|
المنظمات غير الحكومية ودورها المطلوب في وكالات الأمم المتحدة: إطار نظري
عبدالله جناحي
الحوار المتمدن-العدد: 1163 - 2005 / 4 / 10 - 12:40
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
تمهيد: لقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة السيد كوفي عنان أعضاء المنظمة الدولية البالغ عدد 191 دولة إلى اتخاذ قرار على وجه السرعة بشأن إصلاح الأمم المتحدة بما في ذلك مجلس الأمن الدولي وانضمام دول جديدة إليه.
بيد أن المطلوب في تصورنا ليس فقط تنفيذ هذه الدعوة التي تعكس وتلبي المتغيرات النوعية الحادثة على هذا الكوكب بعد سقوط المعسكر الاشتراكي ، بل البدء في الإصلاح الشامل في هذه المنظمة ووكالاتها وبما يعزز المشاركة الفاعلة لقوى مجتمعية جديدة برزت على الساحة الدولية وأصبحت لها ثقلها ودورها في صياغة القرارات الكونية ومنها المنظمات غير الحكومية.
الخلفية التاريخية:
على الصعيد العالمي بدأت إعادة الاعتبار لمؤسسات المجتمع المدني ، حيث أخذت تمارس أدوارا أكبر ومشاركة أكثر في صناعة وصياغة القرارات في مجتمعاتها. في ظل وعي السلطة التشريعية وكذلك السلطة التنفيذية في المجتمعات ذات الديمقراطيات العريقة للمشاركة الفاعلة لمؤسسات المجتمع المدني وكذلك الأحزاب المعارضة والنقابات في صياغة التشريعات التي تمسها، وهي المعنية أصلا في أحكامها وكذلك في دورها المعترف لها للرقابة والمحاسبة جنبا إلى جنب مع السلطات الثلاث التقليدية.
بروز السلطة الخامسة جنبا مع السلطات الأربع :
يطرح الدكتور برهان غليون في ورقة له حول "نشأة مفهوم المجتمع المدني وتطوره" أن أوروبا منذ عصر الأنوار و النظريات التي نشأت عنها، في التاريخ والحضارة والمجتمع والفرد معا، كانت لفكرة الدولة الأمة، أي القومية، الدور الأول في الخروج من أنماط الاستبداد والحكم المطلق التي عرفتها حقبة القرون الوسطى في العالم أجمع وتدشين حقبة جديدة في الحياة السياسية للمجتمعات اتسمت بالفعل بالتحويل الديمقراطي لمؤسسات السلطة العمومية. "والمقصود بالتحويل الديمقراطي للدولة هنا هو إعادة بناء مؤسسات الدولة بما يجعلها تستجيب بشكل أكبر لإرادة المجتمع وتتفاعل معه وترد على طلباته، أي تنحو إلى الاقتراب منه بعد أن بقيت لقرون طويلة مستقلة تماما عنه وقائمة بالفعل فوقه ومواجهة له. وقد استدعى هذا التقرب من المجتمع قيام الدولة أو بالأحرى النخب الحديثة المسئولة عن تسييرها بعملية معقدة تتضمن في الوقت نفسه ثلاث طفرات رئيسية: الأولى تتعلق بتأكيد السيادة الشعبية، أي حتمية صدور السلطة واتخاذ القرارات العامة عن المجتمع نفسه ممثلا بنوابه أو ممثليه الشرعيين. والثانية تغيير قواعد ممارسة السلطة العمومية وإدخال مبدأ التداول والشفافية والمحاسبة الشعبية، وبالتالي تشريع وجود المعارضة والتعددية السياسية، والثالثة تحقيق مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث الرئيسية، التنفيذية والتشريعية والقضائية، حرصا على منع مراكمة السلطة العمومية جميعا في يد فرد أو فئة أو مؤسسة واحدة، وقطع الطريق على الاستبداد والديكتاتورية، وموازنة السلطات فيما بينها. وقد نجم عن كل ذلك ضرورة إعادة بناء مؤسسات الدولة الجديدة التي أصبحنا نسميها الدولة الحديثة بما يحقق هذه الأهداف، أعني تمثيل السلطة السياسية للرأي العام وضمان مراقبته الدائمة لها، وخلق شروط تداول السلطة ووجود معارضة شرعية وإلغاء فرص تكوين سلطة مطلقة لا حدود لها، تخضع لإرادتها الخاصة جميع وسائل الإدارة والقضاء والقانون" .
غير أن هذا الكلام لا ينطبق على واقع الدول والمجتمعات الشمولية حيث تمركز متزايد للنخب السياسية حول الدولة كوسيلة رئيسية بل وحيدة لإحداث التقدم وتحقيق شروط الحداثة، في مواجهة المجتمع وضده. وحلت عبادة الدولة عمليا في العديد من بلاد العالم محل عبادة الأمة التي تطورت في أوربا بما تتضمنه من تقديس الفرد المواطن وصون كرامته وحرياته والاهتمام بتحسين شروط حياته والمراهنة على نشاطه ومبادرته وتعاونه وانخراطه في العمل العمومي. وعملت عبادة الدولة هنا كتعويض عن غياب هذه الأمة وإرادتها الواحدة والدافعة للتقدم.
كيف فرضت السلطة الخامسة نفسها على الواقع المعولم؟:
رغم الأسباب المتقدم ذكرها التي أدت إلى ضرورة دفاع الناس عن مصالحها عبر إنشاء مؤسسات مدنية أهلية وتطوعية لتتحول إلى سلطة خامسة، هناك عاملان أساسيان أسرعا في الاعتراف بالسلطة الخامسة من قبل السلطات الأربع المذكورة أعلاه رغم الجهود التي تبذل لتهميش وتقزيم دور هذه المؤسسات وخاصة عند المفاصل الكبرى للمنتديات العولمية، كمنتدى دافوس ومنتديات من أجل المستقبل التي انبثقت بعد اجتماع الدول الصناعية الثماني وبمشاركة بعض زعماء الدول النامية الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية كالمغرب واليمن والبحرين والأردن وتركيا، وكذلك أثناء اجتماعات الثالوث الرأسمالي ،صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية. لدرجة أن أصبحت هذه السلطة تنافس سلطة الدولة. ولقد كشف ذلك أثناء المناقشات التي حدثت في منتدى دافوس (يناير 2001) حيث شعر أحد المشاركين من رؤساء الدول أنه أصبح من اللازم التذكير بأن الدولة هي الممثلة للمجتمع والشعب، وليست المنظمات غير الحكومية أو منظمات المجتمع المدني، خاصة أن هذه الدول تضم حكومات منتخبة بطريقة ديمقراطية. وهذه أول مرة تطرح فيها المسألة بعبارات التنافس بين الدولة والمجتمع المدني على تمثيل الجمهور. وهي تعبر عن نوع التركيبة الاجتماعية الجديدة التي تتطور وستتطور في المستقبل.
العامل الأول: يتمثل بانهيار المعسكر الاشتراكي الذي أدى إلى انتهاء الحرب الباردة وتراجع الإيديولوجيات ، وبالتالي البدء في تغيير استراتيجيات الرأسمالية، حيث كانت في مرحلة الحرب الباردة معظم مؤسسات المجتمع المدني التقليدية كالنقابات ومنظمات حقوق الإنسان وحتى حماية البيئة وجماعات الخضر فضلا عن منظمات الفكر والأدب والفن متعاطفة مع الأفكار الاشتراكية ومباديء العدالة الاجتماعية والمساواة وإبراز وحشية النظام الرأسمالي، ولذلك كان النظام الرأسمالي وأعوانه التابعين له والسائرين في فلكه كدول الأطراف لم يسمحوا لمؤسسات المجتمع المدني بان تأخذ دورها الفعلي في حماية مصالح الشرائح والطبقات التي تمثلها، إضافة إلى أن هذه المؤسسات ذاتها كانت تقدم أجندات سياسية وإيديولوجية على برامجها الأصلية وذلك ضمن تعاطفها مع مباديء وأهداف اشتراكية كانت تعمل للقضاء على النظام الرأسمالي.
وبانتهاء مرحلة الاستقطاب بين المعسكرين بدأت الدول الرأسمالية "تؤنسن" خطابها وبرامجها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية " وتعقلن" مواقفها لتنسجم ومع اطروحات حقوق الإنسان والديمقراطية التي تنادي بها مؤسسات المجتمع المدني في البلدان النامية ورأسمالية الأطراف، بل الأمر تطور بشكل كبير حتى في المنظمات العالمية التي تمثل الوجه الرأسمالي الاقتصادي للعولمة حيث تغير خطاب صندوق النقد الدولي وأصبح معيار الحكم العادل من ضمن معاييره وشروط دعمه وأخذ ينادي بمراعاة الجوانب الإنسانية والاجتماعية لبرامج التخصيص وإلغاء الدعم الحكومي، وطالبت منظمة التجارة الدولية بإدخال الشرط الاجتماعي ضمن معايير التجارة العالمية وهو الشرط الذي يدخل فيه الحقوق الأساسية للعمال بما فيها حق التنظيم النقابي ومحاربة عمالة الأطفال وعدم التمييز في الاستخدام ورفض العمل الجبري، حيث تم تكليف منظمة العمل الدولية بمتابعة هذا الشرط وبالتنسيق مع أضلاع المثلث الاقتصادي العالمي.
وبانتهاء الحرب الباردة أصبحت الاتفاقيات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة أكثر تحررا من قيود الصراع الإيديولوجي والسياسي السابق، لذلك ترى إن معظم هذه الاتفاقيات تتضمن ضرورة مشاركة مؤسسات المجتمع المدني (السلطة الخامسة) مع الحكومات والأحزاب المعارضة في متابعة وتنفيذ هذه الاتفاقيات، وأخذت جملة من الاتفاقيات التي كانت جامدة في المرحلة السابقة تفعل وتفرض نفسها على الساحة الدولية، وهي تلك الاتفاقيات ذات العلاقة بالمجتمع المدني ومنظماته مثل اتفاقيات ضد التمييز وضد العنف للمرأة و الشباب ومحاربة الفساد وحماية العمالة المهاجرة وأفراد أسرهم وغيرها.
وتجلى الاهتمام الجدي بدور السلطة الخامسة بالنسبة للدول الرأسمالية المتقدمة في إقحام مؤسسات المجتمع المدني والنقابات والرأي العام واستشراف مرئياتها حتى في الاتفاقيات التجارة الحرة،حيث تضمنت على سبيل المثال اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة الأمريكية والبحرين على ضرورة اخذ رأي النقابات ونشر مسودة الاتفاقية في موقع خاص على شبكة الانترنيت، كما تضمنت وثيقة القمة للدول الصناعية التي عقدت في جورجيا في أمريكا دعوة مؤسسات المجتمع المدني بالمشاركة وإبداء رؤيتها للمحاور التي ستناقش سنويا في منتدى من أجل المستقبل المنبثق عن القمة والوثيقة الصادرة عنها، ولذلك شاهدنا بعض المنظمات المدنية قد قدمت رؤيتها في المنتدى من أجل المستقبل الذي عقد في الرباط بالمغرب في ديسمبر من العام الماضي، وأصدرت كل من الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان والشبكة الاورومتوسطية لحقوق الإنسان إعلان الرباط، وبمشاركة 13 دولة عربية و9 منظمات دولية، وأهم مطالبات هذه المنظمات كانت دعوة الدول الصناعية المتقدمة بضرورة الاشتباك البناء معها وشرط التعامل مع المجتمع المدني كشريك متكافيء لإنجاح برامج الإصلاح في الدول العربية.
وللأسف الشديد أن العالم العربي باستثناء المغرب لم يعرف على الصعيد الإقليمي أو المحلي مثل هذه الأطر والآليات التي تتيح فرص التفاعل المباشر بين الحكومات العربية وممثلي المجتمع المدني، فاغلب الحكومات العربية لا تقبل مبدأ الحوار الندي المتكافيء مع الفعاليات المدنية،إلا في أطر دولية أو إقليمية أخرى غير عربية، ومثال فاضح على ذلك اعتماد الملوك والرؤساء العرب في قمتهم بتونس ميثاق لحقوق الإنسان لا يعترف بأي دور للمنظمات غير الحكومية، كما لا تستطيع جامعة الدول العربية منح صفة المراقب لهذه المنظمات إلا تلك التي تقبل بها حكومات بلدانها، ورغم جهود الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان التي تحركت وجمعت عدد من المنظمات الحقوقية الخليجية وقدمت مرئياتها للقمة الخليجية التي عقدت في البحرين في ديسمبر الماضي إلا أن زعماء دول مجلس التعاون لم يراعوا ولو بإشارات المجاملة لدور مؤسسات المجتمع المدني.
العامل الثاني: الذي ساهم في تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني واعتبارها سلطة خامسة هو:
خلق روح جديدة من الجدية والمسؤولية تجاه المجتمع على مختلف فئاته وتكويناته وجماعاته، ورؤية جديدة لواجب الدولة تجاه هذه الفئات بدأت تدب في البلدان الصناعية، وتدفع إلى تعزيز الحماية الاجتماعية والتأمين الصحي بالنسبة للجماعات الضعيفة. وفي هذا المقام يتطرق الدكتور برهان غليون في ورقته المشار إليها أعلاه أن ما يشاع " ليس تراجع دور الدولة أو انهيار مكانتها، ولكن تبدل نظرتها لدورها في المجتمع ونوعية الخدمات والمكاسب الجديدة التي تستطيع وينبغي أن تقدمها له وأسلوب عملها. فهي تنسحب من بعض المواقع لتحتل مواقع جديدة، وتنبذ دورها البلدوزري الثقيل الظل الذي كان يجعل من السلطة العمومية مركز وصاية على المجتمع لتتبنى دور المنظم والمدير والمرشّد والمنسق بين نشاطات المجتمع وفئاته وقواه الفعالة المتعددة. وهذا يعني أن الدولة أصبحت مركزية في ترشيد النشاطات الاجتماعية المختلفة لا في القيام بها كما كان عليه الحال في السابق."
ويرى غليون إن أسباب هذا التحول في دور الدولة هي "بقرطة" الدولة (من البيروقراطية)، من جهة و تنامي قوى المجتمع بالفعل بفضل نضج الدولة الديمقراطية أو اكتمالها والشروط التي خلقتها من حريات فكرية وتنظيمية من جهة ثانية.
الأمر الذي أدى إلى بروز مناخ من الحريات والاستثمار في الفرد وتشجيع مبادرته في إطار هذا الازدهار وارتفاع مستويات المعيشة واستقرار القيم والمعايير الاجتماعية وبالتالي تحرير المجتمع شيئا فشيئا من التسليم والاستسلام للدولة. وشجع قيام جماعات وهيئات ومنظمات تعمل من أجل المجتمع وتجسد إرادته المختلفة بعيدا عن وصاية الدولة وأحيانا بمساعدتها. وشيئا فشيئا نمت فكرة العمل بموازاة الدولة وفي سبيل تنظيم جماعات المصالح الجزئية التي لم تنجح في إيصال صوتها للدولة أو لم تستفد كثيرا منها. وكان الدفاع عن الأقليات والجماعات الهامشية والفقيرة القاعدة التي نشأت عليها العديد من المنظمات غير الحكومية العاملة في سبيل النفع العام. وساعدت القوانين التي سنتها النخب السياسية اليسارية والاجتماعية على دفع هذه الحركة إلى الأمام سواء بإطلاق حق تكوين الجمعيات من دون ترخيص، أو بإخضاعها إلى إشراف رسمي قانوني دقيق يضمن للأفراد المنتمين لها عدم تعرضهم للتلاعب أو النصب.
وهكذا نشأ ونما في البلاد الديمقراطية في العقود الثلاث الماضية عدد لا يحصى من الجمعيات والهيئات غير الحكومية العاملة في جميع المجالات. وأخذ المجتمع يشعر بالفعل أنه قادر على إنجاز العديد من الأهداف والمساهمة في إيجاد حلول ناجعة للعديد من المشاكل، وربما بأسلوب أكثر مرونة من أسلوب الدولة أو البيروقراطية وبتكاليف أقل ونتائج أفضل. وزاد الاعتقاد لدى الرأي العام بأهمية تطوير العمل الأهلي وتنميته كطريقة خاصة في تحمل المجتمع نفسه لمسؤولياته واستلام مصيره بيده والتقليل من مراهنته على الدولة أو على البيروقراطية.
ويصل غليون إلى نتيجة هامة من هذا التشخيص حيث يرى "من هنا يشكل الاعتماد على المجتمع المدني ومؤسساته الاجتماعية غير الحكومية علامة نضج للدولة التي أعادت النظر بدورها وأسلوب تدخلها في الحياة العامة وقبلت بأن تحتل موقع النخاع الشوكي من النظام الاجتماعي بدل أن تكون عموده الفقري، وعلامة نضج كذلك للمجتمع الذي لم يعد يحتاج في تنظيم جميع أموره للدولة وصار قادرا على المبادرة بنفسه لإيجاد العديد من الحلول التي يحتاج إليها، والتي يستطيع أن يقدمها للفئات الاجتماعية المختلفة حسب حاجتها وخصوصياتها، بدل الحلول القياسية الموحدة التي كانت الدولة تفرضها على الجميع من دون مراعاة المشاكل الخاصة والخصوصيات والظروف المحلية".
السلطة الخامسة مرحلة جديدة للديمقراطية:
لقد تركزت الديمقراطية الكلاسيكية على إصلاح الدولة وأساليب ممارسة السلطة من قبل القائمين عليها، وكان أفضل تعبير عنها بناء الدولة الدستورية والقانونية وتثبيت مبدأ فصل السلطات، واستقلال المؤسسات الرئيسية بعضها عن البعض الآخر وتحديد مسؤوليات الحاكمين وإخضاعها للمراقبة الاجتماعية المستمرة. أما في المرحلة الجديدة في المجتمعات الديمقراطية العريقة فإن هناك نزعة قوية للنظر إلى الديمقراطية من داخل المجتمع أو لبناء أسس الديمقراطية الاجتماعية. فالمرحلة الأولى كانت مرحلة الدولة الديمقراطية والمرحلة الثانية هي مرحلة المجتمع الديمقراطي. والمجتمع الديمقراطي لا يقوم على وجود دولة قانونية وديمقراطية فحسب ولكنه يتجاوز ذلك نحو توطين مباديء الديمقراطية في ممارسات الفرد والجماعة معا. وفي هذا الإطار يرى غليون أن التفكير السياسي يستعيد النظر في كل ما كان غائبا في الديمقراطية الكلاسيكية، "أعني التركيز على السلطة أو السلطات الاجتماعية والسعي إلى تطويرها والعمل على تغذيتها بالمباديء والقيم التي حكمت دمقرطة السلطة السياسية العمومية. وهكذا فإن الاستثمار المادي والمعنوي يتجه أكثر فأكثر في الدول ذات الديمقراطية الناضجة من التركز على السلطة المركزية والدولة نحو السلطات الاجتماعية. وتزداد مراهنة الرأي العام على هذه السلطات في تحقيق الأهداف التي لم يعد من الممكن للدولة أن تحققها أو لم يعد من المفيد لهذه الدولة أن تستمر في احتكارها. ولا تقتصر هذه المراهنة على العمل في ميدان التضامن الاجتماعي والإنساني ولا في ميدان المشروع الاقتصادي الحر ولا في الميدان الأسري فحسب ولكن أيضا في ميدان الثقافة والإعلام وتكوين الرأي وتنظيم الحياة المدنية البلدية والمدينية وتحسين البيئة وتنظيم التعاون والتضامن الدوليين ومراقبة السياسة المحلية والدولية وإبداء الرأي فيها بل والاعتراض عليها".
ومن هنا تعيش فكرة التعددية مرحلة تجديد في جميع أشكالها، وتضطر الدولة تلبية لذلك في جميع بلدان الديمقراطية الناجزة إلى أن تزيل احتكارها الذي بقي مفروضا خلال الفترة الطويلة السابقة على وسائل الإعلام الكبرى لتقبل، بل لتشجع على نشوء إذاعات وقنوات تلفزية ومراكز توجيه خاصة، سواء أكانت تجارية أو اجتماعية أو قوموية أو دينية. وبالمثل تكاثرت المنظمات غير الحكومية التي تهتم بالشؤون ذاتها الوطنية والدولية التي كانت من اختصاص الدول حتى وقت قريب. وأصبحت منظمات حقوق الإنسان مثلا من أهم الهيئات التي تحظى بالشرعية العالمية للتصدي للحكومات المستبدة والقمعية. كما أصبحت منظمات المشاركة في التنمية ودعم الشعوب أو الجماعات الفقيرة أو التي تتعرض لكوارث طبيعية أو تهديدات خطيرة أكثر نشاطا من المنظمات الرسمية على صعيد الكرة الأرضية. وفي مواجهة سياسات العولمة الجديدة التي تطورها مجموعة الدول الصناعية الرئيسية، نمت ولا تزال تنمو منظمات أهلية عالمية تمثل أدوات ضغط متزايد على الدول الصناعية في ميدان ضمان الحقوق الاجتماعية أو توجيه السياسات الدولية وجهة إنسانية. وبالمثل تتكاثر الجمعيات المحلية التي تأخذ على عاتقها مهام تنظيم الحياة الأهلية للفئات أو للمجموعات القومية أو للنشاطات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية لهذه الشريحة أو تلك من السكان.
وبوجود هذه المنظمات تجد الدولة لنفسها معينا كبيرا داخل المجتمع يخفف عنها العديد من الأعباء ويفرغها للانشغال بالمسائل الاستراتيجية الكبرى والخطط الطويلة المدى.
السلطة الخامسة في الدول النامية أداة لصالح الحكومات:
وبالعكس من كل ذلك التشخيص والتحليل لواقع ورؤية الدول المتقدمة للسلطة الخامسة فان الحديث المتزايد والمتضخم عن المجتمع المدني في البلاد النامية، ومنها البلاد العربية، كتعويض عن غياب هذا المجتمع تماما وكرد على الفراغ الذي أحدثه في الفضاء العمومي تفسخ الدولة وتحلل السلطة العمومية إلى سلطة أصحاب مصالح خاصة، وانهيار أي قاعدة قانونية ومؤسسية ثابتة وراسخة للدولة والمجتمع معا.
ونختتم هذه الرؤية بمواصلة تبني رؤية الدكتور غليون بأن المجتمع المدني لم يعد ينظر إليه على أنه تجسيد للخاص والمصالح الجزئية في مقابل الدولة المجسدة للعام وللمصالح الكلية ولكن كدولة مقابلة، أي كمنظمات ذات نفع عام وأهداف كلية تخدم أهدافا عامة وتشكل مصدرا للنظام والعقلانية والترشيد والاتساق داخل نظام اجتماعي هجرت الدولة العديد من ميادينه أو أصبحت غير قادرة على بث النظام والسلام فيها. "لقد تحول إلى هيئات عامة (سياسية) داخل الدولة المعدلة سياسيا أو التي خفت درجة احتكارها لما هو عام".
منظمة الأمم المتحدة ودور المنظمات غير الحكومية:
إذا اعتبرنا أن منظمة الأمم المتحدة هي التجسيد للضمير العام الدولي، وعبر وكالاتها الاثنتان والعشرون المتخصصة في معظم ما يهم البشر والتي تعتبر قلب هذه المنظمة ، فان دور البشر الموجهة لهم أساسا أهداف هذه المنظمات أصبح ضرورة لتساهم المنظمات غير الحكومية التي تمثل طموحات هؤلاء البشر جنبا إلى جنب مع حكوماتهم في تحقيق أهداف وبرامج منظمات الأمم المتحدة.
إن أهم منظمات الأمم المتحدة المتخصصة هي:
منظمة الصحة العالمية، محكمة العدل الدولية، المحكمة الجنائية الدولية، المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، منظمة الأغذية والزراعة، منظمة مساعدة الطفولة، منظمة العلوم والثقافة، منظمة العمل الدولية، وصناديق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة والسكان والبيئة ، المجلس الاقتصادي والاجتماعي وما يتفرع عنه من مؤسسات ومن أهمها لجنة حقوق الإنسان، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وغيرها.
الإشكالية الأولى:
إن جميع هذه المنظمات قد اكتسحتها البيروقراطية، لكن مع استثناءات قليلة، هي ذات فاعلية كبيرة في الميدان المتخصصة فيه، إنها تقوم بعمل ضخم ضد الأوبئة ومساعدة الطفولة وإغاثة ضحايا الجوع ومحاربة العنصرية والتمييز والتعذيب ومساعدة اللاجئين وملايين المضطهدين في العالم.
غير انه في مقابل هذه الجهود هناك منظمات دولية تمارس الإضرار وتدمر البناء الذي تعمل تلك المنظمات تشييده ، وأهم تلك المنظمات الكاسرة هي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ورغم أنهما من وكالات الأمم المتحدة إلا أن استراتيجيتهما تتنافر عن باقي الوكالات، وهي حالة غريبة في الأمم المتحدة، وعلى سبيل المثال فان جميع وكالات الأمم المتحدة العاملة في مجال التنمية والعون الإنساني مطلوب منها أن تضع تقريرا عن نشاطها السنوي ترفعه إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة ومقره جنيف، والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي هما أيضا من مؤسسات الأمم المتحدة ويخضعان من حيث المبدأ، لرقابة مماثلة على نشاطاتهما.
إن المجلس الاقتصادي والاجتماعي المكون من (54) دولة عضو تنتخبها الجمعية العامة طبقا للمادة رقم (10) من ميثاق الأمم المتحدة، ومهمة المجلس تأمين "تماسك الجهود والسياسات" التي تقوم بها المؤسسات والوكالات والصناديق وبرامج الأمم المتحدة.
ورغم "عقلنة" خطاب صندوق النقد الدولي بعد انتهاء الحرب الباردة ومراجعته الخجولة لسياساته الاقتصادية التي لم تثمر في معظم دول العالم الثالث سوى المزيد من الأزمات والبطالة والكساد والاعتماد على الاقتراض الدولي...الخ، ورغم محاولاته الخجولة أيضا على استخدام مصطلحات ومفاهيم الوكالات الأخرى للأمم المتحدة كالتنمية الإنسانية ومراعاة الجوانب الاجتماعية عند تنفيذ برامج إعادة هيكلة الاقتصاد والتخصيص وإلغاء الدعم الحكومي، ورغم إدخاله معايير غير الاقتصادية في برامج الاقتراض مثل معيار الحكم الصالح وحقوق العمال والمرأة والطفولة. غير انه ما زال داعما أساسيا لسياسات المنتديات الاقتصادية لكبار الرأسماليين والشركات عابرة القارات. حيث تنادي هذه الكارتلات وقمم عمالقة الرأسمالية بتحرير الأسواق وزيادة الاستهلاك وحرق الغابات وتلويث البيئة ، مما يخلق تصادما واضحا مع برامج وأهداف وجهود باقي وكالات الأمم المتحدة العاملة في الحقول الإنسانية والحقوقية والتنموية.
ولذلك فان هذه الإشكالية بحاجة إلى مناقشة جادة بشأنها وصولا إلى صيغة تحقق مهمة المجلس الاقتصادي والاجتماعي في تامين تماسك الجهود والسياسات بين وكالات الأمم المتحدة.
الإشكالية الثانية:
وهي موضوع هذه الورقة، حيث أصبحت الضرورة الموضوعية تفرض نفسها لإعادة توزيع الأدوار والثقل بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني داخل وكالات الأمم المتحدة أو في التمثيل داخل المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
والأسباب لتحقيق ذلك عديدة منها:
1- ما تمت الإشارة إليها في هذه الورقة في قيام المنظمات غير الحكومية بادوار وتنفيذ برامج أفضل في أحيان كثيرة عن برامج الحكومات، مما يتطلب أن يعكس ذلك نفسه على صعيد التمثيل والثقل في وكالات الأمم المتحدة أيضا، لتتمكن برامج هذه الوكالات من تحقيق أهدافها إذا ما تعاونت وشاركت منظمات المجتمع المدني معها بجانب الحكومات.
2- زيادة القناعة العالمية والمجتمعية بان تأخذ السلطة الخامسة دورها في المنظمات العالمية أو في مجتمعاتها جنبا إلى جنب مع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والأعلام.
3- لقد برزت على الساحة العالمية مستجدات أصبحت تفرض نفسها رويدا رويدا ومنها تنظيم اجتماعات المنتديات الاجتماعية العالمية ومنتديات مقاومة العولمة المتوحشة، تماما كما أصبحت منتديات الدول الصناعية الكبرى واللقاءات الرأسمالية السنوية وشبه السنوية منتظمة وتؤخذ قراراتها في عين الاعتبار بل وتنفذ من قبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وآخرها نتائج قمة الثمانية في جورجيا عام 2004م حيث دخلت هاتين المؤسستين في برامج هذه القمة والموجهة للشرق الأوسط، وكذا الحال مع نتائج الاجتماعات الدورية لمنتدى دافوس. الأمر الذي يتطلب من الأمم المتحدة أن توازن بين هذين القطبين في وكالاتها.إن هذه المسألة بحاجة إلى المزيد من التفصيل لأهميتها:
إن منظمات المجتمع المدني قد بدأت بالفعل الانتقال من حالة الاحتجاج والتظاهرة إلى حالة التنظيم،فمنذ التظاهرة الكبرى في سياتل على الساحل الغربي من الولايات المتحدة الأمريكية في نوفمبر عام 1999م، والتظاهرة الأكبر ضد قمة الثمانية الكبار في جنوى في يوليو 2001م حيث شارك حوالي (200) ألف يمثلون ألف حركة شعبية ونقابة ومنظمة غير حكومية متنوعة أتوا من (82) بلدا. ليتحول بعد ذلك هذا الاحتجاج إلى منتدى اجتماعي ثاني والذي أقيم في بورتو أليغري في البرازيل خلال الفترة من 31 ديسمبر إلى5 فبراير عام 2002م، حيث شارك فيه أكثر من (600) ألف شخص أتوا من خمس قارات، ونظم في هذا المنتدى أكثر من (700) ورشة نقاش و(100) حلقة دراسية و(28) جمعية عامة ناقشت (26) موضوعا، وكان المشاركون في حدود (2000) حركة اجتماعية ونقابية ومنظمات غير حكومية من (88) بلدا.
وتزامن مع هذا النشاط عدة منتديات، منها منتدى رؤساء البلديات، ومنتدى البرلمانيين.
انه إذن مجتمع مدني عالمي جديد بدأ يتبلور ويتشكل ، ومن الأهمية أن تقوم الأمم المتحدة بمبادرة شجاعة لإعادة صياغة العلاقة بين الحكومات وهذه المنظمات غير الحكومية.
الإشكالية الثالثة:
إن معظم برامج المنظمات غير الحكومية تصب في أهداف وكالات الأمم المتحدة، ومن أجل أن تكون لبرامج الأمم المتحدة نتائج ملموسة_ خاصة أمام تخريب هذه النتائج من قبل المؤسسات المالية والنقدية أو إضعافها- ومن أجل أن تكون لهذه النتائج قيمة مضافة واستدامة فان المطلوب مشاركة أكثر فاعلية لهذه المنظمات غير الحكومية في صياغة وصناعة القرار داخل وكالات الأمم المتحدة ، ومساعدة واضحة قانونيا وتنظيميا من قبل الوكالات لهذه المنظمات.
إن ترك هذه المنظمات غير الحكومية دون دعم حقيقي لها من قبل الأمم المتحدة يعني ضياع الجهود والطاقات والأموال في بيروقراطية الحكومات وأجهزتها الفاسدة.
ولنأخذ بعض الأمثلة:
الحركات النقابية والعمالية: التي تواجه العولمة المتوحشة بحاجة إلى تمثيل أقوى في منظمة العمل الدولية.
الحركات الفلاحية: أخذت تحتل مكانة مركزية في المجتمع المدني، فعلى سبيل المثال هناك منظمة تدعى (فيا كامبسينا) في البرازيل تجمع في إطارها ما يزيد على (100) مليون من صغار الفلاحين ومربي الحيوانات والمزارعين والعمال المزارعين المتنقلين.
الحركات النسائية: التي تحالفت من أجل حقوق المرأة وتمكنت من تنفيذ المسيرة الدولية للنساء عام 1998م.
حركات الثقافات المحلية: والتي تجاهد من أجل حماية الثقافات المحلية لمجتمعاتها التقليدية في مواجهة العولمة الرأسمالية التي تسحب المجتمعات التقليدية بتنوعها الثقافي نحو تذويب هويتها وثقافاتها في قيم وثقافة رأسمالية غربية واحدة.
الحركات والجمعيات والأحزاب البيئية: وهي قوية وخاصة في أوروبا وتمكنت من تشكيل جبهة موحدة للدفاع عن البيئة ومنع تدمير الغابة البكر لتمديد أنابيب نفط دوبا-كريبي في الكاميرون والذي فرضه البنك الدولي.
حركات اجتماعية أخرى: تعمل وتكافح النظام الرأسمالي العالمي ومنها على سبيل المثال حركة "أتاك" وهي جمعية تدعوا إلى طرح ضريبة على الصفقات المالية بهدف مساعدة المواطنين ومركزها فرنسا، حيث تطالب بان تخصص هذه الرسوم وحصيلة الضريبة والتي تديره صندوق عالمي في الأمم المتحدة لتمويل مشاريع بنى تحتية صحية ومدرسية والإسهام في تنمية قوى الإنتاج في البلدان الأكثر فقرا. هذه الجمعية حاليا لديها في فرنسا في حدود (200) لجنة محلية، يضاف إليها أكثر من (40) شعبة دولية منضوية في ما يسمى أتاك العالمية، ولديها موقع على شبكة الانترنيت يحتوي على (40) ألف وثيقة صادرة عن (130) بلدا، ويعمل في مكاتبها (600) مترجم متطوع يجيدون (15) لغة.
ومن أمثال هذه الجمعية الكثير كمنظمة (يوبيل2000) البريطانية التي تطالب بإلغاء الديون الخارجية لدول العالم الثالث ونجحت في جمع (17) مليون توقيع في اقل من ثلاث سنوات. و(منتدى الفقراء) في تايلند والذي تأسس عام 1995م من قبل فلاحين فقراء ومتوسطي الحال وتضم حاليا في هذه المنظمة حوالي (500) ألف عضو يدافعون عن مصالح الفلاحين.
و(شبكة العالم الثالث) في ماليزيا والتي تأسست عام 1996م وتعمل على تامين الاتصال بين مئات المنظمات المحلية والإقليمية والوطنية العاملة في مجال إلغاء ديون بلدان العالم الثالث.
ومئات أخرى من المنظمات غير الحكومية التي أخذت تنتشر وتتوسع وتنافس الحكومات بل وتقاوم سياساتها المتعارضة مع مصالح الفقراء، وهي كلها تعمل لتحقيق ذات الأهداف الموضوعة لوكالات الأمم المتحدة المتخصصة، ولذا فان المشاركة الفاعلة لها داخل هذه الوكالات أصبحت ضرورة دولية.
مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة:
إذا كانت الأمم المتحدة بوضعها الراهن نتاج موازين القوى بعد الحرب العالمية الثانية، ونتاج واقع دولي يتحكم فيه صراع القطبين الرأسمالي والاشتراكي، ونتاج تطور مجتمعي كانت للحكومات وحدها الثقل الأساس، حيث كانت السلطات الأخرى مهمشة وبالأخص مؤسسات المجتمع المدني.
فان الواقع الدولي الراهن قد اختلف جوهريا، حيث أصبحت الأقطاب الدولية تحل محل القطبين السابقين، وحيث أصبح القطب المنتصر يقاوم التغيير ويرفض إفساح المجال للقوى الجديدة من أن تأخذ دورها وتعكس ثقلها في أجهزة الأمم المتحدة، وحيث أصبحت المنظمات غير الحكومية تحل محل الحكومات في مجتمعاتها المحلية وتقدم الخدمات وتقاوم الاستغلال، وحيث تمكنت هذه المنظمات أن تخلق لنفسها منتديات عالمية وتمارس ضغطا واضحا لتغيير السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعمل الدول الصناعية والشركات العملاقة من تنفيذها وبما تحقق مصالحها الطبقية المتصادمة مع مصالح الطبقات الفقيرة ومتوسطة الحال، وكذلك البيئة وحقوق المرأة والطفولة وغيرها.
إن كافة هذه المستجدات والمتغيرات النوعية بحاجة أن تعكس نفسها تشريعيا وقانونيا وتنظيميا في أجهزة الأمم المتحدة, وأن يترافق الاهتمام الحالي من قبل وكالات الأمم المتحدة للمنظمات غير الحكومية والذي يتركز على دعوتها لتنفيذ توصيات المؤتمرات العالمية (السكان والتنمية، التنمية الاجتماعية، المرأة، المستوطنات البشرية،...الخ)، ومساعدتها في إقامة بعض الفعاليات، ومشاركتها في مؤتمراتها وملتقياتها كمراقب.
أن يترافق مع ذلك خطوة أخرى تتمثل في التالي:
أولا: إشراك هذه المنظمات في هذه الوكالات ليست بصفتها كمراقب وإنما كعضو أصيل مساو مع التمثيل الحكومي، وخير نموذج من المطلوب تعميمه على كافة وكالات الأمم المتحدة هو ثلاثية التمثيل الموجودة في منظمة العمل الدولية‘ حيث الشركاء الاجتماعيين الثلاثة (الحكومات وأصحاب الأعمال والعمال) يشاركون في صياغة وصناعة وإعداد الاتفاقيات التوصيات وتنفيذهما وتمويل المنظمة للبرامج الموجهة لأطراف الإنتاج الثلاثة.
ثانيا:أن يتم دعم وتمويل برامج المنظمات غير الحكومية مباشرة ، بحيث يخصص ضمن موازنات الوكالات الدولية بندا ملزما لنقل برامج محددة ومشاريع إلى المنظمات غير الحكومية ذات العلاقة.
ثالثا: أن يتم تعديل أنظمة الوكالات الدولية بحيث يتم التعامل مباشرة مع المنظمات غير الحكومية أسوة بالتعامل الراهن مع الحكومات.
إنها الخطوة الأولى لإصلاح حقيقي في الأمم المتحدة تحقق العدالة بالنسبة للمنظمات غير الحكومية، وتعكس المتغيرات الكونية الجديدة.
المراجع:
1- نشأة مفهوم المجتمع المدني وتطوره ، ورقة بحثية للدكتور برهان غليون.
2- مجموعة دراسات عن دور المنظمات غير الحكومية في تنفيذ توصيات المؤتمرات العالمية، نحو مدونة سلوك، الاسكوا، الأمم المتحدة،2003م.
3- تقرير الاجتماع الأول للهيئة الاستشارية الإقليمية للمنظمات غير الحكومية، الاسكوا، الأمم المتحدة، ديسمبر2003م.
4- سادة العالم الجدد، الدكتور جان زيغلر، مركز دراسات الوحدة العربية،ط1،ديسمبر2003م.
_________________________________
ندوة إصلاح الأمم المتحدة
البحرين:7 أبريل 2005م
الشبكة العربية للمنظمات غير الحكومية للتنمية
#عبدالله_جناحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشباب والكوكبة
-
إصلاح سوق العمل والاصلاح الشامل: المتطلبات والضرورات
-
تحرير سوق العمل والضرورات المفقودة: خطاب إلى ولي العهد
-
ما أشبه الليلة بالبارحة
-
النقابات العمالية ودورها في اتفاقية التجارة الحرة: بين البحر
...
-
فقدان ثقافة التفاوض بين الحكم والمعارضة
-
الشقيقة الكبرى - السعودية - ومعوقات الاصلاح السياسي
المزيد.....
-
بالفيديو.. منصات عبرية تنشر لقطات لاشتباكات طاحنة بين الجيش
...
-
Rolls-Royce تخطط لتطوير مفاعلات نووية فضائية صغيرة الحجم
-
-القاتل الصامت-.. عوامل الخطر وكيفية الوقاية
-
-المغذيات الهوائية-.. مصادر غذائية من نوع آخر!
-
إعلام ألماني يكشف عن خرق أمني خطير استهدف حاملة طائرات بريطا
...
-
ترامب يدرس تعيين ريتشارد غرينيل مبعوثا أمريكيا خاصا لأوكراني
...
-
مقتل مدير مستشفى و6 عاملين في غارة إسرائيلية على بعلبك
-
أوستن يتوقع انخراط قوات كورية شمالية في حرب أوكرانيا قريبا
-
بوتين: لدينا احتياطي لصواريخ -أوريشنيك-
-
بيلاوسوف: قواتنا تسحق أهم تشكيلات كييف
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|