أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى اسماعيل - راعي خراف الرب وفقهاء الظلام















المزيد.....

راعي خراف الرب وفقهاء الظلام


مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)


الحوار المتمدن-العدد: 1163 - 2005 / 4 / 10 - 12:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما فعله البابا يوحنا بولص الثاني في تاريخ العالم والكنيسة المسيحية الكاثوليكية عجزَ الكثيرونَ عن الإقدام عليه . من باباواتٍ وفقهاءٍ وحاخامات . فهو المراجع الكبير لماضي الكنيسة الملتبسة المواقف , وهو المعترف الكبير بجملة من أخطاءها , وهو الذي فتح الأفق على مصراعيه أمام البحث في ملفات سوداء في تاريخ تلكم الكنيسة انطلاقاً من محاكم التفتيش , مروراً بالتنصيرِ الواسع النطاق للمسلمين في الأندلس عقب سقوط غرينادا ( غرناطة ) 1492م والحروب الصليبية وتجارة الرق وانتهاءً بالهولوكوست في منتصف القرن العشرين .
وهو الذي لقن درساً في حوار الحضارات والأديان والثقافات لجميع رجال الديانات حين زار المسجد الأموي وقبّل القرآن في أثناء زيارته لسوريا أيّار 2001 , الى جانب مساهمته الفاعلة في إزالة الهيمنة البوليسية للدول المعتاشة زوراً على الفكر الشيوعي عن بلده الأوّل بولندا ولاحقاً عن أوروبا الشرقية من خلال مساندتهِ الماديةِ والمعنوية لحركة التضامن العمالية البولندية .
نعلم أنّ البابا المندفع في إشاعة الحرية ومكافحة المرض والفقر وحقوق الإنسان كان بالمقابل دوغمائياً ومحافظاً راديكالياً في موقفه من اللاهوت الكاثوليكي المتحرر الذي انتشر منذ السبعينات. وهذا خلل بنيوي , عضوي في جميع الديانات التي تنظر للجديد على الدوام على أنّه هرطقة وخروج على حظيرة الدين وعرض مرضي .
حوّل البابا يوحنا بولص الثاني الكنيسةَ الى لاعبٍ لا يستهان بها في مسرح السياسة الدولية , باستقلالية آراءها ومواقفها اللامحابية لأحدٍ على حساب أحد , وخاصة في مواقفها العديدة من المسرح العالمي الأكثر اشتعالاً ( الشرق الأوسط ) .
في المقابل , وفي ديار الإسلام , لماذا لم يبرز رجل دينٍ بقامة البابا , ولماذا ينظر جميع المفتينَ والفقهاء الى ممارسات المسلمين وحكامّهم بمثابتها مقدساً لا يناله الشكّ ولا تسمح بمقاربة عقلانية معرفية لها , فهي ثابت فرضي ونظري وعملي بينما العالم يشهد عصر تحولات كبرى ولا مكان فيه لليقينيات العظمى . ؟
لماذا منذ عصر أرستقراطية بني أمية تمّ تدجين الدين الإسلامي وترويضه وتحويله الى مجرد قواعد فقهية جامدة ليسَ بمقدورها مواكبة الحداثة . ولماذا تحوّل المسلمون في عصور العقل والتقانة هذه الى مجرد متفرجين بكم ومشاهدين للنشرات الجوية ومتفوهين بارعين عن الزرعِ والضرعِ والى ما شابهَ ؟ ..
الكنيسة انتصرت على نفسها ,على ظلاميتها وعلى طقوس اللاعقل مدشنةً بذلكَ عصور الانعتاق من أغلال الاستبداد الديني الذي هو ربيب الاستبداد السياسي , وهي التي في مراحل سابقة حاربت الأنوار وإرهاصات النهضة من كوبرنيكوس وغاليلو والفتوحات الجغرافية , وهي المتآخية مع أمراء الاقطاعات وملوك أوروبا الاستبداديين إذ كانت تصدر صكوك تعيينهم وتبارك لهم الملك والسلطان , أذعنت لموجة الإصلاح الديني فأنقطع حبل السرة بين الدين والدولة , فبارح الأوروبيون قروسطيتهم منطلقين نحو آفاق أرحب .
أما عندنا فلم تحدث أية محاولة تغيير جدية , ولا زال الحلف القديم بين الدولة الشمولية والمسجد هو عينه , ولا زال الاستبداد الديني هو صنيعة أولي الأمر من السياسيين تمثلاً لمقولة معاوية بن أبي سفيان لمعارضيه " يا أبن أخي هي الدنيا فإما أن ترضع معنا وإما أن ترتضع عنا " . وإذا كان الاستبداد السياسي الغاشم هو المطروح دائماً وأبداً على موائد النقاش فأنّ الاستبداد الديني أمرّ وأدهى وأشدّ وطأةً , كون الدين يلعب دوراً محورياً في مجتمعاتنا وهو متغلغل في العلم والاقتصاد والأخلاق والتربية والثقافة . ولا يزال هذا الدمج القسري بين شؤون الدنيا والدين أحد المحددات الدينية في مجتمعاتنا . ولا يزال التكفير هو خير سلاح لمواجهة العالم الموار .
ففي حين يزور البابا , رمز المسيحية الكاثوليكية مسجداً إسلامياً ويقبّل القرآن . نسمع شيوخاً في ديار الإسلام لا يكتفون بتكفير غير المسلمين , بل ويكفرون المسلمين المختلفين مع مذاهبهم أيضاً كالشيخ السعودي عبد العزيز آل الشيخ الذي يكفّر الفاطميين فهم برأيهِ " قد بانَ لعلماء الإسلامِ ضلالهم وإنّهم من الإسماعيلية الباطنية ولهم مقالات وأفعال كفرية فضلاً عن البدع والمنكرات , فليسوا أهلاً للإقتداء والتأسي ". ( جريدة الشرق الأوسط – العدد8576 – الأربعاء 22/5/2002 ) .
ولا يزال من المحرمات صلاة أبناء طائفة إسلامية ما في مسجد طائفةٍ أخرى . كما أنّ فقهاء المسلمين لا يجيدون إلا استنساخ تفسير الجلالين والقصص التوراتية . بديهي أنّ ذلك يتم لأجل القفز فوق الواقع الحالي ومتطلباته ومستحقاته الكثر من مثل : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمنكرات , السياسية منها لا تحصى . لا يريد فقهاءنا الجميلون الاصطدام بالسلطات , فهم موظفون بررة , وأعضاء في مؤسسة تعليب الأفكار والهواجس لأجل غدٍ خالٍ من النقد والإمعان واللا والتفكر والتدبر فيما هو خير للرعايا من أمور الدنيا لا الآخرة .
باسم هذا الإسلام المحوّل على يد فقهاء الظلام الى مجرد يافتة , باسم هذا الإسلام المختطف منذ ولادته تمت المجازر بحق الأرمن والآشوريين . باسم هذا الإسلام جرت الأنفال وجرى ما جرى في حلبجة , بينما كان فقهاؤنا يتدبرون في حل لمسألة الرجل إذا ما نكح الحمار ما حكمهما ؟...
الغريب في التاريخ الإسلامي أنّ الغزالي الذي كفّر الفلاسفة في زمانه وفي كل زمانٍ آخرَ انطلاقاً من هالات القدسية التي تطوقه , لم يصدر فتوى واحدة بإعلان الجهاد على الفرنجة زمن الحروب الصليبية التي عاصرها . كما أنّ ابن تيمية كفّر التتار وهم مسلمون يدينون بمذهب هو البلق ويتلفظون بالشهادتين ويعتبرون فقهياً جزءاً من الأمّة الإسلامية . كل ذلك يتأتى من اختزال أولئك الفقهاء للإسلام الى مجرد أدلوجةٍ اسلامويةٍ تكفيرية .
منذ عصر الإسلام الأول لم تتوقف ماكينة التكفير وخلق مجتمع مأزوم ومشكوك في أهليته وقدراته على الاندماج مع العالم , وهذا بديهي كون العالم من حولنا يتغير ونحن رابضون في غياهب تفريخ الاجتهادات القديمة .
مثال العراق اليوم يثير الكثير من الأسئلة حول دور الاسلامويين في التعامل مع الأوضاع المستجدة , فكل جاهل لا يجيد القراءة والكتابة صار يفتي في مسائل الجهاد , مبشراً الظلاميين بحور العين والغابات الاستوائية في الجنة . وكل راقصةٍ شبعت من مفردات العهر وهز الورك تنسكت في الحجاب وصارت تتخمنا بالحلال البيّن والحرام البيّن وما بينهما من أمورٍ مشتبهات .



#مصطفى_اسماعيل (هاشتاغ)       Mustafa_Ismail#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكورد أمة .. من ما قبل جنكيزخان الى ما بعد سقوط صدام
- الأكراد والعقول العنكبوتية المقلوبة - من يسقط في برميل النفط ...
- الأكراد والعقول العنكبوتية المقلوبة - من يسقط في برميل النفط ...
- الذهنية الاقصائية - الأقليات والجاليات وتعالي الأنا العربية
- الذهنية الاقصائية - خرافة الايديولوجيا القومية الحديثة -ياسي ...
- الذهنية الاقصائية - ياسين الحافظ ومسألة الأقليات
- الذهنية الاقصائية في الخطاب الثقافي العربي-مسألة الأقليات
- الذهنية الاقصائية في الخطاب الثقافي العربي - مركزية العرب وه ...
- مدخل الىالذهنية الاقصائية في الخطاب الثقافي العربي
- عن الأفق الديمقراطي
- ( العقل الدونكيشوتي والعقل الالكتروني (تحية الى موقع سيدا ال ...
- حلبجة.. أوشفيتز..والعرب


المزيد.....




- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى اسماعيل - راعي خراف الرب وفقهاء الظلام