أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عفيفى - العُهدة العُمرية















المزيد.....

العُهدة العُمرية


أحمد عفيفى

الحوار المتمدن-العدد: 4037 - 2013 / 3 / 20 - 12:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




عمر بن الخطاب، أحد أبرز وأقوى واعصب رجالات التاريخ الإسلامي، فيه قال محمد " لو كان نبياً من بعدي، لكان عمر " حتى لا يفتن الناس به ويتخذوه نبياً من بعده، وهو أهلٌ لها، ربما أكثر من محمد، فهو من عطّل الحدود ونزل الوحي مصداقاً لقوله، وهو من بايع أبو بكر في السقيفة، وأظهره على الأنصار، في حضرتهم وبلدتهم وجلدتهم، وأحد أكبر مكاسب المشروع الإسلامي، فهو أحد العمرين وخيرهم في الجاهلية، وأكثر المتعصبين لما يؤمن به جاهلي كان أو إسلامي، أو بالأحرى جاهلي إسلامي، ممثلا في العهدة العمرية.

العهدة العمرية، وثيقة بين المسلمين ببيت المقدس وأهل الذمة أو المسيحيين، أو وثيقة ملكية وأهلية لأهل الذمة – بكل ما يحمله لقب الذمة من إهانة وتقليل وتحقير – كمن يتولى رعاية حدث – صغير بالسن – أو طفل منغولي - من ذوي الاحتياجات الخاصة - فالمُطلع على تلك الوثيقة وبنودها – وأكاد أجزم أن تسعون بالمائة من المسلمين لم يقرؤوا بنداً واحداً من بنودها - سوف يكتشف أنه لا عمر ولا الإسلام متسامحان، ولا دعاة سلام، ولا يحترمون الإنسانية ولا العقائد، بل ويتفننون ويُغالون في تحقير الناس وعقائدهم، طالما خالفوا عقيدتهم البدوية الدموية البربرية.

طوال قرون، دأبت كتب السيرة على ذكر عدل عمر، وزايد الفقهاء والخطباء ووعاظ السلاطين على الفاروق، مستشهدين بتلك الوثيقة المُهينة المُشينة، وكأنها وحي لا يأتيه الباطل، كوحيهم القرآني المختلط المختل الباطل حمّال الأوجه، معتمدين على جهل وكسل العرب عامة والعامة خاصة، وأنه لن يتوجه أحد لقراءة بنود تلك العهدة، وسيكتفي بما تناقلته الألسن عنها، فالكلام هنا عن عمر، الفاروق، ولا يجوز بحال مراجعته والتأكد منه، وهو من هو كما يذكره التاريخ، وكما ذكرنا بداية.

وشروط عمر – وليست وثيقة عمر– فالوثيقة بين طرفين – يتفقان على بنودها، ولكنها شروط عمر التي وضعها من طرف واحد، طرفه هو، ليست محل نقاش أو مراجعة من قِبل الطرف الثاني، والطرف الثاني من هو، هو صاحب الأرض والتاريخ والحق، صاحب أكبر وأكثر الديانات انتشارا على وجه الأرض حتى الآن، رغم الحرب والجبر والجزية والقتل، والعهدة العمرية.

شروط – العهدة العمرية - تمنع أهل الذمة – المسيحيين - من الآتي:

1- أن لا يُحدثوا – أي لا يقوموا ببناء كنيسة جديدة – في مدينتهم، ولا حولها، ولا ديرا ولا صومعة راهب، ولا يجددوا ما خرب منها – أي ليس من حقهم تجديد كنائسهم ودور عبادتهم – وهي قطعاً قابلة للخراب أو الإيذاء بفعل الآخرين أو الزمن أو الظروف الطبيعية من أمطار ومياه جوفية وعوامل نحت وتعرية، وقطعاً بحاجة للتجديد والصيانة مثلها مثل المسجد.

2- أن لا يمنعون كنائسهم أن ينزلها أحد من المسلمين، ثلاث ليال يطعمونهم – أي أنه يحق لأي نطع مسلم، التنطُع على الكنيسة والإقامة بها والأكل من قوتها الذي يصبح ويُمسي عليه الرهبان زراعة وحصدا ونحلاً – تربية النحل وجمع العسل - دون عناء من جانب قداسته، فقط لأنه مسلم أحمق مقدس، يضمن له الطاغية العادل بوثيقته التاريخية السلمية، فندقاً ذميّاً مجانياً بخدمات الخمس نجوم.

3- ألا يأوون جاسوساً – وهي إهانة وتخوين بحق رجالات الدين المسيحي، وهم من قال بحقهم الله – رب المسلمين - أنهم أقرب مودة للمسلمين وأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون.

4- أن لا يُعلمون أولادهم القرآن – وهو شرط أحمق لدين يرغب بالانتشار – ولكنه يبدو أنه دين يرغب بالانتشار فقط بالجزية والسيف.

5- أن لا يُظهروا شركاً – على اعتبار أن صلاة الله على محمد ليست شركاً – ولا يمنعوا ذوي أقربائهم من الإسلام – في نفس ذات الوقت الذي هو محرمٌ عليهم تعلُّم القرآن – قمة ومنتهي الموضوعية في الصياغة والتناول بالحقيقة، فيبدو أنه حتى عمر الفاروق أصابته حمّى التنزيل واختلاط الوحي وعبثية الناسخ والمنسوخ، فأصبحت شروطه حمّالة أوجه كقرآنه.

6- أن يوقروا المسلمين – البدو البربر الغازين المحتلين - وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس – أي أنه بإمكان أي جلف أو جاهل أو صعلوك، طالما أنه مسلم، أن يحتل مكان رجل دين دءوب ومهذب ومحترم، فقط لأنه مسلم!

7- أن لا يتشبهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم في قلنسوة أو عمامة – وللحق هو شرط جيد، فلا عاقل ذو حس يرغب بتقليد هؤلاء الأجلاف في لباسهم المضحك – ولا نعلين – أي يجب على المسيحي أن يمشي عاري القدمين في بيئة رملية صحراوية جافة وخشنة وقاسية وشديدة الحرارة – وهو ما تعبر عنه رحمة الإسلام وعدل الفاروق، ولا فرق شعر – أي أن لا يفرقوا شعرهم كالمسلمون، وكان العرب من الرجال تعفي شعرها فلا تحلقه وتفرقه من المنتصف حتى ينسدل على جانبي الوجه وربما لامس الأكتاف، خلافاً للنساء ممن كن يعقصن شعرهن للخلف – أي أنه يجب على المسيحي ألا يُجاري المسلم الفاروق في طريقة تصفيفه لشعره - حتى لا يغضب الإله فيرساتشي في عليائه – ولا يتسمون بأسماء المسلمين ولا يتكنوا بكناهم – وكأنك كنت بحاجة لذكر ذلك يا عمر، حتى لا يُسمّي المسيحيون أبناءهم محمد جرجس أو عمر مرقص!

8- أن لا يركبوا سرجاً – أي يترجلوا – يستخدمون أرجلهم - في ترحالهم وسفرهم كالعبيد وليس من حقهم استخدام الدواب في تنقلهم – ولا يتقلدوا سيفاً أو شيئاً من سلاح – أي أنه ليس من حقهم حمل سلاح للدفاع عن أنفسهم في حال مواجهة خطر بشري أو حيواني وارد في بيئة صحراوية كتلك.

9- أن لا ينقشوا خواتيمهم بالعربية – على اعتبار أن العربية مقدسة ويختص بها المسلمون المقدسون ولا يجوز للمشركين من أمثال المسيحيين استخدامها - وربما عليهم استخدام لغة واق الواق أو جزر القمر أو الآرامية عقاباً لهم، والتخلي عن العربية، لغتهم الأم ولغة شعبهم وتاريخهم وموطنهم وأرضهم التي غزاها وأحتلها أجلاف الصحراء!

10- إن لا يبيعوا الخمور – ليس لأنها حرام، ولكن لأن المسلم المزدوج لا يجد حرجاً ولا غضاضة في شرائها وشربها، ولكنه ليس بإمكانه صنعها، خوفاً من عمر الذي سيقيم عليه الحد والسبت، وليس خوفاً من الله وحدوده المستفزة العقيمة، التي تضرب بعرض الحائط كل الحاجات البشرية وقوتها وأصالتها وتباينها وتنوعها وتحايلها، تلك الحدود نفسها التي عطلها الفاروق العادل لبطلانها وفسادها وهشاشتها!

11- أن يجزوا مقادم رؤوسهم – أي أن يتخلصوا من شعر مقدمة الرأس - وهو إجراء عنصري ومتوحش، لا أذكر أن الإمبراطوريات الرومانية و الفارسية الوثنية، صنعته حتى مع عبيدها وليس رعاياها – وأن يشدوا الزنانير – الأحزمة – على منتصف ثيابهم – حتى يتميز مظهرهم عن مظهر المسلمين، وحتى لا يكون بإمكانهم إخفاء أو تهريب – طبقا لقناعة الفاروق العادل – ما يمكن إخفاءه أو تهريبه تحت ملابسهم، وكأنهم كلهم مشتبهون أو محل شبهة لجريمة لم تحدث بعد!

12- ألا يُظهروا صليباً أو أي من كتبهم في طريق المسلمين – ولكن من حق المسلمين الغازين المحتلين أن يظهروا ويبيعوا كتب فقههم الأحمق وهراءهم الديني الأكثر حماقة بزاوية كل طريق!

13- ألا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفيفاً – ولكن من حق المسلمين أن ينعقوا خمس مرات باليوم والليلة بآذانهم الذي يصم الآذان على صلواتهم التي لا تنتهي – رغم أن نفس الناقوس كان وسيلة من وسائل جمع الناس للصلاة عندما أخترعها محمد ولم يجد طريقة لجمعهم إلا تقليد الناقوس المسيحي، قبل أن يأتيه بلال بذلك التهليل المزعج المدعو بالآذان.

14- ألا يرفعوا أصواتهم في كنائسهم بالقراءة – أي أن يحولوا عقيدتهم إلى عقيدة سرية أو بلغة الإشارات – وألا يرفعوا مع أمواتهم أصواتهم – أي أنه ليس من حقهم التعبير عن حزنهم بالبكاء والنشيج، في حضرة الموت بكل جلاله وقسوته!

فإن خالفوا شيئا مما شورطوا عليه، فلا ذمة لهم، وقد حل للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاء – أي أنهم عبيد - بالمعني الحرفي للشروط - وليسوا رعايا – وكل السلام والتفاهم والتسامح عن العهدة العمرية، محض هراء وكذب وادعاء، والأولى بتلك العهدة أو الوثيقة أو الشريطة أن تُسمّى " العُهرة العمرية "

وفي النهاية " فهذا كتاب العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والسلام!"



#أحمد_عفيفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ساديزم
- أخطر الأسلحة
- علماء مُلحسون
- الجنس ليس حرام
- سمّن كلبك يأكلك
- لو كان الرَبُّ رجلاً لقتلته
- بطُل السحر يوم حنين
- نكسة الحُديبية
- حقيقة الخُدعة
- كتاب الفوضى السماوي
- الرب كافر
- الله و الحب
- أحسن تقويم
- شرّ الله
- اللوح البلورى
- متلازمة الدين والسلطة
- أم الملحدين
- ماهية الدين
- أسباب النزول
- التجليات لابن عفيفي


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عفيفى - العُهدة العُمرية