|
أبوليوس، هينبال والفراعنة، خواطر حول ثورات الشعوب في شمال إفريقيا
عذري مازغ
الحوار المتمدن-العدد: 4058 - 2013 / 4 / 10 - 20:55
المحور:
كتابات ساخرة
« بعض الحماسة تفترض أن تحمل الرؤس حماقات.. « الإنسانية تفضل الحركات الإستعراضية على الإستماع إلى البراهين.. «عندما نضع مركز الثقل، لا في الحياة، بل في الآخرة، في العدم، نكون قد سلبنا الحياة مركز ثقلها... « جدارية الوحي: تتأسس سلطة الشرع على أطروحتي: الله قد سنه، والسلف قد عاش بمقتضاه...» وثقت هذه الأقوال في إحدى اوراقي يوما ما لسبب حدسي فقط، وهي أقوال لنيتشة، تتناسب ربما مع بعض الخامات التي احملها، أحيانا تعجبني العبثية رغم أنها لا تروق الكثير من المحنكين، أولئك الذين يتحركون وفق برنامج محدد مخطوط في مذكراتهم، وأذكر ان رفيقة لي في الحزب الشيوعي الإسباني، أهدتني يوما مذكرة لأجل توثيق التزاماتي، إلا أني، برغم سعادتي بالهدية، بقيت المذكرة رغم مرور سنوات عليها، بقيت بيضاء تماما، اللهم صفحة اولى كتبت فيها مناسبة الإهداء..، ومعنى هذا أني لم أخطط لسيري مسارا محددا كي لا أضيف لاغترابي اغترابا آخر، التزاما يستعبدني، إني أرفض تماما أن يستعبدني الآخرون مهما كانت صلاتي بهم وهذا حتما يؤكد نوعا من اللامسؤولية القصوى، وهذا الأمر لا يعني شيئا مما يتبادر إلى الذهن، فالذي يحطك في زاوية اللامسؤولية، هو فقط الذي يستوجب الرضى عنك او عليك لا أدري: ان تكون مستساغا لتوجيهه، أن تكون مغتربا عن ذاتك، اعيش حتما بشكل لا جدال فيه حياتي بما يستلزمها من الأمور الضرورية، لكن في الوقت نفسه، أميز فيها نوعا من الإلتزام الإجتماعي باعتباري كائن اجتماعي، التزام مشروط بالحدود الدنيا، التزام يتوافق مع اللااغترابي، احب الحياة بشكل جنوني، وهذا هو الأهم بالنسبة لي، وحين أنتهي، وبما اني أعيش في مجتمع شعائري، اقول بلغة الشعر الأمازيغي المأثور: «إناس إلعذاب اورا اتحموذ العافيث» ( حين اموت قل للعذاب ان ياتي ويؤجج في جسدي نيرانه) حين اموت احرقوا جثتي أيضا. (1) سر نجاح الثورة التونسية بين قوسين، هو انها تمت بخسائر أقل، حملة هانيبالية تمت تحت الخفاء وبالسرعة المطلوبة اطاحت برؤوس رومانية الطبع لكنها لم تحرق روما، بقي فيها "هانيبال" معزولا وبدون مدد لوجيستي أو عدة لتشحين الجيش: حركة ميزاجية وعفوية كانت هي الثورة، ثورة هي وبتعبير نيتشة، تفتقر للحس التاريخي، والحس هذا لا يملكه إلا اليسار او تجمع المقهورين (واليسار هذا كان غائبا فغاب معه الحس التاريخي)، ما عدا هذا فهي لم تنجح إلا في تكريس خطوة نحو السلف: جدارية الوحي ، هذه هي النتيجة الحتمية بالنسبة لشعب يومن بسنة الله، ان يعيش الشعب التونسي عيشة السلف، المشكلة في الأمر هو ان يتحدد وحي الله في التاريخ: السلف هم الأعراب وديانتهم السمحاء كما يقال، لكن من غرائب الأمور في تونس ان قرطاج، المدينة العائمة في بحر التاريخ، ليست سوى متحف للزوار، ليست شأنا عاشه السلف، في القرن الواحد والعشرين، مرة اخرى، أبوليوس يتجسد في «الحمار الذهبي» الآخر: اليوم فقط ستوثر جحافل القومية المزعومة: أبوليوس جزائري وليس تونسي، أبوليوس المغاربي، الآن هو «حمار إسلامي»، أما "هانيبال" الذي غزا روما، رمز التفوق والحنكةالتونسية، المغاربية إذا سمح لنا التاريخ الغير قومجي بالترميز، "هانبال" الحاضر ليس سوى مجرد بن لادن آخر: حمار إسلامي بالمعنى الأبوليسي، لكنه حمار مختلف تماما: حمار للركل والهدم: هل يخجل التونسيون من التاريخ أو لنقل بلغة التاريخ الحقيقية، هل نخجل نحن سكان شمال إفريقيا، هل نخجل حين تكون قرطاج التوأم التي بناها هانيبال نفسه لا زالت حاضرة وزاخرة في إسبانيا، وليست مجرد متعة للسائحين.. أو لتصدير مجاهدات النكاح، اليس حقا أن الإسلام، بكل ما اوتي من نمطية في الفتوى هو كيان للفحولة الذكورية أي انه يستمد وجوده من الذكور الفحلة.(هذا أيضا مضمون راي نيتشة في الإسلام) (2) لن اضيف لثورة مصر شيئا، فالحماسة هي التي كانت سيد الموقف، والحماسة كما يفترض نيتشة، تفترض أن تكون في الرؤوس حماقات، لم تكن عفوية، بل تمت استنادا إلى نجاحها في تونس، اعتمدت تمثلا نفس الآليات التي كانت في تونس تستند إلى العفوية المزاجية، وإلى اختمار النيت قبل أن ينفجر، يمكن بهذا الصدد لشعب تونس أن يفتخر بالسبق إلى تقنية النيت في اختمار وانفجار الأزمة الثورية، ليفجل رئيسا هو قائم بالوكالة ويفر بجلده، يمكن أن أجازف وأقول بأن ما وقع في تونس كان بالفعل كنه التحذيرات التي يوجهها وكلاء الحداثة الجديدة إلى العالم المتخلف في اقتناء أسلوب الحكم في أن يكون تناوبيا لا أحاديا: ليس مهما الشخص الذي يحكم بل هو مهم ان تكون الجماهير مرفوعة إلى فلكلور التبدل في منصة الحكم: أن يكون التنوع سيد الفرجة، أن تكون الديموقراطية جميلة وملونة بابدع الحلي، ان يتلون النظام بأشكال حزبية متنوعة سبيلا لتدبير الملهاة، أن يتمثل النظام بنزوع الألوان التي تديم حياته (حتى الحشرات في البيئة، لأجل البقاء، تتخذ الوانا موهمة) . أصبحت ثورة بالإستناد إلى القوة الإعلامية المسعورة بحملة الجمعات، ثورة لتكريس نمط جديد: حمار بهلواني نقيض حمار أبوليوس، بالله عليكم، من يجب ان يثاقف الآخر، شعب مصر ذي الحضارة العريقة او شعب الرافضين الذي هو منتج السوريالية الميثولوجية (في الفايسبوك كتبت لرفيقي فادي من العراق: الدين حين هاجر إلى بلاد العجاج، لم يجد أرضيته التي انبتته فارتفع إلى السماء)، أقول: من يجب أن يثاقف الآخر، هذه الشعوب العريقة بحضارتها أم شعب ينتمي أصلا إلى هرولة التراويح في جمعة هي أبغض أيام القيامة عند المومنين بسنن الحياة، الذين يمجدون غريزتها مثلي؟؟ من سوء حظ مصر أيضا انها لم تحتكم إلى حدس التاريخ، تركت اهرامها الملتصقة بأرضها لتمجد شبحا حضاريا غير متمثل في الدنيا، لتمجد الآخرة، تتنكر للمعالم المميزة لوجودها بالإستناد إلى المعالم المميزة للاوجودها، (لقد أشرت بداية أني نقلت عبارات نيتشة، ربما لمصادفة حدسية، اعترف أن لنيتشة وجود في حياتنا، هذه العبارة ايضا مقتبسة من نيتشة)، والنتيجة أنها تستند إلى العدم، تتنكر لذاكرتها التاريخية، يجب أن نعترف أن هذه المزاجية الناعمة في تونس وهذه الحماسة الحمقاء في مصر قد غيرت جزءا من وجه التاريخ، انتقل الشعبان على مايبدوا إلى ملحمة التناوب، التحقا بظفرة النبوة الديموقراطية في تنوعها التماثلي لأن جوهر الحكم فيها واحد احاد هو نمط الإنتاج الذي يميل إلى نزع الشخصية على هوية علاقات الإنتاج وكذا علاقات الإستغلال بتمظهرها كأشكال متنوعة للسيطرة او لنقل بلغة جديرة كلغة الحشرات: تلوينات واهمة لاستمرار الوجود والبقاء، يجب فقط التنويه بحكم الفراعنة، أقصد الملوك التي بنت الأهرام، كانوا واضحين تماما في حكمهم، كانو آلهة في زمانهم وحكموا شعوبهم بالشكل المميز الذي كان يستند إلى الغلبة (هل رأيتم؟ اقول آلهة لانهم كانواكذلك في الأرض، وحين انتقلت ثقافتهم إلى حيث لا أرض لها، ارتفعت إلى السماء): رحم الله المظفر بكتابة «المقدمة» وهو أيضا أبوليوسي، تونسي بلغة اليوم، عاش ومات في فاس، اي انه كان مغاربي، شمال إفريقي، مؤسس اول لبنة في علم الإجتماع وعلم التاريخ، صاحب علم «تغلبات البشر بعضهم على بعض»، اريد القول بهذه التوطئة المجيدة، كان الحكام الأقدمون يحتكمون إلى منطق الغلبة، والمغلوبون يعرفون بشكل واضح شروط التغلب لبشر على بعض، وكانت سنة الحياة وفقا لذلك: الغالب والمغلوب، كل يعرف طريق خلاصه.. في الديموقراطية، وهذا ما أحاول جادا تبيانه في كل مقالاتي، استنادا إلى معايشتي لها في بلدان القارة العشماء، تختلف الأمور قليلا، في الديموقراطية الغربية يلبس الغالب رثة الكادحين كما يلبس كسوة الفادحين في الثراء، في كل الأحوال، في منصة الحكم، تبدوا هياة ما مميزة لكل المتناوبين، كلهم يرتبطون بربطة عنق توحي بمجال اعتبر في علم النفس كاريزما، إن ربطة العنق وحدها هي الكاريزما. أما المرتبطون بها ليسوا سوى حثالة (وهنا انوه كثيرا بالحوار المتمدن الذي ينشر لي حثالتي الفكرية حول ربطة العنق التي في مواقع أخرى لها هذه الهيبة القيمة التي للكاريزما). (3) في ليبيا المعادلتان تتكرر، الحماقة والميزاجية وهرولة الجمعات: الحمار الإسلامي المهرول، أعرف أصدقاء ظهروا في قناة المعجزات بمظهر خبراء في الإستراتيجيات، ولم أصدق نفسي انا الذي اتموقع عمليا في قضايا الهجرة:حمار ابوليوس، في ليبيا سميت الجمعات بيوم الفتح، على الرغم من النقائض الموجعة، في يوم الفتح، وحسب كل التدوين التاريخي، كان الفتح سلميا، كان تتاريا في ليبيا على الرغم من أن شعب التتار كان قد مارس حقه التاريخي في التغلب، ولم أسمع عن شعب التتار في وقتنا الراهن انه يمارس الأعمال الهمجية (وربما بخلفية تاريخية وعن مصادر الشفقة أحمل في اللاشعور هذه الإدانة العميقة لشعب التتار)، في الحقيقة، كل الهجوم على أية مدنية ناعمة ومهذبة، مدجنة اقصد، بكل تخاريف الإلتزام وفقا لنمطية معينة تقتضي العيش في الإغتراب الممجد، كل هجوم عليها هو همجي ولا أدري لماذا التتار هم وحدهم هم القيمون بهذه الخصل الهمجية في ذاكرتنا الجمعوية (ذاكرتنا الثقافية). يمكن التمييز بشكل ما، عنصري إذا شئتم، أن نميز في ليبيا، استنادا إلى عدم نجاح التيار الوهابي فيها، أن الشعب الليبي في الإنتخابات، استند إلى الحس التاريخي وربما أيضا استند إلى مكر التاريخ ونحن نعلم جيدا أن الرياح تجري بما لا تشتهيه السفن.
#عذري_مازغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة بين المنطق الذكوري والمنطق الأنوثي
-
عظمة الراسمالية: دورة الزمان البنيوي للرأسمالية (2)
-
عظمة الراسمالية: دورة الزمان البنيوي للرأسمالية
-
في بيتنا....قرد، قراءة نقدية
-
نائب وكيل الأحدية
-
-الديموأعرابية-
-
عظمة الرأسمالية: نقض مفهوم العولمة
-
عظمة الرأسمالية: حول“القدرة المدهشة-
-
وطن الجحيم
-
لم أحمل الصهيونية شيئا من عندي
-
الصهيونية تعني قتل أطفال
-
الحب الإيكولوجي
-
تأملات في المشهد الأوربي: الإضراب العام وحركات الإحتجاج
-
تأملات في المشهد الأوربي: حول الإضراب العام
-
مريرت وأومدا
-
ديموقراطية البيعة
-
العالم الآخر ممكن بالقوة وبالفعل ايضا
-
قنصليات البؤس: قنصلية ألميرية نموذجا 2
-
قنصليات البؤس: قنصلية ألميريا نموذجا
-
ثلاثة عشرة دقيقة للهبوط نحو الإنحطاط
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|