أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - محطات














المزيد.....

محطات


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4040 - 2013 / 3 / 23 - 13:42
المحور: الادب والفن
    


محطات
قالوا قديماً أن الحياة بأسرها عبارة عن محطات .. كتلك التي يقف عندها القطار .. في كل محطة يقف فيها القطار يُفرغ بعضاً من المارين بين طيات هذه الحياة .. إلى أن تنتهي الرحلة ويَفرغُ من آخر من تبقى لديه من العابرين جوف هذه الحياة .. ويلقي بهم إلى نهاية المطاف ..
هذه هي الحياة باختصار شديد .. رحلة .. قد تكون رحلة شيقة وممتعة إلى أبعد الشطآن .. وقد تكون مسبَحةٌ من المشاق .. تتدرج المشقة فيها من حبة إلى أخرى .. إلى أن تُلقى وبذات السلاسة إلى الجانب الآخر من الحياة .. الجانب الأسود من النهار .. الذي لا يصافحه فيما بعد أي صباح ..
هكذا قالوا .. ويقولون .. ولم أكن أُعِر كلامهم هذا أي انتباه ..
أنتَ .. كيف تكون أنتَ محطةٌ من محطات القطار ؟ كيف تكون أنتَ محطةٌ عابرة من محطات العمر .. أو من محطات هذا الربيع الهزيل .. أو محطة من محطات صيف قائظ يرخي بظلال قيظه قبل الأوان ليحرق كل ما يتصاعد من أنفاسنا قبل أن تهنأ بربيع يحمل بين أجنحته عبق تلك البلاد .
كيف تكون أنتَ مجرد محطةٌ ؟!
أشهرتَ سيفك في وجهي .. وإن يكن ..
هذا لا يجعلك أبداً محطةٌ يُفرغ إليها كل ما كانت تحمله بين طيات فؤادها تلك اللحظات .. لحظات بحجم دموع الشوق التي ذُرفت على مرافىء الانتظار .. لحظات بحجم تنهيدات الحب التي كانت تنهمر زخات زخات عند عتبات اللقاء .. لحظات بحجم القلق الذي كان يُصبُّ كالنار فوق رؤوسنا حين يكبر حجم الغياب .. لحظات بحجم هذا الانتظار .. وعلى مدى دهر من الزمان .. كيف تكون أنتَ محطةٌ فيها .. ومنها .. وإليها ؟
محطةٌ أنتَ .. أنتَ مجرد محطة ..
كيف تكون أنتَ محطةٌ من محطات القطار ؟
وكنتَ ..
للأسف الشديد كنتَ أنتَ محطةٌ من محطات العمر ..
ومع اعتذاري الشديد للأبجدية الطاهرة التي كانت تروينا حين تجتاحنا أعاصير الظمأ .. مع بالغ اعتذاري من قوافي الشعر التي طاردتها خلفك بين الغياب والغياب فكنتُ أصطادها في حضورك الصغير الكبير كما أصطاد فراشات الربيع ثم أحتفظ فيها داخل صندوق ألعابي .. كي يبقى ذاك الشعور يراودني .. أنني لا أزال تلك الطفلة في عينيك .. وفي قلبك .. وفي قوافي أشعارك .
محطةٌ أنتَ ..
وهذا السرُّ في عينيك الذي كان وعلى طول سنوات التشرد والضياع يهبني الآمان .. يهبني الحياة كلما أوشكتُ أن أرفع كفي ملوحة بالوداع .. كنتَ تصيحُ مذعوراً .. قفي يا فتاة .. لا يزال البنفسج يضحك لنا .. ولا يزال ياسمين تلك الدار يلقي بجدائله البيضاء على الشرفات ..
لمَ الرحيل الآن .. والعمر أمامنا يمدُّ إلينا بساطاً من الحب موشحاً ببريق عينيك وبعض الألحان .. قفي .. لا تستعجلي الرحيل يا عروس البحر .. أيتها الأيلولية الميلاد .. الصعبة المراس .. يا عاقدة الحاجبين على جبين الأيام .. لمَ الرحيل الآن ولا يزال في جعبتي الكثير من الحكايات عن ذلك السندباد الذي قطع البحار طولاً وعرضاً وأتى وعلى ساعديه تغفو عروس البحار .. قفي .. لا ترحلي .. وتتركيني وحدي أصارع غول الأيام ..
أنتَ محطةٌ .. شئتَ هذا أم أبيتَ ..
أنتَ .. أشهرت سيفك في وجهي .. وأدرت ظهرك لقوافي الشعر .. ولأعمدة الخيام .. وركبت البحر وحدك .. وغمزت بطرف عينك عروس الشمال .. وهي لبت نداءك دونما خجل ودونما حساب ..
فماذا بقيَّ لي منك .. وماذا تبقى لي فيك .. وأنتَ واعدت وأمام عينيّ عروس الشمال ؟
محطةُ أنتَ.. شئتَ ذلك أم أبيتَ ..
يا رفيق الوجع .. يا رفيق محطات الانتظار .. يا رفيق الحلم الذي كان ينسكب على شرفات الغد فنلعقه مع شهد الصباح ونمضي نحتسي كؤوس الصباح خلف الحدود ونلقي تحية الأمل على خارطة الوطن التي بقيت تنتظر وكعادتها دونما ميعاد ..
مكرهة أنا حين أصفع حضورك اليوم بالوداع ..
الوداع يا رفيقي ..
الوداع .



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- همسات نورانية جزء 11
- كنتَ حلماً
- الحقيبة الحمراء
- سلسلة جاهلية جزء1
- -لما عالباب منتودع -
- أيام عَ البال
- رسالة لم تكتمل
- الأماكن
- سلسلة حافية القدمين والبحر .. جزء 8 .
- البنفسج حزين .
- أسئلة مشروعة
- ... فاخلعيني .
- ورق
- أنتَ العيد
- حدائق اللوز
- أيها البدويُّ المتعب .
- سلسلة حافية القدمين والبحر .. جزء 7 ..
- سلسلة حافية القدمين والبحر .. جزء6
- هل من خبر ؟
- أي خبر


المزيد.....




- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - محطات