اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة
(Asmaa M Mustafa)
الحوار المتمدن-العدد: 4052 - 2013 / 4 / 4 - 12:27
المحور:
الادب والفن
بحثت ُ عني . لم أدر ِ متى كانت آخر مرة رأيُتني فيها ، ومتى لم أعد اليّ .
اتذكر فقط أنني حاولت تتبع أثري في الطريق الضبابي الموحش ..
استوقفتني رقة نظراتها .. وجذبني صوتها الرخيم .
لااتذكر سوى أنها حملتني وناغتني ، وأصابعها داعبت أصابعي الصغيرة ، ما دفعني لأضحك كثيرا ، وأناغيها ..
فجأة ، بدأت خصلات شعرها تستعر ، إتسعت عيناها وفمها بغلظة وتحول وجهها الى دوائر من تجاعيد .. زاد سعيرها .. بصقت عليّ ناراً .
وماعدت أشعر بسوى هول قيامتي بين يديها ، حيث صيرتني كرة ملتهبة ، تلعب بها في أشواطها الطويلة .
ثقيلاً كان زمني بين تلك اليدين المستعرتين ، ومهولاً التهام السعير لي .
فجأة ، أيضاً ، أحسست ببرودة الريح وهي تعبث بي .. تنثرني .
كانت المخلوقة النارية قد كفت نارها وأطلقت ريحاً حولت ماتبقى مني الى كرات رماد ، لتبدأ شوطاً جديداً من العبث الوحشي .
راودتني رغبة بأن استجمع ذراتي المتناثرة .. لكنني فكرت لوهلة أنني قد أكون مجرد جزء صغير من كيان رمادي كامل ليس بالضرورة أن يكون كله أنا . وفكرت أيضاً أنني إذا كنت أصل الكيان ، فكيف لي أن استجمع أجزائي ، وأنا أشعر بأنني لست إلاّ ذرة تاهت كما الباقيات ؟
استمرت ريح المخلوقة القبيحة تمرجحنا .. تلوينا .. .. تباعدنا ..
لم أدرِ إن كنت أبكي أم أضحك ، وأنا اتلوى مع بقية ذرات الرماد .. اتمرجح يمينا وشمالا .. صعوداً وهبوطاً .. حتى سقطت ُ في مستنقع يمتد بين طرفي ثوب تلك المخلوقة .
لااتذكر شعور الذوبان .. أكان أرأف من شعوري بالاحتراق ، او أقسى من عبث الريح بي ؟!
تمنيت لو أنّ المخلوقة أطلعتني على مصير الذرات الأخريات ، وما إذا كانت قد ذابت جميعاً في المياه الراكدة ، لكنني كبتُ الرغبة لإدراكي أن لاجدوى من معرفة أي شيء ، ولأنني لن أعرف كيف بإمكاني أن أجمع الذرات ، كما لم أعرف منذ البدء أين أبحث عني ، وكيف لي أن اتتبع أثري .. أنا التائه في عدم الأشياء ، أنا اللاشيء ..
#اسماء_محمد_مصطفى (هاشتاغ)
Asmaa_M_Mustafa#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟