|
جوابي عن سؤال -مَنْ هو اليهودي؟-
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4054 - 2013 / 4 / 6 - 22:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
جواد البشيتي نتنياهو (مع أمثاله وأشباهه، وهم كُثْر) ما انفكَّ يدعو الفلسطينيين إلى الاعتراف بإسرائيل على أنَّها دولة "يهودية"، "إقليمها (القابل للاتِّساع، غير القابل للتقليص)" هو "وطن قومي (تاريخي) أبدي" لشعبٍ واحد فحسب، هو "الشعب اليهودي"، الذي هو وحده، بحسب "ميزان الحقيقة (التوراتي ـ التلمودي)"، لديه "الحق (الذي أصله سماوي رَبَّاني)" في تملُّك هذه الأرض ("أرض إسرائيل"، أو "أرض الرَّب"). الفلسطينيون، وفي جزءٍ من صراعهم مع دولة "وَهْم أرض الميعاد"، يَتَحَدُّون نتنياهو (وأمثاله) أنْ يُعَرِّف لهم "اليهودي"، أيْ أنْ يجيب عن سؤال "مَنْ هو اليهودي؟" إجابةً تنتهي معها الحاجة إلى الاستمرار في هذا السؤال، قَبْل أنْ يَدْعوهم إلى الاعتراف بإسرائيل على أنَّها "دولة يهودية"، أو "دولة النَّقاء اليهودي (العرقي ـ الدِّيني)". السؤال الذي لم يتواضعوا بَعْد (ولن يتواضعوا أبداً) على إجابته هو "مَنْ هو اليهودي؟"؛ لكنَّ هذا السؤال تتفرَّع منه أسئلة عدَّة، منها السؤال "مَنْ ذا الذي (من اليهود أنفسهم) يحقُّ له (أو لديه سُلْطة) تعريف اليهودي؟"؛ فالمتوفِّرون على "التعريف" اختلفوا، بدوافعم ومصالحهم وغاياتهم ورُؤاهم، لاختلاف أمكنتهم وأزمنتهم؛ فمصلحة "المُعَرِّف" قَضَت، تارةً، بتضييق التعريف، وقَضَت، طوراً، بتوسيعه؛ وإنَّ لإسرائيل، الآن، حيث يستبدُّ بها الخوف من "القنبلة الديمغرافية (العربية الفلسطينية)"، مصلحة في توسيع هذا التعريف؛ لكنَّ هذه المصلحة تُدْخِلها في نزاع مع "الحاخامية الإسرائيلية"، أو مع "اليهودية الأرثوذكسية". "اليهودي"، في "تعريفه الأُم"، هو الذي "وُلِدَ يهودياً، أيْ هو الذي أُمُّه يهودية؛ فَعِرْق أبيه، أو تَدَيُّنه (اليهودي) مِنْ عَدَمه، ليس بذي أهمية من وجهة نظر واضعي هذا التعريف. "الأُم"، في تعريف "اليهودي"، هي الأصل والأساس؛ فكل مَنْ يَخْرُج من رحمها، أكان ذكراً أم أنثى، يُعْتَرَف به على أنَّه "يهودي"؛ وهذا إنَّما يعني، أيضاً، أنَّ "اليهودي" هو ابن، أو بنت، بنت اليهودية، التي، في الأصل، ينبغي لها أنْ تكون من العِرْق نفسه لجماعة "بني إسرائيل". وعلى مضض، توسَّعوا قليلاً في "التعريف"، فأدرجوا فيه "مُعْتَنِق اليهودية (مِنْ "عِرْق آخر"). لكنَّ هذا "المُعْتَنِق"، لن يُعْفى من التزام العقيدة الدِّينية اليهودية، قولاً وفِعْلاً، ولن يُعْتَرف بـ "يهوديته" إلاَّ إذا قرَّر "مُهَوِّده"، أيْ الحاخام (الرَّاب) الذي على يديه "تهوَّد (أيْ أصبح يهوديَّ الدِّين)" هذا "المُعْتَنِق"، الذي لا ينتمي إلى "اليهودية العِرْقِيَّة"، أنَّه أصبح يهودياً، جديراً بالانتماء إلى "اليهودية الدِّينية". هذا الاستعصاء في تعريف "اليهودي"، أو إجابة سؤال "مَنْ هو اليهودي؟"، جَعَل من الاستعصاء (أو الصعوبة) بمكان إجابة السؤال "كَمْ عدد اليهود في العالَم؟". "اليهودي"، وبحسب هذا التعريف، والذي، على توسيعهم له قليلاً، لا يجيب إجابة نهائية وقاطعة عن سؤال "مَنْ هو اليهودي؟"، هو ابن (أو بنت) اليهودية ولو جَعَلَه انتسابه إلى أبيه مسلماً أو مسيحياً، أو لو اختار "الإلحاد" انتماءً فكرياً له؛ وهو، أيضاً، المُعْتَنِق للديانة اليهودية مِنْ "عِرْقٍ آخر"؛ وفي هذا "الخليط"، نرى "اليهودي بالعِرْق" و"اليهودي بالدِّين". لكن، دَعُونا نعود إلى "آيات الوهم الكبرى"؛ فإنَّ فيها مَكْمَن إشكالية "مَنْ هو اليهودي؟". في الأصْحاح الثاني عشر نقرأ قَوْل "الرَّب" لأَبْرَام: "اذْهَبْ من أرضكَ، ومن عشيرتكَ، ومن بيت أبيكَ، إلى الأرض التي أَريكَ". أَبْرَام هذا إنَّما كانت له أرض (أو كان له مَوْطِنٌ) غير تلك التي قَرَّر "الرَّب" مَنْحها له، أيْ غير أرض فلسطين؛ ولقد أَمَرَه "الرَّب" أنْ يَتْرُكَ تلك الأرض، وأنْ يَتْرُكَ حتى عشيرته (فـ "الرَّب" لم يَقْلْ له "اذْهَب مع عشيرتكَ"، التي كانت تعيش معه في تلك الأرض) ليَذْهب إلى هذه الأرض الجديدة (التي لم يَعِشْ فيها قَطْ). "الرَّب"، ومن كلِّ تلك الجماعة العرقية، أو العشيرة، اصطفى، واختار، رَجُلاً واحداً فحسب (مع زوجته، وجارية زوجته، وابن أخيه، والنُّفوس التي امتلكها هو وابن أخيه) هو أَبْرام. وامْتَثَل أَبْرام لأمر "الرَّب"، فذهب أَبْرام، وذهب معه لوط. وكان أَبْرام ابن خمس وسبعين سنة لّمَّا خَرَج من "حاران". وأَخَذ أَبْرام معه امرأته "ساراي"، وأَخَذ معه، أيضاً، لوطاً ابن أخيه، وكل مقتنياتهما التي اقتنيا، والنفوس التي امتلكا في "حاران". وجاء في الأصحاح نفسه: وخرجوا ليذهبوا إلى أرض كنعان؛ وكان الكنعانيون حينئذٍ في الأرض؛ وظَهَر الرَّب لأَبْرام، وقال: "لِنَسْلِكَ أَعْطي هذه الأرض". وبحسب الأصحاح نفسه، قال أَبْرام: الرَّب إله السماء الذي أخذني من بيت أبي، ومن أرض ميلادي، والذي كلَّمني، والذي أقسم لي قائلاً: لِنَسْلِكَ أَعْطي هذه الأرض.. أمَّا في الأصحاح الخامس عشر فقال "الرَّب" لأَبْرام: أنا الرَّب الذي أخرجكَ من أَور الكلدانيين ليُعْطيكَ هذه الأرض، لِتَرثَها؛ أَعْلَم يقيناً أنَّ نسلكَ سيكون غريباً في أرض ليست لهم.. "الرَّبُّ" أَقْسَم، وَوَعَد؛ لكنَّه، وفي كلامٍ جامِعٍ مانِعٍ، قال لأَبْرام: إنَّ نسلكَ سيكون غريباً في هذه الأرض (التي منها فلسطين) التي ليست لهم.. (ليست لهم بالمعنى الدِّنيوي لـ "الوطن")؛ وينبغي لكلِّ من استوطن "أرض الميعاد" من اليهود أنْ يقول مُعْتَرِفاً إنَّ فلسطين لم تكن لنا، وهي ليست لنا؛ لكنَّ "الرَّب" هو الذي أعطانا إيَّاها، حتى يتيسَّر عليه، وعلى غيره، تمييز "الحقيقة" من "الوهم"، و"الواقع" من "الخرافة"، في قِصَّة "أرض الميعاد". وجاء في الأَصحاح نفسه: في ذلك اليوم قَطَع الرَّب مع أَبْرام ميثاقاً قائلاً: "لِنَسْلِكَ أَعْطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات"؛ فيا له من تَناسُبٍ بين "الجغرافيا" و"الديمغرافيا"؛ فـ "الرَّبُ" مَنَح هذه الأرض الشاسعة (من النيل إلى الفرات) لـ "نَسْل أَبْرام"، والذي بعد عشرات السنين لن يُعَدون إلاَّ بالعشرات أو المئات! ومِنَ الجارية المصرية هاجر (جارية ساراي) جاء الابن الأوَّل لأَبْرام، وسُمِّي إسماعيل. وفي الأصحاح السابع عشر، قرَّر "الرَّب" تغيير اسم أَبْرام وجعله إبراهيم، وتغيير اسم ساراي وجعله سارة؛ وقرَّر أنْ يجعل سارة تُنْجِب لإبراهيم ولداً، فانجبت له إسحاق؛ وقرَّر الرَّب أخيراً أنْ يقيم عهده مع إسحاق عهداً أبدياً لِنَسْلِه من بَعْدِه؛ فـ "الأرض الجديدة" أعطاها الرَّب (في عهده الأبدي) لإسحاق، ولِنَسْلِه من بَعْدِ (حارِماً ابن أَبْرام الأوَّل، مع نسله). والآن، يُعامِلون كل ما أَتَيْنا على ذِكْرِه من "العهد القديم" على أنَّه "مُسلَّمة"، أو "حقيقة لا ريب فيها"، متَّخِذين من هذه النصوص التي يَعوزها الإثبات (العلمي والتاريخي) دليلاً على صِدْق وشرعية المزاعم الصهيونية؛ فأرض فلسطين (على الأقل) هي بـ "أمْرٍ إلهي" مُلْكٌ أبدي لأولئك الذين يزعمون أنَّهم من نَسْل إسحاق. وإنِّي لأَزْعُم أنَّ أَبْرام (أو إبراهيم) الواقعي التاريخي، أيْ الذي عرفه الواقع والتاريخ، إذا ما عرفاه، لم يَقْلْ شيئاً من كل هذا الذي أتينا على ذِكْرِه؛ فهذا المذكور (في "العهد القديم") من الأقوال إنَّما هو نصوص كُتِبَت عندما تهيَّأت فرصة تاريخية لبني إسرائيل القدماء ليقيموا لهم مُلْكاً سياسياً في أرض فلسطين؛ ولقد كتبها زعماء لهم لِيُكْسِبوا سعيهم هذا "شرعيةً دينيةً" لدى أتباعهم. وَلْنَتَذَكَّر أنَّ "العهد القديم (التوراة)" لم يُدَوَّن إلاَّ بعد موسى بمئات السنين؛ وظلَّوا متوفِّرين على تدوينه حتى القرن الثاني قبل الميلاد. وهذه "الشرعية الدينية (الأُسطورية)" إنَّما هي خير دليل على أنَّ أولئك الذين سعوا قديماً ليبتنوا لهم "دولةً" في أرض فلسطين كانوا مقتنعين تماماً بافتقارهم إلى "الحق القومي والتاريخي" في أنْ تكون لهم "دولة" في فلسطين؛ ولقد غرسوا خرافة "الوعد الرَّباني لأَبرام" في تربة الوعي الديني لجماعتهم حتى يسهل عليهم خَلْق الدافع أو الحافز القوي في نفوس أتباعهم؛ فهؤلاء كان ينبغي لهم أنْ يَفْهموا هذه الخرافة على أنَّها جزء لا يتجزَّأ من "إيمانهم الديني" القوي. ومع ذلك، ظلَّت هذه الخرافة تنطوي على ما تنطوي عليه كل خرافة من عناصر واقعية؛ ومن هذه العناصر أنَّ فلسطين هي في الأصل (الواقعي والتاريخي) أرض الكنعانيين، وأنَّ نَسْل إسحاق (مع إسحاق وأبيه وأمه) كان لهم وطن آخر، وأنَّهم كانوا الغرباء في أرض فلسطين؛ فلْتتخيَّلوا معي أنَّ العِلْم (أو عِلْم التاريخ) قد أثبت اليوم، أو غداً، أنَّ كل قصة هذا "الوعد الرَّباني لأَبرام" كانت خرافة خالصة؛ فَمْن أيِّ مَصْدَرٍ سيستمد بنو إسرائيل الجدد (والذين لا صلة قربى بينهم وبين بني إسرائيل القدامى إلاَّ الدِّين) الشرعية لـ "وجودهم القومي (ولدولتهم)" في فلسطين؟! هُمْ يعترفون حتى في أوهامهم وخرافاتهم وأَساطيرهم أنَّهم كانوا غرباء لدى عيشهم الأوَّل في أرض فلسطين (إذا ما كان لهم هذا العيش). وعليهم أنْ يعترفوا بأمرين اثنين: أنَّ "الحق القومي" للشعوب لا يُسْتَمَدُّ من السماء؛ وإنَّما من التاريخ الواقعي؛ ومنه فحسب، وأنَّ الحقوق القومية للشعوب تزول بزوالها (ولقد زال وباد عِرْق بني إسرائيل منذ آلاف السنين (فما هي الصلة العرقية بين هذه الجماعة وبين آينشتاين وماركس.. مثلاً؟!). "أَبْرام"، وُفْق هذه الرواية، هو في منزلة "آدم" لدى "نَسْل أَبْرام"؛ حتى ابن أخيه لوط، والذي هاجَر معه، ليس له حَقٌّ في "الأرض الجديدة". ولكن، ما معنى "لِنَسْلِكَ"؟ إنَّ اسماعيل (الذي أُمُّه الجارية هاجر) هو "النَّسْل (أو الولد) الأوَّل" لأَبْرام العبراني؛ ومن الوجهة العِرْقيَّة الصَّرف، لا يختلف اثنان عاقلان (ويَعْرِفان ألِفْباء نشوء وتَكَوُّن الجنين في رَحْم أُمِّه) في هذا الأمر (أي في هذه "البديهية"). ثمَّ رُزِق أَبْرام طفلاً (هو إسحق) من زوجته سارة؛ فقرَّر "الرَّبُّ"، عندئذٍ، أنَّ "الأرض الجديدة" ستكون لـ "نَسْل إسحق" فحسب؛ فـ "شَعْب الله المختار (المُفضَّل على العالمين)" يجب أنْ يأتي من المرأة سارة، المفضَّلة على المرأة الجارية هاجَر! إنَّ سارة هي "حوَّاء اليهودية"؛ هي "المرأة ـ الأُم اليهودية الأولى"؛ هي التي جاءتنا بـ "المولود اليهودي (العرقي) الأوَّل"، أو بـ "الرَّجُل الأوَّل من شعب الله المختار"! لكنَّ هذا "الرَّجُل (إسحق)" لن تكون له ذُرِّيَّة يهودية إلاَّ من "امرأة ـ زوجة يهودية"؛ فـ "اليهودي (بالعِرْق، أو الإثنية)" إنَّما هو الذي أُمُّه يهودية؛ فهل أصبح لإسحق ذُرِّيَّة من "امرأة ـ زوجة يهودية"؟ إنَّ "اليهودية"، بمفهوميها "العِرْقي" و"الدِّيني"، لا تَنْفَصِل، ولا يمكن فصلها، عن "الجماعة الجديدة"، التي "نواتها" أَبْرام مع نَسْلِه من سارة، وإسحق (الذي هو نسل أَبْرام من سارة) مع نسل إسحق (من امرأة يجب أنْ تكون يهودية، بهذا المعنى العرقي والدِّيني، حتى يكون الخارِج من رحمها يهودياً!). إذا لَمْ نلغِ عقولنا، فينبغي لنا أنْ نجيب قائلين: "لن تُصبح لإسحق ذُرِّيَّة يهودية إلاَّ إذا تَزَوَّج أُخْتاً له؛ فهل من هذه الطريق جاء النَّسْل اليهودي؟!". إنَّهم يكفي أنْ يُبْلِغوا إلينا أنَّ نَسْل إسحق لم يأتِ من طريق زواجه من أُخْتِه، حتى نقول إنَّ إسحاق هو "الرَّجُل اليهودي الأوَّل والأخير"؛ فـ "العرق اليهودي" مات بموت إسحق؛ وما عاد، من ثمَّ، من منطق لعبارة "لِنَسْلِكَ (أيْ لِنَسْل إسحق) أَعطي هذه الأرض"! افْتَرِضوا أنَّ إسحق تزوَّج من امرأة "غريبة"، أيْ من جماعة عرقية أخرى؛ فلن تكون هذه "المرأة ـ الأُم" يهودية، لا بالعرق، ولا بالدِّين. لن تكون يهودية بالعرق؛ لأنَّ العرق اليهودي يستمدُّ معناه الآن من عبارة "لِنَسْلِكَ" فحسب؛ ولن تكون يهودين بالدِّين؛ لأنَّ أحداً من الناس من غير المشمولين بالعبارة نفسها لا يحقُّ له أنْ يدين بالديانة اليهودية. إذا أرادوا "حَلاًّ" فإنَّ عليهم أنْ يُبْلِغوا إلينا أنَّ إسحق قد تزوَّج من امرأة غريبة، ليست يهودية بالعرق؛ لكنَّها أصبحت يهودية بالدِّين؛ لكنَّ هذا "الحل" يأتي بالإشكالية التي أشَرْنا إليها؛ فما هي المرجعية التي إليها يرجعون في تعريف "اليهودي"؟ إنَّ أبناء إسحق (الذين أنجبتهم له هذه المرأة الغريبة، غير اليهودية، بالعرق، اليهودية بالدِّين) يُعَدون يهوداً؛ لأنَّ أبيهم (إسحق) يهودياً، أو لأنَّ أُمهم هذه يهودية بالدِّين، لا بالعرق؛ فأيٌّ من "الحَلَّيْن" يريدون؟ نحن نسأل؛ وعليهم أنْ يجيبوا! وعملاً بـ "قانون العودة"، الذي أقرَّه الكنيست سنة 1950، لا يحقُّ لـ "أبناء إسحق" المجيء إلى "أرض إسرائيل"؛ لأنَّه يعطي هذا الحق لـ "مَنْ وُلِدوا يهوداً"، أيْ أبناء اليهودية، أو أحفاد اليهودية من طرف الأُم. "اليهودي بالدِّين، لا بالعرق" إنَّما هو بِدْعة (في الدِّيانة اليهودية) لأنَّ الدِّيانة اليهودية ليست ديانة "تبشيرية"؛ إنَّها (وهذا قولٌ من صُلْبِها) ديانة يدين بها "العرق" اليهودي فحسب، ولا يحقُّ لجماعة "بني إسرائيل (المُتَّحِدين بالدَّم)" أنْ يَضُمُّوا إلى ديانتهم أُناساً من أيِّ عِرْقٍ آخر؛ فَهْم الشعب "الحامِل للرسالة"، وليس لغيرهم الحق في حَمْلها، أو في مشاركتهم حَمْلها. ومع ذلك، عَرَّفَت "الهالاخاه (الشريعة)" اليهودي على أنَّه "ابن اليهودية"، أو "مَنْ اعتنق اليهودية". ولقد ساد هذا التعريف منذ ظهور الحاخامية مع بدايات العصور الوسطى في الغرب حتى بداية القرن التاسع عشر. لقد بَلَغْنا "الجواب"، الذي فيه تجتمع المهزلة والمأساة اجتماعاً لا مثيل له؛ وهذا الجواب هو الآتي: كل يهودي يجب أنْ يكون من نَسْل أَبْرام (فضلاً عن أَبْرام نفسه) ومن نَسْل إسحق (فضلاً عن إسحق نفسه) لكن ليس كل مَنْ هو مِنْ نَسْل أَبْرام يجب أنْ يكون يهودياً؛ والدليل على ذلك هو إسماعيل! وأحسب أنَّ من الأهمية بمكان، أيضاً، أنْ نتحرَّى مصير تلك "الجماعة"، أو "العشيرة"، التي انسلخ عنها، وعن موطنها، أَبْرام العبراني، وذَهَبَ إلى "أرض الكنعانيين"، التي وَعَد "الرَّبُّ" بها نسله؛ ثمَّ وَعَد بها نسل (ابنه) إسحاق، الذي لا نسل يهودياً له، إذا ما عَرَّفنا اليهودي على أنَّه المولود من أُمٍّ يهودية، من حيث عِرْقِها.
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-جريدة- لم تَرَ النور بَعْد!
-
ما معنى تلك الاتفاقية التاريخية؟
-
و-الودائع- إذا -تبخَّرت- في -جزيرة الشمس-!
-
تذكير جديد بالمخاطِر النووية
-
الزعماء العرب قرَّروا -عدم تسليح- المعارَضَة السورية!
-
حقيقة -النقود-
-
في الجغرافيا السياسية للصراع السوري
-
لقد -تكلَّم- أوباما.. فهل رأيتموه؟!
-
الأهمية الديمقراطية لتجربة -النَّشْر الإلكتروني-
-
السَّرِقَة
-
أوباما إذْ جاء سائحاً!
-
بشَّار مجاهِداً!
-
نظرية -فائض القيمة- تُجيبكم الآن..!
-
دَحْضَاً لحُجَج مُنْكري فَضْل ماركس!
-
لهذه الأسباب ما زال ماركس حيَّاً وعلى صواب!
-
أربع سنوات ونَلِد -حكومة برلمانية-!
-
متى تتفتَّح -زهرة الآخر- في -الربيع العربي-؟!
-
شيءٌ من -الديمقراطية التوافقية- يُنْقِذ ثورة مصر!
-
المرأة العربية ما زالت للعبيد عَبْدة!
-
القصة الحقيقية ل -العجز في الموازنة-!
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|