أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الله النملي - نبش في تاريخ و ذاكرة اكناوة بآسفي















المزيد.....

نبش في تاريخ و ذاكرة اكناوة بآسفي


عبد الله النملي

الحوار المتمدن-العدد: 4040 - 2013 / 3 / 23 - 02:08
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


من الناحية التاريخية لم يعرف المغرب ظاهرة عبيد اكناوة إلا مع الدولة السعدية في إطار السياسة التوسعية اتجاه السودان الغربي. كما اعتمد السلطان المولى اسماعيل في تركيبة جيشه على الزنوج الأفارقة دون غيرهم، لكونهم لا تربطهم أية رابطة بالسكان المحليين، وليس لهم إلا أن يطيعوا السلطان طاعة عمياء، وكان ذلك فرصة سانحة لهؤلاء السود للتعبير عن عاداتهم وتقاليدهم وطقوسهم، وكانت بداية لظهور ما يسمى بالليالي الكناوية داخل القصبات التي يقطنون بها، المسماة حسب الدراسة التي قام بها كل من J.HAINAUT J.CALLE قصبات اكناوة، و التي بلغت حسب الزياني في عهد المولى اسماعيل ستة وسبعون قصبة(1).
وحين أسس السلطان محمد بن عبد الله مدينة الصويرة قام بدوره باستقدام هؤلاء العبيد في إطار تعميرها، إذ لازلنا إلى الآن نجد حيا سكنيا يحمل اسم الباخر نسبة لهؤلاء الجنود(2)، كما نجد عدة أزقة إلى الآن تحمل اسم اكناوة: مثل درب اكناوة بمراكش، ودرب اكناوة بمكناس وفاس والرباط والبيضاء، ودرب اكناوة بآسفي. لقد كان اكناوة يشكلون مجموعات منغلقة ولذلك استطاعوا الحفاظ على فنهم وطقوسهم(3) و إن كانت اللغة الأصلية لا تظهر إلا في كلمات قليلة من أغانيهم،فإن طقوسهم وأدواتهم الموسيقية ورقصاتهم تعكس حقيقة جذورهم الإفريقية أو ما يعرف قديما بالسودان، المصدر الذي انحدروا منه عبر مراحل وظروف تاريخية مختلفة إلى المغرب. لكن كيف عرفت مدينة آسفي اكنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاوة؟
لعل الباحث في ظاهرة اكناوة بمدينة آسفي تعترضه مجموعة من المشاكل والصعوبات، في مقدمتها رحيل الكثير من رواد و مراجع الفن الكناوي بآسفي، وغياب المصادر والمراجع التي تناولت بالدرس والتحليل هذه الظاهرة الفنية. ويرى الباحث والمعلم الكناوي المسفيوي محمد قاقة أن " الداخل إلى هذا العالم المحكم بلعبة القواعد الطقوسية يشعر أنه حبيس متاهات، لما يعرفه هذا الموضوع من ندرة وشح في المادة المصدرية والتوثيقية، مع غياب تام للنص الكناوي المكتوب، مقابل وفرة في الرواية الشفاهية التي لا تخلو من التشكيك "(4) على عادة المغاربة وزهدهم في التدوين.
و تذهب بعض المصادر التاريخية إلى أن آسفي استعادت دورها التجاري خلال الحكم السعدي بعد الركوض الذي عرفته، و أصبحت أهم مركز تجاري لاستقبال كميات مهمة من الذهب والعبيد والمواد السودانية التي كانت توجه نحو الموانئ الأطلسية ومنها آسفي، ومن تم كان استقرار جزء من العبيد حاملي الطقوس الأرواحية القادمين من افريقيا بضواحي المدينة، أطلق عليهم فيما بعد اسم " عبيد دار القايد "، لاشتغالهم في خدمة القائد عيسى بن عمر العبدي، ومن بقايا هؤلاء ينحدر المعلم الكناوي بلال ولد سلمة، رغم أن هذا الطرح فيه بعض من التشكيك(5).
و يرجع أول ظهور فعلي لكناوة بآسفي كما تتداوله الرواية الشفوية و الوسط الكناوي بآسفي إلى شخصية " صامبا " الذي جاء هاربا من مدينة الصويرة، خوفا من بطش أبيه، الذي كان مكلفا بمعاقبة البواخر الخارجين على العرف المعمول به في ذلك الزمن، وهو سبب كافي لاستقرار صامبا خارج أسوار مدينة آسفي جهة الشمال، حيث بدأ يتردد عليه في البداية بعض سكان المدينة للاستئناس في إطار ما يسمى " الوْلاعة " أي التعلق الشديد بالاستماع إلى ما تصدره أوتار السنتير أو " كوكو" من ايقاعات، ومن تم انطلق في تنظيم ليالي اكناوية لدى أعيان المدينة، ومنهم بعض الباشوات. ويعتبر المعلم صامبا الأب الروحي لكناوة بآسفي(6).
وقد تشكلت الثقافة الكناوية بآسفي بفعل مجموعة من العوامل، أهمها القرب الجغرافي من مدينة الصويرة، مما يظهر التأثير الكناوي الصويري الفارض نفسه بحدة على التاكناويت بآسفي من حيث التراتبية في الوحدات والمنظومة، فضلا عن عامل التصاهر والتزاوج بين الأسر الكناوية بكل من آسفي والصويرة. و مع بداية القرن العشرين شهدت مدينة آسفي توافد العديد من أفراد اكناوة من مناطق زاوية كرات وزاوية تالمست والنجوم، والقاسم المشترك بينهم جميعا هو انتماؤهم لمنطقة الشياظمة الشهيرة، كأسرة بلاد النجوبي، و فاتح بن مبارك لكناوي، الذين استقروا بجنوب آسفي بزاوية سيدي واصل، قادمين إليها من اكرات، وكونوا فيما بعد عائلة اكناوية مع كل من أسرة الجيلالي وسالم ناما، وكلهم من عبيد تالمست(7).
وخلال منتصف القرن العشرين عرفت التاكناويت بآسفي تطورا كبيرا، وهذا مرده إلى القطيعة مع الأساليب القديمة للأنماط الإيقاعية، واختزال الدردبة في ليلة واحدة بدل سبعة ليالي. وفي هذه الفترة لم تكن توجد بآسفي إلا دار واحدة هي دار بامبرا التي لها جذور بإفريقيا الغربية يقوم بتوجيهها بعد لمعلم صامبا، كل من المعلم بلال ولد سلمة، والمعلم فاتح بن مبارك والإخوة سالم و فرج النجوبي، الذين لم يتبق من عائلتهم إلا عبد الله بن عبيد الذي كانت تقام له ليلة اكناوية خلال كل سنة، ثم تابع المسيرة بعدهم المعلم فاتح بن مبارك، والمعلم عبد المولى الدردابي، والطاهر السمين، وحمزة كينيا، و تلامذة المعلم فاتح والمعلم رزوق لكراتي والمعلم ادريس ولد العرج بالزاوية(8).
ومن بين الرواد لهذا الفن بآسفي نقف على اسم المعلم فاتح لكراتي، الذي كان مقيما في زاوية سيدي واصل، وكان طاقمه يتكون من فاتح لعسل، سالم، خالي محمد الهواري، وسالم اعميمي. وكان هناك كذلك المعلم الحداد في سانية زين العابدين، والمعلم صامبا، والمعلم رزوق في بياضة، وكذلك المعلم كاراكو في تراب الصيني. ويظهر حسب التحريات الميدانية الأولى أن آسفي تقتسمها مدرستان للفن الكناوي: مدرسة زاوية سيدي واصل التي أسسها المعلم فاتح لكراتي ولازالت مستمرة إلى الآن، ومدرسة بياضة التي أسسها المعلم صامبا والمعلم رزوق ولازالت هي كذلك تحتفظ بمجموعة من المميزات والخصوصيات..كما أن نشاط هذه الفرق كان يكثف خلال شهر شعبان، حيث تكثر ليالي اكناوة خصوصا عند العرافات، أما خلال الأيام العادية فكانوا يَعْمُرون الحلقة كل يوم أحد قرب سيدي الشهري أو خلال موسم عاشوراء (9).
و إذا كان المعلم صامبا هو الأب الروحي لكناوة آسفي، فإن المعلم رزوق هو صاحب الفضل في إدخال المرساوي الكناوي إلى آسفي، في فترة السبعينات نتيجة احتكاكه بكناوة من مراكش والصويرة. والنمط المرساوي عند شيوخ اكناوة هو نقر الأوتار بدون لمس الجلد، والبعض الآخر يعطيه تعريفا مغايرا ويعتبره نمط ايقاعي لتاكنويت الموجودة بالمدن الساحلية(10) .
واليوم ونظرا للتطور الذي عرفه المجتمع المغربي وظهور مهرجان اكناوة وموسيقى العالم، فقد انضم اكناوة إلى جمعيات تهتم بالموسيقى والثقافة الكناوية، و يصل عددها بآسفي لوحده إلى تسعة جمعيات، تشارك في المهرجانات والملتقيات المحلية والوطنية وتصاحب العرسان ليلة زفافهم، بعد التراجع الواضح في إقامة الليالي الكناوية في شهر شعبان، نظرا للبدع الضالة والشعوذة الدخيلة التي ارتبطت بهذه الليالي، والتي أخرجتها من فن نبيل إلى طقوس للشعوذة والذبيحة و إراقة الدماء ومحلات الملوك والجن.
الهوامـــــــــش:
(1)(2) بحث لنيل الإجازة في التاريخ، تحت عنوان: التأثير الفني للسودان الغربي على المجتمع المغربي_ نموذج اكناوة_ محمد قاقة ورشيدة كمكام _ 1993_1994_ تحت إشراف ذ محمد المهناوي. ص 17 _ 18 .
(3) محمد مضمون: اكناوة: الرقص، الطقس، اللون، الموسيقى والأصوات_ جريدة العلم العدد الصادر بتاريخ 27 نونبر 1992_ ص 10.
(4) محمد قاقة، معلم اكناوي، وباحث في تاريخ اكناوة، مدير دار الشباب أموني بآسفي .
(5)(6)(7)(8)محمد قاقة: دراسة سوسيو تاريخية في الثقافة الكناوية بالمغرب. ص 3 _ 4_ 5 .
(9) علال ركوك: موسيقى آسفي نماذج وتجليات_ منشورات جمعية البحث والتوثيق والنشر.الطبعة الأولى 2005 . ص 23 _ 24 .
(10) محمد قاقة: دراسة سوسيو تاريخية في الثقافة الكناوية بالمغرب. ص 5 .



#عبد_الله_النملي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب مالي والمعايير المزدوجة !!
- شباب مغربي هََجَر الحَرْفَ العربي خَطّا وشَكْلا
- الملايير المنهوبة مسؤولة عن فقرنا


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الله النملي - نبش في تاريخ و ذاكرة اكناوة بآسفي