أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - حكاية الضجر .. 3 - وقود الثورة














المزيد.....


حكاية الضجر .. 3 - وقود الثورة


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 4046 - 2013 / 3 / 29 - 14:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مكافحة الضجر، صناعة أمريكية مثل مكافحة الإرهاب ومكافحة الترهل وزيادة الوزن والأرق والقلق وغيرها من "الآفات" التي يعاني منها المجتمع الأمريكي والرأسمالي عامة. هذه الصناعة قائمة كما سبق القول على إحتلال "الزمن" وتصنيع وحداته وتكريرها ثم تعليبها وتصديرها في صور مختلفة. "Time Is Money" كما تقول إحدى آيات الكتاب المقدس الرأسمالي، تمثل هذه الفكرة العبقرية في إحتلال الوقت، بعد الإستحواذ على كل القارات الأرضية وبداية الإستعمار الفضائي. ففي بداية نشأة الرأسمالية كان الهدف الأول هو كسب الوقت عند نقل البضائع من مكان إنتاجها لأماكن تسويقها، ثم تطور الأمر لكسب الوقت في أثناء التصنيع ذاته، وتدريجيا أحتلت الآلة المنتظمة محل العامل البشري البطيء. وكنتيجة طبيعية لإستخدام الآلة، يتواجد اليوم المئات من الآلاف والملايين من هؤلاء العمال، يهيمون في شوارع المدن الكبرى، يرتادون مكاتب العمل ويبحثون عن وسيلة لكسب قوتهم وقوت عائلاتهم. كسب ووفر الرجل الرأسمالي "الوقت"، وخسر العامل كسرة خبزه التي يقتات منها. بعد كسب الوقت كان على مهندس الرأسمالية أن يواجه مشكلة تراكم هذا الوقت ونموه لدرجة أثارت في نفسه نوعا من القلق، فكان لا بد من إيجاد وسيلة للتخلص منه أو لقتله. فأخترع ما يسمى "صناعة الترفيه"، والتي تطورت تدريجيا لتصبح من أكثر الصناعات إنتشارا في عالمنا المعاصر، ومن أكثر الصناعات تنوعا شكلا ومضمونا. وقد تفتق ذهن بعض علماء النفس والإجتماع في سويسرا - المتفننون في صناعة أجهزة قياس الزمن الدقيقة - عن برنامج ثوري لمساعدة العاطلين عن العمل الذين يتزايدون يوما بعد يوم، وذلك بإنشاء شركات ومؤسسات ومكاتب وهمية، حيث يقضي العاطلون عن العمل ثمان ساعات يوميا وهم يمثلون دور الموظفين والفنيين ، فيعقدون الصفقات وينظمون الإجتماعات ويحسبون الميزانية العامة، ويديرون المكالمات الهاتفية والمشاريع والمعاملات المختلفة مثل أي مكتب في شركة أو مؤسسة عامة. الفرق الوحيد هو عدم وجود أي شيء خارج هذه المكاتب، إنها مجرد مسرحية سيئة يمارسونها كل يوم لقتل الوقت وحتى لا يفقدوا إتصالهم بالواقع الإجتماعي العملي، وحتى لا يشعروا بعدم ضرورتهم وبأنهم زائدون عن الحاجة. هذا يحدث في الغرب المتطور، أما في عالمنا المتخلف فيبدو أن الضجر كلمة لا ترجمة لها ولا تحتوي نفس المضمون على الأقل. المواطن العادي في عالمنا الثالث يمتلك من وقت الفراغ ما يجعله مليونيرا حسب المثل القائل "الوقت من ذهب". إنه يستيقظ عادة في السادسة صباحا دون أن يعرف بالتحديد ما الذي سيفعله وكيف سيجتاز هذه الصحراء الزمنية التي تمتد أمامه حتى غروب الشمس. قد يذهب إلى العمل، إذا كان له عملا، أو إلى إحدى الدوائر الرسمية، حيث الحصول على شهادة ميلاد أو أية ورقة من هذا القبيل تحتاج إلى ساعات طويلة من الإنتظار ومن النشاط الجسدي والعقلي الذي يجعله يعود إلى بيته منهوكا، فيلقي بجسده على الأرض ، يشرب قهوته أو يأكل وجبته ويتعارك مع أفراد عائلته وجيرانه وسكان المدينة المجاورة. له الإختيار في كل يوم بين عمل لا يحبه ويعتبره تضييعا للوقت وبين الطوابير الطويلة أو الجلوس على كرسي أمام بيته ليراقب المارة والسيارات.. أو الإتكاء على مرفقه محللا تفاصيل السياسة الدولية والإقليمية، وإعطاء رأيه في غزو الفضاء وخطورة الأسلحة النووية وقوة أمريكا وإسرائيل. وقد فطن - وإن متأخرا - رأس المال إلى هذه الثروة الضائعة وهذه المناجم الزمنية الغير مستغلة، وتدريجيا بدأ في محاولة ملء هذه الآبار بمنتوجاته الصغيرة المتنوعة. ولكن هناك من يقول بأنه لولا هذا الفراغ القاتل لما تمكن آلاف المواطنون من إحتلال ميدان التحرير وغيره من الميادين لأسابيع طويلة وإجبار السلطة على الهروب. أما في الغرب المتقدم لفإن المواطن يفتقر لهذا الوقت العدمي ولا يستطيع أن يتظاهر ضد السلطة خارج أيام نهاية الأسبوع، وخلال ساعات محدودة ومحددة. يبدو أن الثورة تحتاج إلى الوقت كما تحتاج النار إلى الحطب أو الوقود.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية الضجر .. 2 - العجلة
- القاتل والقتلة والجوع
- حكاية الضجر .. 1- القناص
- مسرحية -الديموقراطية هي الحل-
- ورعب السلطة
- رعب الحرية
- خرائب الوعي .. 17 - شيزوفرينيا
- خرائب الوعي .. 16 - الريح والكلمات
- خرائب الوعي .. 15 - إستراحة
- بيان من أنصار البدعة
- تداعيات 3- شيطان المحبرة
- تداعيات 2- الغثيان
- تداعيات 1- الرجوع
- خرائب الوعي .. 14 - إفتح يا سمسم
- خرائب الوعي .. 13 - الرأس المقطوعة
- خرائب العقل .. 12 - تحرش بعد الغروب
- خرائب الوعي .. 11 - الشاعر والعطش
- خرائب الوعي .. 10 - المرأة التي أكلها النمل
- خرائب الوعي .. 9 - لا يحب الله والله لا يحبه
- خرائب الوعي .. 8 - الطابق الثاني


المزيد.....




- إيلون ماسك يصف محاربا قديما بـ -الخائن- والأخير يرد بسخرية.. ...
- سفير القاهرة في مجلس الاتحاد الروسي: -لن ننسى ما فعلته روسيا ...
- العواقب النفسية المتأخرة لدى الشباب بسبب إجراءات الإغلاق
- جنود أوكرانيون يؤكدون فقدان خطوط الإمداد في كورسك
- السيناتور -الخائن- ينتقد وقف المساعدات العسكرية والاستخبارات ...
- جباروف: قرغيزستان تدرس إمكانية استعادة رئيس البلاد الأسبق با ...
- بوتين يقترح تحديد -يوم المجد العسكري- في التاسع من أغسطس
- زاخاروفا: الاتصالات بين موسكو وواشنطن أصبحت كثيفة
- من هو ديوك بوكان الثالث ولماذا عينه ترامب سفيرا جديدا لواشنط ...
- هل تتجه سوريا لتجريم إنكار جرائم الأسد؟


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - حكاية الضجر .. 3 - وقود الثورة