|
لو كان هناك يسار فلسطيني
عُقبة فالح طه
الحوار المتمدن-العدد: 4026 - 2013 / 3 / 9 - 12:21
المحور:
القضية الفلسطينية
في الوقت الذي بات مضحكاً محزناً أي حديث عن الوحدة الداخلية الفلسطينية وجسر الهوة بين قطبي السلطة: (قطاع حماس وضفة فتح)، وذلك بسبب طول مدة الحوار بين الفريقين وكثرة اللقاءات القاهرية وتعددها، وكثرة الاعلان عن قرب التوصل إلى وفاق ينهي حالة الانتقسام المؤلمة، ثم ما نلبث أن نفاجأ بناعٍ هنا أو هناك ينعى المصالحة ويقيم عليها مأتما وعويلاً ولكن دون جدوى، ففي مثل هذا الوقت العصيب الذي هو أنسب الأوقات لانبلاج تيار سياسي ثالث قوي ومؤثر على الساحة الفلسطينية يمكنه في حال امتيازه بالتنظيم والتنسيق أن يقلب الأوضاع الفلسطينية الداخلية رأساً على عقب خصوصاً بعد المسرحية التلفزيونية التي كان أبرز أبطالها عزام الأحمد وعبد العزيز الدويك، تلك المسرحية التراميدية (التراجيدية الكوميدية) التي أضحكتنا من شدة المأساة ، فإذا كان الأحمد والدويك رُسل سلام وطلاب وحدة بحق كيف إذاً هم دعاة استمرار الانقسام؟ وإذا كان الأحمد والدويك اللذان يعتبران من قيادات الصف الأول في حزبيهما حيث يترأس الدويك المجلس التشريعي الذي تسيطر حركة حماس على أغلبيته النيابية ، فيما يمثل عزام الأحمد كتلة فتح النيابية في المجلس التشريعي وعضو لجنتها المركزية، فكيف إذاً هو الحال بين عناصر وتشكيلات قاعدتي فتح وحماس الجماهيريتين والتي يتناحر قادتهما على السلطة وعلى أحقية كل منهما بها؟ فحركة حماس ترى أن مشروعيتها مستمدة من انتخابات التشريعي الأخيرة التي اكتسحتها قائمة حركة حماس مطلع عام 2006 فيما ترى حركة فتح أن الشرعية تستمد من أن السلطة الفلسطينية بمجملها هي نتاج مفاوضات قادتها منظمة التحرير الفلسطينية وأن المنظمة - التي لا تنتمي إليها حماس- هي مرجعية السلطة الفلسطينية وأمها الشرعية . من هنا فإن اليسار الفلسطيني يفتقر إلى القدرة التي تؤهله لتشكيل بديل جدّي وحقيقي لعدة أسباب: أولا: إن أي تحالف في أي مكان في العالم يحتاج إلى تنازل طرف أو أطراف لأخرى وهذا ما حصل بالفعل على سبيل المثال لا الحصر حين تنازل الرئيس السوري شكري القوتلي للرئيس المصري جمال عبد الناصر عن كرسي الرئاسة تجسيداً لوحدة قطريهما العربيين عام 1958 ، وهذا ما لا يمكن تحقيقه على مستوى أحزاب اليسار الفلسطيني في ظل ادعاء كل قطب منها أنه هو الأحق والأجدر بقيادة اليسار وهو الأصوب وهو الأكثر عددا وعدة و..و.. إلخ.وإن تحالفات اليسار الفلسطيني فشلت على عدة صُعد أبسط حيث فشل اليسارالفلسطيني في الأعوام الأخيرة - مثلاً- في خوض انتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت بقائمة واحدة بل بقائمتين، كما أن تحالف الجبهة الديمقراطية وحزب فدا وحزب الشعب في الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2006 كانت تمثل تحالفاً آنياً ولم يكن تحالفاً استراتيجياً. ثانياً: هناك تباين واضح في البرنامج الذي يتبناه كل فريق من تيارات اليسار الفلسطيني فبينما ترى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن طريق الحرية والتحرر لا يمكن أن تكون إلا من فوهات البنادق والمقاومة المسلحة يرى حزب الشعب الفلسطيني (الشيوعي سابقا) أن النضال السلمي وحده إلى جانب مفاوضات جدية وجادة يمكنها أن تحقق الكثير من الحلم الفلسطيني بالتحرر والاستقلال، في حين ترى الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ( صاحبة الحل المرحلي ) مطلع السبعينيات وسيلة للاستقلال والحرية هذا إلى جانب العمل المسلح الذي تتبناه منذ انطلاقتها مطلع العام 1969 ثالثا: ارتهان عدد من فصائل اليسار الفلسطيني (المجهرية) إلى القوى المتنفذة في منظمة التحرير ودورانها في فلكها ، ولولا المخصصات الممنوحة لها من الجهات المتنفذة في المنظمة لانقرض بعض هذه القوى التي ترى في نفسها أنها قوى تحرر يسارية رابعاً: إن أي قوة سياسية فلسطينية مهما بلغت قوتها لا يمكنها التنصل من الاتفاقيات التي وقعتها السلطة الفلسطينية مع الاحتلال ، لا بل حاول الاحتلال مراراً الترويج أن فتح غير قادرة على تمثيل الفلسطينيين من حيث عدم قدرتها على الاتزام بتعهداتها وخصوصاً ضبط مناطق التماس مع الاحتلال واعتقال "الإرهابيين" فهل يمكن لليسار أن يقوم بهذا الدور في حال سيطر على الساحة الفلسطينية علما أن أطروحاته تناقض ذلك تماما ؟ خامساً: يجب ألا يغيب عن البال أن منطقة الصراع العربي الصهيوني هي من أكثر المناطق حساسية في العالم وذلك لأهميتها الاستراتيجية والاقتصادية لقوى الاستعمار والهيمنة الإمبريالية فهل بحث اليسار الفلسطيني عن حليف استراتيجي لتحصين نفسه اقليميا على الأقل ولتأمين حالة من التوازن في ظل ارتماء البعض الفلسطيني في أحضان طرف لا يمكن نهائياً أن يكون نصيرا لقضيتنا الوطنية. سادساً: هناك بعض المنظرين اليساريين على الساحة الفلسطينية يرون أن المسافة بين القيادات في القوى اليسارية وقواعدها الجماهيرية بدأت بالتساع حيث بات واضحاً أن الزيعيم أو الزعامة اليسارية في واد وجماهيرها في واد آخر ، وإن أدل شيء على ذلك هو ضعف قدرة الأحزاب اليسارية على حشد عُشر قواعدها الشعبية في مسيرت سبق ودعت لها رغم أن الدعوات للنفير والاستنفار أعلن في قضايا جد حساسة كنصرة الأسرى ومقاومة الاستيطان وغيرها.
#عُقبة_فالح_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ستيك بغل
-
ثقافة السلطة وسلطة الثقافة
-
قابليتنا للاستعمار: قراءة في فكر مالك بن نبي
-
عامر -العظم- حين يطق عِرق الحياء
-
العصبية القبائلية في شعر العرب
-
سِفر العودة
-
خواطر من جمر الواقع (2)
-
خواطر من جمر الواقع
-
سورة بوش
-
ليس هناك إله .. لكنه وعدنا بأرض
-
عوامل صياغة النظام السياسي العربي الراهن
-
مفاهيم الأمة والدولة والقومية في الفكر العربي المعاصر
-
ما بين الحزب السياسي التقليدي والحراك الشعبي
-
الولايات المتحدة و-ربيع العرب- :مقاربة لقراءات متعددة في الم
...
-
تراجع الخطاب الطبقي المفسر للثورات العربية
-
لامية العرب: هل هي البيان الأول للمثقفين العرب؟
-
الفردية ما بين الدولة القبيلة والدولة الحزب
-
ضياع الفردية ما بين الدولة القبيلة والدولة الحزب
-
من مغالطات الوعد الإلهي للحركة الصهيونية
-
الكولونيالية، بناء الهويات،الشيخ والمريد .
المزيد.....
-
مشتبه به بقتل فتاة يجتاز اختبار الكذب بقضية باردة.. والحمض ا
...
-
في ظل استمرار الحرب والحصار، الشتاء يضاعف معاناة نازحي غزة و
...
-
قصف إسرائيلي عنيف يزلزل الضاحية الجنوبية لبيروت
-
صدمة في رومانيا.. مؤيد لروسيا ومنتقد للناتو يتصدر الانتخابات
...
-
البيت الابيض: لا تطور يمكن الحديث عنه في اتصالات وقف النار ب
...
-
نائب رئيس البرلمان اللبناني: لا توجد عقبات جدية تحول دون بدء
...
-
استخدمت -القرود- للتعبير عن السود.. حملة توعوية تثير جدلا في
...
-
-بيروت تقابلها تل أبيب-.. مغردون يتفاعلون مع معادلة حزب الله
...
-
مشاهد للجيش الإسرائيلي تظهر ضراوة القتال مع المقاومة بجباليا
...
-
ماذا وراء المعارك الضارية في الخيام بين حزب الله وإسرائيل؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|