|
بذور عباد الشمس
حامد حمودي عباس
الحوار المتمدن-العدد: 4062 - 2013 / 4 / 14 - 13:03
المحور:
الادب والفن
كل شيء حول المكان يوحي بالبرد ، فالشتاء في العراق كصيفه ، كلاهما حاد الطبع كما هم ابناؤه .. أنا اجلس وحيدا في زاوية من زوايا المنزل الصغير ، أرقب عبر نافذة الغرفة حركة الطيور المتحمسة لاكتساب شحنة من دفيء ، وأمامي طاولة خشبية ، كنت قد صنعتها بنفسي قبل عام تقريبا ، وأجمل ما فيها عندي كونها غير منتظمة الاضلاع .. انها توحي لي بالتمرد على ذلك النظام الكريه والمتمسك بقوانين تضع للعالم خطوطا بعينها ، ليس من الذوق أن تتعداها حتى ولو في حدود عالمك الخاص .. على الطاولة مسبحة التفت على نفسها وكأنها هي الاخرى قد شعرت بالبرد فعكفت على مقاومته ، وثمة قطعة خبز هي بقية من رغيف قضمه أحدهم في وقت ما من هذا الصباح .. كان بودي أن أمنح طاولتي مسحة من فوضوية أكثر، فانثر عليها حبات من بذور عباد الشمس المحمصة يتوسطها كوب تمتد على جدرانه الداخلية خيوط قهوة تم احتساؤها في وقت ما من هذا الصباح .. غير أن الجميع من حولي ، لم يمنحوني تلك الفرصة حينما غادروني للتمتع بوليمة عرس دعتهم اليها قريبة لنا تسكن في المدينه .. فتركوا لي بعضا مما يبعدني عن الجوع فترة غيابهم عني ، الا بذور عباد الشمس ، وآثار القهوة المسكوبة في فنجان تم احتساء ما فيه .. فوق أسلاك الكهرباء المعلقة أمامي ، والمنسابة عبر الوادي المزدحم بأشجار اليوكالبتوس المعمرة ، تقف اسراب من الغربان السوداء ، تهتز بخفة مع حركة الريح المشبعة بقطرات الندى ، وهي تنذر بحلول طقس ممطر عن قريب .. ثمة عواء يأتي من مكان ما لكلب صغير ، قد يكون لأحد ابناء كلبة السيده وفاء ، جارتنا المسيحية منذ أن طلقها زوجها قبل سنتين ، فاشترت الدار الملاصقة لدارنا بما كانت تملكه من مال يقال عنه بانه كثير ، لقد كانت السيده وفاء تعيش من قبل في دار بالقرب من موقع عمل زوجها في قلب المدينه ، وحين غاب عنها الزوج ، شاءت ان تعيش وسط الخضرة والاجواء النقيه ، ( ليذهب الرجال الى الجحيم حينما لا يصدق احدهم بان زوجته شريفة ) .. هكذا سمعتها تقول عندما حلت علينا ضيفة يوم الخميس الماضي . الوقت كان يقترب من منتصف النهار، حين لاحت في الافق البعيد غيوم سوداء تتقدم بسرعة ملحوظة صوب الوادي ، وكأنها كوكبة من أطباق طائرة هبطت من غياهب المجهول ، لتمنح بركتها بسخاء الى مخلوقات الله على الارض .. الغربان المعلقة فوق اسلاك الكهرباء ، زاد ترنحها وأخذت تحرك اجنحتها لتستعيد توازنها مع حركة الريح الآخذة في التزايد .. وهناك خيوط متعرجة من بريق مضيء تنطلق في الاعالي بين الحين والاخر ، يصحبها رعد كأنه انفجار يضرب قلب الوادي ، يعقبه صمت يدعو للخوف قبل ان يعود ثانية لينطلق من مكان اخر. شعرت بحاجتي لارتداء معطفي ، والتأكد من اغلاق جميع النوافذ في المنزل .. حتى مفرغات الهواء قمت باغلاقها خشية ان يتسرب من خلالها ما يعبث بالداخل . أحسست بلذة التواجد قرب المدفأة .. ووجدتني منساق لخيالات جميلة ارسم من خلالها لوحة تظهر عليها الوان باردة لمساحات يغطيها الثلج ، وريح تدفع بالغيوم المشبعة بمياه البحر .. وكانت رغبتي شديدة بوضع جميع اغطية المنزل على جسدي ، لاغيب وسط هالة من الاسفار عبر بحور الماضي ، أمخر عبابها مختاراً وعلى سجيتي ، لا يمنعني الموج العارم من ركوب متن الاستمتاع بلذة الأمان ولو الى حين .. صوت الرعد المخيف في الخارج بدأ يتوالى وبتردد سريع .. الامر الذي دعاني الى التراجع صوب المطبخ ، معلنا بدء احتفالي بحلول لحظات قد لا يقدر لي ان احتفل بها عن قريب وبهذه الخلوة الجميله .. كل شيء في المكان مرتب ونظيف .. الثلاجة الشاخصة في الزاوية القريبة من باب المطبخ ، تحتوي على رز تم طهيه في الصباح الباكر ، ومعه حلة تحتوي على مرق من الكوسة المطعمة بلحم الضأن ، مع صحن مليء بالسلطة المشكلة وعدد من ارغفة الخبز ، وأشياء اخرى محفوظة في عدد من أكياس النايلون لم أعمد للانشغال بمعرفتها لعدم كفاية الوقت .. آه .. انها هناك .. في الخلف .. تلاصق الجدار الخلفي للثلاجه .. زجاجة تحتوي على بقايا من النبيذ المصنوع من حبات الزبيب الاحمر .. لقد عانيت كثيرا وأنا اصطنع الاعذار لزوجتي كي أقبلها هدية من السيدة وفاء ، فهي مسيحية ولا تجد حرجا في شرب النبيذ خلال المناسبات .. وفجأة سرح خيالي الذي لا أستطيع مقاومته في أحيان كثيرة عندما يخترق حجاب كل شيء ، ليتمثل ما يريد دون حرج أو خوف ، ما دام حرا لا تعيقه موانع الامتثال لعوامل الرياء ومنافقة النفس الأمارة بحب الممنوع .. ان كانت السيده وفاء موجودة الان في منزلها وحيدة كالعاده ، ما المانع من أن تطرق بابي على عجل ، وتحل علي ضيفة خاصة هذه المرة ؟ .. لماذا تقرن صحبة كهذه بين امرأة ورجل دائما بالفحش ، حتى ولو كانا معا لا يرغبان الا بأنس اللقاء بين وحدتين موحشتين ؟ .. هي وحيدة وتتمنى حتما أن يخالطها الان ، وفي هذا الجو المشحون بالخوف ، من يوفر لها الأمان ، ولا يقتحم عليها جسدها عنوة أو يطيح في داخلها أبراج الشرف المهدد بالانتقاص من قبل الرجال .. ثم ماذا لو جلست الان معي حول الطاولة الخشبية ، لنتذوق طعم نبيذها الاحمر ، قرب زجاج النافذه ، وحبات بذور عباد الشمس مع فنجان القهوة الفارغ ، نتحدث .. نتحدث .. ونتطلع معا الى اطراف الوادي البعيدة .. و .. قد يتذكر أحدنا ، أنا أو هي ، طية من ذكريات تنفث منها رائحة حب جميل مضى .. قد تضحك هي ، واستمر أنا بسرد حكايتي المدفونة تحت تراب ذاكرتي المتعبه .. لقد ارتدت برأسها الى الخلف وعيونها مسمرة على السقف ، هربا من مواجهة كلمات جريئة تفصح عن مكنون رجل غريب .. ها هي تنظر الي بشيء من الريبه فاسكت عن الكلام .. - ما بك سيدتي ؟ .. لربما تسببت لك بازعاج ما .. سأغير موضوع الحديث .. المهم هو أن نقضي نهارنا اليوم معا في مواجهة هذا الطقس المتقلب . مدت كفها ببطيء نحو ظهر الطاولة لترتشف كأسا على مهل ، ثم قالت : - لا .. لقد كنت مستمتعة حقا بما تقوله .. حقا فان الطقس اليوم يحتاج الى حضور مؤنس .. ترى كيف تركت العائلة تسافر في يوم كهذا ؟ . - ما العمل ؟ .. انهم ايضا بحاجة الى تغيير المكان بين الحين والاخر . نهضت من مكانها وهي تحاول مد اطراف بلوزتها الى اسفل خصرها ثم قالت : - رغم برودة الجو ، فأنا ارغب باستخدام مكعبات الثلج مع النبيذ .. هل لديك في الثلاجة منها ياترى ؟ .. وقبل ان أجيب ، سحبت جسدها المضغوط تحت ثيابها الى خارج الطاولة ، متوجهة صوب المطبخ .. انها تعرف تفاصيل المنزل بالكامل ، ولم تكن بحاجة الى دليل .. كانت تتمايل امامي وبطريقة لا توحي بالتصنع ، وعضلات ساقيها البيضاويتين تستجيب لحركتها فتهتزان وبشكل متناغم .. في حين راحت اطراف شالها الملون بلون الزهر، تلتف حول عنقها بتنسيق ملفت للاحساس باناقة غير عادية .. كانت تتحدث بلباقة وكأنها لا تريد التوقف .. قالت وهي مشغولة باخراج مكعبات الثلج الصغيرة من مكانها : - بيني وبينك ، احيانا تتسبب لي وحدتي بالكثير من الخوف ، الى الحد الذي يجعلني اندم على شراء بيتي هنا على اطراف الوادي .. - بالعكس .. فانا أجد هنا متسعا كبيرا للشعور بالراحة .. المدينة لا توفر لي شخصيا ما أحس به الان من استقرار نفسي كبير . - نعم .. قد يكون ذلك لمن يحيا حياة هادئة لا تشوبها منغصات كما هو الامر بالنسبة لي .. لقد كلفني زواجي قبل عشر سنوات ، أن ابقى في دائرة العذاب والشك وعدم الثقة ، حتى انهار كل شيء ، ولكن بعد خسارة عمر كان يمكن ان يكون أجمل واكثر قيمة . ساقتني طريقتها في الحديث ، لآن اقول لها وقد التفتت ساهمة بنظرها نحو الخارج : - ألا ترين بأن خسارة كهذه ، يجب ان لا تحدث بحياة أية امرأة يتوفر عندها اليقين ، بأن بقائها مع رجل لا يعدو غير كونه انتحار بطيء ، وأنها عليها النطق بكلمة الفصل قبل فوات الاوان ؟ .. تحركت في مكانها وقالت وهي تنظر الي بعيون غلب عليها الذبول : - ولماذا المرأة فقط هي التي عليها ان تثور لحياتها مع رجل لا ترغب بالعيش معه ؟ .. انتم كذلك عليكم ان تثوروا لتقويم حياتكم وفي الوقت المناسب . أصابتني رعشة للحظة قبل ان اقول لها وبنبرة حاولت من خلالها إثارتها لتنكشف امامي سرائرها وبوضوح اكثر : - لا اعرف مدى صحة الفكرة التي تقول ، بأن النساء عموما ، هن أكثر عنفا في طبيعة ردود الفعل لو شعرن بالحيف من قبل الرجال .. - بالعكس .. المرأة كثيرا ما تطوي ألمها تحت دواعي الخجل أو الشعور بالعار ، أو أنها تخشى عاديات الزمن لو بقيت وحيدة في عالم كل شيء فيه الا الرحمه . - عليكن الذنب .. لماذا نزلتونا بتفاحه ؟ .. ضحكت بغنج وقد مال رأسها الى الخلف قليلا ، فشعرت بالرغبة الجامحة لأن اقفز فوق الطاولة كي اقبلها من عنقها لولا أنها عادت وبدأت بالنظر الي وكأنها أحست برغبتي تلك . فجأة .. حدث شيء أشبه بالانفجار أضاء المكان .. تحرك جسد السيده وفاء أمامي ليشكل هالة من خطوط غير محددة المعالم ليختفي .. واكتشفت بانني قد انتهيت تماما من استهلاك آخر قطرة من النبيذ . الوادي لا زال يردد صدى الرعد الموحي بالخوف .. والريح تعبث بكل شيء في الخارج ، بما في ذلك اطراف شجرة الكروم المزروعة بالقرب من حافة المنزل من الجهة اليمنى ، متسببة بحدوث ضربات خفيفة متتالية على زجاج نافذة الغرفة المجاوره .. ، جميل أن ابقى وحيدا في المنزل ليوم واحد على الاقل من كل اسبوع ، حينها سأكون متفرغا للاستجابة لعواطفي ، وحركة جسدي ، وتفكيري ، وبشكل انسيابي حر ، بعيدا عن منغصات ( العيب ) ، وإيحاءات أنا مرغم على التعامل معها وبشكل اضطراري حتى بين افراد اسرتي .. لاحت لي من بعيد ، عبر نافذة الشباك ، حركة شيء ينساب من سفح احد التلال الى قلب الوادي ، وكأنه كرة صغيرة تتدحرج بتسارع منتظم ، خلتها قطعة حجر اقتلعتها الريح من مكانها .. ثم اختفت وراء نتوء بارز من التلة ، يحمل شجرة بلوط ضخمة راحت تستجيب لسرعة الرياح ، فتميل بعنقها صوب الجهة المعاكسة للمنزل .. اللعنة على من قرر ان تكون زجاجة النبيذ بهذه السعة .. لماذا لم ينفخوا فيها لتكون اكبر حجما ؟ .. وشعرت برغبتي في تدليك جبهتي ، ثم غرز اصابعي داخل فروة رأسي لأعبث بها وبحركة سريعة كي أطرد عن نفسي ما تحمله من ضجر بدأ يثقل على روحي شيئا فشيئا .. لماذا لا أتعرى تماما ما دمت وحيدا هنا ؟ .. حسنا .. سوف ادخل الى الحمام ، واجلس القرفصاء تحت خيوط مياه الدش ، لتهبط فوق رأسي ورقبتي من جهة الظهر .. سوف ابقى ما استطعت وانا على هذا الوضع .. ما أبشع ذلك الحصار المميت حول كل خلية من جسد الانسان في شرقنا المحمل بامراض العالم كله ؟ .. إنني في حاجة ماسة لأن أزيل خدري المزمن ، اجري صوب الوادي لأغرف من رماله وأبعثرها في الفضاء المحيط ، ثم اتدحرج فوق أديمه مستحضرا كل مشاعر العشق الانساني فوق هذه الارض العامرة بتنوع مبهر ، تنوع كانت حصتنا منه مع الاسف ، صور من القتل والكبت واسترخاص ذرف الدماء والدموع .. وفجأة .. وجدتني ابحث من جديد ، عن ذلك الشيء المتواري قبل قليل ، خلف شجرة البلوط المهتزة مع حركة الريح .. ثمة كيان لم تسمح لي قطرات الندى المبعثرة على زجاج النافذة أن أشخص ماهيته .. انه يسير نحو المنزل على ما يبدو وصورته تنعكس مشوهة لا تمتلك حدودا بعينها .. لماذا لا أحاول فتح الشباك واغلاقه بسرعة كي أتبين من يكون ذلك المتحرك في قلب الوادي ؟ .. ما علينا .. انه سيقترب على كل حال من موقع استطيع معه التمييز ، وحينها سيكون لكل حادث حديث .. شعرت بقشعريرة تداهمني وأنا أنظر الى فتحة مكيف الهواء المثبت في أعلى صالة الجلوس ، لأتأكد من عدم وجود منفذ فيه تدخل منه الريح .. لقد حكت لنا أختي الكبرى اثناء زيارتها لنا في الصيف الماضي ، بأن جارتها أم محمد ، قامت باستخدام عصا مكنسة منزلية لطرد قطة راحت تعبث بمفرغة الهواء في المطبخ من الخارج ، وعلى حين غرة ، شاهدت ذراع القطة ، مكسوة بالشعر الاسود ، تمتد من خلال المفرغة ، وكأنها تريد الوصول اليها والنيل منها ردا على ما فعلته .. وعبثا حاولت أن اقنع اختي حينها بأن الامر لا يعدو عن حركة عادية من حيوان عرف عنه كثرة المداعبة . من يدري ؟ .. فلربما هناك حقيقة يقرها غيري بوجود عالم آخر ، تظهر لنا بعضا من معالمه أحيانا .. هاتفي النقال أصابه خرس غير اعتيادي منذ الصباح ، فلم يكلمني أحد ولحد الان ، حتى زوجتي غابت عني على ما يبدو لتمرح في اوساط دعوة الزفاف .. همت لبعض الوقت بين غرف المنزل .. لم يكن في رأسي غير أن استسلم للنوم وعلى عجل ، كي أطرد عني ضجر الوحده .. ما هذا ؟ .. لقد سمعت طرقا خفيفا على النافذة القريبة من شجرة الكروم عند الطرف القريب من بيت السيده وفاء .. أزحت الستارة عن النافذة فلمحت خيالا قد تحرك توا الى الجانب الايسر من النافذة .. حاولت أن اراه ، وصفحة وجهي ملتصقة بالزجاج المطلي بآثار بخار بارد ، شعرت بالخوف فاعدت الستارة الى مكانها ، من ترى سيكون ؟ .. والى أين ذهب ؟ .. أحسست بحاجتي لأحد يشاركني بالبحث عن حل لما أنا فيه من حيرة .. اتصلت تلفونيا بالسيدة وفاء ، وقبل أن انطق بشيء ، سمعتها تقول : - عذرا .. فهناك من يطرق الباب .. لأرى من يكون ثم اعيد الاتصال بك . صرخت فورا : - لا تفتحي الباب سيدتي ، تأكدي من يكون قبل ذلك . غير أنها كانت قد اغلقت الاتصال قبل أن تسمع نصيحتي لها . ووجدتني مستسلما لواقع ليس لدي قدرة على التدخل في رسم أحداثه ، فانا بلا سلاح ، بل أكره أية آلة للموت مهما كان نوعها .. ثم ، لربما ذلك الطارق لباب السيده وفاء ، هو أحد معارفها فلجأ اليها في هذا الطقس البارد .. ان كان الامر كذلك ، فلماذا اذن طرق نافذتي قبل ان يذهب لمنزلها ؟ .. دع الامور تسير على بساطتها يارجل ، ولا تحملها اكثر مما تحتمل .. اللعنه ، لماذا لم تتصل بي السيده وفاء كما أشارت قبل قليل ؟ .. دع الامور تأخذ مجراها فكل شيء بسيط .. تمددت على كنبة قريبة مني ، غبت في طيات نوم غير مكتمل ، وألم نصفي راح يجتاح الجانب الايمن من رأسي .. اعتدلت فوق الكنبة للحظات ، ثم رحت ابحث عن حبوب مهدأة كنت قد استخدمتها قبل اسبوع .. تذكرت بانها هناك ، في درج طاولة التلفزيون عند صالة الضيوف .. وقبل ان اصل اليها ، فكرت بالنظر الى الخارج ، علني أرى ما يوضح لي شيئا عن ذلك المجهول .. انه ذات الشيء المتحرك في قلب الوادي ، وقد اتجه الى حيث شجرة البلوط ليختفي ورائها فلم أعد أراه .. مرت على تلك الحالة يومان ، وقد سردت ما جرى لزوجتي بعد عودتها الى المنزل في اليوم التالي .. وما إن حلت ظهيرة يوم الاثنين ، من شهر شباط عام 1995 ، حتى حلت بالوادي كارثة لا يمكن نسيانها ، لقد وجدت السيدة وفاء جثة هامدة على ارض منزلها ، وقد انفصل رأسها عن جسدها بفعل سكين حاد .. وثمة ورقة وضعت على صدرها مكتوب عليها بخط ركيك .. ( هذا مصير من تخون ) . بكيت بشدة وانا اتكئ على طاولتي الخشبية غير منتظمة الأضلاع ، وكوب من القهوة الفارغ يشخص أمامي ، تحيطه حبات بذور عباد الشمس المحمصة ، وثمة عواء يشبه النحيب لكلب صغير يصلني من وراء جدران الخوف ، يقول لي .. لقد ماتت سيدة المنزل .
#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رمية في بحيرة الربيع العربي .
-
كنت في القاهره ( تجربة في طيات مخيلة ممنوعة من السفر )
-
داء الوعي
-
أوراق صفراء
-
اللعبة القذره ..
-
قوافي مبعثره ..
-
تردي الوضع البيئي في العراق .. من المسؤول ؟ ..
-
هل من دور للحركات الاجتماعية والتقدمية في العالم العربي ؟
-
لم يتبقى لقوى اليسار الآن غير أن تتوحد
-
نغم .. والغول .
-
حياة ميت
-
عيون وخيال ..
-
عند نهاية حافات الرأفه
-
حول طريقة النشر في الحوار المتمدن
-
سفر بلا حقيبه
-
جلسة حوار مع الاستاذ محمد حسين يونس
-
نحن .. وفن الحركة الى الأمام .
-
تسقط السياسه .. عاشت الرياضه
-
الكتابة في الفراغ ...
-
سم العنكبوت
المزيد.....
-
-بندقية أبي-.. نضال وهوية عبر أجيال
-
سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي
...
-
لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم
-
مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م
...
-
رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
-
وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث
...
-
وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه
...
-
تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل
...
-
تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون
...
-
محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|