|
سورية الثورة (9): نظرية لافروف
رياض خليل
الحوار المتمدن-العدد: 4034 - 2013 / 3 / 17 - 14:47
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
للسيد لافروف وزير الخارجية الروسية ، والمدير التنفيذي لشركة " بوتين " المساهمة المحدودة والمغفلة ، شركة بوتين – مدفيدف – لافروف القابضة ، فلسفته الخاصة " والشاذة " في التعامل مع السوق السياسية الدولية . إنه يرى مايعجز المجتمع الدولي – بأغلبيته - بلدانه عن رؤيته وفهمه ؟ لافروف فقط يرى العكس ! إنه يرى الذئب شاة ، والشاة ذئبا ، يرى القاتل ضحية مسكينة ، والمقتول مجرما مفترسا وإرهابيا ! لافروف رجل " ملهم " .. وربما سيكشف لاحقا أنه يأتيه " الوحي " وهو سند كاف لتوكيد رؤاه " الخرافية " . حسب " لافروف " سوريا هي بشار الأسد ، وبشار الأسد هو سوريا . وبالتالي ، لايجوز المساس ببشار الأسد لأن في ذلك مساس بسورية " وهي النظرية البعثية الأسدية المعمول بها طوال حكم عائلة الأسد الأب والأبن " وشعار " سوريا الأسد" انتقل إلى دماغ لافروف ، وطرب له ، وأراد توظيف نفسه لتسويق هذا الشعار في المحافل الدولية ، وبأسلوب لايختلف عن أسلوب التشبيح الأسدي في سوريا . لافروف يريد فرض " محبة " وتأييد الأسد على المجتمع الدولي والمنظمة الدولية ، لافروف يريد توسيع دائرة النفوذ الأسدي الإقليمي والدولي ، وفرض فكرة تقديس الأسد على العالم كله . ولايالو الروس جهدا لحماية تلك النظرية : الأسد إلى الأبد ، والأسد أو نحرق البلد ، والأسد هو سوريا وهو الشرعية ، وهو القانون الدولي ، وأي مساس بمكانته وسلطته هو خرق فظ للقانون الدولي . إنها لنظرية مبتكرة وشيطانية وجهنمية .. أن يختزل القانون الدولي بشخص مجرم ومجنون هو بشار الأسد . ويبدو أن الروس لن يجدوا مجنونا آخر في سوريا يمكن أن يكون بديلا لعميلهم المدلل بشار الأسد ، لكي يحافظ على ..ويصون مستعمرة الروس السورية الهامة استراتيجيا . وكل ما يهدد تلك المستعمرة هو خرق للقانون الدولي ، كل مايشكل خطرا على تبعية سوريا للروس ، هو خرق للقانون الدولي . تلك هي رؤية وقراءة لافروف للقانون الدولي والأممي العجيبة والغريبة عن العرف والمنطق والواقع وشبه الإجماع الدولي الرافض للإجرام الأسدي . مايراه ويقرره الروس هو فقط الصحيح والحقيقي والقانوني ، " وياللي عجبو عجبو ، وياللي ماعجبو يضرب راسو بالحيط " كما يقول المثل العامي عندنا في سوريا . السوريون من المثقفين والفنانين والمفكرين وطلاب الجامعات والمدارس والأطفال هم عصابات مسلحة ، هم إرهابيون خونة وعملاء للمجتمع الدولي ، عملاء وجواسيس " للديمقراطية " ال" المسمومة " التي ضربت السوق " وراجت سلعتها ، وأثارت ضغينة وحقد وحسد تجار السياسة الروس والصينيين والإيرانيين ، الذين تكسد بضاعتهم " الديكتاتورية " . الغربيون يشجعون المستهلكين حول العالم على استهلاك " الديمقراطية " ، وفي النظرية الروسية ، هم يشجعون " الإرهاب " الديمقراطي .. وهو يمثل شبح الموت الذي ينتظر كل الديكتاتوريات ، وال" الديمقراطيات " المزيفة !؟ إن مواهب لافروف عاجزة عن الفصل بين بشار الأسد وسوريا الوطن والشعب ، الروس يختصرون وطنا وشعبا بشخص بشار . وجوده يعني كل شيء لروسيا . بشار هو صمام الأمان الوحيد للمصالح الروسية في المنطقة . ولن تلد النساء بديلا له ، لذا فهو إن مات ، ستموت معه سوريا والشعب السوري ، وستمحي عن الخارطة الشرق أوسطية ، وكأن بشار هو الذي خلق سوريا وصنعها ، ولم تكن موجودة قبله ، ولن تبقى موجودة بعده . إنها نظرية لافروفية عبقرية ، تتطابق مع نظرية بشار الأسد " إما الأسد أو أحرق وأدمر البلد " . بشار الأسد : الطفل المدلل لشركة بوتين إخوان السياسية . من أجله يهون كل شيء ، ومايمسه يعتبر انتهاكا للقانون الدولي والروسي والسوري . وعليه فإن الثورة السورية هي التي تنتهك القانون الدولي والوطني ، لأنها تدافع عن نفسها ، والدفاع عن النفس حسب النظرية القانونية اللافروفية هو انتهاك صارخ للقانون الدولي والوطني السوري . الثورة السورية تنتهك القانون الدولي ، وهي التي تقصف المدن بصواريخ سكود وبالطائرات ، وهي التي تعتقل وتقتل وتعذب وتعتدي بسبب وبدون سبب . الثورة السورية مجرمة لأنها تطالب بالحرية والكرامة وإسقاط الظلم والديكتاتورية الأسدية ، الثورة السورية ، هي عصابات مسلحة بالطائرات والسكود ، وتريد الحرية والديمقراطية ، وهذه بحد ذاتها أكبر جناية وجريمة يعاقب عليها القانونين السوري والروسي بعقوبة الإعدام . وكل ما يدعم حقوق الإنسان حسب النظرية اللافروفية هو انتهاك للقانون الدولي ، والعكس هو المطلوب ، ولكي لاتنتهك قوانين لافروف الدولية ، يجب أن نعيش ونبقى أغناما وقطيعا وعبيدا ، ويجب أن نبقى صامتين " مهذبين " و" منضبطين " و" مدجنين " و" مروضين " تماما ، ومع هذا فيعود للديكتاتو وحده تقرير ماإذا كان راضيا عنا أم لا .. وماإذا كنا نستحق هذه المكرمة أم تلك ، وماإذا كنا نستحق الحياة أو الموت أو السجن وحسب نظرية لافروف في القانون الدولي : فإن تسليح المعارضة والجيش السوري الحر ، هو إنتهاك صارخ للقانون الدولي ، لأنه يتعامل مع جهة غير حكومية أو رسمية . ولكن لافروف يتجاهل أن الحكومة التي يدافع عنها هي التي خرقت وتخرق ليس القانون الدولي وحسب ، بل وكل القوانين الداخلية السورية التي سنها الديكتاتور الأسد الأب والابن لتكون سلاحا بيده ضد المواطن السوري ..لا ضد أي شيء آخر " خارجي " مثلا ... ونسي لافروف وتناسى الجرائم ضد الإنسانية ، وجرائم الحرب ، الموثقة أمميا ووطنيا ، والتي ارتكبتها حكومة بشار الأسد ، وانتهكت بها القانون الدولي علنا ألاف المرات ، من دون أن تواجه العدالة والقانون الدولي الذي يحرص عليه لافروف . الذي يريد تطبيق القانون الدولي حسب مزاجه الروسي ومصالح الشركة الروسية السياسية . لافروف لايريد تطبيق القانون الدولي إذا كان هذا التطبيق يضر ببشار الأسد ، أو يزعزع سلطته في سورية . كل الانتهاكات الصارخة والمشهودة والموثقة للقانون الدولي ، من قبل النظام يتجاهلها الروس ويتهربون من تطبيقها ، بل يقفون ضد تطبيقها عبر سلاح الفيتو الذي يملكونه في مجلس الأمن . لافروف لايرى المشهد إلى من زاوية دعم وحماية العصابات الأسدية ، ونظام القتل والتدمير والإجرام ، لافروف يرفض رؤية النصف الأخر والمقابل من المشهد السوري الدموي ، ويقلب الحقائق كليا ، ويرفض تحكيم أي منطق وسياق يقود إلى زحزحة النظام عن مواقعه اللامشروعة . أن الحكومة الأسدية لم تكن يوما وتاريخيا حكومة شرعية منتخبة ، وأن تلك الحكومة هي حكومة الديكتاتور ، يفصلها كما يروق له ، وطبقا لأهوائه ومصالح كرسيه ، ونسي لافروف أن " الديكتاتورية " بحد ذاتها وبطبيعتها وجوهرها غير شرعية ، ولاتنطبق عليها معايير الشرعية من أي نوع . ونسي أن " الديكتاتورية ، بحد ذاتها وجوهرها ماهي إلا عدوان وجريمة منظمة ومستمرة ومشهودة تمارسها عصابة من المجرمين ، وتفرض نفسها على البلد والمجتمع بقوة السلاح والعنف المباشر وغير المباشر ، تفرض نفسها بالإرهاب المادي والمعنوي ، وكما يقول المثل العامي الشائع " ياللي فيه مسلة بتنخزو" ، والروس أحسوا بتلك " المسلة " الثورية التحررية التي تنغرز في جسد النظام الديكتاتوري الأسدي في سوريا ، ورأوا فيما يجري في سوريا من ثورة على الظلم والبغي والعدوان ، صورة قدرهم ومصيرهم في بلدانهم ، وعلى يد شعوبهم ، وهم يخشون على شعوبهم من " الفساد الديمقراطي " بل من مرض " الديمقراطية المعدي الوبائي الخطير . نعم .. الثورة السورية مرض معد ، وخطير ، يهدد بالانتشار ، ماأثار غضب وخوف مجلس الأدارة الروسية من انتقال العدوى ، وانتشارها ، وإصابة الشعب الروسي النائم والمنوم والمغرر به ، وهو تهديد جدي ، تخشاه القيادة الروسية . إنها تخشى صحوة الشعب الروسي ، تخشى أن تستيقظ روح الثورة فيه ، فينتفض ويقتلع الديكتاتورية الروسية الجديدة التي تمزج مابين الستالينية والنازية الجديدة ، أوليس بوتين المخضرم اختصارا للمزيج المذكور ؟ بوتين : خريج المدرسة الأمنية الشيوعية التقليدية ، والمجتهد المجدد ،الذي ظل وفيا إلى حد ما لميراث الشمولية البائدة ، بوتين خريج المدرسة الأمنية الشيوعية الوفي ، هو الآن من يقود سفينة السياسة الروسية ، ولم يغير الاتجاه ، بل عززه وقواه ، عبر مشروعه الشوفيني الروسي الأكثر عدوانية وعنصرية وإرهابا على صعيد السياسة والديبلوماسية الروسية بشقيها : الداخلي والخارجي . القيادة الروسية ، وعبر " مايسترو" الديبلوماسية الخارجية السيد لافروف ، يتلاعبون حسب وهمهم بالغرب وبالمجتمع الدولي ، ويتخذون من مجلس الأمن رهينة بيدهم ، يعطلونه متى يشاؤون ، ويشلون حركته ، ويحرفونه عن السكة التي وجد من أجلها . ويستغلونه لخدمة أجنداتهم الروسية ، يناكفون البلدان الغربية من خلاله . ومن خلال التصريحات والمواقف يحاول لافروف دائما أن " يتفهمن " و" يتذاكى " على من يخالفونه الرأي من بلدان المجتمع الدولي ، من خلال سياسة " ميكافيللية " فاشلة ومكشوفة وقصيرة النظر . سياسة لاعلاقة لها بقواعد وفن ومنطق العمل السياسي ، وهي تعمل ببوصلة مختلفة كليا ، حتى عن البوصلة ال" الميكافيلية " ، وحتى عن بوصلة " ابن خلدون " ، وعن النظريات السياسية الحديثة والمعاصرة . لاأحد من الساسة وغير الساسة يستطيع التوصل إلى أي شيء مع الروس عبر الحوار ، لأسباب كثيرة لامجال للتفصيل فيها هنا ، وأبرزها التطابق الروسي السوري في كل شيء . . التوأمة القوية بين الشريكين : روسيا وسوريا . ولذلك فالرهان على تفهم الروس وتغيير مواقفهم يتطابق ويتكافأ مع الرهان على تفهم الأسد وتغيير موقفه من القضية السورية . لن يتغير شيء عبر الحوار العقيم مع الأسد والروس . لأن نواياهم مكشوفة ، وأهدافهم لاتخفى على أحد ، وأجنداتهم المشتركية تتناقض كليا في الاتجاه والدوافع والأهداف مع الثورة السورية ، ومن ورائها مواقف المجتمع الدولي شبه المجمع على نصرة الشعب السوري ، من خلال رحيل نظام الأسد الفاشل والفاسد حتى العظم . وكما يقول المثل : " الحق الكذاب لباب الدار" ، والمجتمع الدولي لحق النظام الأسدي ومن ورائه الروس إلى باب الدار ، باب دار الحقيقة الساطعة ، واكتشفوا النفاق والمراوغة والباطل ولعبة التسويف والمماطلة والتلاعب الممل بالقضية السورية العادلة . واكتشفوا أن الاستمرار في اللعبة هو ربح للأسد والروس ، وخسارة لثورة الشعب السوري العادلة . وحزم كثير من البلدان الغربية المؤثرة أمره في دعم الشعب السوري للدفاع عن نفسه ضد العدوان الدولي الغاشم عليه ، العدوان الدولي المتمثل بتحالف قوى الشر والظلم والديكتاتورية الروسية الإيرانية الصينية ضد سوريا الوطن والشعب وحقوق الإنسان والشعوب . ولاطريق لحل الصراع مع أعداء الثورة عبر أية مشاريع ديبلوماسية وسياسية مشبوهة ، بل عبر العمل العسكري المقاوم والتحرري حتى إسقاط وهزيمة نظام الجريمة والقتل في سورية .
#رياض_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سورية الثورة (8): كل عام والثورة منتصرة
-
عن المرأة : (2): حق العمل
-
عن المرأة: ربة المنزل
-
سوريا الثورة : (7) :
-
سوريا الثورة : (6): عن مخاطر انحراف الثورة ......
-
سوريا الثورة:(5): منطلقات في التطبيق والعمل الميداني
-
سوريا الثورة :(4): تتمة : مفاهيم نظرية أساسية
-
سوريا الثورة :(3) مفاهيم أساسية عن السلطة
-
سوريا الثورة : (2) : أبجديات في النظرية والتطبيق
-
سوريا الثورة : (1):أولويات المرحلة
-
ومضات: (1)
-
وهم الدولة الدينية وأسلمة الثورة السورية
-
سورية: بدء المرحلة الانتقالية وسد الفراغ في السلطة
-
خازوق أطلسي لروسيا
-
عن الطائفة العلوية أيضا
-
الدولة العلوية الثانية ، و، ماهية الطائفة العلوية
-
الأسد يهدم الدولة السورية
-
سوريا : حرب النظام المجنونة
-
الثورة السورية العظمى
-
نهاية السلسلة الدورية للاستبداد
المزيد.....
-
تظاهرات حاشدة في ألمانيا ضد صعود اليمين المتطرف
-
الجبهة المغربية لدعم فلسطين تعتز بالفلسطينيين وتدين تصرح ترم
...
-
الامراض النفسية وعلاجها من منظورين مختلفين
-
ما بعد تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق مرحلة جديدة في
...
-
حکاية لا نهاية لها
-
لقاء السوداني و كيير ستارمر- والنفاق الذكوري!
-
تقرير عن رحلتي إلى سوريا ما بعد الأسد
-
هل يمكن للنظام الرأسمالي أن يحترم السياسات الإيكولوجية ؟
-
الميثاق الجديد للاستثمارات بالمغرب، هل يصلح الخلف ما أفسده ا
...
-
شاهد.. متظاهرون غاضبون في الهند يحرقون دمية للرئيس الأمريكي
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|