جاسم البغدادي
الحوار المتمدن-العدد: 4056 - 2013 / 4 / 8 - 08:55
المحور:
الادب والفن
فضيحه في بيت فريال
(19)
لا استطيع فهم شئ من تصرفات فريال ؟ كيف يمكن لها ان تتصرف هكذا ؟ تدخلني الى بيتها ليلا ؟ ماذا ستقول اختها ام نضال ؟ هل ستسمح لها بهذا ؟ وكيف تسمح به ؟ ..حائر جدا ..لا استطيع تفسير ما يجري حولي ..لاني لا اقدر على فهم ما يجري !..اجلس وحيدا في غرفه فريال , الساعه العاشره مساءا , فريال خرجت من الغرفه قبل قليل ..لم تنفع كل محاولاتي للذهاب من هنا , كنت مخططا لقضاء الليله في احد الفنادق لكنها اصرّت بقوه على بقاءي الليله هنا , ورغم السعاده المذهله حد النشوه حين اتخيل اني سأقضي هذه الليله معها في غرفه واحده , في ليله واحده , على سرير واحد , إلا ان القلق كان ينتابني شرسا وانا احاول فهم ما يجري حولي من تصرفاتها بخصوص مبيتي معها , وبتغاضي اختها , ايمكن ان يكون الامر عاديا ؟ ايمكن ان يحدث هذا في مجتمعنا دون اي توجس وحذر كالذي المسه الان منها ..وبكل هذه البساطه والعفويه ؟..هل انا فعلا متخلف عن فهم ما يجري حولي كي استغرب مثل هذه الامور ؟ انا ابن المدينه , وحياتي فيها كل عبث المراهقه ووقاحتها وان كنت الاكثر اتزانا من اصدقائي , حتى وصفني البعض اني معقد لكن هذا لا يعني اني لم اكن اعايش الحياة بكل انفلاتها خصوصا ايام الدراسه المتوسطه , ما زلت اذكر كيف كنت اسير مع (الشلـّه )ليلا في شارع السعدون فنعربد ونتلف كل ما في طريقنا , حتى براميل النفايات نرفسها ونكبها وسط الشارع قبل ان يتصايح بعضنا بقدوم الشرطه فنجري هربا ونلوذ بازقه البتاوين ..... سقيا لتلك الليالي والذكريات والاحلام الصبيانيه ..ليله كنت اسير بخفوت حذر وسط احد الازقه , داعب خيالي مشهد من فلم (حتوته مصريه) ليوسف شاهين , تخيلت فتاة شقراء تخرج من احد البيوت وتدخلني بيتها ثم ..لكن لا لا اشبه فريال بفتاة تسئ التصرف مع شخص لا تعرفه ..هذا التصرف لم اسمع به الاعند النساء ال...لا ,لا ..هام في رأسي ذلك الموال (الاباحي) الذي كان احد اصدقائي يشجينا به كلما جلسنا مجموعه من اصدقاء السهر في احدى المقاهي الخاليه الا من بقايا كراسي ومناضد مهمله ..(الدنيا شتاء .. والليله مطر ..طرقت الباب .. ..وقت السحر ..طرقت الباب ..بكف حذر...جائني الصوت ..ادخل ..لا خطر ..عين تنام ..وأخرى خفر....) اللعنه ..ليست فريال هكذا ولا انا اقبل بهذا ..الصداع يوشك ان يبدأ ..لن اسمح له , لن اسمح لأي شئ يعكر علي مزاجي الليله , ولا مزاج فريال ..ها هي فريال تأتي , تدخل الغرفه وتغلق الباب خلفها , تخطف من امامي , تتجه للمرآة , اتطلع لجسدها المختبئ تحت الثياب بشراهه , الغريزه الرجوليه تزأر فترتجف كل اعضاءي خوفا من زئيرها ..لكن هناك خوف يجرفني نحو شرنقه الاحباط , تذكرت ما جرى لي معها قبل ايام في بيت نوال , الحادثه التي اتيت هنا كي احاول ايجاد منفذ للخلاص من تداعيها , اللحظات الان تشبه تلك اللحظات , انا وفريال فقط ..وحدنا في الغرفه ..لماذا لا يتكرر الان ما جرى , اننا الان نعاني من متاعب تلك الساعه ,مصيري في الكليه معلق , يكاد يقطع , كل سنوات دراستي ستذهب هباءا ,فريال ايضا مصيرها معلق .. نحن هنا وفي الكليه اشخاص يحاولون ستر فضيحتنا والدفاع عنا , بسبب تهوري تلك الساعه , ماذا يحدث لو تكرر الامر .. الليله ؟ انكمش رعبا لهذا الاحساس , لكن ..لا ..لن يحدث هذا الامر مره اخرى ..ابدا , تلك كانت المره الاولى ..كنت متوترا حينها ..لم اكن افهم مشاعري تجاه فريال , كنت مشتتا , الاسباب لا توجد الان , انا هادئ الان , لا احمل شيئا تجاهها سوى الحب , حب نقي , لقد تأكدت من برآءتها اليوم , دموعها غسلت كل ما تشبك في صدري من شكوك , نحن متفاهمين الان , متفاهمين جدا , هي مشتاقه جدا لي الان وانا اكثر , لن احرم نفسي المتعه هذه الليله ولا احرمها ..هذه الليله ملكي فلتكن هي كل احلامي وعرسي ..الليله سأغني معها اختيار القدر للحب كي يكون للوجود معنى ..لكني لن اطلب منها شئ ..فقط استجيب لها ..هذا افضل , لتذهب ام نضال للجحيم , لتذهب الكليه للجحيم , ليذهب كل شئ للجحيم , الليله اسعد ليله في حياتي سأكف عن التفكير الان , هي عيناها تسترق النظرات لي بين فينه واخرى من خلال المرآه , تبتسم ..تتحدث , تقول لي وهي تهز رأسها كمن يمارس تمارين الرقبه :
- نعم نعم ..لا لا ..صح صح .. خطأ خطأ ..هل هذا ما تفكر به ؟
قلت مرتبكا :
- وما ادراك اني كنت افكر اصلا ؟
- لانك ما زلت حيا
- اذن انا معذور ..انا افكر اذن انا موجود ..
التفت لي وهي تضع يدها على خاصرتها وتهز وسطها بحركه اغراء هائله :
- ليس وقت الفلسفه الان ..لدينا وقت آخر له , علينا الان استخدام مانع التفكير , هل تعرف ما هو ؟
قلت بحياء وان اتبعثر سعاده :
- نعم , ربما..اظن , لا ادري
قالت باصرار وهي تخزرني بشبق متفجر
- انت تعرف ..لكنك ما زلت متردد ,ربما ماجرى عند نوال أثر جدا عليك
اومئت برأسي مؤيدا :
- نعم , كنت افكر بهذا الامر
- اتظن انه ممكن ان يتكرر
-لا ابدا .. انا واثق انه لن يتكرر
حركت رأسها وكتفيها بلا مبالاه وقالت :
- على كل حال فقد اخذت احتياطي
سألتها مبتسما :
- كيف
اشارت بقبضتها امام وجهها
- سأدافع عن نفسي بالقوه الممكنه
ضحكت جذلانا وانا اقول لها :
- لك مطلق الحريه ,فانا استاهل
اقتربت من وهي تقول بابتسامه متحرشه :
- لقد حذرتك , في المره السابقه اخذتني غدرا , بعد الان لا ..
- ابدا , لن يحدث
جلست الى جانبي وراحت تمسح على شعر رأسي وهي تنظر في عيني :
- اتعرف ما الخطأ في علاقتنا
- اتمنى ان اعرف ..ان كان هناك فعلا خطأ
بنظره مستغرقه حدّ السكون قالت ساهمه :
- سؤ الفهم
- لا اعرف ما تقصدين
- نحن لم نحاول فهم بعضنا ..حصل بيننا انجذاب , ثم علاقه , ثم ..انفلات , عنف , شراسه ..نحن لم نكتشف حتى ما هي نوع العلاقه بيننا
بدأت اقشعر من هذا التحليل , لا أرغب ان يصل بيننا الحديث عن الشك بمشاعرنا ..قلت لها معترضا:
- لا ارجوك ,لا اريد التشكيك بشعوري , شعوري صادق و ..
راحت كفها تداعب شعري واطرف وجهي بنعومه وحيويه اكثر وهي تقول برقه :
- أعرف اعرف ..لا تخف , لا اقصد شيئا من التشكيك .. ما اقصده اننا اذا لم نفهم بعضنا لا نستطيع معرفه قوه العلاقه التي تجمعنا .. انت تظن الان ان ما فعلته بي في بيت نوال ..ربما نتيجه الشكوك التي تحيط بك لما تسمعه عني و..
قاطعتها ..
- ارجو....
مدت اصبعين مطبقين نحو فمي ووضعتهما على شفتي وراحت تضغط عليه كي اصمت ثم تابعت :
- لكني اراه دليلا على شدة تعلقك بي , لقد كنت غاضبا عليّ لانك تريدني بالصوره المثاليه التي توازي حبك لها , حبك لي كان جنونيا , وبلا وعي ولذلك كان تصرفك معي جنونيا , دون وعي
اخذت نفسا عميقا ,شعرت خلاله اني استقريت على حقيقه مشاعري تجاهها , نعم كنت متعلقا بها لدرجه الجنون , لا لدرجه الحب , لذلك لم احس تجاهها بالحب بل بالتعلق الذي محى عني كل قيمه اخرى أؤمن بها ..نعم لا حاجه لي بعد الان للمكابره عن هذه الحقيقه ..سألتها مستغيثا ان تبادلني هي نفس الشعور :
- وانت ؟
دبت ابتسامه متردده على طرف شفتها الايسر , وراحت تعابير وجهها تتشاجر ثم اغمضت عيناها وهي تقول
كأنها تحدث نفسها :
- لن تستطيع ادراك مشاعري , حتى تتيقن من مشاعرك انت اولا ...
ثم نفضت رأسها كأنها تزيح البلل عن شعرها وهبت واقفه وهي تقول :
- ما دمت لم تفهمني فانت بعيد عن حقيقه مشاعرك..
قلت برجاء:
- اذا ساعديني
قالت وهي تهز رأسها كأنها تدلعني وتضحك :
- اذن اسألني يا ماما
#جاسم_البغدادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟