أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - رينا ميني - ما بين الثرى والثريا














المزيد.....


ما بين الثرى والثريا


رينا ميني

الحوار المتمدن-العدد: 4037 - 2013 / 3 / 20 - 22:43
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


علّمونا في الصغر أنّ الربيع هو أجمل الفصول، فيه الزهور تتفتح وترتدي الأرض من جديدٍ ثوبها الأخضر إستعداداً للعيد والبهجة، وفيه تعود أسراب الطيور لتزيّن السماء والأشجار. كبرنا على هذا الوصف وصدقّناه إلى أن جاءنا ربيعاً مختلفاً بعيداً كلّ البعد عمّ تعلمناه.
في عصر العلم والكنولوجيا الحديثة، في عصر التطّور اللامحدود، زارنا "الربيع العربي". ربيعٌ ما تفتّح فيه إلاّ أجساد الناس المرمية أشلاؤها هنا وهناك، وما ارتدت فيه الأرض إلاّ ثوبها الأحمر، أحمر الدماء السائل على الطرقات، وما عاد فضاءنا إلاّ النسور الثاقبة العيون على الجيف.
هو ربيع صاخب، تضجّ فيه أصوات الأنين وصرخات الثكالى ويهدر فيه صمت القتلى. ربيعٌ حزينٌ، تتساقط فيه العبرات كوابل المطر في ليالي الشتاء الباردة، وتتأوه الدنيا آهات السكارى على عزف الصراع والقتال. قيل أنّه الثورة على الفساد، والتصّدي للظلم، والوقوف على عتبات زمنٍ الإصلاح والحريّة. وقيل أنّه هو الحياة الفاضلة التي نادى بها "أفلاطون" و"الفارابي"، وهو الذي سينشر العدالة في الأديم كلّه من أقصاه إلى أدناه.
بيد أنّ أوّل ما هلّ به هذا الربيع، أسياده. وحدّث ولا حرج عن صانعو هذا الربيع، إن كتبنا فيهم حقيقةً، ما كفّتنا مجلّدات الدنيا. سلوا التاريخ عنهم، فهو أدرى منّا بهم، هو يعرفهم حقّ المعرفة، فلطالما سجّل ودوّن أفعالهم ولطالما شهد على نواياهم.
هذا ليس بربيعٍ، هذا خريفٌ مبشّرٌ بأقصى الويلات والمحن. أنظروا جيّداً من حولكم، أترون هؤلاء الأطفال المشردين هاربين من القذائف والدمار؟ هل ترون فيهم مستقبلاً أنبياءً وقدّيسين، أم ترون فيهم بشر يملؤهم الحقد ويعميهم الغضب من كثرة ما عانوا وعاينوا؟ هل ترون تلك النسوة اللواتي فقدن أزواجهن وأولادهن وعائلاتهنّ، أتنتظرون منهن بعد اليوم الزغاريد والضحكات المجلجلة، أم تنتظرون منهن مزيداً من الحرقة والأسى؟ وعلام تتكلون أن يعلّمن أطفالهن، أيعلمنهم التسامح والمحبة أم البغض والكراهية؟ وهل ترون أولئك الرجال الذين ما كفتهم أحمالهم فزادهم الربيع المزعوم أثقالاً تعجز الجبال عن رفعها؟ هل تتخيّلون الأجيال الآتية بعد هذا الربيع الخادع؟ أترونهم أصحاءً ناعمين بالعافية بعد كل ما يستنشقونه من سمومٍ؟ أم ترونهم عقلاء تلبسهم الحكمة والرزانة بعد كل ما يشاهدونه من قتل واقتتال؟
هذا ليس بربيعٍ وهذه ليست بثورة، الثورة لا تقتل ولا تدمّر، الثورة تبني وتحيي الإنسان. نعم للثورة أثمانٌ وضحايا، أصحابها يقدّمون أرواحهم فديةً للوصول إلى الحريّة إنمّا خريفنا أسياده يقدّمون أرواح الأبرياء ذبائحاً في معابد مصالحهم. سلوا التاريخ عن الثورات، سلوه عن ثورة السود، عن ثورة الجزائر عن الثورة الفرنسية عن ثورة مصر، وسلوه عن "تشي جيفارا" عن "ملالا يوسف" وهو يخبركم عن حقيقة الثورات. وسلوه عن الثائر الأعظم "غاندي" الذي فيه تتجلّى كل معاني الثورة والربيع. وبعد، أحكموا بأنفسكم وكونوا عادلين، أربيع كتب القراءة هو هو الربيع العربي؟ أم إنّه خريفٌ مدجّى بالطمع والغشّ والغدر؟
ربيعنا فراشات تلوّن الحياة و زقزقة عصافير على الغصون، وربيعهم يفرش الشوارع بالأسود لصاحب الجلالة، الموت.



#رينا_ميني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشرّدون...إلى متى؟
- كدت أنساك
- رسالة الى البحر
- مريم
- فريسة رجلٍ
- قطعة سما
- كن إنساناً
- عندما يبوح القلم
- محطة قطار
- ما بعد الكلام
- ما بعد الكلام
- لن ننساك..
- صديقي
- رقصة العشاق
- في حبّ الإمام
- سامحيني
- ولا عزاء..
- رهينة الإنتظار
- تعب القلب
- في حضرة الموت


المزيد.....




- رسالة من الرفيق الطاهر الدريدي إلى مؤتمري عضوات وأعضاء المؤت ...
- كلمة محمد نبيل بنعبد الله التي ا?لقاها الرفيق عبد الواحد سهي ...
- مداخلة عن بعد للرفيق عبد الحميد أمين في المؤتمر الوطني 13 لل ...
- الدفاع التركية تعلن تحييد 5 عناصر من حزب العمال الكردستاني ف ...
- المحرر السياسي لطريق الشعب: لا حرية بلا عدالة اجتماعية
- تركيا: تحييد 5 عناصر من حزب العمال الكردستاني شمال العراق
- النمسا.. 3 أحزاب تتفق على تشكيل حكومة ائتلافية دون مشاركة ال ...
- أحد معاقل اليمين المتطرف في ألمانيا... فورست البلدة المنسية ...
- الرفيق فتحي فضل، الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني: ...
- في يوم العدالة الاجتماعية .. مدير عام منظمة العمل الدولية “. ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - رينا ميني - ما بين الثرى والثريا