أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - حبات المطر والأفكار -قصة قصيرة -














المزيد.....


حبات المطر والأفكار -قصة قصيرة -


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4023 - 2013 / 3 / 6 - 23:35
المحور: الادب والفن
    


حبات المطر والأفكار -قصة قصيرة
***********************
وأنا جالس داخل المقهى ، أمام الزجاج الذي يفضي بنظري الى الشارع ، كنت أتأمل حبات المطر وهي تسقط متتابعة منتظمة ، كثيفة ومتلاحقة ، صوت مذيع التلفزيون وهو يذيع بصوته الحماسي المبالغ فيه تلك المقابلة الرتيبة بين فريقين محليين ، كان يشبه صوت المنشار الصدئ وهو يقطع شجر الأوكاليبتوس . قليل من الزبائن من يتابع مباريات الفرق الوطنية ، حاول أحدهم أن يغير مضمون الشاشة ، لكن اثنين من المتفرجين امتنعا .
متابعة مشهد حبات المطر المتساقطة كان أمتع من متابعة المقابلة الكروية ، السيارات تعبر الطريق وسط برك مائية ترش جنباتها بتلك الشرارات المائية ، وماسحي الزجاج الأمامي لا يتوقفان عن العمل ، كأنهما في انتظار موسم العمل بالنسبة اليهما . طول السنة يظلان نائمين خاملين ، وهذه هي اللحظة التي يفترض فيهما أن يعبرا عن جدهما في العمل .
كل شيئ في الوجود له وظيفة ما .
حبات المطر لا تزال تتسابق نحو الأرض ، تركض من فوق الى تحت ، لا يمكن لها أن تغير اتجاهها ، وأنا هنا أمامي فنجان قهوتي ، بين الحين والحين أرتشف منه رشفة وأطلق عيني في ملكوت الله المتنوع والنشط . كل ما عدا الانسان نشط ونهم . لا ليس الانسان باطلاق ، الانسان هنا فقط .
حين فكرت في الانسان ، التقطت موضوعة التفكير ، لست الوحيد الذي يفكر طبعا . والا كنت الوحيد الذي يعدم التفكير اذا صدقت أني الوحيد الذي يفكر .
ما زلت أراقب حبات المطر التي أضافت الى الهواء مشهدها الممتع دون أن يفقد الهواء ولو نسبة قليلة من انسيابه وتدفقه . الطبيعة لا تشمئز من أختها ، بل ترحب بها ، فرغم أن مشهد الهواء تغير باضافة حبات المطر ، لكن أحدا منا لم يشك من ضيق التنفس . يرحب الهواء بالمطر كما يرحب بالشمس والطيور وبأنفاسنا وبأحقادنا .
مازال المطر يسقط زخات هائلة ، أحسست أن الأفكار التي تدور في رأسي الآن هي بمثابة الأمطار تنزل من السماء . طرحت سؤالا على نفسي : لماذا لا تكون الأفكار هي أيضا تنزل من مكان ما ، ليس ضروريا أن يكون متعينا ، فالمكان بالنسبة لعالم الفيزياء يختلف تعريفه عن التعريف الشائع .
سلمت أن الأفكار التي تدور في رأسي تسقط من مكان ما ، وأنني أرض تستقبل هذه الأمطار . لكن أغلبها كما أثبتت التجارب الماضية تضيع هباء في مجاري المياه العادمة ، أو القنوات والسبل التي تفرغ كل هذا الكنز في البحر ، رغم أن البحر ليس بحاجة الى مياه اضافية ، كما أنه يستقبل بالضرورة نصيبه من ماء السماء ، لكننا نرهق حمولته بمائنا .
أشعلت سيجارتي ونفثت دخانها عاليا ، لكن الأفكار كانت لا تزال تسقط في رأسي مثل حبات مطر السماء ، بينما بدا على مذيع المقابلة أنه فقد حماسته الأولى ، وأخذ يذيع بصوت يشي بملله هو نفسه من مواصلة اذاعة هذه المقابلة الميتة .
توجهت بنظري الى داخل المقهى ، فلم أجد أحدا جالس بها . كلهم غادروا الى حيث لا ادري ، لم يبق لي الا أن أغادر أنا ايضا مكاني ، وأفاجئ حبات المطر بأفكاري .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية العربية بين النظرية والواقع
- العدالة الانتقالية وضرورة التجاوز
- أمطار الجحيم -26- رواية
- كلمة صادقة الى الشعب السوري الأبي-1-
- أين المواطن ؟
- هذا الوطن لنا
- هوامش التفكير -1- محاولة لخلخلة المفاهيم الثابتة عن مركزيةال ...
- للفراغ أن يخطو
- في انتظار الشمس
- أمطار الجحيم -25- رواية
- أمطار الجحيم -24- رواية
- حر أنا مني
- تسفيه العمل السياسي بالمغرب
- سامر العيساوي والقضية الفلسطينية
- في مفهوم التواضع-2-
- جلباب المخزن المخروم ، وعري المجتمع الفاضح
- أمهليني.....
- حركة 20 فبراير : المنزلقات الموضوعية
- عيد ميلاد ديكتاتور
- أبحث عن امرأة ثائرة


المزيد.....




- أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
- الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم ...
- التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
- التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
- بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري ...
- مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
- الكويت توزع جوائز الدولة وتحتفي باختيارها عاصمة للثقافة العر ...
- حتى المواطنون يفشلون فيها.. اختبارات اللغة الفرنسية تهدد 60 ...


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - حبات المطر والأفكار -قصة قصيرة -