|
من أقنع الموالي بأنهم أشراف.
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4047 - 2013 / 3 / 30 - 22:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أجمع كتاب الأخبار ومسجلي وقائع غزو مصر واحتلالها مثل إبن عبد الحكم، البلاذرى، الطبرى، ياقوت الحموى، المقريزى، المسعودى الشافعي، أبو المحاسن، السيوطي، إبن إياس، ساويرس بن المقفع، اليعقوبي، يوحنا النقيوسي، الجبرتي فضلا عن بتلرأن العرب بعد أن إستكملوا غزو مصر من (ديسمبر639م عندما دخل عمرو العريش حتي يوليو646م مع الاحتلال الثاني للاسكندرية )جلبوا للمصريين التعاسة والمذلة من خلال استعمار عسكرى استيطاني مكونين ارستقراطية عرقية باغية (تزاول القهر والنهب والاضطهاد) يشغلون بها قمة الهرم الاجتماعي الذى قاعدته الرقيق يعلوهم سكان البلاد الاصليين من الذميين الذين تعرضوا لاستغلال ( يفوق طاقة تحمل البشر) في مجتمع ما بعد الغزو الذى أصبح بوجودهم يعاني من تناقض مزدوج الأول بين المسلم الغازى والمسلم المحتل وطنه ( منفصم الانتماء)، ثم بين العربي القادم من بلاد العرب والذى اطلق علي نفسه أنه من (الاشراف) وبين أبناء البلد المنكوب الذين كانوا يطلقون عليه من(الموالي) حتي بعد إسلامهم. المستعمرون الجدد القادمون من مشقة الصحراء وتقتيرها عندما واجهتهم حضارة الزراع الباهرة تحصنوا بإنتمائهم العرقي مكونين طبقة مغلقة (تشبه الجيتو) تستحوذ علي كل الخيرات وتمنع مشاركة الآخر لهم بما في ذلك الذين دخلوا الي دينهم من أهل البلد فلم يسقط عنهم إسلامهم الجزية التي كانوا يدفعونها وهم ذميون أو يتحول خراج زراعاتهم الي عشور ( كما كان يحدث للمسلم العربي) علي أساس أن أرض المسلم المصرى تظل كافرة لا يحق تحويلها من الخراج للعشور. الفارق بين العشور والخراج كما تم مزاولته في صدر الاسلام مرتبط باسلوب الفتح فعندما يتم بالتراضي ويعتنق أهلها الاسلام دون قتال يحتفظون بأرضهم وتفرض عليهم ضريبة العشر إذا كانت تسقي بالراحة أو نصف العشر إذا إستخدمت الآلة لرفع المياة لها، الحالة الثانية إذا اراد أهل ألارض المفتوحة طواعية الاحتفاظ بدينهم الذمي بعد استسلامهم فإن أحد شروط الصلح مصادرة الارض وطرد اهلها من عليها ويحل محلهم الغزاة في زراعتها أم يترك لاهلها زراعتها بنظام اقتسام الغلال بين صاحب الارض والمحتل وهنا يسمي نصيب الغازى خراجا، أما إذا كان الفتح عنوة مثل( خيبر) أو أرض( بني قريظة) فكانت أربعة أخماس الغنائم تذهب للمجاهدين الغزاة والخمس للرسول صلعم وظل هذا معمول به حتي أوقف ابن الخطاب التقسيم وجعل جميع الاراضي المحتلة وخراجها وقفا لبيت المال بمعني أن أرض العراق، الشام ومصر كانت تعتبر ملكية خاصة ببيت المال ولا حق لابناءها فيها الا ان يسمح لهم الوالي المعين من قبل الخليفة بزراعتها وتقديم خراجها لبيت المال. وهكذا لم يحقق الدخول في الاسلام للموالي وضعا طبقيا أفضل كل ما سمحوا به لهم هو أن ينتسبوا الي القبائل العربية فيحملون اسمها في صورة التبعية التي تعرف (بالولاء) أى أن المصرى يسمح له بأن يكون (عروبي الولاء) وليس عربيا فلا هو أصبح ينتمي الي العرب وطبقتهم الحاكمة ولا ظل في طبقته التي ولد بها في تقسيم عرقي أدى لخلق طبقات قلقة في المجتمع يعاني افرادها من هذا التمييز والانفصام وما صاحبه من مصاعب عديدة أسهب كـُتـّاب الأخبار في ذكرها وسرد ما قام به عمّال الخراج وجباة الجزية المسلمين من مظالم جعلت حركات التذمر والعصيان لا تتوقف خصوصا في شمال الدلتا حيث خاض البشموريون حروب تحرير علي هيئة تنظيمات العصابات محتمين بطبيعة أرضهم الموحلة لم تستطع أن توقفها قوات الاحتلال الا بعد أن أعاد المأمون فتح مصر ودخل بلادهم عن طريق الخيانة ورشوة الجواسيس وقهر الاسرى . الفقهاء أصروا علي استمرار القواعد التي وضعها ابن الخطاب بمنع تحويل أرض الخراج الي أرض عشور وقالوا أن إلغاء الجزية علي الرؤوس لحظة الفتح تحديدا هي التي تحدد ما إذا كانت الارض عشور أم خراج وحتي بالنسبة للأرض البور يفرض عليها الخراج اذا ما استصلحت وعمرت، بمعني إلغاء الملكية الخاصة في المستعمرات فيما يشبه رأسمالية الدولة الفاشيستية ، أو بكلمات أخرى الاستيلاء علي إجمالي فائض الانتاج ( الضريبة، الريع، الربح معا ). حائز أرض الخراج لا يحق له أن يمتنع عن زراعتها لأنها ملك لبيت مال المسلمين وعندما يهرب او يهملها الفلاح بسبب العسف والقهر يوزع خراج أرضه علي باقي أراضي القرية أى لا بد من تحصيل قدر معين من الغلة من كل قرية بغض النظر عن عدد الأفدنة المهملة أو حالة المحصول سواء كان صالحا أو ضعيفا وكانت الأرض يورث التزامها ولا تورث كأرض بمعني انه لو أن الوارث لا يعمل في الزراعة ينتفي حقه في الميراث وينقل لفلاح قادر علي الانتاج بحيث تحولت الحيازة لواجب أكثر منه حق. نحن هكذا امام استعمار استيطاني عربي لا دخل له بنشر الاسلام وعهوده، لقد شكل الوالي جهازا للتحصيل يسمي (ديوان الخراج ) و لم يشكل جهازا لتعليم اللغة والدين وكان يرأس هذا الديوان (والي الخراج) في بعض الأحيان كما في حالة عبد الله ابن ابي سرح كانت سلطاته خارج سلطة الوالي وكانت وظيفته (أى ضمان تحصيل قدر معين من الغلة) يتابعها الخلفاء بانفسهم و يعينون لها عملاء من الذين اشتهروا بالقسوة وكانت تعليماتهم ((إحلب الدر فإذا انقطع فأحلب الدم والنجا )) وكان والي الخراج يختم علي رقاب أهل الذمة بالرصاص ولا يسمح لهم بالتشبه بالمسلمين في ملابسهم ويمنعهم من التحرك الي أماكن أخرى مثل نظام الاقنان أو العبيد وهكذا ثار القبط علي ولاة الخراج عام 107 هـ بعد ان زاد قيمة المطلوب بما يوازى 5 % و كانت الثورة الكبرى الأخرى التي استمرت من 167 الي 169 بسبب تشدد الوالي في اعتصار الخراج، وفي زمن الرشيد ثاروا ثلاث مرات 178و186 و191 هـ حيث امتنعواعن أداء الخراج وفي عهد المأمون 214 هـ قمعت ثورة وعام 216 هـ لم تهدأ البلاد الا بعد إعادة غزوها. إني أعجب لهؤلاء الذين يحتفلون بأحفاد من أذاقوا جدودهم الويل واستنزفوهم واستغلوهم إن العرب كما كتب كل نـُسّاخ الاخبار منذ بداية غزوهم لمصر قاموا بإساءات لا يمكن الحديث عنها(( حينما إستولوا علي نقيوس (وكانت مركزا للديانة المسيحية ) قتلوا الآلاف من أهل المدينة والجنود ونهبوا كثيرا من الأسلاب وأسروا النساء والأطفال وتقاسموهم فيما بينهم وجعلوا المدينة قفرا)) .. ((كانت مصر فريسة للشيطان وكان عندما يدخل المسلمون بلدا يقتلون الرجال ويغتصبون النساء ويأخذون الأطفال ولم يشفقوا علي أحد، نهبوا وقتلوا كل ما هو موجود وحرقوا ما تبقي قبل ان يغادروا)) (( دفع عمرو بالآلاف من المصريين لحفر خليج تراجان بأمر من الخليفة عمر حتي تسير فيه السفن حاملة الخيرات المنهوبة من مصر الي الحجاز وذلك إثر مجاعة حلت بالعرب عام 21 هـ )). كتب الاقدمين تمتلئ بمثل هذه الفظائع وتشير أيضا إلي مقاومة المصريين .. فمنذ خلافة الوليد بن عبد الملك(705 - 714 م ) والاقباط المصريون يهربون من مكان الي مكان، يهجرون الأرض الزراعية حتي أن الخليفة التالي له أصدر لنائبه في مصر أمرا بوشم الفارين من الجبايات المالية ومع ذلك إستمرت حركة الهروب بحيث أخذت شكلا واسعا في فترة حكم قرة بن شريك، عندما كانت أسر بأكملها تهرب من مكان الي اخر فرارا من دفع الاموال المطلوبة منها، واضطر ابن شريك إلي إنشاء هيئة خاصة مسلحة لوقف تلك الحركة وإعادة كل هارب الي موضعه ولكي لا يتمكن أحد من الهروب عملت سجلات للأهالي بمحلات إقامتهم وألزم الشخص الذى يريد الانتقال من جهة الي أخرى أو يريد الابحار بسفينة أن يحمل معه سجله. فقهاء المسلمين الذين قننوا وشرعوا لهذا الجور لازالوا يعيشون بيننا بنفس عقليتهم لم تتغير منذ نهاية حكم الوليد بن عبد الملك للآن، فهم لازالوا يحلمون بالخراج والجزية والعصابات المسلحة واستعباد الموالي والفتك بالعذارى والصبايا ولكن السؤال اذا كان بغاة الأمس يتحصنون بسجلهم وانتمائهم العرقي فماذا لدى أوباش اليوم يجعلهم يتصورن أنفسهم من الأشراف ونحن من الموالي. هؤلاء الذين يمتطون الاسلام السياسي ليوصلهم إلى أهداف السلطة والمال والنفوذ هل يتخيلون أنفسهم قادمون علي خيول عربية مطهمة للتنكيل بكفار مصر وجنود الروم والمقوقس حسني مبارك !! أم أن بلاهة من مكنهم من رقابنا أوحت لهم بانهم أهل لكراسي الحكم وأن أربعة أخماس مصر ستوزع علي الاخوان والسلفيين ويحتفظ بالخمس للخليفة القادم من بلاد الجاز. عندما أستمع لهؤلاء المتخلفين وهم يحاولون خداع السذج والبسطاء بأنهم العرب القادمون من تهامة أو خزاعة أو قضاعة أوغيرها من قبائل الهمج وأنهم ليسوا عروبيو الولاء يتمسحون في قبائل من أذاق جدودهم، جدودنا الذل إنما هم عرب أصلاء، أبتسم فأحفاد جنود عمرو بن العاص يعيشون اليوم علي أطراف المدن والقرى يرعون الغنم ويعملون في السرقة بالإكراه والنصب والترويع وفرض الأتاوات علي القرى والعمليات المجاورة نظير عدم سرقتهم ،إنهم تجار المخدرات وموردى السلاح ومهربي المجرمين والخارجين علي القانون كما كان دورهم طول 1300 سنة يقتلون ينهبون يحرقون يغتصبون يخطفون ويأبون أن يندَّمِجوا في المجتمع في عنجهية عرقية مريضة. هؤلاء العرب تاريخهم أسود معنا، في مصر دمروا الاثار واضطهدوا أهلنا وسرقوهم وباعوهم في سوق النخاسة لقد كانوا الشوكة المزعجة للحكام في زمن الفاطميين والمماليك ونابليون ومحمد علي، ولم يؤثر فيهم حملات التأديب او الاعتقالات او الادماج وها هم يحرضون ويتلفون كل مكان يحلـُّون به لقد حوَّلوا الدعارة إلي واجب جهادي في سوريا واستخدموا أموالهم لتقويض الدولة في مصر وتونس تحت ستائر للاسلام وهو منهم براء. الاسلام دين للغبادة أما غزوات ومخازي العرب فهي سلوكيات هؤلاء الذين ضنت عليهم الصحارى فخرجوا كالغيلان تسعي لاستعباد الآخر. من الذى أقنع موالي مصر أنهم أشراف فوضعوا الطرحة علي رؤوسهم وأطلقوا لحاهم وتمثلوا بأهل البداوة ووقفوا علي المنبر يعظون!! http://www.elwatannews.com/news/details/155880 التاريخ في الكتب والوقائع يضوي يخطف الأبصار ولكن ماذا تفعل أضواء الشمس مع الأعمي.
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حفيدتي تمردى لتُبدعي.
-
البوابة الشرقية جلابة البلاء.
-
الارتداد الي أسفل سافلين
-
الاحتفال بواسطة اللا إحتفال .
-
ماعت، كارما ومفهوم العدالة.
-
تهافت القداسة أم استقالة البابا
-
التوحد والزهايمر في القمة الاسلامية.
-
تلويث الميدان بسلوكيات الاخوان
-
د.جمال حمدان وشخصية مصر
-
نكبة،نكسة ،وكسة وهزيمة
-
كلمات القدرة ولغة الضاد
-
ايش تعمل الماشطة في الوش العكر
-
هل سنزرع الأفيون في 2013
-
وضاع كفاح قرنين..يا مصر.
-
تأملات في مفهموم الجمال
-
محمد حسين يونس - كاتب وروائي مصري - في حوار مفتوح مع القارئا
...
-
يا شباب إسلامهم غيرإسلامنا
-
قوانين سيدى مرسي علية السلام .
-
هذه الخرابة تسمي مصر
-
بشرالقاع يتحدون العالم
المزيد.....
-
لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور
...
-
-لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا
...
-
-بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا
...
-
متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
-
العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
-
مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
-
وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما
...
-
لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
-
ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
-
كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|