أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - توفيق عبد الصادق - المَكَاسبْ تُخَصَصْ و الخَسَائرْ تُعَمَمْ















المزيد.....

المَكَاسبْ تُخَصَصْ و الخَسَائرْ تُعَمَمْ


توفيق عبد الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 4058 - 2013 / 4 / 10 - 18:46
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    



توفيق عبد الصادق٭
لا حديث ولا نقاش اليوم في الاعلام وفي تصريحات وخرجات المسؤولين السياسيين ورجال المال والأعمال ، سوى الازمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد . انتهى " الاستثناء الاقتصادي المغربي" عن الازمة الاقتصادية التي هزت عرش النظام الرأسمالي منذ العام 2008 يا سادة ، فشدوا احزمتكم كما قال بنكيران فانتم مقبلون على ايام سوداء اكثر سوادا من واقعكم . وإياكم ان تنسوا نموذج اخر " للاستثناء السياسي الديمقراطي المغربي" عن ثورات التغيير الديمقراطي العربي، فسيأتي اليوم الذي نصارحكم بحقيقة هذا الاستثناء هو الاخر.
الازمة الاقتصادية او للتلطيف الازمة المالية التي ضربت اقتصاديات الرأسمال العالمي منذ العام 2008 والتي كان عنوانها ازمة الرهن العقاري بأمريكا لا تزال تبعاتها و افرازتها ممتدة زمنيا وجغرافيا ، اخرها مشكلة فرض ضريبة على ودائع الزبائن المرتفعة في البنوك القبرصية، والتي تحولت الى ازمة سياسية في دول الاتحاد الأوربي وأضحت نقطة جديدة من نقط الصراع الجيوسياسي الامريكي / الروسي – الصيني. لا يمكن فهمها خارج وضعها في سياق الاطر المعرفية التفسيرية والتفكيكية للمنظومة الرأسمالية وهنا سأعرج على هذه الموضوعة بشكل سريع ومختصر وان كانت في الحقيقة تحتاج الى كتابات وافية ومعمقة نظرا لراهينيتها و اهميتها في الوقت الحاضر.
فمنذ الكتابات الماركسية الاولى خاصة الكتاب الضخم والشهير لكارل ماركس " راس المال "، كأحسن كتاب شرح وحلل المنظومة الرأسمالية وباعتراف حتى اشد أعدء الطرح الماركسي . مرت الرأسمالية ونتيجة للتناقضات البنيوية التي تحملها بداخلها ، من عديد ازمات ، ابرزها ازمة الثلاثاء الاسود في العام 1929 حيث عم الكساد الاعظم اقتصاديات امريكا و اوروبا ، وما خلفه من افرازات كارثية على الشعوب خاصة في البلدان المستعمرة من مجاعة وفقر وأمراض كضريبة لجشع وإجرام النخب السياسية و الاقتصادية الرأسمالية .
ورغم الاصلاحات وتبني لوصفات المدرسة الكينزية الاقتصادية التي ادخلت على اقتصاد السوق المتطرف ، حيث عاد مفهوم الدولة التدخلية في الاقتصاد وتم التراجع عن مفهوم الدولة الحارسة. إلا ان العام 1971 سيشهد اكبر واخطر عملية احتيال واغتيال اقتصادي للأمم في التاريخ ، حسب الاقتصادي الامريكي جون بريكنز في كتابه الشهير الصادر في العام 2004 " الاغتيال الاقتصادي للأمم ، اعترافات قرصان اقتصادي " .
فأمام ظهور بوادر المنافسة الشديدة للاقتصاد الامريكي من قبل اقطاب رأسمالية اخرى اليابان و اوروبا ، اعلن الرئيس الامريكي وقتها ريتشارد نيكسون عن السياسة الامريكية الجديدة ، القاضية بحل اسس وضرب قواعد نظام " بريتون و ودز " المنظمة للاقتصاد العالمي ، وذلك برفع غطاء الذهب عن الدولار ، ونتيجة للتخلي عن هذه القواعد اصبح الاقتصاد العالمي ينمو ويسير بشكل عشوائي ، وحقق النظام المالي و الاقتصادي الامريكي ميزة كبيرة ، مكنته من اغراق السوق المالية بالعملة الامريكية الغير مغطاة بالذهب ، والتي لا تعكس الحجم الانتاجي الفعلي للاقتصاد للبلد . ومنذ ذلك الوقت والى يومنا اصبحت امريكا تعيش على كاهل شعوب البلدان الاخرى .
وكما هو معروف في علم الجريمة، فان للمجرم ادوات ووسائل الجريمة، كما له شركاء علنيين او مخفيين. وهنا يأتي دور منظمات ( البنك الدولي ، صندوق النقد الدولي ، منظمة التجارة العالمية ...) والنخب السياسية و الاقتصادية والإعلامية المسيطرة في بلدانها التي ارتضت الارتماء في احضان المنظومة الرأسمالية طوعا او قسرا ، في شد رقبة شعوبها كضحية وتقديمها للمجزرة .
فعبر خبراء او قراصنة هذه المنظمات ومشاركة هذه النخب، وباسم مؤشرات ومفاهيم مغشوشة وخادعة ( نسبة نمو الاقتصاد ، تحرير التجارة ، الحكامة الاقتصادية...) يتم منح القروض مقابل شروط تخفيض الموازنة العامة و خصخصة الصحة والتعليم وخدمات الماء والكهرباء ، وإلغاء كل القيود الحمائية على التجارة الخارجية والمنتجات الوطنية .
هذه السياسة الجديدة للولايات المتحدة الامريكية و حلفائها وزبانيتها والتي طبقت اوائل الثمانينات تحت مسمى برامج التقويم الهيكلي لاقتصاديات الدول ، وكان المغرب ولازال احد ضحايها، منحت امريكا لنفسها الحق لوحدها بتقديم القروض ، لان الدولار هو العملة الوحيدة للتبادل التجاري العالمي ، ولكم ان تتخيلوا وأمام غياب اي رقيب او حسيب لعملية اصدار الدولار، كم هي ارباحها وخسائر الاقتصاديات الاخرى المنافسة او التابعة . فهذه المنظمات المانحة للقروض و من خلفهم امريكا يدركون صعوبة سداد الديون بل هم في الحقيقة لا يريدون سدادها ، لان ذلك هو السبيل الى تحقيق اهداف الشركات والبنوك المتعددة الجنسية وكذلك السياسة الخارجية الامريكية ، من خلال مفاوضات اقتصادية، سياسية وعسكرية مع الدول المَدينَة، بموجبها يتم اسناد ومنح صفقات المشاريع والاستثمارات وعقود التسليح سبب هذه القروض لشركات امريكا و حلفائها الرأسماليين الاخريين .
وبهذه الطريقة اموال القروض ترجع لأصحابها، وتبقى البلدان المَدينَة تلهث وراء سداد فائدة الدين المرتفعة، مع ما يشكله هذا من انهاك لميزانية الدولة ومن سياسات اقتصادية تفقيرية و تجويعية للشعوب مقابل الارباح الخيالية للشركات و البنوك . فحسب دراسة للمعهد العالي للتكنولوجيا بزيورخ السويسرية لعام 2010، هناك 147 شركة تتقاسم العالم اقواها 50 بنك وشركة تامين ، ودخل ما يقرب400 ملياردير في العالم يساوي دخل ما يقرب من 3 ملايير انسان .
وبعد هذه الرحلة الزمانية والجغرافية المليئة بالكوابيس والتي ارجعتنا لبداية القرن الماضي، و حطت بنا في معقل الاجرام الاقتصادي و السياسي امريكا . نرجع الى مغربنا السعيد هذه الايام بزيارة الرئيس الفرنسي ومعه قراصنة الاقتصاد والمال من اصحاب الشراكات وخبراء الاستثمار. هاهو رئيس الحكومة وأمام الواقع الاقتصادي والاجتماعي و السياسي للبلاد العنيد والعصي عن التشويه ، قد اقْتَنَعَ او اُقْنعَ الامر سيان، ان تماسيحه وعفاريته المعرقلة لعملية الاصلاح و المستفيدة والحاضنة لاقتصاد الريع والمهددة للتجربة الديمقراطية المغربية ، لا يمكنها ان تكون الشركات و الابناك المنتشية بأرباحها الفلكية في عز الازمة ، بل هي موجودة في اوساط فئة متوسطة الدخل او طبقات شعبية مسحوقة ، فراح يهدد ويتوعد باجرات قادرة على تدمير مواقع التماسيح والعفاريت ( الزيادة في اسعار المحروقات ، التخلي عن صندوق المقاصة ، التقليص من نفقات الاستثمار ، الحد والتقليل من خلق فرص للشغل جديدة ...) ، وهي لا يمكنها ان تسكن القصور و الفيلات الضخمة، بل هي تسكن في الجبال و الكهوف و المداشر و القرى وتتجول في شوارع الاحياء القصديرية و الشعبية، او ممكن ان تقطن حتى العمارات والمنازل العادية . كما انها مستحيل ان تركب الطيارات الخاصة و السيارات الفارهة ، بل هي تتنقل عبر الحافلات و الباصات المزدحمة او في احسن احوالها تركب سيارات مدفوعة التقسيط .
كما ان ابناء التماسيح و العفاريت لا يمكنهم ان يكونوا موظفين اشباح او ولجوا بطريقة المال والجاه ، فهم يحملون شواهد من معاهد وجامعات اجنبية ، بل هم ابناء الفئة المتوسطة و الطبقات الفقيرة ، فهم خريجي الجامعات المغربية الغير مواكبة لسوق الشغل، هم في شوارع الرباط يحتجون يدعون انهم معطلون ، لقد قمت بالواجب باعتباري الحريص و المسؤول عن ارجاع هيبة الدولة وأرسلت لهم عناصر حماية النظام وأوقفت سياسة الريع المتمثلة في التوظيف المباشر، وفي السنة القادمة سأقضي حتى على مناصب الشغل التي منحتها هذه السنة .
في الاخير اذا طرحت اسئلة بسيطة امام هذا الواقع و الارقام وما تشكله من اغتيال لأحلام وحياة الشعوب ، من قبيل: من المستفيد من هذا ؟؟ من يكسب ومن يخسر من وراء هذا ؟؟ يجيبونك بأسئلة فظة ويقولون، اليس لدينا نفس المصالح ؟؟ ألا نعيش في بلد ونركب قارب واحد ؟؟ وإذا شككت في هذا فأنت شخص تؤمن بالصراع الطبقي !! .

٭باحث في العلوم السياسية



#توفيق_عبد_الصادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب :الصراع السياسي في شبه الجزيرة العربية
- الانتقال الديمقراطي ، الانتخابات ، التعددية الحزبية : عناوين ...
- البندقية التي لا ثقافة خلفها تَقْتُلُ وَ لاتُحَررْ
- الحراك الشعبي وحركية المعطلين بالمغرب: نحو إدراك الفرصة السي ...


المزيد.....




- كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
- فيديو مروع يظهر هجوم كلب شرس على آخر أمام مالكه في الشارع
- لبنان.. عشرات القتلى بالغارات الإسرائيلية بينهم 20 قتيلا وسط ...
- عاصفة ثلجية تعطل الحياة في بنسلفانيا.. مدارس مغلقة وحركة الم ...
- مقتل مسلح وإصابة ثلاثة من الشرطة في هجوم قرب السفارة الإسرائ ...
- اتفقت مع قاتل مأجور.. نائبة الرئيس الفلبيني تهدد علنا باغتيا ...
- العثور على جثة الحاخام المفقود في الإمارات وتل أبيب تعتبر ال ...
- سكوت ريتر: بايدن قادر على إشعال حرب نووية قبل تولي ترامب منص ...
- شقيقة الملك تشارلز تحرج زوجته كاميلا وتمنعها من كسر البروتوك ...
- خبير عسكري روسي: واشنطن أبلغت فرنسا وبريطانيا مباشرة بإطلاق ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - توفيق عبد الصادق - المَكَاسبْ تُخَصَصْ و الخَسَائرْ تُعَمَمْ