اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني
الحوار المتمدن-العدد: 4032 - 2013 / 3 / 15 - 10:58
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
علم المادية التاريخية / الحلقة الثامنة / الوعي الاجتماعي .
مالك ابو عليا / اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني
الوعي الاجتماعي:
الوعي الفردي:
يتشكل الوعي و يتطور في داخل المجتمع , اي انه محصلة حياة اجتماعية .
تتحدث الكثير من النظريات السوسيولوجية عن عن الوعي الفردي وتدرسه بمعزل عن عن الوعي الاجتماعي , و هذا خطأ كبيرجدا , فالوعي الفردي , و عي يعيش في المجتمع و يرتبط بالعائلة , الطبقة و الامة , فهنا نعتبر أن الوعي الفردي هو جملة اشكال عكس الوجود الاجتماعي من زاوية متطلبات الفرد و اهتماماته و أهدافه الاجتماعية.
ان كل انسان فرد , يستوعب احداث الوجود الاجتماعي عبر وعيه الفردي بتأثير مدى مساس هذا الحدث بحياته الشخصية , و بالترابط مع فهمه لهذا الحدث تبعا للمستوى الثقافي و عمره و الخبرة و الظروف المحيطة , و قبل كل شيء الوضع الطبقي .
الوعي الفردي هو جزء عضوي من الوعي الاجتماعي , و الوعي الاجتماعي ليس مجرد جمع ميكانيكي للأفراد , بل عو نوع جديد يعبر عن عكس اعمق للوجود الاجتماعي , فالوعي الاجتماعي لا يعكس الوجود القائم وحسب , بل و ينطوي على المكتسبات المعرفية و القيم التي ورثتها الأجيال السابقة.
أشكال الادراك الاجتماعي:
ان اشكال الادراك الاجتماعي هي العناصر التي تكون حياة المجتمع الروحية , و هي تعكس مختلف جوانب الوجود الاجتماعي و تفاعلاته.
عندما يتغير البناء التحتي الاقتصادي , يطرأ تغير على قوانين الحياة الاجتماعية التي كانت تميز العالم القديم , و تظهر قزانين جديدة تميز الجديد , فتتبدل رؤية العالم و الأفكار و الثقافة السائدة , و سنتحدث ادناه عن اشكال الادراك الاجتماعي الأساسية و يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار بأن كل شكل من تلك الأشكال لها العلم الخاص بها الذي يدرسها بشكل مستقل , و الفلسفة الخاصة التي تبحثها .
سيدور الحديث عن اشكال الادراك الاجتماعي الأساسية التالية :
1- الادراك السياسي و الحقوقي
2- الفلسفة.
3-الأخلاق.
4-العلم.
5-الفن.
6- الدين.
1- الوعي السياسي و الحقوقي: الوعي السياسي هو شكل من اشكال الوعي الاجتماعي , تظهر فيه العلاقات بين الطبقات و الفئات الاجتماعية , الدول و العلاقات بين الامم فيما يخص الدولة و السلطة و قد تصطبغ كافة اشكال الادراك الاجتماعي بالشكل السياسي للادراك الاجتماعي , و هو يعكس متطلبات التطور الاجتماعي.
اما الوعي الحقوقي فهو مجموعة النظرات و الأفكار و التصورات المعبرة عن موقف الناس من التشريع و القضاء , و عن الفهم المعبر عن ما هو حق او غير حق, و هو يضرب جذوره في السيكولوجيا الاجتماعية .
2- الفلسفة: تتحدد الفلسفة بعلاقات المجتمع الاقتصادية , و هي علم اكثر القوانين عمومية , التي تتعلق بالطبيعة و المجتمع و الفرد , و السؤال الرئيسي في الفلسفة , ما علاقة الفكر بالوجود ؟ مسألة علاقة الانسان بالعالم .
ان تاريخ الفلسفة هو تاريخ صراع معسكرين فلسفيين رئيسيين , ينقسم هذين المعسكرين الى الكثير من المذاهب و المناهج المختلفة , و كل يسعى حسب معطياته , صحيحة كانت او خاطئة ان يعبر عن مغزى الوجود الانساني , علاقته بالطبيعة , موقفه من العالم , الخ ..... وهذا تلك المذاهب هي تكثيف لوعي الذات لدى طبقة محددة .
تضطلع الفلسفة بوظائف رئيسية معينة , فهي اساس رؤية الكون , و هي مجموعة من النظرات الى العالم , الى الطبيعة , و الانسان نفسه.
ان تكامل المدخل الفلسفي في تحليل الظواهر الطبيعية , و خاصة الواقع الاجتماعي , و رصد تكامل النشاط الحيوي البشري , و التعبير المكثف عن وعي الطبقة الطليعية كل هذا يشترط كون الفلسفة الماركسية اللينينية اساس لرؤية الكون لدى كافة القوى التقدمية , و هذه الرؤية ليست مجرد مجموعة من المعارف , بل الأهداف و المباديء خلف نشاط الطبقات الاجتماعية , و هي تهدف الى التطلع الى قبم معينة , تأخذ بها الطبقات من اجل نشاطها الثوري الهادف الى التغيير.
ان الفلسفة تعكس وجود الانسان في العالم الموضوعي و موقفه من ذاته.
3- الأخلاق: و هي النظرات و المباديء و المعايير التي يأخذ بها الناس في العلاقات الاجتماعية , في الحياة العامة و الشخصية و في التربية, و على صعيدج النفسية الاجتماعية , هي مجموعة من العادات و التقاليد و النظرات التي تنظم السلوك العام للناس من خلال الرأي العام , فالأحاسيس الأخلاقية من محبة و كراهية , جبن , شجاعة , كره و غيرها ليست محصلة لتطور بيولوجي للانسان , فهي تتشكل في مجرى التطور الاجتماعي للانسان , و الوعي الاخلاقي دافع جبار للفعالية الاجتماعية لجماعات ضخمة من البشر .
يدرك الانسان موضوع الانعكاس الاخلاقي بما هو لازم في المجتمع , وما هو مكروه , و تبدو للوهلة الاولى بأن الفهم الأخلاقي و كأنها تنبع من البواعث الداخلية لدى الفرد , و لكن هذا لا يعني ان الأخلاق فطرية , كما يصورها الفلاسفة المثاليون , فالمعايير الأخلاقية انما تغدو باعثا داخليا لدى الانسان بفضل التربية الاجتماعية و استيعاب ما في المجتمع من عادات و اعراف.
يجدر ان يتم الانتباه الى ان الوعي الأخلاقي ليس سرمدي , ثابت , خالد لا يتغير , بل يتبدل مع التطور التاريخي للمجتمع فما كان يعتبر أخلاقيا في ظروف تاريخية معينة قد يدان في ظروف اخرى .
4-العلم : و هو شكل من الوعي الاجتماعي و هو معرفة موضوعية منسقة عن جوهر الظواهر و العمليات الطبيعية و الاجتماعية. و يتألف العلم من المعارف المتررابطة فيما بينها , و القائمة على رؤية معينة للكون , و العلم يعكس العالم في مقولات و قوانين و مفاهيم اثبتت الممارسة الاجتماعية صحتها .
5- الفن : ان الفن هو شكل خاص من اشكال الادراك الاجتماعي , و هو يعكس الواقع في صورة فنية رمزية , انه جملة الأحاسيس و الأمزجة و الاراء التي تعبر عن مواقف الناس الجمالية من الطبيعة ومن بعضهم.
ان العمل الفني عو تعبير مادي عن الموقف الجمالي للانسان من الواقع الموضوعي .
اما موضوع الفن فهو نشاط الانسان الاجتماعي , وهذه المواضيع تنطوي على كل تنوع العالم المادي .
يتحقق التصوير الفني للواقع بأشكال كثيرة , السينما , المسرح , الرسم , الأغاني الخ , و يظهر التصوير الجمالي ليسي في خصوصية الواقع المنعكس و حسب, بل من خلال النظرة التي قام الفنان بتحقيقها ايضا .
ان دور الفن في الحياة الاجتماعية كبير للغاية فهو يساعد الناس على ادراك العالم بصورة افضل , عبر تصوير فني معين .
و للفن اهمية تربوية كبيرة جدا فهو يؤثر بشكل كبير على مشاعر الانسان و ارادته و فكره , فهو يساعد على اكمال الملامح الاجتماعية للانسان و يجعلها تبدو اكثر نضارة, و الفن التقدمي هو قوة جبارة في تغيير العلاقات الاجتماعية المتعفنة , واستبدالها بالجديد .
يتحدد الدور الاجتماعي للفن بالموقف من النضال الثوري و التغيير التقدمي , فالفن الذي يعبر عن مصالح الجماهير و عن الاحتياجات الراهنة للناس هو فن تقدمي.
6- الدين: الادراك الديني هو شكل غير واقعي من علاقات الناس ببعضهم و بالطبيعة.
ان الايمان بالعالم الاخر , و القوى الغيبية يشكل نواة اي دين , وجوهره , و يبدو العالم داخل الوعي الديني و كأنه صار عالمين , يسمو فوق العالم الواقعي عالم غيبي , و أن هناك قوة تجسد المبدأ الأسمى.
تقوم الأديان بصبغ طابع غيبي على الطبيعة , و على العالم البشري حيث تتواجد علاقات ( العالم الاخر) , و قام الناس من خلال هذا الوعي بجعل الروابط التي اقامها البشر بأنفسهم , بجعلها تمت بصلة ميتافيزيقية للسماء .
ان للدين جذور اجتماعية عميقة , ففي المجتمع البدائي القديم يأتي ضعف الانسان امام الطبيعة و العالم المحيط مما يشكل تربة خصبة لنمو ( الصنمية) .
الدور الاجتماعي للدين:
1- الوظيفة التعويضية : ففي العالم الغيبي تستبدل الحلول الواقعية للمشكلات المرتبطة بعلاقات الانسان بحلول غيبية و ارتكانية , و الدين عند نقله للمباديء الانسانية السامية الى ميدان خلود النفس و الجزاء بالجنة , كان يساهم عند هذا في صرف اهتمام الناس عن المشكلات الملحة للصراع الطبقي.
2- في المجتمع الطبقي , كان يبارك الأنظمة الرجعية القائمة و يبرر وجودها , و توطيد التكيف مع الظروف القائمة في نفوس الناس, و انه اذا كان يجب ان يكون هناك اي تغيير فعلى العبد الصالح ان يصبر انتظارا لخلود نفسه في العالم الاخر.
ان الفكر الغيبي معادي في جوهره للتقدم الاجتماعي , و لكن يجب ان تتم دراسة موقف الدين السياسي بشكل دائم .
و المطلوب هو ان يتم النضال و بحزم ضد تسييس الدين الذي يأخذ طابعا مواليا للطبقات السائدة , و الأكثر خطرا ان يتم التحدث باسم دين معين , من اجل مصالح معادية للشعوب.
#اللجنة_الاعلامية_للحزب_الشيوعي_الاردني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟