أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مضر رياض الدبس - الأقليات السورية...شيزوفرينيا الهوية














المزيد.....


الأقليات السورية...شيزوفرينيا الهوية


مضر رياض الدبس

الحوار المتمدن-العدد: 4030 - 2013 / 3 / 13 - 15:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تأخذ الهوية شكلها حين يتفاعل الإنسان مع العصر و تتبلور بشكلها الصحي حين يَتذاوَت، فتأخذ من الآخر بقدر ما تكون انعكاساً للذات، وتحمل بعدها المتغير دليلاً على صحة تكوينها، و من هنا ليست الهوية الثابتة سوى إسطورة تُبنَى من الخوف من أن نكون ما ليس نحن، فتقاوم التغيير بقدر ما تقاوم الآخر. و من الطبيعي أن تغري إسطورة الهوية الثابتة نظاماً قائماً على الإستبداد و إهانة الفكر، كنظام الأسد الأب و بعده الإبن، و خصوصاً بعد أن أضاف بعداً إيديولوجياً قومياً فأتى بمفهوم "ميتافيزيقي" للمواطنة و الإنتماء. بموجب هذا المفهوم اختزل الهوية في مفهوم إسطوري يضمن سيطرة الحزب القومَويّ و تقديم القائد كرمز للأمة العربية و رمزاً للعالم إذا ما أقتضت الحاجة. فنجد أن الهوية السورية تعيش أساساً أزمة مفهوم و يتبعها، منطقياً، أزمةُ تحديد أيضاً.
و لم تستطيع الثورة السورية ضد نظام الأسد منذ قيامها إلى الآن أن تحدد هوية بارزة باستثناء الهوية الإسلامية ( الإخوان المسلمون و الجهاديون) و هوية يمثلها بعض الليبرالييين _و إن كانوا أضعف جداً_. و هذا ربما يكون طبيعي أمام حراك قام في الأساس للتعبير عن حاجات إجتماعية ولصون الكرامة و لم يحمل نظرية سياسية فكرية معينة بل أنه حراك غير محدد الأهداف، باستثناء إسقاط النظام، مؤكداً عدم شذوذه عن كل ثورات "الربيع العربي" التي سبقته.
بالتوازي مع الإلتباس المفاهيمي في مفهوم الهوية أنجز النظام و بشكل ممنهج التباساً آخر لمفهوم الأقلية، و نجح في ربط مفهوم الأقليات بمفهوم الإنتماء الديني و الطائفي، و سلَّمَت المعارضة السورية ،إلا ما ندر، لهذا المفهوم فأخذت تبني خطابها بالتناغم معه دون التفكير في نَسفِهِ لتقع في هذا المطب المفاهيمي فتتحدث منطلقةً من مفهومٍ غير سليم للأقلية و الأكثرية مصدِّرةً افكاراً اعتقدت أنها صحيحة بالمعنى السياسي مثل "سياسة تطمين الأقليات" أو تخصيص مقاعد تمثلها في هيئات المعارضة بالرغم من أن الثورة السورية ببعدها الإجتماعي فرصة حقيقة لأن تَصنَع ثورة هويَّاتية مفاهيمية لكن لو أنها اقترنت بوعي سياسي من المعارضة لتلك المسألة، بأن تقدم خطاب حداثي للهوية و الوطنية و بأن تقدم الأقلية و الأغلبية بالمعنى السياسي و الثقافي بدلاً من البناء على مفهومٍ طائفي يجيد النظام الخطاب ضمنه و المناورة من خلاله.
أدت سياسات النظام الخبيثة و فشل الثورة و المعارضة في تحديد مفهوم واضح للهوية في خطابها و أدائها إلى تكون هوية شيزوفرينية بين الطوائف السورية الأقلية. فمن جهة عادت إلى مخزونها الثقافي المغلق المتمثل في البعد الديني و العادات و التقاليد لتفهمه هويةً خاصةً بها و ليتكون اعتقادها بأن ما يدور في البلاد ليس فيه ما يعني كينونتها و هو ليس قضيتها ففضلت الصمت و عدم التدخل. و انجذبت، من جهة أخرى، لدعوات الحرية و العدالة الإجتماعية و تحقيق الديمقراطية التي تضمن الحقوق و تخلص المجتمع من الإستبداد و الديكتاتورية فكونت هوية حالمة بالحرية، تنشد الدولة المدنية التي تساوي بين مواطنيها و لا تفرق على أساس عرق أو دين، و لم تتردد هذه الهوية في الإنسجام مع أي تيار لا يحمل تطرفاً دينياً و كذلك لم تتردد في نقد التطرف و دعوات أسلمة الثورة. و اتجه آخرون للوهم بأن النظام القائم يجب ألا يتغير لأنه "حامي الأقليات" من التطرف و الإرهاب و من المخربين المجاهدين و المندسين، وبئس المصير مصيرهم إذا انهار النظام حيث القاعدة و النُصرة هم البديل، وتلك ليست هوية طائفية تعود للدين أو المذهب بل هوية إيديولوجية وهمية صُنِعَت، بامتياز، من قبل النظام و جهازه الأمني بشكل ممنهج عبر سنين حكمه، و ربما ساعد على تعزيزها بعض الممارسات المتطرفة في الثورة السورية و الغير مضبوطة بمرجعية عقلية.
اليوم، بعد الثورة، يتجدد معنى أن تكون سورياً و يتجاوز واقع الإنسان المقهور الذي يرضى بما يسمع و يطيع من يَأمُر، و لا هوية سورية وطنية دون الإتفاق على مفهوم الهوية ذاته بإدراك الماهية غير الثابتة للهوية، و القناعة بأن التغيير يمكن أن يطال ما يندرج الآن ضمن المسلَّمات.



#مضر_رياض_الدبس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا...وَهِم الطائفية و الإضطهاد


المزيد.....




- أحمد الشرع يتعهد بتحقيق السلم الأهلي وإتمام وحدة الأراضي الس ...
- إطلاق سراح ثماني رهائن إسرائيليين وتايلانديين من غزة، مقابل ...
- ترامب حول إمكانية قبول مصر والأردن فلسطينيين من غزة: قدمنا ل ...
- بيسكوف: لا اتصال بين بوتين وترامب بشأن حادث تحطم الطائرة في ...
- القائد -الظل-.. من هو محمد الضيف؟ وما هي أبرز محطات حياته؟
- إقبال كبير على المنتجات الروسية.. روسيا تشارك في معرض ليبيا ...
- مبعوث ترامب: إعادة إعمار غزة قد تستغرق 10 إلى 15 عاما
- الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة أم روابة بشمال كردفان
- تقرير يكشف معلومة -غريبة- عن حادث مطار رونالد ريغان الكارثي ...
- -الشبح- الذي طاردته إسرائيل لعقود.. من هو محمد الضيف؟


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مضر رياض الدبس - الأقليات السورية...شيزوفرينيا الهوية