|
رؤى حول المبادئ الدستورية وأسس نظام الحكم (3 / 4 )
ماجد جمال الدين
الحوار المتمدن-العدد: 4029 - 2013 / 3 / 12 - 21:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
3. ألسلطة التنفيذية مقدمة لا بد منها : السلطة التنفيذية هي المرآة ألأهم والأكثر تأثيرا في عكس وجه الدولة ككل أمام مواطنيها . ولعل السخط الجماهيري العام الذي يشهده الشعب العراقي بعد عشرة أعوام من سقوط النظام الفاشي الصدامي ، يعود بالدرجة الأولى لعمل السلطة التنفيذية . المسألة ليست متعلقة فقط بمدى إنهيار نظام الخدمات حتى بالمقارنة مع النظام البائد ، أو بإنعدام التخطيط ألإقتصادي في بلد ينعم يثروات هائلة ، أو بمدى ترهل الجهاز التنفيذي والبيروقراطية والبطالة المقنعة ، ومدى الفساد المالي والإداري الذي إتخذ معدلات رهيبة التي قربت العراق كدولة إلى مقام الدول الفاشلة ، أو بتحويل الجيش وباقي القوات المسلحة التي زاد تعدادها إلى ضعفي ما كان زمن صدام إلى نوع من جماعات قطاع الطرق ( بالمعنى الفعلي) والميليشات التي تمارس التفتيش العشوائي بدون أي سند قانوني و دستوري ( حتى في ظل الآحكام العرفية ) والإعتقالات بدون أوامر قضائية ، وهي بالطبع لم ولن تكون قادرة على إحلال الأمن الداخلي ناهيك عن حفظ أمن ألعراق من الآخطار الخارجية وهي بهذا المستوى والنوع من الفكر والتدريب حتى لو تمتعت بأكثر أنواع ألسلحة تطورا والتي تصرف حكومتنا المبالغ الطائلة لشرائها ..
وإلى ذلك الكثير جدا من المشاكل الأليمة التي تعصف بنفسية المواطن العراقي وتدعوه للإحباط واليأس . والمسألة بالطبع ليست متعلقة فقط بالشخوص وألأفراد( الزعماء ) الذين يقودون ما سمي بالعملية السياسية التي من الأساس بنيت على أساسات خاطئة هشة وغريبة عن مفاهيم الدولة الحديثة ، بل حاولت أن تكرس أنظمة ما قبل الدولة من الفكر الديني والطائفي والعشائري والفكر القومي التعصبي .. المسألة أيضا وبألأهم في هيكلة جهاز الدولة التنفيذي ، ألذي بني على أسس دستور المحاصصة المافيوية ( ولن أقول المحاصصة الطائفية أو القومية والمكونات ألخ ، لأنه لا يمكنني أن أعتبر ممثلي الأحزاب و الميليشيات ألتي إستولت على الحكم بعد سقوط النظام الصدامي هم بالفعل يمثلون مصالح مكونات شعبنا الذين يتحدثون ويصرخون بإسمهم . ) .. .. الدستور المحاصصي المليء بالمغالطات والتناقضات والنواقص والألغام ، الذي صاغته تلك ألأحزاب والميليشيات في الغرف المغلقة ثم ارغمت الشعب على قبوله بالإستفتاء المهزلة تحت وطأة التعتيم الإعلامي والإستغباء ، ناهيك عن عوامل الضغط ألأخرى التي رافقته من إستفحال العمليات الإرهابية التي كانت تنفذها المجموعات الإرهابية القاعدية تحت قيادة أيتام النظام البعث فاشي السابق وبمساعدة ومشاركة كل الدول من الرجعيات العربية المعروفة إلى ألنظام الإيراني الحاقد والذي يسعى إلى مد النفوذ والإستحواذ على أراضي جديدة تتجاوز حدود إتفاقية الجزائر الخيانية ، وحتى دولة الكويت التي لم تتغاضى عن أحقادها القديمة والغبية على شعب العراق أو النظام البعثي السوري الذي أرعبته فعلا إمكانية قيام الدولة الديموقراطية في العراق وهويعلم مدى التقارب الروحي والثقافي بين الشعبين الشقيقين . هذا الدستور الذي صاغته قوى المحاصصة المافيوية جعل من السلطة التنفيذية فعليا عبارة عن عدة تشكيلات تأثير على أسس إيديولوجية بحتة ولوبيات على أسس المحسوبية والمنسوبية وحتى عصابات مافيوية ، لا تمثل إستراتيجية الدولة ككل ومصالح الشعب ، بل تابعة لمصالح الأحزاب المختلفة والمرتبطة غالبا بالمصالح والمساومات مع الدول الخارجية ،وجعلها مجالا للإختراق من كل أنواع المخابرات ألأجنبية ناهيك عن قوى الإرهاب والردة من أيتام النظام الصدامي .
الكثير من المشاكل والأمراض تعتري الجهاز التنفيذي الحالي ، بحيث يصح القول للطرفة : أنك إذا أرت أن تصبح رأسماليا فعليك بالعمل الحكومي ، وهنا إذا أصبحت وزيرا مثلا فتستطيع أن تختار 200 شخص من المقربين لك وتسلحهم ثم تسجلهم كحماية لك ليأخذوا رواتبهم من المال العام عدا عن إمكانياتهم الأخرى كالسطو على مصرف الزوية مثلا .. ونكتة أخرى من فلم مصري قديم : عينوه خفيرا ، أي حارسا في قرية ، فأصبح يقول لكل من يختلف معه ، إنت بتجادل الحكومة يا واد ؟
مآسينا هذه لا يمكن أنهاؤها بحزمة قرارت فوقية ، أو قوانين متفرقة ولو كانت حازمة لآن الأمراض متفشية في شخصية الناس الأفراد سواء داخل النظام التنفيذي أو خارجه في المجتمع من حيث تقبلهم لما يجري ، بل فقط بنظرة أعم تشمل موقع الجهاز التنفيذي وهيكليته في البناء الدستوري للدولة . وهنا عندي بعض المقترحات : 1. حول ترشيح وتعيين رئس الوزراء ( وليس رئيس مجلس الوزراء كما في نظام المحاصصة الحالي ) : أقترح أن يتم ترشيح رئيس الوزراء عن طريق التصويت في مجلس النواب ( في الجلسة الأولى أو الثانية بعد الإنتخابات العامة ) على قائمة من أسماء من يقدمون أنفسهم كمرشحين للمنصب ويقدمون رؤاهم ومبادئ برنامجهم لعمل الحكومة في خطاب قصير ( 10 دقائق ) أمام المجلس ، ومن يفوز منهم بالأغلبية النسبية يتم تقديمه إلى رئاسة الجمهورية للقيام بتكليفه لرئاسة الوزراء .. ( أي ليس عن طريق تشاور رئيس الجمهورية مع قادة الأحزاب كما في لبنان مثلا ، أو بتكليف رئيس الحزب ذو ألأغلبية بنتائج الإنتخابات العامة كما في الديموقراطيات الغربية ) . ومن ثم تجري الأمور في سياقها ألإعتيادي حيث يقوم رئيس الوزراء المكلف بإختيار أعضاء حكومته من نوابه وباقي الوزراء بالتباحث مع الكتل البرلمانية المختلفة ومن ثم يقدم برنامج الحكومة لنيل الثقة بحكومته . هذه الطريقة تتجاوز محنة إعادة ترتيب مواقع الإئتلافات الحزبية بناءا على الحسابات السياسية الجديدة التي أفرزتها نتائج الإنتخابات العامة ، كما جرى عندنا بعد إنتخابات 2010 . وثانيا ، الطريقة لا تغمط حقوق النواب الذين رشحوا أنفسهم في الإنتخابات كمستقلين ، بينما قد يكون لهم حظوظ كبيرة في شغل المنصب إذا إستطاعوا وضع برامج توافقية تقبل بها الكتل البرلمانية الأخرى .
2. الحكومة المصغرة . وجود حكومة مصغرة في رئاسة مجلس الوزراء تجتمع بشكل يومي وتعنى بالمتابعة الفورية للشؤون السيادية وتناقش إستراتيجية عمل السلطة التنفيذية ككل وتقدم جدول أعمال الإجتماعات الكاملة لمجلس الوزراء ، وكذا مراقبة ونقد عمل الوزراء المختصين وإستضافتهم أو إستدعائهم على حدة لمساعدتهم بإيجاد الحلول للمشاكل التي تواجه وزاراتهم . كل هذا يزيد من كفاءة عمل الجهاز التنفيذي وتقليل العمل البيروقراطي من حيث تخفيف ثقل العبء المباشر من على شخص رئيس الوزراء ( بما لا يقلل من مسؤلياته ) ويتيح تمديد الفترة بين الإجتماعات الدورية الكاملة لمجلس الوزراء بما يساعد الوزراء على تقليل وقت العمل المكتبي لصالح المتابعة الحية لواقع عمل المديريات والمؤسسات التابعة لوزاراتهم على أرض الواقع سواء في العاصمة المركز أو في والمحافظات والأقاليم .
أقترح أن تتألف الحكومة المصغرة من رئيس الوزراء و : أ ـ النائب الأول لرئيس الوزراء ويكون مسؤولا عن ألإشراف على الوزارات التالية : التخطيط ، الطاقة ، المالية ، شؤون ألإستثمار للمشاريع الستراتيجية . ب ـ النائب الثاني لرئيس الوزراء ، مشرفا على الوزارات السيادية (*): الخارجية ، الداخلية ، الدفاع ، الأمن الوطني ، العدل . ج ـ نائب رئيس الوزراء للشؤون الإقتصادية العامة : مشرفا على وزارات ألصناعة ، الزراعة ، التجارة ، الإعمار والإسكان . د . نائب رئيس الوزراء لشؤون الصحة والثقافة والعلوم : مشرفا على وزارات الصحة ، الثقافة ، التربية والتعليم ، التعليم العالي والبحث العلمي. هـ ـ نائب رئيس الوزراء للشؤون الإجتماعية والخدمات : مشرفا على وزارة الشؤون الإجتماعية، البلديات ، المرأة ، الشباب ، ألأوقاف .
و ـ الوزراء الخمسة في الوزارات السيادية من الفقرة ب هم أعضاء في الحكومة المصغرة ولكن لا يشترط حضورهم الوجوهي الدائم في الإجتماعات الدورية اليومية حين يمكن ألإكتفاء بمتابعة الإجتماع عن طريق أجهزة الإتصالات الحديثة ، أي بما لا يعيق اعمالهم الإعتيادية .. ولكنهم بالتأكيد يحضرون وجوهيا في الإجتماع الكامل لمجلس الوزراء . ز ـ يحق لرئيس الجمهورية أو نائبه حضور إجتماعات الحكومة المصغرة وألإجتماع الكامل لمجلس الوزراء بصفة مراقبين ، كما يحق ذلك لرئيسي مجلس الشعب والإتحاد . ــ------------------------ ( *) هنالك مسألة أخرى حول الوزارات السيادية : بالعادة رئيس الوزراء ونوابه وكل الوزراء يرشحون ويُنتخبون في مجلس الشعب قبل أن يتم تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية . أعتقد أنه من ألأفضل أن يتم ترشيح وزراء الوزارات السيادية في مجلس الشعب ، ولكن فقط بموافقة مسبقة من رئيس الجمهورية وأن يحظى تعيينهم بموافقة مسبقة من مجلس الإتحاد . والسبب ليس فقط أن رئيس الجمهورية هو أيضا قائد عام للقوات المسلحة ومشرف على هيئة الأركان العامة ، بل لكون هذه الوزارات السيادية يجب أن تبقى بعيدة نسبيا عن الأهواء الحزبية والسجالات أو المساومات السياسية الآنية بين الكتل والإئتلافات ، والتي هي في طبيعة العمل البرلماني خاصة في فترات تشكيل الحكومة . ــــــــــــــــ-------------------------------------
من مهام الحكومة المصغرة إضافة للرقابة والإشراف على عمل الوزارات ، تعيين الموظفين من الرتب الخاصة وألإستشارية بترشيح من الوزراء المختصين ، ( القادة العسكريون من الدرجات العليا تتم ترقية درجاتهم أو تعيينهم أو إعفائهم من مناصبهم حصرا من قبل رئاسة الجمهورية ، بعد ترشيحهم لذلك من قبل الوزراء المختصين ) .. وكذا من حقها إستضافة محافظ البنك المركزي وكافة الهيئات المستقلة والمرتبطة بالسلطة التشريعية لغرض إستطلاع آراءهم ومقترحاتهم حول مشاريع القوانين أو الأمور التنفيذية .
3. مجلس الوزراء : لن أتطرق هنا للمسائل الشكلية والإجرائية الخاصة بتعيين نواب رئيس الوزراء والوزراء ، وحق رئيس الوزراء في إعفائهم من مهامهم ، والنظام الداخلي لمجلس الوزراء ، وشروط إستقالة أو إقالة الحكومة ، ( في الدستور الحالي هنالك بضع مواد تتعلق بهذا ، ورغم هذا هنالك الكثير من الخلافات حولها ) ، وغير ذلك خاصة من الأمور التي قد تخضع للحسابات والأهداف السياسية للأحزاب والإئتلافات التي ستشكل الحكومة أو ستكون في الجهة المعارضة . ولكن عندي ملاحظتين أو مقترحين ، أولهما ـ هو أن يكون المرشح لمنصب وزير ( وبالطبع نائب رئيس الوزراء ) من حملة شهادة الدكتوراه ، أو الماجستير وعمل كمستشار في مجال إختصاصه الذي يتفق مع مهام الوزارة . هذا من جهة سيجعل الحكومة أقرب إلى حكومة الكفاءات رغم تشكيلها على أسس سياسية حزبية ، ومن الجهة الثانية بالنسبة للدولة سيخدم إنشاء وتطوير بنك للكفاءات والكوادر الإدارية ، وكذا بالنسبة الأحزاب سيحثها على إستقطاب وإستقدام مثل هذه الكفاءات العليا لصفوفها بحيث تستطيع تشكيل حكومة ظل ذات برامج واضحة ولا تبقى شعاراتها ووعودها الإنتخابية مجرد فقاعات وأكاذيب لا تستند إلى برامج عملية . من المحزن في عراق مابعد النظام الفاشي الصدامي ، أن مجلس الوزراء والسلطة التنفيذية ككل ( وفي سلطات الدولة الأخرى ) يغص بالجهلة ووضع الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب ممن يتخذون القرارات على أساس الأهوائية والإرادوية بدون حسابات منطقية على أسس علمية ( وهذه المشكلة لا يمكن حلها بزيادة بيروقراطية لعدد المستشارين الذين يمثلون جزءا من البطالة المقنعة ) ، وهذا بالطبع ناهيك عما يرافق ذلك من نواحي الفساد والمحسوبية والمنسوبية . المشكلة أيضا أنه حتى الأحزاب التي تدعي التقدمية واليسارية والليبرالية والديموقراطية ، لم يمكنها أن تمتلك أي برامج فعلية ، بل تكتفي بطرح الشعارات الشعبوية تحت : يافطة نحن المُخلِصون والمخلِّصون الحقيقيون فدعونا نصل للسلطة والحكم وبعدها سترون . مثلا لا أحد منهم إتخذ موقفا واضحا صريحا عن ضرورة إلإلغاء الفوري للبطاقة العبودية التموينية وغير ذلك الكثير من المواضيع في مختلف المجالات والتي تستدعي قرارات وإجراءات حاسمة وسريعة تتوخى النتائج الفعلية على أسس مدروسة مسبقا وليس لمجرد اللعب على عواطف المواطنين . والثاني ـ هو أن يقدم المرشح ( أي من يختاره رئيس الوزراء بإلإتفاق مع أطراف الإئتلاف الحكومي ، ) رؤيته وبرنامجه الخاص عن عمل الوزارة المرشح لرئاستها وإستراتيجية تطويرها أمام مجلس الشعب . أي أن تقديم الحكومة لا يتم فقط عن طريق أسماء الوزراء بل التعريف الكامل بهم وبرامجهم . هذا سيجعل من برنامج الحكومة الذي ستقدمه في جلسة نيل الثقة أكثر وضوحا وتفصيلا ، وبالتالي أكثر قابلية للمراقبة والنقد البناء .
4. الوزارات المركزية والنظام الإتحادي . من أهم فضائل النظام الإتحادي واللامركزي هي أن أغلب المسؤوليات والمهام العملية للوزارات المركزية ستنتقل إلى عهدة المحافظات والأقاليم لكي تتم معالجة المشاكل على أرض الواقع ، وتقييم الحاجات والإمكانات للتنمية والتطور بشكل أكثر موضوعية . وإيجاد الحلول للمسائل المستعصية والتي تحتاج لبعد نظر إستراتيجي بالنظر لها أولا من زاوية ما تتركه من آثار على المواطنين في الواقع الحي قبل أن ينظر لها من أعلى لتحلل إرتباطاتها بالقضايا ألأخرى على مستوى البلاد والدولة ككل . هذا يستدعي إعادة هيكلة أغلب الوزارات المركزية ومديرياتها العامة بحيث تصبح أشبه بهيئة أركان تمارس البحث والتحليل ووضع الإستراتيجيات والقيادة العامة ولا تتداخل بالمهام الإجرائية للعمل اليومي . وحقيقة أن بعض الوزارات يجلب إلغائها أصلا لأن كل مهامها تدخل في صلاحيات المحافظات .. عدا عن ذلك الكثير من مهام الوزارات يمكن أن تلقى على عاتق منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الخاصة . ( قبل سنوات قرأت خبرا ، لا أعرف مدى صحته ، وهو أن وزارة الزراعة الأميريكية لا يتجاوز تعداد كادرها 200 شخص . في حين وزارة الثقافة عندنا كما أعتقد يفوق تعداد كادرها ( موظفيها ) في بغداد العشرة آلاف شخص بينما قلما نجد مراكز ثقافية مكتبات ومسارح ألخ ، في المحافظات والمدن ألأخرى .) هنالك مسألة أخرى تستدعي إعادة هيكلة الوزارات ، وهي أن الكثير منها تتجاوز بمهامها بشكل رهيب ألمسؤوليات العادية التي يجب أن تقوم بها .. وهذه النقطة سأرجع لها لاحقا في الفقرة 6 .
5. النظم الإدارية وقانون الخدمة المدنية . من المشاكل الكبيرة التي نراها في السلطة التنفيذية حاليا عشوائية وتعدد النظم والتعليمات الإدارية .. بما يخلق أشكالا من الفساد والترهل البيروقراطي والعسف ، وأحيانا تصل الأمور بالمحسوبية والمنسوبية إلى مايشبه العصابات المافيوية في تنظيم الجهاز الإداري .. تحت ستار من السرية الزائدة والمخالفة للقانون ، ( أنا كموظف حتى لا أستطيع مشاهدة إضبارتي الشخصية !! ) . هذا مع إستمرار مهزلة (المفتش العام ) ألتي أضحت جزءا من اسباب التضخم البيروقراطي . مع وجود نظام إداري موحد واضح تفصيلي ومتكامل على شكل قانون الخدمة المدنية ( الوظيفية ) يستطيع أي موظف يتعرض للغبن أو حتى مواطن عادي تأثرت مصالحه أن يقاضي أي مسؤول إداري أيا كانت درجته من مدير إلى الوزير ، في المحاكم العادية . حيث يُحضر المتهم أو وكيله وممثله ليس بصفته الشخصية بل بما يسمى بالتعبير الحقوقي ( إضافة لوظيفته ) .. هكذا كانت تجري الأمور في العهد الملكي والجمهوري الأول .. ومن ثم في زمن صدام أصبح ممنوع إعتقال أو محاكمة حتى المجرم الذي يضبط متلبسا إلا بموافقة وزيره المختص .. والكثير من هذا لا زال باقيا ..
6 . بعض مشاكل السلطة التنفيذية . رغم أن الإقتصاد العراقي إقتصاد ريعي ، وسيبقى كذلك لفترة طويلة لاحقة ، فإن ذلك لا يعني ولا يجب أن يعني ان الوزارات المختصة بالشؤون الإقتصادية عليها أن تتحول إلى مؤسسات إقتصادية أو إستثمارية . المشكلة الرهيبة عندنا هي أن وزارة التجارة تمارس التجارة فعلا وبمختلف مجالات الإستيراد كأي تاجر رأسمالي ( ناهيك عن معضلة إدارتها للبطاقة العبودية التموينية ، لا أدري بأي حكمة عبقرية تخصصت في هذا المجال ) ، ووزارة الصناعة تستثمر في و تدير المصانع التابعة لها كجزء منها وكذا وزارة الزراعة ، والإعمار وغيرها .. هذا النمط " الإشتراكي " اثبت فشله وكونه منبعا لكثير من الأمراض من التضخم والفساد في الجهاز الإداري إلى عدم الكفاءة الإنتاجية والإقتصادية وتضاعف النفقات والخسائر المادية التي تصرف من المال العام ، إضافة لعدم قدرة مثل هذه المؤسسات على المنافسة السوقية ( إلا في حال الإحتكار الكامل ) وتخلفها الدائم في مجال إستيعاب التقنيات الحديثة ومواكبة بحوث التطور العلمي ( الموظف الإداري العادي لا تهمه مراجعة تلك البحوث ) . لذا من الضروري إعادة هيكلة تلك الوزارات وإستبعاد المديريات التي تعمل كمؤسسات إقتصادية وإستثمارية ، وجعلها مؤسسات مستقلة ( رغم أن راسمالها من المال العام او المشترك ) وترتبط بالدولة على أسس تعاقدية . هذا الموضوع سأرجع له في المقال القادم حول بعض الرؤى ألإقتصادية ، ولكن هنا فقط أقترح أن يكون جزءا ولو صغيرا من رأسمالها مثلا 5% بالنسبة المؤسسات الضخمة ( وحتى المشاريع الإستراتيجية ) وأكثر من ذلك 10 ـ 50 % في المؤسسات الصغرى مطروحا للتداول كأسهم في البورصات .. والسبب هنا ليس كخطوة اولية للخصخصة بل في أن هذا سيسهل لى الوزارات مهمة الرقابة والإشراف على عمل تلك المؤسسات لإنه سيعطي مؤشرا على كفاءة مجالس الإدارة في تلك المؤسسات ونجاعة الحلول التي يقدمونها من أجل التطوير وزيادة الأرباح والفوائد . بكل الأحوال الوزارة يمكنها أن تتعاقد مع مدراء تنفيذيين آخرين ، من كندا مثلا. . بكل الأحوال الوزارة المركزية ستتخلص من الكثير من المهام التي تعيق مسؤولياتها في القيادة الإستراتيجية للقطاعات الإقتصادية بما في ذلك بحث وتحديث مشاريع القوانين التي تنظم عملها .
من ألمشاكل العويصة في ألأجهزة التنفيذية والتي ساهم الإقتصاد الريعي بإستفحالها هي مشكلة التضخم البيروقراطي والبطالة المقنعة . أعتقد في ظل تنظيم الدولة على أسس حديثة يمكن التخلص من هذا العبء تدريجيا بنقل هؤلاء الموظفين إلى قطاعات الإنتاج المختلفة ( الشركات الخاصة والمشتركة ) والتي بالتأكيد ستحتاج لخبراتهم خاصة في العمل المكتبي والحسابات و كمينجر إداريين محترفين أو حتى كعمال بأجور عالية أكثر بكثير من رواتبهم الشحيحة في ظل الخدمة في الجهاز الحكومي . بالتأكيد هنا يجب تعديل القوانين التقاعدية بشكل يجعلها تشمل كل العاملين ، أيا كان رب العمل .. ( يعني الخادمة في البيت الخاص ايضا تتحصل على رواتب تقاعدية بعد فترة معينة من السنين ) ، وهنا يمكن تجربة دفتر العمل الذي يعطى للمواطن بسن البلوغ ويبقى معه طيلة الحياة حيث تسجل فيه كل أماكن عمله ، ودائما ما يتحمل رب العمل مهمة إيصال الإستقطاعات التقاعدية من أجر العامل الموظف عنده وأيضا نسبة مضاعفة لذلك من ارباحه وراسماله إلى المصرف التقاعدي الخاص .
4. ألسلطة ألروحية (أو ألسلطة ألفكرية) أو ألمجلس ألألفي :
يتبع
#ماجد_جمال_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رؤى حول المبادئ الدستورية وأسس نظام الحكم ( 2 / 4 )
-
رؤى حول المبادئ الدستورية وأسس نظام الحكم ( 1 / 4 )
-
ملاحظات حول الدستور العراقي (7 / 7 )
-
ملاحظات حول الدستور العراقي ( 6 / 7 )
-
ملاحظات حول الدستور العراقي ( 5 / 7 )
-
ملاحظات حول الدستور العراقي (4 / 7 )
-
ملاحظات حول الدستور العراقي ( 3 / 7 )
-
ملاحظات حول الدستور العراقي ( 2 7 )
-
ملاحظات حول الدستور العراقي ( 17 )
-
حول القضية الكوردية ، حوار جدي ! (3)
-
حول القضية الكوردية ، حوار جدي ! (2 )
-
حول القضية الكوردية حوار جدي ! ( 1 )
-
هل العراق في خطر؟
-
ألا يكفي هذا سببا مبررا لحرق كل نسخ قرآن محمد القرشي أنى وجد
...
-
ما معنى كلمة اليسار ؟ وما هي الهوية اليسارية ؟؟؟
-
بعض مواقف المجلس الوطني والمعارضة السورية هل هي من الجهل ام
...
-
تباً للألف حرف .. ردا على تعليق ألأخ مثنى حميد !
-
أزمات النظام ألإشتراكي ! رد على مقال ألسيد أنور نجم الدين حو
...
-
تخرب من الضحك ، .. وتموت باكيا (1) : مسلسل :
-
نقطة حوار ... ألفرس المجوس وألفرس ألشيعة .. أيهما أفضل أو أس
...
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|