|
هكذا تكلم رامسفيلد !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1167 - 2005 / 4 / 14 - 10:12
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
يزور العراق هذه الأيام وزير الدفاع الأمريكي ، دونالد رامسفيلد ، وهو يحمل رسالة تحذير واضحة وضوح الشمس ، لا لبس فيها ، دلق مضمونها في أذني رئيس الوزراء العراقي الجديد ، السيد ابراهيم الجعفري ، الذي في طريقه الى تشكيل حكومة تخلف حكومة أياد علاوي المنصرفة . وقد انطوت تلك الرسالة ، في بعض ما انطوت عليه ، على أوامر صادرة من الحكومة الأمريكية الى الحكومة العراقية ! وبلغة الحزم التي لا تقبل المناقشة ، ولا الرد ، وهي بذلك تقدم درسا مهما لحكام العراق الجديد ! بوجوب الاصغاء لما يقوله السيد في البيت الأبيض ، هذه السمة التي يجب على كل الحكومات العراقية القادمة أن تتسم بها ، شأنها في ذلك شأن بعض دول العالم الأخرى التي تأتي في مقدمتها حكومة كوريا الجنوبية ، مثلما أسلفت أنا في مقالات لي مضت قبل أسطر مقالتي هذه . ومن أجل أن يكون ما تقدم من حديث واضحا في ذهن القاريء الكريم يتوجب علي أن أعرض بعضا من الأوامر التي حملها السيد رامسفيلد ، وطالب بتنفيذها حرفيا ، محذرا من العواقب الوخيمة التي ستترتب على عدم التنفيذ الحرفي هذا ، فمن بين تلك الأوامر هو عدم قيام الحكومة القادمة في العراق بعمليات تطهير سياسية ، أوعمليات محاباة قد تؤدي الى فقدان الثقة بالحكومة أو افسادها ، فالمعروف أن نفرا من اقطاب قائمة السستاني قد تحدثوا قبل الانتخابات وبعدها من أنهم سيقومون بطرد العناصر العسكرية التي خدمت عهد صدام ، وعادت للعمل عهد حكومة أياد علاوي ، ولا فرق في ذلك بين تلك التي تعمل في الجيش أم في أجهزة الشرطة والأمن ، وفات هؤلاء أن رئيس الوزراء السابق ، اياد علاوي ، لم يقم باعادة تلك العناصر الى العمل من جديد بمشيئته هو ، وانما الجهة الوحيدة المسؤولة عن اعادتهم الى مواقعهم السابقة هم المستشارون الأمريكان الذين يديرون دفة الحكم في العراق بحق وحقية ، والذين يقبعون في كل الوزارات العراقية . هذه الحقيقة بات يعرفها الصغار والكبار في العراق ، وعلى رغم ما ينفشه قادة العراق الجدد من ريش الطواويس ، وهي الحقيقة ذاتها التي يخجل هؤلاء القادة من مواجهة الناس فيها، رغم أنها أصبحت حديث الشارع في العراق الآن . إن القوات العراقية بجيشها ، وشرطتها قد بنيت على أيدي الأمريكان العاملين في العراق ، وقد منحوها خبرتهم ، ونظام ضبطهم ، مثلما دججوها بسلاحهم ، وألبسوها لباسهم ، فالقوات العراقية الجديد ، والحالة هذه ، ستكون اليد الأمريكية الضاربة في العراق ، والتي ستطيح بكل حكومة تحاول الخروج عن الصراط الذي رسمه لها الأمريكان ، وفي حالة خروج مثل هذا الخروج ، فإن هذه القوات ستهب لتزيل أقطاب تلك الحكومة من على كراسي حكمهم ، وفي الوقت نفسه سيخرج من بين صفوفها بطل أمريكي، صنديد ! لا يقل بطشا عن بينوشيت دولة شيلي ، وذلك من أجل أن يهدم بناية البرلمان على رؤوس اعضائه ، وليذبح سلفادور اللندي ، رئيس الجمهورية المنتخب ، وهذه حقيقة أخرى تضاف الى ما تقدم من حقائق سبقت ، يتوجب معها على حكام العراق الجدد أن يصغوا إليها بآذان مفتوحة، وهي تتدفق بحزم على لسان رسول الرأسمالية الأمريكية ، رامسفيلد ! ومن الأوامر الأخرى كذلك ، والتي حملها رامسفيلد معه في رحلته التاسعة للعراق في غضون السنتين المنصرمتين ، هو ذلك التحذير الواضح للحكومة العراقية التي مازالت في مرحلة المخاض ، والمتضمن عدم سماح الحكومة الأمريكية بأي تأجيل في فقرات الجدول الزمني المعد للعملية السياسية الجارية في العراق ، وبهذا نطق رامسفيلد قائلا : ان الولايات المتحدة تعارض أى تأجيل للبرامج السياسية المزمعة في العراق خاصة وضع دستور جديد بحلول منتصف أعسطس/ آب ، واجراء الانتخابات العامة في ديسمبر/ كانون الاول المقبل. لكن هذا التحذير يتعارض مع رغبة بعض الاطراف في الحكومة العراقية المزمع تشكيلها ، والقائل بضرورة تأجيل وضع دستور دائم للعراق ستة أشهر من التاريخ الذي حدده له قانون إدارة الدولة المشرّع عهد حاكم العراق السابق ، بول بريمر ، وعلى أيام مجلس الحكم المنحل . وبذات النفس ، وعلى لغة التحذير تلك قال رامسفيلد : ان قرارات هامة تخص التعيينات الحكومية في الوزارات يجب ان تكون لمصلحة العراق ، والا يكون اساسها الولاءات الحزبية ، او تمنح كمكافات او تحجب كعقاب. وقال من المهم ان تحرص الحكومة الجديدة على كفاءة المسؤولين في الوزارات وان تتجنب الاضطرابات التي لا ضرورة لها . واضاف رامسفيلد قوله : لدينا فرصة لمواصلة التقدم سياسيا واقتصاديا... واي شيء يؤخر ذلك او يفسده من جراء الفتنة او غياب الثقة او فساد الحكومة سيكون مبعث اسف . هذا التحذير الأخير يخص أطراف قائمة السستاني الذين أعدوا العدة لاجراء تغيرات واسعة في مناصب الدولة ، يكون أساسها ، مثلما قال رامسفيلد، الولاءات الحزبية ، وعلى طريقة نظام صدام الساقط ، وتحت شعار عتيق : من ليس معنا فهو ضدنا ! والذي راحت حكومات الطوائف الجديدة في العراق تطبقه بمثالية متناهية ، فقد أخبرني معلم صديق من أهالي الناصرية ، كان قد عاد الى العراق من الخارج آملا في العودة الى عمله ووظيفة السابقة ، وحين همّ بتقديم طلب اعادته الى وظيفته تلك في مديرية تربية الناصرية ، قالت له موظفة هناك : إذا أردت أن تعود الى وظيفتك لا تقل إنك شيوعي ! قل إنك من حزب الدعوة ! فمبدأ حرمان العراقي من شغل هذه الوظيفة مع كفاءته ، لانه ليس من هذا الحزب أو ذاك ، أو تعينه فيها دون كفاءة لأنه من هذا الحزب او ذاك ، هو مبدأ عُرف في عهد صدام الساقط ، لكنه انتشر على نطاق واسع في عهد حكومات الطوائف الجديدة في العراق ، ومع أن مسألة مثل هذه المسألة لا تشغل بال الحكومة الأمريكية كثيرا في الأجهزة المدنية غير المهمة ، رغم تحذير وزير الدفاع الامريكي من مغبتها ، لكن ما شغل بال سادة البيت الابيض ، وحمل رامسفيلد على المجيء الى العراق من أجله ، هو ما طرق اسماع أؤلئك السادة خبر مفاده هو أن أطرافا من قائمة السستاني تعمل على تسليم الملف الأمني للدكتور أحمد الجلبي في حكومتهم المقبلة ، وهو الشخص الذي ركنته الأدارة الأمريكية جانبا بسبب افشائه سر معرفة المخابرات الامريكية لشفرة السفارة الايرانية في بغداد الى الحكومة الايرانية في القضية التي تحدثت عنها وكالات الانباء كثيرا . ومن هنا عاجلت الحكومة الامريكية الى منع الحكومة العراقية التي سيرأسها السيد الجعفري ، والتي لم تلد بعد ، من مغبة أية عملية تطهير تمس الجهاز الأداري ، والعسكري اللذين بنيا باشراف القوات الامريكية العاملة في العراق، وفي حالة ما تسلم الملف الأمني رجل مثل الجلبي فيها ، وعلى هذا صار لزاما على أطراف الحكومة العراقية المقبلة أن يصغوا لما يقوله رجال البيت الأبيض ! وأن يعوا تماما أن زمن الشيطان الأكبر قد ولى دونما رجعة !
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملا رسول : المثيولوجيا والواقع !
-
دولة على ظهر حمار !
-
اللوبي الإيراني : اجتثاث البعث أم اجتثاث العرب ! ؟
-
الأعجميان وفوضى الحكم في العراق !
-
البصرة وضراط القاضي !
-
شيوعيون في ضريح الامام الحسين !
-
الى وزير خارجية العراق ونوابه !
-
الجعفري بين الرضا الانجليزي والحذر الامريكي !
-
قراءة أخرى في نتائج الانتخابات العراقية !
-
التوافقية !
-
المقهى والجدل *
-
جون نيغروبونتي ملك العراق الجديد !
-
ظرف الشعراء ( 34 ) : بكر بن النطاح
-
الجلبي يفتي بحمل السلاح !
-
أوربا وقميص عثمان !
-
الما يحب العراق ما عنده غيرة !
-
من أسقط صداما ؟
-
ما كان أهل جنوب العراق سذجا يوما !
-
نيران الفتنة قادمة من أيران ! سهر العامري
-
الجلبي دولة مرشدها آية الله الخامنئي !
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|