|
قضايا المرأة في بوتقة الشأن العام فلتكن حاضرة في كل تحرّك وطني- مدني
إيمان أحمد ونوس
الحوار المتمدن-العدد: 4062 - 2013 / 4 / 14 - 14:36
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
على اعتبار أن لا تقدم ولا حرية للمجتمعات بعيداً عن تقدّم وتحرر المرأة، وعلى اعتبار أن المرأة تشكّل نصف المجتمع، فإنه من الواجب والضروري أن تأخذ قضاياها عامة حيّزاً غير قليل في أيّ تغيير وتعديل يطال المجتمع بكل نواحيه وبُناه المختلفة (الاقتصادية والقانونية والسياسية)، كما يجب أن تكون تلك القضايا أحد أهم محاور التوجّه في كل حراك مدني أو حكومي، وذلك لأسباب متعددة يمكننا أن نُلخّصها بما يلي: - المرأة في كل المجتمعات الإنسانية شريك أساسي في صناعة الحياة وتطور المجتمع بما تمنحه له من أفراد يرفدونه بطاقاتهم وبثقافتهم وقيمهم التي غرستها في نفوسهم الأمهات، ومن هنا يكون القول أن لا تطور للمجتمع بعيداً عن تطور وتحرر المرأة صحيحاً إلى أبعد الحدود. - لم تعد المرأة أسيرة الحرملك الذي كبّلها بالتبعية في كل مناحي الحياة، بل أصبحت ومنذ عقود إنسانة فاعلة في الحياة الاقتصادية منذ انخرطت بالعمل في كافة القطاعات الهامة، لاسيما الإنتاجية، وهذا ما انعكس على الشأن العام من خلال تلك المشاركة، وعلى الشأن الخاص/ الأسري من خلال دعم موارد الأسرة وتحسين مستواها المعيشي في الريف والمدينة على حدّ سواء. - لأن المرأة في الدول التي تشهد حروباً أو نزاعات أهلية من أكبر دافعي ضرائب تلك الحروب، على اعتبارها أمّاً وأختاً وزوجة وابنة، وهي في جميع هذه الحالات تنوب عن الرجال الغائبين في رعاية شؤون الأسرة المادية والمعنوية. غير أن ما لمسناه على مدى الحراك والأزمة السياسية القائمة منذ أكثر من عامين، يشي بأن المرأة وقضاياها هي من المكونات المنسية في المجتمع، ومما يُعزز قولنا هذا خلو الدستور الجديد من مواد تؤكّد مبدأ المساواة على أساس المواطنة دون التمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة كما ورد في المادة/33/ لكن ذات الدستور عاد وتنكّر لهذه المادة وبشكل صريح عندما وضع شروط الترشّح لمنصب رئيس الجمهورية في المادة/84/ الفقرة/4/ التي تقول أن لا يكون متزوجاً من غير سورية، وهنا يبدو واضحاً منع المرأة السورية من ممارسة هذا الحق بتحديد زوجة الرئيس، لا زوج رئيس الجمهورية، وفي هذا تمييز قائم على أساس الجنس يتناقض مع المادة/33/، ويتناقض أيضاً مع المادة/23/ التي تنص على أن توفر الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع. فما هو المقصود بالمساهمة الفعّالة والكاملة في الحياة السياسية و....... الخ، وكيف ومتى يمكن أن تُزال القيود التي تمنع تطور المرأة ومشاركتها في بناء الدولة والمجتمع...؟ أم أنه ما زالت تتحكّم في مجريات الأمور ذهنية رجعية- أصولية(ربما تكون قد شاركت بصياغة المشروع) لا ترى في المرأة إلاّ تابعاً للرجل ناقصة عقل ودين، ولا تؤمن بقدراتها وما توصّلت إليه من تقدم علمي وعملي يؤهلها لتقلّد المناصب كما الرجل تماماً. صحيح أنه لا يمكننا إغفال بعض التعديلات الإيجابية على بعض مواد قانون العقوبات لصالح المرأة كصدور المرسوم رقم/37/ للعام/2009/ الذي تمّ بموجبه تعديل المادة/584/ التي تمنح قاتل المرأة البراءة فيما يخص جرائم الشرف، حيث تمّ رفع مدة الحبس لسنتين، ثم عُدّلت هذه المادة بالمرسوم التشريعي رقم/1/ للعام/2011/ لتُصبح خمس سنوات مع بقاء الاستفادة من العذر المخفف، هذا العذر الذي تسعى الحركة النسوية السورية للتخلص منه، باعتباره يُبقي على مبررات قتل المرأة تحت ذرائع وحجج واهية تحت مظلة القانون، والمطالبة بأن تُعتبر هذه الجريمة جريمة قتل عادية يُعاقب عليها بموجب قانون العقوبات العام دون تمييز. إضافة إلى إلغاء المادة/508/ من قانون العقوبات التي كانت ذريعة كبرى تمكّن مرتكب جريمة الاغتصاب من الإفلات من العقاب إن تزوّج من الضحية، لكنه الآن وفي ظل هذا المرسوم أصبح يُعاقب بالحبس مدة سنتين على الأقل حتى وإن تزوج من ضحيته زواجا صحيحاً. صحيح أن هذه التعديلات تُعتبر خطوة إيجابية على طريق المساواة الذي تنشده جميع النساء، لكنها تبقى تعديلات لا تنفي التمييز القائم على أساس الجنس، وربما يكون مصيرها كمصير قرار رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 11/7/2011 والقاضي بتشكيل لجنة وزارية من أجل تعديل المادة/3/ من قانون الجنسية بما يسمح للمرأة السورية منح جنسيتها لأبنائها أسوة بالرجل، غير أن مصير هذا القرار كان الإهمال ورفض مجلس الشعب مناقشة التعديل برمته، وفي هذا دلالة قاطعة على رفض النهوض بواقع وحقوق المرأة رغم أن البلاد تشهد حراكاً حقوقياً على مختلف المستويات والشرائح. ما نريده اليوم جملة قضايا دأبت نساء سورية على المطالبة بها دون جدوى وهي: - رفع التحفظات السورية على اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضدّ المرأة- السيداو- التي أفرغت الاتفاقية من محتواها ومضمونها الأساسي في تعزيز مساواة وتمكين المرأة في كل المجتمعات الإنسانية. - تعديل جميع القوانين التي تعزز التمييز والعنف ضدّ المرأة السورية إن كان في قانون العقوبات أو قانون الجنسية أو سواها من قوانين صاغتها العقلية الذكورية في مجتمع لا يرى في المرأة كائناً مساوياً للرجل مهما بلغت من مراتب اجتماعية أو حكومية أو علمية. - منح المرأة جنسيتها لأبنائها أسوة بالرجل بكل ما يترتب عليها من حقوق وواجبات..؟ - سنّ قانون أسرة عصري يواكب التطورات التي تشهدها الأسرة السورية بدل قانون أحوال شخصية تراثي لم يعد يتلاءم مع ما وصلت إليه المرأة والأسرة السورية. - التشدد في منع زواج الطفلات، وذلك من خلال الالتزام الجاد بإلزامية التعليم، والقضاء على ظاهرة التسرّب المدرسي لاسيما في صفوف الإناث. - الاهتمام بالصحة الإنجابية، للحدّ من ارتفاع معدلات النمو السكانية التي باتت مشكلة حقيقية تُهدد الاقتصاد الوطني من جهة، ومن جهة أخرى ترهق كاهل المرأة بأعباء تعرقل إمكانية تطورها. - الاهتمام الفعّال بتنمية المرأة الريفية، ورفع سوية وعيها بحقوقها التي تسحقها الأعراف والقيم الاجتماعية التقليدية كحرمانها من الإرث وإكمال تعليمها، واعتبارها يداً عاملة غير مأجورة. - تعزيز حضور المرأة السياسي من خلال مشاركتها الحقيقية والفعّالة في الحياة السياسية للبلاد بعيداً عن مظاهر المساواة الشكلية إن كان في الانتخابات أو سواها. هذه هي بعض مطالبنا كنساء سوريات نأمل أن تكون حاضرة في كل تحرك وحوار وطني، وذلك من أجل تحرر المجتمع الذي لا يمكن أن يُنجز بعيداً عن تحرر المرأة فهل لصوت النساء السوريات أن يصل أسماع المعنيين في سوريا الحبيبة...؟
#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمهات سوريا.. وقفة خشوع لصبركن العظيم
-
شروخ الأزمة السورية تنتهك كيان الأسرة
-
في عيد المرأة.. نساء بلادي المعمّدة بالدم يتشحن بالذلّ والحز
...
-
أخلاقيات مشوّهة في أزمات قاتلة
-
الأنوثة بين سندان الحاجة ومطرقة القيم والقانون
-
التحرّش الجنسي.. أخلاقيات شاذّة منحطّة
-
إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة جريمة لا تُغتفر
-
وللرجل- الحاضر الغائب- متاعبه وهمومه
-
الراتب خلفنا، والغلاء أمامنا..فأين المفر؟
-
في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة فليعلُ صوت النساء ع
...
-
البطاقة العائلية... ومعضلة استحقاقات المرأة
-
الآثار الاجتماعية والنفسية للنزاعات المسلحة على المرأة
-
نظرية ما بعد البنيوية والنسوة في الشرق الأوسط، هل ندور في حل
...
-
النسوية العربية: رؤية نقدية - ماذا تريد النساء.؟
-
النسوية العربية: رؤية نقدية
-
الطلاق العاطفي ... صقيع يغتال الحياة
-
تناقض صارخ.. بعد تشكيله لجنة حقوق المرأة والطفل والأسرة
-
هل ينهض الفينيق من رماده
-
أهمية عمل المرأة من منظور الرجل
-
أما آن الأوان لرفع التحفظات عن السيداو..؟
المزيد.....
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
-
المملكة المتحدة.. القبض على رجل مسن بتهمة قتل واغتصاب امرأة
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|