خالدالصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4035 - 2013 / 3 / 18 - 02:11
المحور:
الادب والفن
راقص ظله -قصة قصيرة-
*****************
حاول أن يراقض ظله . قال في نفسه سأحاول أن أصنع المستحيل . مد يده الى يد الظل ، فأمسك به الظل ، لكنه نسي أن يضغط على زر المسجل لتستعير لغة النوتات ويهزج الايقاع بنغماته . غير انه وقبل أن يهم بترك يد ظله ليضغط على الزر ، اندهش لصوت موسيقى لم يعرف من أين تأتي .
استدار قليلا ليتأكد من جهة النافذة . لعلها موسيقى جاره وقد صادفت لحظة التحدي هاته . لكنه لم يتوصل بأي نتيجة تفيد ان الموسيقى قادمة من جهة النافذة . حاول أن يتوقف ليتأكد ،لكن الظل سحبه اليه في لفة سريعة ، فأحس أن شيئا غريبا يسري في جسده ، تفاعل مع هذه الشيئ العجيب ، وجد نفسه يتحرك بسرعة ، يميل يمينا ثم شمالا ، أعضاء جسده تتحرك هنا وهناك ، ايقاعات الجسد تنضبط من ذاتها في حركات منسجمة ومتوازنة ، كأنها حبات مطر تتساقط من عليائها بطكل افتتان وروعة ، كأنها تموجات ريح تلهو على جسد الهواء ، كأنها الحياة وقد استعادت عنفوانها .
ما زال لا يصدق نفسه ، هل انقلب السحر على الساحر؟ وأصبح فعلا يراقص ظله ، جسده ازداد سخونة ، خلاياه الدماغية مسكونة بتقاطيع موسيقية لا يدري من أين تنبعث ، ظله أكثر حماسة منه ، وكأنه كائن حي وقد انخرط في خشوع رقصي لانظير له . كل الايقاعات تتفاعل في تكثيف اللحظة الخارقة ،تشتد، تصخب ، تهدأ ، تصمت ثم تتواصل أنغامها . تهيأ له أنه يسبح في بحر لم يدخله قبله انس ولا جان ، أصبحت مسام جسده تنز عرقا ، انتبه الظل الذي كان يبتسم وهو يسايره على ايقاع النوتات ؛ ثم استفاق .
سبحان الله قال في نفسه ، انني فعلا كنت أراقص ظلي .
ثم انتصب واقفا وهو يصرخ في المقهى ، لقد راقصت ظلي . لم يفهم أحد من الجالسين في ذلك المقهى ماحل بعلي ، منح النادل قطعة ورقية من المال ، وخرج دون أن يلتفت الى النادل وهو يناوله الباقي من ماله .
#خالدالصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟