اسعد الامارة
الحوار المتمدن-العدد: 1161 - 2005 / 4 / 8 - 12:05
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لا اعتقد ان هناك احداً لم تتوارد الى ذهنه كلمات مثل : فصام , هستيريا , كآبة ,هذه الكلمات تطلق على كل شخص فقد اتزانه الانفعالي واطلق لحيته وظل يتجول بين الناس غير آبه بما يجري حوله ، حتى اطلق عليه العامة " مجنون " . ولكن في التصنيفات الطبية النفسية , ان الحالة المرضية التي تشخص اكلينيكياً هي غير ما نحاول ايضاحه في اطار الشخصيات وانماطها ، فالشخصية الشيزية هي مختصر لكلمة شيزوفرينيا اي الفصام , ليست بحال ان تكون مرض الفصام بعينه , فانماط الشخصية هي سلوكيات تتشابه في اداءها حسب الحالة , فكل منا لديه نمط للشخصية ولايوجد اي كائن بشري بلا نمط في الشخصية , وحامل نمط الشخصية ليس بحال هو مريض بذلك المرض ولكن لو تعرض الى الضغوط النفسية القاسية والازمات والصدمات وضاقت عليه سبل الحلول , فأنه سيتجه حتماً الى المرض الذي يحمل في داخله ذات السمات العامة له .
ان خصائص الشخصية الشيزية "الفصامية " تشبه الى حد كبير نمط الشخصية الانطوائية مع الفارق في وجود المظاهر العاطفية المتمثلة في الحساسية الزائدة وسرعة في الحساسية العاطفية .
من السمات التي يتصف بها صاحب الشخصية الشيزية بأنه حساس ، عنيد ، شكاك , كتوم ، فضلا عن انه قليل الرغبة في اقامة صلات اجتماعية او صداقات واسعة , ويبتعد دائماً عن المشاركة الجماعية وفي ممارسة الالعاب الجماعية ايضاً ويحاول ان يفضل الكتاب على الناس ,وكثيراً ما وصف الاهل صاحب الشخصية الشيزية في طفولته بأنه كان اشبه بالملاك ، هادئ , غريب الاطوار , حتى انه يشعر بغموض وصعوبة في التعبير عن افكاره ويظهر ذلك من خلال ما يلي :
- سريع الافكار المتطايرة مع ضعف في الترابط بينها .
- لايستطيع ربط الافكار بعضها البعض .
- يجد احياناً صعوبة في ايجاد المعنى المناسب بسهولة للفكرة او الكلمة .
- قلما يستطيع التركيز على المعنى المطلوب .
- يمزج الواقع بالخيال وتختلط لديه الاحداث اليومية الحقيقة مع الخيالية .
- لايعرف مايريد في اغلب الاحيان .
ان اعراض الشخصية الشيزية في الطفولة هي نذير بامكانية الاصابة بمرض الشيزوفرينيا في المستقبل اذا ما توفرت عوامل اخرى مثل الشدة او الارهاق او الصدمات النفسية الانفعالية او الفشل في الحياة ومواجهة صعابها ويقول علماء النفس المرضي لاشك ان هذه العوامل تؤثرفيها الاستعدادات الوراثية وتعجل في اظهار المرض و تسارعه . ويضيف علماء النفس المرضي ايضاً اننا نجد بالفعل ان معظم الذين يصابون بمرض الفصام –الشيزوفرينيا- اتصفوا بتلك العوامل والمسببات التي ذكرناها خلال مدة طويلة امتدت من الطفولة الى الرشد , ولكن لو سارت الامور لدى صاحب هذه الشخصية بالمسار الطبيعي دون صدمات شديدة خلال مراحل النمو المتعددة في المراهقة والبلوغ ثم الرشد وتجاوز عقبات التحول بنجاح بمساعدة الوالدين وتوجيهاتهم بهدف التقليل من امكانية الاصابة بالمرض فأنه سينشأ سليماً سوياً الى حدما رغم ان الشك والريبة وما الى ذلك من صفات تكون بارزة في سلوكه وكلما اقترب وتواصل مع المجتمع من خلال الاتصال الاجتماعي عبر العمل والدراسة فأنه سيكون سوياً حتماً .
صاحب الشخصية الشيزية له ميل حاد نحو الدراسات الغيبية وله ولع بها كذلك اهتمامه الكبير بالفلسفة والدين وعلم النفس واللاهوت واذا ما اتيحت له فرصة العمل السياسي فانه ينتمي للاحزاب السياسية النادرة المتعصبة والتي ترضي فيه عدم القدرة على الالتزام بمعنى محدد . انه كثيراً ما يشكو صعوبة التركيز وعدم القدرة على فهم الموضوعات المتعلقة بالتفصيلات التافهة مع ضعف واضح في قدرته على اتخاذ القرارات . .
من صفات الشخصية الشيزية انه يتوقف عن التفكير وهو يتحدث او اثناء حديثه ثم يبدأ الكلام ثانية في موضوع آخر , حتى ان البعض من الناس يرصدون هذه الظاهرة في التصرف على صاحب هذه الشخصية فنجده يشعر بسباق دائم بين افكاره ويشكو من ازدحام رأسه بالافكار المتعددة ولكن عندما نسأله ان يفصح عن هذه الافكار يعجز وتبدو عليه عدم القدرة على التعبير الواضح عن هذه الافكار .
الكثير منا يلاحظ ان بعض الاشخاص كثيري الشكوى وكثيري الاتهام للاخرين وانهم لايفهمونهم ولايقدرون انفعالاتهم وافكارهم حتى يصل الامر في احيان عديدة ان اصحاب هذه الشخصية يعتقدون اعتقادات خاطئة مثل الظن بالاخرين والتشكك بهم وبنواياهم , ونراهم ايضاً كثيري العلل والتوهم بها رغم انهم اصحاب بدنياً .
ان صاحب الشخصية الشيزية يمر بعدة انواع من الانفعالات دائماً تبدأ بسيطة واولها تأخر الاستجابة الانفعالية مع نقص واضح في شعوره بالالفة والعطف والحنان مع افراد اسرته اولا ثم مع اصدقاءه ثانياً , بعكس طبيعته الاصلية التي كان يتسم بها سابقاً . الشخصية الشيزية تحمل سمات اخرى يمكن ملاحظتها بسهولة هي ارتباك الانفعالات , فاحيانا يستجيب بشكل لا ارادي الى العناد والصلابة والتحكم في الرأي والاصرار عليه , فمثلا نجد الطالب "صاحب الشخصية الشيزية " يلح على واله لتغيير المدرسة ثم عند بدءه في المدرسة الجديدة يطالب بالعودة ثانية الى المدرسة القديمة ثم سرعان ما يطالب والده بأن يبحث له عن عمل لانه لاينوي تكملة الدراسة ثم يعود للدراسة ثانياً .. وهكذا يتضح هذا ايضا لدى بعض الطلبة الذين يحولون من كلية الى اخرى دون الوصول الى هدف , كذلك ما نشاهده عند الفتاة التي ترفض الزواج ثم تقبله ثم تفسخ الخطوبة ثم توافق عليها ثانية وهكذا.. او العامل الذي كثيرا ما يتحول من عمل الى آخر داخل عمله ثم من عمل الى آخر خارج المهنة الواحدة , ويفسر علماء النفس المرضي بانه ضعف الارادة وعدم القدرة على اتخاذ القرار المناسب والاستمرار والثبات عليه لمدة طويلة , وهي احدى سمات الشخصية الشيزية " الفصامية" .
يعرف علماء النفس الشخصية بانها تلك الانماط المستمرة والمتسقة نسبياً من الادراك والتفكير والاحساس والسلوك التي تبدو للاخرين شكلا متناسقاً وتعطي للافراد ذاتيتهم المميزة وصفاتهم الخاصة , فالشخصية اذن تكوين يتضمن الافكار , الدوافع , الانفعالات , الميول , الرغبات , الاتجاهات , القدرات والظواهر المشابهة . اما الفصام " الشيزوفرينيا" فمعناها الحرفي مشتق من كلمتين , سكيز(Schiz) ومعناها الانقسام او الانفصام , وفرنيا (Phrenia) ومعناها العقل اي انقسام او انفصام العقل .
ومن المعلومات المهمة عن الشخصية الشيزية ان انتشارها بين الرجال والنساء على حد السواء وبنسبة واحدة , وتحولها الى الحالة المرضية يصل بنسبة حوالي 70% وتكون عادة في الاعمار الممتدة من 15 -40 عاماً , اي اواخر العقد الثالث من العمر وان انتشارهذه الشخصية يزداد بين العزاب عنه في المتزوجين .
يبدأ صاحب الشخصية الشيزية تفضيل الانسحاب من المجتمع والميل الى العزلة والانطواء كذلك انه يكره الربيع واوائل الصيف لان لهما دلالاتهما السيكولوجية لدى اصحاب هذه الشخصية فتزدهر حالات التردي والتدهور كثيراً ولم يجد اطباء النفس وعلماء النفس المرضي تحديداً علمياً للاسباب الرئيسة لذلك , فالبعض منهم ارجعها الى احتمال وجود تغيرات بيولوجية وفسيولوجية اثناء تغير الجو مما يجعل الفرد " صاحب الشخصية الشيزية " المهيأ للمرض عرضة للانتكاسات ويبدو ايضاً واضحا ان معظم اصحاب الشخصيات الشيزية هم اصغر ابناء العائلة المتعددة الافراد ويكونوا من مواليد فصل الشتاء على الارجح .
#اسعد_الامارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟