|
الصدر..مبدأ الإستحالة..وشهادة غرّاء
فاتن نور
الحوار المتمدن-العدد: 1163 - 2005 / 4 / 10 - 12:41
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
من حق كل فرد ان يميل الى او ينتهج ايديولوجيا معينه ويبني حياته وفق أطر تلك الايديولوجيا التي قد يكون لها تضادات كثيرة ومقوّضات، أو قد يكون لها مدعمّات فكرية وعلمية تصب ايجابا لتعضيدها..(وغالبا إن لم اقل عموما، لا تقوم اي ايديولوجيا وتبنى إلآّ على قيام او وجود ايديولوجيا مناهضة او ربما غير متكاملة في تصور من يأتي بالجديد..) ورغم انه حق طبيعي لتبني ايديولوجيا بذاتها ولكن يبقى ضمن حدود وافق معينة لا يجوز تجاوزها بأسم تلك الايديولوجيا للأضرار بالأطراف الأخرى والمجتمع بشكل عام... والنضال من اجل ما نحملة من فكر وعقيدة وتحت جنح ايديولوجيا معينة هو من المظاهر الحميدة والصحية بشرط ان لا يرتبط النضال بالعنف والتطرف وبحمامات دم تسفك تحت رعاية ذلك الفكر او المعتقد.. بمعنى ان النضال السلمي والمُنتهج لأركان التحاور ومحاولة تفنيد وجهات النظر الفكرية المضادة بموضوعية تحليلية وفلسفية وضمن افق ومناهج تلك الآيديولوجيا ،مثل هذا النوع من النضال المتزن والرافع لرايات تحليل اطر الأيديولوجيا ومنهجيتها وتعضيدها من جانب بأتباع حبكة عقائدية فلسفية تبصيرية.. وتفنيد ما يوازيها ويناهضها في الطرف الأخر بأتباع نفس الهيكليه العقلانية والتي تحاكي العقل بالعقل. مثل هذا النوع من النضال لا يمكن ان نسمي رائده إلا مناضلا عبقريا باذلا طاقاته العقلية وبموضوعية بعيدة عن التشنجات العاطفية العقائدية لترسيخ ثوابت ما يؤمن به وضمن حدود المعتنق الأيديولوجي .. وبغض النظرعن مدى النجاح الذي قد يحققة او الإخفاق الذي قد يتربص بمحاولاته..حيث ان العمل بتلك العقلية والروحية ينصهر ايجابا في بودقة النضال الفكري..
السيد محمد باقر الصدر هو احد رواد الحركة الأسلامية الذي ناضل بفكره حرا كريما مبتعدا عن الإنزلاق في آتون السلطة وجبروتها والرافض بصرامة الإنقياد لمحاباتها ومهما كانت نتائج الرفض وخيمة...الصدر رحل شهيدا تاركا وراءه فكرا موثقا وطروحات في مضمامير اسلامية متعددة تتناول الفكر الأسلامي كفلسفة واقتصاد ودستور متكامل للمجتمع وبلا فوضى عاطفية او ارهاصات روحية غير متزنة... ومن بين النتاجات الفكرية الصادرة من بين يديه الجليلتين كتابيّ فلسفتنا واقتصادنا ,انا هنا لست بصدد تناول طروحات الصدر والوقوف ضدها او معها ولكن جئت على ذكر الكتابين كونهما من كتبه التي وقعت بين يدي للقراءة ومنذ فترة بعيدة.... وقد أديت لهذا الرجل تحية اعجاب عملاقة رغم اني لم اتفق مع الكثير من الطروحات ولكن سلاسة طرحه الفلسفي كانت مبتعدة عن الخزعبلات التي نسمعها من رجال الدين، وكان معولها الرئيسي الموضوعية وفي فضائها العلمي والأدراكي .. ومتبّعا لأسلوب المحاججة والتنظير وبعقلانية.....
وحيث ان الصدر قد اعتمد في بعض طروحاته وفي كتاب فلسفتنا بالتحديد اعتمد مبدأ الإستحالة كمفهوم عقلاني لوضع المذهب التجريبي بين المطرقه والسندان ولتفنيد المفاهيم الفلسفية التي ترتكز بعض منهجيتها عليه.. وهو موضوع طويل لسنا بصدده الآن ولكني جئت على ذكره (مبدأ الإستحالة) لأني اودّ ان استخدمه وبطريقة مغايرة تماما ومن باب اخر لا يمت للفلسفة بصلة.....ان شخصية عبقرية كشخصية الصدر والذي نالت منها ايادي البطش كما نالت من الكثير من قبله ومن بعده، كشخصيته لا يمكن ان ينطبق عليها إلا مبدأ الإستحالة وبالبعد اوالمفهوم التالي.......:
من الإستحالة ان لا ينظر الى هذا الرجل كرائد فكري اسلامي له من العطاء كل ما هو جليل وإن اختلفنا معه فكريا وعقائديا.... من الاستحالة ان لا نبارك شهادتة وفي يوم التاسع من شهر نيسان عام 1980 مع شقيقتة العلوية (بنت الهدى) وبعد تعذيب صدامي وحشي متجبر سبقته فترة اقامة جبرية وحتى اعتقاله بنحو ثلاث ايام من تاريخ الشهادة... من الإستحالة ان لا نلتمس لبلدنا من مثل صدره الرحب وحجته البليغة.... من الإستحالة ان لا تعكس لنا شهادته الغراء مدى دمامة النظام البعثي وتعسفة وانتهاكه لرواد الفكر والعلم والعقيدة إن لم يركعوا متملقين للنظام الفوضوي ومطبلين له وكما فعل الكثير ومن بينهم رجال دين يقال عنهم افاضل!....ومن الاستحالة ان لا نستذكر كل شهيد مناضل ومفكر وإن كنا نقف على طرف نقيض من فكره، طالما صفى بنفسه وإعتلى عن محاور الخنوع والإستسلام وارتقى بكافحه بوجه ابيض وبشكل موضوعي مدروس .. واخيرا وليس آخرا من الإستحالة ان لا نقول هينئا للصدر شهادته الغرّاء وشقيقته...... ويبقى السؤال المطروح وبشكل عام:.... هل من الإستحالة توقف قتل الشرفاء وانتهاك اعراضهم .. وهل من الإستحالة سقوط اصنام القتلة بنفس يوم استشهاد ضحاياهم؟
قد يبدو الشطر الأول خياليا.... ولكن ماذا عن شطر السؤال الثاني؟؟؟
فاتن نور 05/04/09
#فاتن_نور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا اسأل كل كُردي ولكني... اتسائل
-
الربيع قادم....ربما من عطر دوكان
-
هل بيننا من يلعن نعمة الحواس؟
-
بندقية ٌخرساء.. وثعبان
-
الضرب.. بين الكرامة والتأديب والفحولة
-
حينما كنتُ حسناء...
-
كافي ياعراق
-
خبراء للتنوير... وإنتكاسة
-
صورتان.. ورؤيا ساخرة
-
لنشاطر الهموم بأبتسامة..
-
ومضات ... وقرقعة
-
ثغر العراق.. متى يبتسم؟
-
نداء لمظاهرة بالجينز!
-
مقاولات الإعمار في ميزان الفضول
-
عقول لم تروّض بعد!!
-
حلبجة! بين اينشتين والأثير
-
لنا.. شعبٌ تحت الأرض
-
رأس الخيط لتحررالمرأة
-
عراكيّة وليش لاله
-
وهل يموت النضال بقتل المناضلين! - ذكرى الشهيد سلام عادل
المزيد.....
-
-كأنه منطقة حرب-.. فيديو شاهد يظهر عمليات الإنقاذ بحادث اصطد
...
-
فيديو يُظهر ما يبدو لحظة اصطدام طائرة الركاب وهليكوبتر وسقوط
...
-
عربات طعام بنكهات أصيلة واستوديو متنقل..كيف جذب هذا الحي في
...
-
السعودية.. فيديو مخالف للآداب العامة يثير تفاعلا والداخلية ت
...
-
ترامب يعلق على الحادث الجوي المروع في واشنطن (فيديو)
-
زيلينسكي يحيي ذكرى الجنود الذين تصدوا للهجوم البلشفي في يناي
...
-
إدانة عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السابق بوب مينينديز بـ16 تهمة
...
-
لحظة اصطدام مروحية عسكرية أمريكية بطائرة ركاب قرب مطار رونال
...
-
-واتساب- يواجه في روسيا غرامة قدرها 18 مليون روبل
-
-ولادة عذرية- نادرة لسمكة قرش تثير حيرة العلماء
المزيد.....
-
عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها
/ عبدالرزاق دحنون
-
إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا )
/ ترجمة سعيد العليمى
-
معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي
/ محمد علي مقلد
-
الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة
...
/ فارس كمال نظمي
-
التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية
/ محمد علي مقلد
-
الطريق الروسى الى الاشتراكية
/ يوجين فارغا
-
الشيوعيون في مصر المعاصرة
/ طارق المهدوي
-
الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في
...
/ مازن كم الماز
-
نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي
/ د.عمار مجيد كاظم
-
في نقد الحاجة الى ماركس
/ دكتور سالم حميش
المزيد.....
|