدولية، أي تأخذ بمبدأ الأممية لكن أممية برجوازية، وإضافة إلى الأحزاب الأوروبية وأكثرها حاكمة تنضوي تحت هذه الراية منظمة التحرير الفلسطينية وحزب العمل الإسرائيلي وجبهة التحرير الجزائرية والحزب الاشتراكي اللبناني...وغيرها.
إن خبرة النضال الشيوعي أكدت حاجة الطبقات العاملة في مختلف البلدان للوقوف في وجه حلف البرجوازية العالمي، وانه ما من حزب في بلاد واحدة يمكنها الانتصار على الحلف العالمي، وان كانت البرجوازية المحلية هي أداته الصدامية، دون الاستناد لدعم وتضامن شقيقاتها، الطبقات العاملة والكادحين في البلدان الأخرى، إن هذا التضامن سلاح قوي في يد الطبقات العاملة، سلاح النصر في النضال من اجل تغيير المجتمع تغييرا ثوريا، والبرجوازية والرأسماليون وأجهزة دعايتهم بما فيها الفكرية الأيديولوجية التعليمية...الخ تحرص على تجربة الطبقة العاملة من هذا السلاح الفعال والمجرب من خلال إلصاق صفة اللاوطنية بالشيوعيين لمناداتهم بالأممية البروليتارية، أي حلف من الطبقات العاملة.
وبعد هذه السنين الطويلة بات معروفا الآن أن ما من حركة وطنية تستطيع التوصل لإنجاز أهدافها دون الحصول على دعم وتضامن ومسانده عالميه، وكل حركه تخوض على مستوى العالم معركة إعلامية ودعائية ضاربة من اجل كسب مثل هذا الدعم والمساندة على اتساع العالم، وبعبارة أخرى فان كل حركة ثورية تؤمن بمبدأ الأممية. والفرق أن الشيوعيين يتوجهون لأكثر الطبقات ثورية في التاريخ، للطبقات العاملة فيرفعون معها راية الأممية البروليتارية.
والى جانب ذلك فقد أثبتت حصيلة تجربة الحركة الثورية العالمية أن الشيوعيين على وجه الحصر هم أكثر القوى السياسية في العالم إخلاصا للوطن وتفانيا في النضال من اجله، وهم الذين يملكون أسمى وأعمق المشاعر الوطنية.
في الحرب العالمية على سبيل المثال طأطأت البرجوازيات الأوروبية رؤوسها أمام المحتل الألماني في حين أن عبء الكفاح الوطني ضد الاحتلال كان بالأساس من نصيب الأحزاب الشيوعية، وفي كل البلدان التي قامت بها حركات مقاومة ضد النازي كان الشيوعيين يقودون هذا النضال.
ومعروف أن الوطنية السوفيتية كانت الأصلب والأكثر مضاءا في مواجهة جحافل النازية وقد دفعت البلاد السوفيتية ثمنا لدحر النازي أكثر مما دفعت كل البلدان الأخرى مجتمعة والاتحاد السوفييتي البلد الوحيد الذي يطلق على الحرب العالمية الثانية اسم الحرب الوطنية العظمى.
وبعد الحرب العالمية الثانية كان الشيوعيين قادة حركات التحرر في المواجهات الكبيرة مع الإمبريالية، وتغلبت الوطنية الفيتنامية بقيادة الشيوعيين على جبروت ثلاث دول إمبريالية على التوالي، اليابان ثم فرنسا وبعدها الولايات المتحدة الأمريكية، والإنجازات الكبرى في معركة التحرر الوطني تمت على أيدي الشيوعيين في كوبا، انغولا، إثيوبيا....الخ.
إن الشيوعيين يسيرون على هدى مبدأ عظيم، مبدأ لكي تكون أمميا جيدا يجب أن تكون وطنيا عظيما ومخلصا، لا حدود لتفانيك في خدمة وطنك.
وفي عالمنا اليوم فانه ما من بلد تناضل أو ناضلت من اجل تحررها الوطني إلا وكان الحزب الشيوعي فيها القوة المتفانية في النضال من اجل التحرر الوطني، وما من بلد إلا وقدم الشيوعيون فيها الشهداء والمعتقلين والمشردين ولا يستطيع احد الادعاء بان اضطهاد الشيوعيين من عملاء أميركا يشكل دفاعا عن المصالح الوطنية وان اضطهاد الشيوعيين الفلسطينيين من قبل حكام إسرائيل هو دفاع عن الوطنية الفلسطينية.
وان بعض البرجوازيين(يتنازلون) ويعترفون بالحقائق السابقة، ولكنهم يصرون على القول أن الشيوعيين الآخرين وطنيون حقيقيين، لكن الشيوعيين المحليين غير ذلك، والدليل هذه الصداقة الثابتة مع الاتحاد السوفييتي وبلدان اشتراكية أخرى.
إن كل جهد حزبنا ونضاله كما هو معروف مكرسان للتحرر من الاحتلال الإسرائيلي ومن اجل إقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة، وهذا هو المعيار لموقف جميع الوطنيين الفلسطينيين، وفي مقدمتهم حزبنا الشيوعي، ومن اجل تحقيق هذه الأهداف تسعى الحركة الوطنية الفلسطينية لكسب الأصدقاء والمؤيدين والمساندين لقضيتنا، وفي حين تبحث فصائل عن هذا الدعم بلا طائل، وعلى مدى أكثر من سبعة عقود بين الفئات الحاكمة في البلدان الرأسمالية لدرجه خلقت اعتقاد يصل إلى شبه قناعة بين الجماهير الفلسطينية بان الرأي العام العالمي يعادينا، يعادي قضيتنا، منحاز إلى عدونا ولا أمل في كسبه، فإننا كشيوعيين نقول لهم، تبحثوا عن أممية طبقاتكم أما أمميتنا البروليتارية فلا تنتقص من الوطنية الحقة، كما تفعل فئات منكم، بل تعمقها وتعطيها مزيدا من الإمكانيات لتحقيق أهدافها، وهذه حقيقة باستطاعتنا أن نلمسها بلمس اليد حينما نرى قضية شعبنا تتقدم نحو أهدافها مع تزايد التضامن العالمي مع هذه القضية، ولا ينبغي نسيان أن الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية الأخرى وهي بقيادة أحزاب شيوعية والأحزاب الشيوعية الأخرى في العالم، تقف على راس المؤيدين للشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، ولو لم تكن الأحزاب أممية واكتفت بالمفهوم الضيق للوطنية، مفهوم مصلحتي وفقط مصلحتي، وتقوقعت على نفسها لما كان لنا مثل هذا التأييد ولما كانت قضيتنا تحظى بمثل هذا الدعم وهذه القوة، وقبل ذلك ما كانت الحركة الوطنية لتصمد وتبلغ أهدافها وهي تواجه مثل هذا العدو المتغطرس والقوي وله مثل هذه الجبهة العالمية المساندة تمده بالقوة وبأسباب البقاء.
ونشاهد الآن أن ما من حركة وطنية تناضل نضالا جادا وفعالا ضد المحتلين والمستعمرين أو من بناء حياتها المستقلة تستطيع الاستغناء عن إقامة علاقات تعاون مع الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية وأوضح مثال على ذلك علاقات منظمة التحرير الفلسطينية.
وهكذا نعود لنؤكد أن الأممية لا تنفي الوطنية بل تعززها وتعطيها المزيد من الدعم والقدرة على الانطلاق وشعوب العالم جميعها لها مصالح مشتركة في التخلص من أي مظهر من مظاهر السيطرة الأجنبية، وفي إلغاء الاستغلال، والسير على طريق الديمقراطية والتقدم الاجتماعي نحو الاشتراكية، إن العداوات بين الشعوب مصطنعه والذي أشعلها ويشعلها هو الطبقات الرأسمالية في البلدان المختلفة الطامعة في ثروات الشعوب الأخرى، والتي تلجأ إلى الحروب ونشر أفكار الكراهية للشعوب الأخرى بهدف تبرير التسلط عليها لتحقيق أهدافها اللصوصية، ولذلك فان نضال هذه الشعوب له قاسم مشترك وهي تتواجد بحكم العدو الواحد، وهدف التحرر والتقدم الذي يجعلها في جبهة واحده ضد الإمبريالية العالمية مع المنظومة الاشتراكية والقوى الثورية وفي مقدمتها الأحزاب الشيوعية في البلدان الرأسمالية المتطورة.
إن الحزب الشيوعي الفلسطيني من بين جميع فصائل الحركة الوطنية الفلسطينية هو الذي يعلن صراحة ووضوح عن امميته، وهو الذي يرتبط بعلاقات أخوية مع الأحزاب الشيوعية في جميع أنحاء العالم، وهو الذي يتمسك بمثابرة بمبادىء الأممية ويطبقها في علاقاته الدولية وموقفه من الشعوب الأخرى ومن نضالها وأهدافها.
وهذه العلاقات تعطيه قوة جديدة، هي قوة هيبته ومكانة الحركة الشيوعية العالمية، وهي تمنح الشيوعيين الفلسطينيين عن حق، الشعور بمزيد من الثقة وهم يدركون في نضالهم الشجاع والصعب أن حركة عظيمة هي الحركة الشيوعية العالمية تقف وراءهم وتدعم كفاحهم، وأنهم فصيلة من فصائلها المكافحة في كل مكان وعلى كل صعيد.

حزب من طراز جديد

والحزب الشيوعي الفلسطيني مثل سائر الأحزاب الشيوعية، هو منظومة من طراز جديد، منظمة مكافحه وطليعية ليس فقط لأنها ترتكز إلى أرقى ما قدمه الفكر الثوري، وما أنجزته الحركة الثورية العالمية، ولكن أيضا لأنها في تطبيقها للماركسية اللينينية في ظروف بلدها الخاصة عكست هذه الطليعة.
إن برنامج الحزب الشيوعي الفلسطيني برنامج متكامل يشرح مختلف مهمات النضال في المرحلة الحالية، مرحلة التحرر الوطني، ولأنه يرتكز على قاعدة علمية فقد أثبتت الحياة صحتها، وهذه ميزة ينفرد بها من بين جميع فصائل حركة التحرر الوطني الفلسطينية الأخرى، التي طرحت برنامج لم تزكيها الحياة واضطرت إما إلى تغييرها أو نسيانها، ويمكن ملاحظة ذلك في واقع كون برامج هذه الفصائل تتناقض أو تختلف عما وافقت عليه أو أصبحت تؤيده في دورات المجالس الوطنية الفلسطينية الأخيرة وخاصة الدورة التوحيدية في الجزائر.
وبرنامج الحزب الشيوعي الفلسطيني هو دليل عمل لأعضاء الحزب، ووعد شرف والتزام يقطعه الحزب على نفسه أمام الجماهير، وهو بتحليله لواقع بلادنا ولمهماته ومهمات الحركة الوطنية الفلسطينية يفتح الآفاق الواسعة أمام المناضلين لرؤية معالم طريق النضال وأهدافه ويمدهم بالعزم والثقة والانتصار.
وكل ذلك تتطلب ويتطلب حزبا ثوريا طليعيا وجيد التنظيم، وتنظيم الحزب الشيوعي هو حصيلة خبرة ثورية طويلة للمناضلين الثوريين منذ القرن الماضي، وقد توصل إلى شكل بنائه الحالي خيرة الثوريين الذين دخلوا تجارب مريرة ومروا في صعاب كثيرة حتى استقروا على بناء الحزب على أساس المركزية الديمقراطية، وتسليحه بسلاح النقد والنقد الذاتي الفعال والماضي.
ومع أن الانتماء للحزب الشيوعي كما هو الحال في الحركات الوطنية يتم على أساس اختيار طوعي من العضو فالمركزية الديمقراطية تؤمن له انسجاما كاملا مع سائر جسم الحزب، كما تؤمن انضباطا صارما وواعيا أيضا.
المركزية تؤمن توجيه العمل وقيادته من مركز واحد وتحرم التكتلات وتعدد المراكز وبالتالي تؤمن وحدة العمل من خلال خضوع المنظمات الدنيا للمنظمات الأعلى، وانصياع الأقلية لرأي الأكثرية، فيما تفرض الديمقراطية على العضو التحدث بحرية داخل منظمته والنقاش للوصول إلى فهم واضح وقناعه كاملة بسياسة الحزب وتكتيكاته وتوجهاته والقناعة والفهم الراسخ تطلقان المبادرة وتفتحان المجال أمام الإبداع, إن الشيوعي لا يلجا لصيغة الأمر أو تقديم التعليمات إلا في حالات خاصة جدا تتطلبها ظروف محددة كحالة الحرب مثلا أو في لحظات الخطر الشديد.
تتيح الديمقراطية للعضو حق الاعتراض داخل منظمته على هذا التوجيه أو ذاك، أو هذا الطرح أو ذاك، وإذا لم يتوصل إلى قناعه تمنحه حق الاحتفاظ بقناعته، لكن المركزية تفرض وجوب الخضوع لرأي الأكثرية ورأي المركز ويترك قناعا ته جانبا، ويتم الاحتكام للحياة ولذا كانت تؤكد صحة وجهة النظر هذه أو تلك حيث يصحح الجميع مسارهم على أساس مراجعة شاملة وعلى أساس النتائج العلمية.
إن المركزية الديمقراطية مرتبطان معا برباط حيوي، برباط جدلي وتوفران للحزب الشيوعي وحدة الفكر والعمل، فالشيوعيون في كل مكان من البلاد، يعملون ويتكلمون ويتصرفون كأنما هم رجل واحد وهذه ميزة عظيمة وسلاح جبار يميز الشيوعيين على الحركات والتنظيمات الأخرى، ويمنحهم قوة تفوق قوتهم العددية بمرات كثيرة. والنقد والنقد الذاتي هو سلاح جبار آخر، إن هذا السلاح يفرض على الشيوعيين مراجعة دائمة لعملهم ولبرامجهم ولطروحاتهم السياسية وفي هذه القضية الفرعية أو تلك، كما يفرض على الشيوعيين تقديم الحساب أمام منظماتهم المسئولة والمنظمات الأدنى أمام الأعلى، والجميع في مؤتمر الحزب العام.
وفي المؤتمرات تجري مراجعة نقدية شاملة لخطط الحزب وسياساته ولتنفيذ برامجه ويجري تقييم العمل والتنويه للمبادرات وتقوية الإبداعات ووضع الحلول للصعاب على أساس الاحتكام للتجربة العلمية والتغلب على العوائق.
إن النقد هو ضد الانتقاد السلبي بدافع تشريح وتشويه إنجازات الآخرين وهو من اجل إبراز النجاحات والكشف عن الطاقات ومد يد المساعدة للمقصرين للتغلب على ما واجههم من مشاكل وصعاب وبهدف التقدم أكثر على طريق الإنجازات.
والنقد الذاتي يعني المحاسبة الذاتية، وليس إعلان الأسف والاعتذار عن أخطاء وقعت وإكمال المسيرة على نفس الطريق وبذات الأساليب، بل محاولة جادة للكشف عن النواقص وإعادة تربية النفس على أساس التخلص من هذه النواقص والتحلي بالمزايا الجديدة، مزايا ثورية تدفع مسيرة النضال إلى الأمام.
إن الفصائل والتنظيمات البرجوازية والبرجوازية الصغيرة لا تعمل بمبدأ النقد والنقد الذاتي وكما تؤكد التجربة الفلسطينية فان هذه الفصائل وبعد كل الانعطافات الحادة مثل الخروج من الأردن وبعد ذلك من بيروت...وغيرها رفضت وقفة التقييم أو إعادة النظر فيما جرى ووقفة حساب أو فحص أو مراجعة للشعارات والوسائل والأساليب...الخ، واستمرت بعدها على نفس الطريق أو تعارض شعارات سبق وطرحتها دون توضيح لأسباب التراجع أو التغيير...

بناء اثبت اصالته

لقد برهن هذا البناء للحزب في مختلف المعارك الثورية الطبقية منها والوطنية انه البناء المؤهل لمختلف المواجهات مع الأعداء الداخليين والخارجيين، ومثال ذلك يعطيه واقع بلادنا وتاريخ الحياة الحزبية فيها فلقد عرفت بلادنا في الخمسينات وأواسط الستينات أحزابا عديدة مثل حركة القوميين العرب، وحزب البعث، والحزب الوطني الاشتراكي، وأحزابا أخرى، ولكن هذه الأحزاب انحلت تماما وذهبت ريح بعضها تحت وطأة القمع الأردني، ولم يعد لها وجود كما نرى الآن، أما الحزب الشيوعي فرغم انه كان الحزب الأشد عرضة للقمع، فقد صمد أمام آلة القمع واستمر يشق خطاه بقوة ووثوق، لقد كان قانون مكافحة الشيوعية السىء الذكر، يقضي بحكم الشيوعي خمسة عشر عاما بدون تحقيق ولمجرد الاشتباه وبشهادة رجل مخابرات واحد، ومع ذلك كان تنظيم الشيوعيين هو التنظيم الذي حافظ على أعضائه وتحدى الشيوعيين التعذيب دون أن يعترفوا على رفاقهم، ذلك أن بناؤه على أساس المركزية الديمقراطية يمنع تسرب المعلومات عن أعضاءه ويحصرها في أضيق نطاق وينفرد الحزب الشيوعي عن التنظيمات الأخرى بان نظامه الداخلي ينص على تحريم تقديم المعلومات للعدو مهما كانت بسيطة أو يمكن تفسيرها بأنها ضارة والمخالف لهذا البند يفقد عضوية الحزب بصورة تلقائية.
وهذه إحدى تجليات المركزية الديمقراطية التي تجعل من الحزب قوة موحده فعالة تعمل بإدارة واحدة.
فالحزب الشيوعي مثل جسد واحد بدماغ واحد خلاياه مجموعة أدمغة أعضائه، قدرته الفكرية والعملية نابعة من جماعية تفكيرهم وعملهم وإنجازاته تشكلها مجموع مساهماتهم ونشاطاتهم.


شيوعي فلسطيني



#حسن_الخليلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- لبنان يسارع للكشف عن مصير المفقودين والمخفيين قسرا في سوريا ...
- متضامنون مع «نقابة العاملين بأندية هيئة قناة السويس» وحق الت ...
- التصديق على أحكام عسكرية بحق 62 من أهالي سيناء لمطالبتهم بـ« ...
- تنعي حركة «الاشتراكيين الثوريين» ببالغ الحزن الدكتور يحيى ال ...
- الحزب الشيوعي يرحب بمؤتمر مجلس السلم والتضامن: نطلع لبناء عا ...
- أردوغان: انتهت صلاحية حزب العمال الكردستاني وحان وقت تحييد ا ...
- العدد 584 من جريدة النهج الديمقراطي
- بوتين يعرب عن رأيه بقضية دفن جثمان لينين
- عقار -الجنود السوفييت الخارقين-.. آخر ضحاياه نجم تشلسي
- الاجرام يتواصل في حق عاملات وعمال سيكوم/سيكوميك


المزيد.....

- نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد / حامد فضل الله
- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ... / أزيكي عمر
- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسن الخليلي - بماذا يتميز الشيوعين