أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - أمكنة














المزيد.....

أمكنة


فواز قادري

الحوار المتمدن-العدد: 4061 - 2013 / 4 / 13 - 09:21
المحور: الادب والفن
    


سلام عليها، أمكنة الروح والذكريات، خطى أصدقاء تناثرت ولا يستدلّ القلب لهم على أيّ أثر. سلام على الماء والهواء والتراب، سلام على أمطار ربيّعية، سلام على رائحة العشب الفراتي، على الحارات والبيوت، على عيون لم يأخذ الموت صور أحبابها، سلام على ما صار يشبه الأطلال، على خراب يتفقّد ساكنيه، على شرفات مازالت تطلّ على الطبيعة والجمال، على أنفاس الشهداء تبحث هناك، من بيت إلى بيت، عن دفء صدور الأمّهات، على العجائز والشيوخ، سلام على مرآة صبيّة حزينة وعلى أمشاط شعرها وكحل عينيها، على المواعيد والأحلام والأسرّة التي تنام خالية من لهاث حبيبين، على أولاد الشوارع واليتامى، على احتفالات الطهور وزغردات أعراس قادمة، على قابلات ينتظرن ولادات جديدة، سلام على الخبز والطحين والسنابل والحقول والأنهار، سلام على الحمام والعصافير والأجنحة والفضاء، على الخراف والماعز والبقر والأحصنة والكلاب، سلام على أرواح الشباب التي لم تنكسر، سلام على الصمود، سلام على الشام والفرات وما بينهما، سلام على الفرح والأمل والحياة.

مكان
المياذين مدينة صغيرة تتكحّل بالفرات، مدينة تشبه مئات المدن السورية التي قاومت جحافل الفاشيّة الأسديّة ودبّاباتها وطياراتها، وإياد يشبه آلاف الرجال السوريّين، رجل قلبه قلب طفل، لا يعرف كذب بعض الساسة ولا نفاقهم، لم يكن سياسيّاً ولم ينتم إلى حزب، ولكن حين عمّمت عصابات الأسد الموت على السوريين، لم يتلكّأ، ولم يفكّر بمكسب شخصيّ ولا بمجد، أخذ قراره أن يكون مع شعبه وأهله الذين يقتلهم الجزار بالجملة، ولا يفرّق بين الصامت والخانع وبين من يشارك الثائرين مصيرهم. بأمثال إياد تصمد المدن والقرى السوريّة، وبأمثاله يحقّ لنا أن نفاخر الدنيا، وبأمثاله سيكون النصر، رغم صمت وخيانة العالم للدم السوري.

مكان

الطفلة شيماء النازحة من ريف حماة، إلى ريف إدلب، ليست الطفلة السوريّة الوحيدة التي تلاحقها الكوابيس، كوابيس أهلها الذين قتلوا أمام عينيها: "أخوها وإثنان من أخوالها وعمتها" وعائلتها ليست العائلة الوحيدة التي فقدت أحبابها باجملة، الموت الجماعي صار قدر السوريين، عائلات بكاملها تُقتل، بالقصف وبالإعدامات الميدانية أوالذبح، والعالم مازال يتفرج بأخسّ وأوقح أشكال الفرجة. من يسمع شيماء وهي تروي كوابيسها، من يرى دموعها التي تأكل نصف كلامها ويبقى متوازناً ويتابع حياته اليوميّة، ليس بإنسان حتماً، وهذا ينطبق على ساسة هذا العالم الذين يراوغون ويبحثون كلّ يوم عن حجة جديدة، من أجل أن يمنحوا هذا الدراكولا الأشدّ بشاعة من كلّ القتلة، فرصاً للمزيد من الدمار وقتل الأطفال والنساء يوميّا وبالعشرات.
كم من شيماء؟ كم من طفل وطفلة سوريّة تلاحقهما الكوابيس؟ كم من الثقوب السوداء التي فتحها الجلّاد في هذه الأرواح الصغيرة؟

كم من الأمكنة؟ كم من الموت؟ ألا يكفي يا إله الحياة؟

مكان

لو كان لي لقبّلتكِ حجراً حجراً
وألقيت تحاياي على الجبال والسهول
لو كان لي أكثر من قلب
لأرسلتها إلى رعيان ماشية الآه
إلى نساء بسواد أثوابهن
الجدات الفاغرات من وعورة الذعر
ومشقّة خفقان قلوبهنّ الواجفة.

تغطّين في وجع لا عزاء له
وأنا بكامل صحوي اللعين
من مكان مكسّر الأبعاد إليكِ
تتقافز روحي من سديمها
تتعلّق بحبالكِ كي لا تقع
وتبحث عن ما تبقّى للطفولة من فرح.

ببطء وخوف أقترب
الأمكنة قفّاز مارد سكران يترنّح
كوخ ساحرة تلهو بأشلائه
هذه المدينة تشبهني
دوائر أرق حول عينيها
الجسد مثخن بالأعضاء والجثث
الأقدام ذاهبة إلى طرق متفارقة
كل يد إلى جهة لا تعرفها الجهات
والقلب تصفر فيه القذائف والريح.



#فواز_قادري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف ستكون ذاكرتنا القادمة؟
- لا تشبهني هذه القصيدة تماماً
- وجوه
- ماذا بعد؟
- أيّها العيد، قف على باب قلبها.
- قصيدة -استشراف- والثورة السورية بعد عشرين عاماً
- تغريبة السوريين
- غبار الأصدقاء.. غبار المدن
- على وسادتها ينام التاريخ قلقاً
- ميونيخ بيضاء بلا قطرة دم واحد.
- امرأة ورجل وثلاثة أطفال
- نساء سوريّات في الثورة
- كن رحيماً أيّها الثلج الوسيم.
- يرتجف الثلج تحت قدميه الحافيتين.
- أرسم لها أرضاً حنونة.. وأرفع فوقها سمائي
- شهداء السنة الجديدة
- للكتب أرواح أيضاً
- حلم
- تفاصيل
- أمّهاتي الكثيرات


المزيد.....




- كفن المسيح: هل حسم العلماء لغز -أقدس- قطعة قماش عرفها التاري ...
- الإعلان عن سبب وفاة الفنان المصري سليمان عيد
- الموت يغيب النجم المصري الشهير سليمان عيد
- افتتاح الدورة السابعة والأربعين لمهرجان موسكو السينمائي الدو ...
- السوق الأسبوعي في المغرب.. ملتقى الثقافة والذاكرة والإنسان
- مبادرة جديدة لهيئة الأفلام السعودية
- صورة طفل فلسطيني بترت ذراعاه تفوز بجائزة وورلد برس فوتو
- موجة من الغضب والانتقادات بعد قرار فصل سلاف فواخرجي من نقابة ...
- فيلم -فانون- :هل قاطعته دور السينما لأنه يتناول الاستعمار ال ...
- فصل سلاف فواخرجي من نقابة فناني سوريا


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - أمكنة