|
قرايا- مارون- الصورة الأولى
مسعد خلد
الحوار المتمدن-العدد: 4061 - 2013 / 4 / 13 - 19:49
المحور:
الادب والفن
أطلق على مارون "القرية العائلية" لأن سكانها ينتمون الى عائلة واحدة هي عائلة كعوش، التي يعود نسلها الى "عرب كعوش" وهم من آل فضل الذين تزعمهم آل الفاعور في الجولان. وتقع مارون في الغرب من صفد، وفي نحو منتصف المسافة بين قريتي السموعي والصفصاف. تحتها الى الشرق سهل جميل أكثر انخفاضا من السهل الواقع باتجاه الجش، وينزح الى الجنوب الشرقي الى وادي ميرون الذي تنتهي مياهه في وادي الطواحين ووادي الليمون في الجنوب الغربي من صفد. ترتفع مارون 700 متر عن سطح البحر، ووصلت مساحة أراضيها في تلك الفترة الى 31 دونم، أما أراضيها الزراعية فقد وصلت الى 14114 دونما منها 49 للطرق والوديان، وبها 200 دونم زيتون تحيط بها – كما ذكر مصطفى الدباغ في موسوعة بلادنا فلسطين- أراضي قرى عين الزيتون وصفصاف والسموعي، أما الاسم فهو تحريف (ميروم) بمعنى المرتفع. (1) في الأربعينيات كان محمد العبد كعوش زعيم قرية مارون، القرية الجارة لبيت جن وقد ربطتهما علاقات قوية ومتينة، حيث تشكلت علاقات بين أهل البلدين تعدّت الصداقة والجيرة الحسنة الى المشاركة في الدفاع المشترك للذود عن الأرض والمظلومين عند الشدائد، ومن بين زعماء بيت جن الذين ترافقوا مع محمد العبد كان المرحوم علي يوسف الأسعد. وحدث يوما ان عاد الأسعد من عمله في الأرض، واذ برسول يناوله رسالة من صديقه كعوش وقد كتب له :"ايدك في الكتاب، وإجْرَك في الركاب ولا ترد جواب!" فركب فرسه الأصيلة وغادر قلقا متوجسا وعلى تو الحارك، متجها الى (مَرون) دون أن يعلم أحدا بالموضوع. وحالما وصل دخل الديوان ليجده عامرا بالموجودين من أهل القرية، بينما رفيق دربه محمد يجلس في صدر الديوان، وقام متجها نحوه لاستقباله ببشاشة وترحاب، فاستغرب الأمر وتلقاه بالسؤال عن الخبر، فطلب منه الجلوس والاطمئنان، فالموضوع ليس عاجلا كما دلّ الكتاب! - الموضوع مِش عاجل؟! لكان ما صار الغلا! وليش فزعتني؟!! - أقعد يا رِجّال، وإهدا! إسّا بحكيلك من طقطق لسلام عليكم. - إحكي! - القصّه وما فيها، إنهِـن جماعتنا في جث المثلث متنابصين مع بعض، ومولعَه بيناتهن، وقلت ما إلي غيرَك ترافقني اليوم قبل بكره، بلكي عالله نقدر نهدّي الوضع! - بَس إنتي شايف إني لابس أواعي الوعر، حتى إنو قنبازي مْرقـّع، وكيف بدّك أواجه الناس؟ - لا تِـهكـَل هم هالشغلِه! - وكيف؟!! - ناسي انو قدرتنا نفس القدره؟ وهاي خزانة الأواعي قدامك! وصلا بعد مسيرة ثلاثة أيام الى جت المثلث (وهي قرية تقع شمال طولكرم بين باقة الغربية وزيتا، ويذكر سكان جت ان معظمهم من "المقدادية" نسبة الى الصحابي المقداد بن الأسود- نزلوا في بادىء المر صيدا/سيدا شمال شرق طولكرم، ثم ارتحلوا منها الى باقة الغربية ومنها نزحوا واستقروا في جت.) ووصل عدد سكانها عام 1945 الى 1120 نسمة وهو العام الذي جرت به هذه الأحداث. وفي جت حيث معارف وأصدقاء محمد كعوش، كانت الأجواء مكفهرة بغيوم الانتقام والتهديد والوعيد، بعد أن راح قتلى نتيجة الخلاف الناشب بين حمولتين. وباءت مساعي الشخصين للصلح بالفشل، وقبل أن يرحلا صرخ كعوش بقومه مؤنبا:"يا حيف عليكوا، ما بتحترموا الضيوف! وشو بدو يقول عنا هذا الدرزي؟" ولما سمعوا قوله دهشوا وواتهم حيرة، وطلبوا من الرجلين العودة الى دار المضيف بعد أن أبدوا موافقتهم على التنازل للطرف الخصم والاستعداد لوقف الاقتتال وبعدها يتم الصلح. وفي المساء تململ الشيخ علي اليوسف في نومه، بعد ان دخلت أنفه رائحة دخان الكاز المحترق، وفتح عينيه واذ ببعض رجال يحملون فنايير ضوء، وقد اقتربوا منه يمشون على رؤوس أصابعهم، فلكـَش صديقه النائم ليقوم مذعورا، أما هم فحاولوا الهرب الا ان صرخة العبد كعوش جمدتهم في أماكنهم. وعندما سألهم عن مقصدهم أجابوه بأنهم سمعوا بأن للدروز ذيل وأرادوا فحص الأمر عن كثب..وهذا ما يثبت ان (البعد جفى)! ومن بين القصص التي يتناقلها الأهل في بيت جن والتي تلقي الضوء على الكرم والأخلاق والترحيب بالضيوف ما حدث مع زوجة مختار الحارة الشمالية المرحوم كنج قبلان. - يا هلا بضيوف الرحمن، تفضلوا.. تفضلوا! - الله يزيد فضلكوا! - كيف حال إلفارَقتوا؟ - إلفارَقْنا بخير وبيسلموا على الجميع. - الله يسلمكوا! تفضلوا على صدر الديوان! هكذا دعت أم محمود ضيوفها الى مضافة زوجها، من خلف ستار الشرف، ثم نادت على "البراوي"، والذي كان يعمل عندهم قائما على خدمة الضيوف، فبدأ يقوم بواجب الضيافة، بينما بدأت هي وبناتها بتحضير الطعام. وكانت ترحب بالضيوف، من فترة لأخرى، بقولها:"أهلا وسهلا! ما عدى لا ييجي أبو محمود!" وما كاد "البراوي" يهمّ بدعوتهم الى تناول طعام العشاء، حتى ظهر أبو محمود، يكسو وجهه غبار السفر، حينما أطل من باب المضافة، ودخل مرحبا بضيوفه، الذين حضروا في طلب معونة أهل الكرم! -لا تواخذوني، كنت خاطر؛ حرام وغضب الله على اللي بيوَفِر، ومنتأمَّل تِحصَل مْجابَرَه! أهلا وسهلا ! -الله يديمَك يا مختار، والحقيقة إم محمود قد الحَمْلِـه وِزيادِه، وأكيد الفرس من ورا خيالها ! ________________ (1) اعتمادا على المصدر - موسوعة بلادنا فلسطين، مصطفى الدباغ.
#مسعد_خلد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-بندقية أبي-.. نضال وهوية عبر أجيال
-
سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي
...
-
لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم
-
مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م
...
-
رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
-
وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث
...
-
وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه
...
-
تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل
...
-
تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون
...
-
محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|