|
بيان حول الذكرى الثانية لغزو العراق واحتلاله
المبادرة العراقية الديمقراطية
الحوار المتمدن-العدد: 1159 - 2005 / 4 / 6 - 11:04
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
تمر هذه الأيام الذكرى الثانية على غزو العراق واحتلاله من قبل القوات الأمريكية والقوات البريطانية المتحالفة معها، في أبريل/ نيسان 2003 بشكل كامل. فالحرب التي شنتها هذه القوات عرضت بلادنا إلى دمار شامل حيث استخدمت فيها آلاف الأطنان من أسلحة الدمار المحرمة دوليا لتزيد من مأساة شعبنا العراقي بكافة قومياته، الذي عانى طويلاً من ويلات الدكتاتورية وإرهابها الجماعي وحروبها العبثية، ومن جراء الحصار الاقتصادي الجائر الطويل الأمد .. إن الحرب التي شنت على العراق في ظل رفض الرأي العام العالمي وخلافاً للقوانين الدولية بشكل مطلق، لم تكن ضرورة موضوعية لحل مشاكلنا الوطنية، إنما وضعت العراق وإلى زمن غير منظور تحت الوصاية العسكرية الأمريكية التامة والمباشرة.
إننا إذ نحمل النظام الديكتاتوري المسؤولية المباشرة عن النتائج الكارثية لهذه الحرب، نحمل أيضاً ما كان يسمى بالمعارضة العراقية التي أعطت مسوغاً غير مقبول عما يسمى بأسلحة الدمار الشامل الذي بات ورقة بيد المحتلين لكي يحتلوا بلدنا.
واليوم يقف القسم الأكبر من شعبنا العراقي أمام محنة نوعية قاسية تهدد وجوده ومستقبله.. وهو يخوض صراعاً مريراً وشاقاً لاستعادة استقلاله وسيادته الوطنية المنتهكة، ويتصدى لحل المشاكل المتراكمة التي تواجهه بسبب الاحتلال وعدم الاستقرار وفقدان الأمن وسوء الإدارة وتفشي الفساد. إن هذه التراكمات وما نشأ عن الاحتلال من صراع سياسي واجتماعي عرقي ومذهبي، سيكون كفيلاً لتحديد مستقبل العراق ورسم مسار المنطقة ومستقبل المشروع الأمريكي المتمثل بالشرق الأوسط .
لاشك إن الحرب الأخيرة على العراق واحتلاله، هي جزء من الصراع العالمي للسيطرة على منابع النفط في المنطقة.. وهي جزء من خطة الإدارة الأمريكية للسيطرة على العالم وبناء "النظام العالمي الجديد" في محاولة لإعادة ترتيب وضع المنطقة وتحقيق ما أطلق عليه (الشرق الأوسط الجديد أو الكبير) الذي يلعب فيه الكيان الإسرائيلي دوراً متميزاً، خاصة في النواحي العسكرية والاقتصادية. وما الحملة الأمريكية الجديدة ضد سوريا وتحميلها مسؤولية العمليات الإرهابية في لبنان والعراق إلا جزء من هذا المخطط الخطير.
إن من أخطر النتائج التي سعى إليها الاحتلال هو نسف الكيان الوطني العراقي، وكل المبادئ والمفاهيم القانونية والحقوقية، التي ترمز لسيادة الدولة واستقلالها الوطني وأهمها الأسس الثلاث "الحصرية والشمولية والذاتية". وتسويق مفاهيم جديدة خاصة بالمحتل لإعادة وتحديد بناء كيان الدولة ومؤسساتها على أسس طائفية وقومية ضيقة، ومن ثم استصدار تشريعات سياسية واقتصادية وقضائية تتوافق مع مشروعه الخاص لتقسيم العراق وتغيير شكل المجتمع وبنيته الأساسية..وهنا يمكن الإشارة إلى قانون إدارة الدولة سيئ الصيت وغيره من قوانين وتشريعات سنها المحتل، تتعارض مع أبسط مقومات الدولة العصرية كأمثلة على هذا التوجه الخطير والمريب.
ويحكم الاحتلال سيطرته على القرار السياسي ويفرض نفسه على مؤسسات الدولة والحكومة لتنفيذ مخططاته، ويضاعف جهوده لبناء القواعد العسكرية الأجنبية فوق أرض العراق. ويستمر في تطويق المدن والقرى ومحاصرتها، وتصعيد أعماله الإرهابية بصورة جماعية والقيام بعمليات الدهم والاعتقال والقتل العشوائي.. فيما أخذت العمليات الإرهابية المشبوهة ضد أبناء شعبنا، كجريمة الحلة والموصل وديالى، تنمو بشكل ملحوظ وخطير، بيد أن الحكومة المؤقتة تقف عاجزة عن القيام بأي دور هام لحماية الشعب والمجتمع من الإرهاب، الذي تقف وراءه وتغذية منظمات وجهات متعددة الجنسيات من بينها المحتل نفسه، الذي لازال مصراً على الاحتفاظ بالملف الأمني بشكل مطلق.
وتتفاقم الأزمة الاقتصادية ومشاكلها القديمة والجديدة، ويتكشف زيف الادعاء "بإنهاء مشكلة الديون وإعادة الأعمار" وبناء البنية التحتية التي خربتها الحروب المنظمة. وانكشف أمر الدول الغنية وادعاءاتها الكاذبة بمنح العراق مساعدات مادية، بينما بلغت الصفقات التجارية والاقتصادية والصناعية الخاصة والسرية بين قوات الاحتلال والشركات والمؤسسات القريبة من الإدارة الأمريكية أعلى مستوياتها دون حدوث أي تغيير ملموس وعلى كل المستويات، كما تؤكد ذلك التقارير الدولية. ويستمر تدفق النفط من دون عدادات ومن دون حساب أو مراقبة أو إشراف وطني عراقي، وتجري محاولات فرض حلول اقتصادية خارجية من دون توفير الشروط الداخلية اللازمة لنجاحها.
وتشتد أزمة البطالة لتصل إلى معدلات مرعبة ينتشر معها الخراب الاجتماعي والأخلاقي، وتتدهور الخدمات العامة بشكل لا تجده حتى في البلدان المتخلفة والفقيرة. وتتشوه الحياة العمرانية والمدنية في كل المدن العراقية، ويدخل الريف مشاكل تقنية وإنمائية وفنية ومادية لا حصر لها تقود نحو المجهول. وتكبر ظاهرة الفساد الإداري والمالي الذي تمارسه جهات حزبية وسياسية وحكومية يدعمها المحتل، وأصبحت المشاركة الجماعية لأصحاب النفوذ الجدد في عمليات النهب المنظم لممتلكات الدولة ومؤسساتها، ظاهرة شائعة تجري بمقاييس وأساليب مروعة.
أن شعار"الحرية والديمقراطية" الذي جاء به الغزو ليسوقه، لا يمكن أن يؤسس قطعاً تحت حراب ومظلة الاحتلال، وهو شعار لا ينسجم مع طبيعة أهدافه التي جاء من أجلها. لذلك ظل يتخبط بإجراءاته منذ ساعة تنصيب غارنر وبريمر، وتعيين ما يسمى بمجلس الحكم الانتقالي ومن ثم تشكيل الحكومة المؤقتة، انتهاءً بالانتخابات الشكلية، التي لم تتوفر فيها شروط الحد الأدنى ـ السياسية والقانونية والفنية والأمنية. فيما تم إقصاء شرائح أساسية من مكونات المجتمع العراقي وتجميد الخطوات الضرورية لتفعيل العمل السياسي الوطني واستبداله بمصطلح (العملية السياسية) التي يديرها بكل تفاصيلها المحتل، بما يتماشى ومصالحه وبمساعدة أطراف سياسية عراقية عديدة، بما فيهم من شارك وعمل مع ما سميت (مجالس الحكم). الأمر الذي جعلنا ندعو لمقاطعة هذه الانتخابات، ولا نعتقد أو نتوهم إنها كانت الحل السياسي الوحيد الذي من شأنه حل كل المشاكل التي يمر بها وطننا وشعبنا، ونعلم بأنها كانت حلقة تدور في فلك الاحتلال لتجميل نشاطه المحموم وتحسين صورته ووجوده، أو إضفاء شرعية مزعومة على عمله. واليوم وبعد مرور أكثر من عامين على وجود الاحتلال في العراق، نتساءل، ما هو موقف القوى السياسية التي أرادت من الانتخابات وسيلة للتحرر، وتشكيل حكومة حرة ونزيهة، من الإيفاء بوعودها ومنها إنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال الوطني وبسط السيادة على كامل تراب الوطن؟.
ومنذ مجيئها للسلطة فأن الطائفية السياسية في أشكالها الفجة والمقيتة، لازالت تكرس نظام توزيع الغنائم والامتيازات والعقود والصفقات السرية التجارية والاقتصادية وفي مجال البناء والزراعة فيما بينها. وتتخذ الحركة السياسية الكردية موقفاً انعزالياً شوفينياً ضيقاً، وهي لا تجد نفسها ملزمة لاتخاذ موقف يتعارض مع طبيعة الاحتلال والحد من معاناة المجتمع العراقي برمته، كما أنها غير معنية بالدفاع عن سيادة العراق وتحقيق استقلاله، بل وصل الأمر بها حد استغلال الظروف الصعبة التي يمر بها العراق وشعبه لفرض شروطها الستراتيجية والتكتيكية والذاتية، مستظلة بغطاء ومدافع الاحتلال، وهذه نظرة قاصرة وغير موضوعية ستؤذي الشعب العراقي وتلحق الأضرار بمصالحه، بما فيها مصالح الأكراد.. إن المشاكل القومية في كركوك وغيرها من المناطق العراقية بحاجة إلى حوار وطني موضوعي هادئ، بعيداً عن الابتزاز والتعصب الشوفيني، وفرض الحلول الأحادية. أنها بحاجة إلى تقديم مبدأ الحلول الوطنية العامة على الحلول الوقتية والصفقات السرية التي لا تدوم كونها غير شرعية وخالية من مستلزماتها الموضوعية، وعلى الحركة السياسية الكردية تقع مسؤولية الابتعاد عن ردود الفعل المتشنجة والمجاملات المفتعلة والتمادي في فرض سياسة الأمر الواقع، وأن لا تسير نحو المنزلق الخطير الذي يبدد أحلام الجميع.
إذن لا حرية في ظل الاحتلال وغياب القانون المدني ومؤسسات الدولة المستقلة، ولا أمن واستقرار، ولا حريات عامة وحريات شخصية في ظل (قوانين الميليشيات والعصابات المسلحة) التي تتقاسم البلاد من الشمال إلى الجنوب، وتتدخل في حياة الناس وشؤونهم . لذا فإننا نعتبر أحداث كلية الهندسة في البصرة مؤشراً خطيراً لما يجري في بلادنا، ونطالب الحركة الوطنية الرافضة للاحتلال، ومؤسسات المجتمع المدني، الاحتجاج والمطالبة بتوفير الحماية للأطفال والنساء والطلبة وكل أبناء شعبنا، وإيقاف التجاوزات مهما كانت الحجج والادعاءات ومن يقف وراءها. كما نطالب المرجعيات الدينية ومن جميع الأديان والمذاهب، الدعوة للالتزام بطقوس العبادة داخل أماكنها المخصصة وفصل الدين عن الدولة، وعليها أيضاً أن تتمسك بالموقف الوطني السليم من الاحتلال وتبتعد عن المواقف الطائفية الضيقة.
لم تستطع الحركة الوطنية العراقية حتى اللحظة من طرح برامجها وشعاراتها بوضوح، لمواجهة الاحتلال والإرهاب المنظم لإنجاز مهامها وصولاً إلى طرد الاحتلال وتحقيق الاستقلال الوطني والأمن والاستقرار السياسي .. أن تنشيط المقاومة للاحتلال بكافة أشكالها من الأولويات التي يفترض أن تنتهجها الأحزاب والقوى الوطنية الرافضة للاحتلال على الساحة العراقية، وعليها كطليعة تقع مسؤولية تنظيم نفسها وتوحيد جهودها. كما تقع عليها،أيضاً، أهمية تفعيل الفعل ودعوة الجماهير بتبوء دورها في الخروج للشارع ومواجهة الاحتلال والظلم، وأن لا تدع رياح التغيير في آسيا وأفريقيا، ومثال لبنان أمامنا، تمر على بلادهم هكذا هادئة دون قطف ثمارها.
إن الحاجة إلى تأسيس عمل وطني يطرح المهمات الملحة ويقود العمل الجماهيري الواسع والمتنوع ميدانياً، وتأسيس منظومة مفاهيم وطنية وقانونية وحقوقية جديدة، تعتمد الثوابت الوطنية أساساً في التعامل، وتستوعب التطورات الاجتماعية والسياسية الداخلية والعالمية، وتتجاوز أخطاء الماضي وفق منهج ومفاهيم ديمقراطية متطورة تأسس لحياة ومستقبل أفضل، أصبح ضرورة ملحة.. إننا بحاجة إلى وعي وطني جديد يدرك المخاطر والمتغيرات، كما أننا بحاجة إلى صحوة تقود إلى مستوى المسؤولية وعلى الشعب أن ينهض كي يتخلص من عقدة التعامل مع قضاياه الوطنية بشكل سلبي..وعلى الحركة الوطنية في هذه الفترة الحرجة من تاريخنا الوطني المعاصر بذل الجهود، وعدم الركض وراء خداع الناس وإيهامهم بوعود وشعارات زائفة. وإذ تمر اليوم الذكرى الثانية لسقوط بغداد واحتلال العراق عسكريا، تحت ظروف وأسباب شاءت بها السياسات الداخلية والخارجية، فأننا على يقين من أن بغداد والعراق كله، سينهض من جديد بصبر أبناءه وإرادة شعبه ووعيه وعمق تاريخه الثقافي والحضاري.
عاش شعبنا العراقي وعاش العراق حرا ديمقراطيا موحداً ألمانيا في 2005.04.04 المبادرة العراقية الديمقراطية
#المبادرة_العراقية_الديمقراطية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
-
فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران
...
-
مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو
...
-
دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
-
البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
-
ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد
...
-
بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
-
مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
-
مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو)
...
-
الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|