|
إقالة قادة أمن أم إقالة نهج ؟
محمد أبو مهادي
الحوار المتمدن-العدد: 1158 - 2005 / 4 / 5 - 08:31
المحور:
القضية الفلسطينية
موجة من الإقالات والتعيينات في قيادات الأجهزة الأمنية الفلسطينية منذ وصول الرئيس عباس إلي منصب رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية حتى الآن وبعد عدة حوادث متكررة من الفوضى الأمنية جرت في عدة مناطق من أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة ، إجراءات كان لا بد منها بعد التجاوزات الخطيرة علي المستوي الأمني والتي لم تكن وليدة لحظة بل هي استمرار لحالة قائمة منذ عدة سنوات ،ولكن هذه الإجراءات غير كافية بل يجب أن ترافقها إجراءات أخري كالمحاسبة وإبراز دور جدي للقضاء مثلا ؟. علي كل الأحوال فان ما يحدث في المجتمع الفلسطيني يتعدي بكثير حدود التجاوزات الأمنية، وان محاولات حصره في الزاوية الأمنية فيه تجني علي الحقيقة وتقزيم ينذر بالخطر لحجم المشاكل التي يعاني منها المواطن الفلسطيني والتي كانت احدي تجلياتها ما حصل في مدينة "رام الله" علي أيدي مسلحين فلسطينيين. فالمواطن الفلسطيني يحتاج إلي إجراءات حقيقية باتجاه إعادة الثقة والمصالحة معه وعدم تضليله بشعارات الإصلاح والتغير ، فهو يشعر بضائقة اقتصادية حادة جداً تهدده وتهدد مستقبله،وهو بحاجة إلي خطة تواجهه النسب العالية من الفقر والبطالة وتعطيه حقه في الحصول علي عمل يكفيه شر الجوع والحرمان، وإلي الرعاية الصحية الكاملة والي تمكينه من التعليم الجامعي ، لا يريد أن يسمع شعارات عن تحسين الوضع الاقتصادي ويشاهد إقرار لموازنة خصص الجزء الأكبر منها لصالح أجهزة أمن ساهمت كثيراً في غياب أمنه، فالمواطن لديه رغبة بعد أن تقدم جرافات الاحتلال بتدمير أراضيه الزراعية التي تشكل جزءا أساسياً من اقتصاده الوطني في أن يجد وزارة للزراعة تسعي لتقديم يد العون له من خلال إعادة ما دمره الاحتلال من مزروعات وتقف إلي جانبه في نكباته المتكررة ، لا يريد أن يتعرض إلي نكبة جديدة ويسقط ذهولاً عندما يستمع إلي أن ما يخصص لقطاع الزراعة في الموازنة العامة هو اقل من 1% . المواطن يريد أن يري مصنعاً يشيد ومدرسة تبني وطرقاً تعبد بدلاً من أن يري تسابقاً علي بناء مراكز أمنية علي شاطئ بحر غزة أو في مناطق حيوية إذا ما استخدمت استخداماً صحيحاً عبر إقامة مشاريع حيوية عليها تساهم في تحسين وضع البلد. لا يريد المواطن الفلسطيني ديواناً للعشائر أو رابطة لأبناء بلده تحمل ترخيصاً من وزارة لتحميه من بطش الباطشين، بقدر ما يريد محكمة يلجأ إليها عندما تهدر حقوقه، وقاض عادل ينصفه وقانون يطبق عليه وعلي غيره أو ما يسميه الناس "بسيادة القانون" . يريد سلطة وطنية تعزز من قدراته علي الصمود في مواجهة عدو إسرائيلي لا يرحم حتى يستطيع أن يكمل مسيرته الوطنية والكفاحية ويكون واثقاً من أن تضحياته الكبيرة التي قدمها في سبيل حريته وكرامته لن تضيع بخطأ مفاوض "لا يعرف شرق القدس من غربها" أو تضيع استجابة لعيون هذا الزعيم الإقليمي أو تلك القوة الدولية؟ يريد سلطة وطنية فلسطينية قوية تقود شعباًً مناضلاً من اجل حريته واستقلاله ولا تظهر أمام العالم بمظهر السلطة الفاسدة العاجزة عن إدارة شئونها و يخصص لها المزيد من مؤتمرات الإصلاح والتأهيل. هل يستطيع الرئيس "أبو مازن" والحكومة الفلسطينية وكما اتخذت قراراً بإقالة بعض قادة الأجهزة الأمنية أن تتخذ قراراً جريئاً وتقيل والي الأبد نهجاً اثبت فشله منذ زمن ولم يعد يتلاءم مع ضرورات المعركة المستمرة مع الاحتلال، وهل يستطيع الرئيس إقالة نهج التفرد ومرحلة المحسوبيات والفوضى السياسية والأمنية والاقتصادية ؟ هل يستطيع الرئيس "أبو مازن" أن يتخذ قراراً بتشكيل "لجنة وطنية مستقلة للإصلاح" من خبراء لدراسة وضع المجتمع الفلسطيني من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لتقدم هذه اللجنة حلولاً للازمة التي ابعد من أن تكون أزمة أمنية وتؤخذ توصياتها علي محمل الجد ؟ وهل يستطيع أن يصدر قراراً يقضي بعدم تدخل قادة الأجهزة الأمنية في الحياة السياسية الفلسطينية ؟ هل يستطيع الرئيس عباس وبصفته رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن يتخذ قرارات جريئة لإصلاح المنظمة وتوسيعها وإرساء قواعد الديمقراطية الحقيقية فيها لتصبح مظلة حقيقية للشعب الفلسطيني بكافة توجهاته السياسية وتكون ممثلاً حقيقياً للشعب في كافة أماكن تواجده ولتصبح الإطار الوطني الجامع والحقيقي لإدارة الصراع وفق خطة وطنية إستراتيجية متفق عليها ولتشكل الشريك الحقيقي له وتحمل معه أعباء مرحلة لن يستطيع شخص حتى وان كان رئيساً أو حزب حتى وان كان حزب السلطة أن يسير بها لوحده؟ لن تحل المشكلة بإقالة قائد لجهاز أمني أو حتى وزير، فالمطلوب هو إقالة نهج ويحذونا الأمل في أن يقال.
#محمد_أبو_مهادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صندوق الاقتراع ومحكمة الجماهير
-
منظمة التحرير الفلسطينية .............. والجماهير
-
الطبقة العاملة الفلسطينية ومجلس الوزراء
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|