|
الأفارقة الأمريكيون متجاهلون في عهد أوباما
مالك مايح
الحوار المتمدن-العدد: 4022 - 2013 / 3 / 5 - 00:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من كان يتصور أنه بعد 400 سنة، سيصبح الأفارقة الأمريكيون مجتمعا غير مرئي لأغلب السياسيين و للطبقة الحاكمة؟ فنادرا ما تتم الإشارة لقضايا المجتمع في سيل الإعلام الرئيسي، وعندما تكون، فتستعمل فقط لتوجيه النقد للحقوق المدنية المكتسبة في الماضي.
يستعمل جناح الإعلام اليميني بقيادة Fox News و talk radio مصطلحات مثل"البونات الغذائية" و " المحتجزين" للدلالة على مجتمع السود. هجوماتهم الأورويلية ( نسبة إلى جورج أورويل خصوصا عندما يتصور الحالة المستقبلية الشاملة) تركز على ما أن ما يسمى المعاملة العنصرية الاستثنائية تضعف " الحرية".
تستمر حتى الآن، معاناة الأفارقة الأمريكيين ، فنسبة البطالة لديهم مضاعفة ، و المدارس غير ملائمة و الرعاية الصحية ضعيفة . مصالح السود ، بما فيها حق التنظيم مقيدة. إن خطر تراجع جديد يهدد حقوق سود أمريكا، خصوصا أنهم لم يشفوا بعد من أحداث الماضي ، سيكون صعبا على الجميع.
يكاد يكون غير مرئي الاهتمام بشؤون مجتمع السود مقارنة بالعقود الأخيرة. إن افترضنا بأن تكون أسودا تنتظر مساعدة من الحكومة، فإن هذا الحق [ حقوقك على الدولة ] ستذهب أبعد، بحيث يتم إلقاء اللوم على الإتكالية الموضوعة في برامج ضمان الأمن. إن معظم الليبراليين بما فيهم المدافعين عن أوباما يجاهدون لإظهار أن مقاربته " اللاعنصرية " علت من قيمة الشعب و ضمنهم المجتمع الأسود. وهكذا تذوب مسألة السود في" المسألة الأمريكية ". ليتم تجاهل و صرف النظر عن إرث العبودية ، العزل العرقي لجيم كراو [نسبة إلى قوانين جيم كراو التي سنت بأمريكا مابين 1876 و و1965 و التي عزلت بإسم القانون السود عن البيض في جميع المرافق العمومية العامة في الولايات الجنوبية]، و التمييز المؤسساتي باعتبارها " تاريخا".
العرق ، الطبقة : إضطهاد مضاعف
ما لم نستطع القيام به في فترة ما قبل أوباما ـ جعل مسألة السود جزءا من قضية الفقراء و العمال العامة ـ أتمه بكل طواعية أوباما و أنصاره. مكنت هذه المقاربة الإيديولوجية المحافظة ، التي تقول بأن العرق و اللامساواة هما مبررات ليبرالية ، من الإبقاء على السود عالة عل الرفاه الاجتماعي و البونات الغذائية .
الحقيقة أن وضعية الأفارقة الأمريكيين أسوء من باقي المجموعات الإثنية ،خصوصا البيض ، بسبب الإضطهاد العنصري و الاستغلال الطبقي . لم يتغير الاضطهاد المزدوج بوصول الرئيس الأسود الاول ، الذي أظهر بوضوح بعض الرغبة في معالجة العنصرية المؤسساتية .
سجلت الانتخابات الرئاسية لسنة 2012 لحظة تاريخية بالنسبة للولايات المتحدة، حيث شهدت إعادة إنتخاب أول رئيس إفريقي أسود ـ بعد سعي عنصري خبيث لا بأس به للحزب الديمقراطي ـ أظهرت أن أغلبية الأمريكيين ينظرون أبعد من "اللون " و العرق ليصوتوا للرئيس.
مع ذلك، لا يعني هذا أن التمييز المؤسساتي أصبح من الماضي . فبدون ضغط دائم على الحكومة و أرباب العمل لتطبيق قوانين و عادات تكافؤ الفرص، ستستمر التراجعات و العقبات أمام المساواة.
توجد أقلية محافظة محددة مصممة على فعل هذا. حوالي 40% من المحافظين، الذين شملهم الاستطلاع بعد التصويت يعتقدون ، مثلا، بأن مجموعة حقوق المجتمع ، ACORN ( إتحاد منظمات المجتمع للإصلاح هو عبارة من منظمات مجتمعية تدافع عن الأسر ذات الدخل الضعيف و المتوسط و تطالب بتسجيل الناخبين و الرعاية الصحية و السكن .... كانت تركز في إشتغالها مع السكان في أحيائها و مناطق سكناها )، الميتة الأن، "سرقت " الانتخابات لفائدة أوباما ! لقد لعبت ACORN دور مساعد لانتزاع أصوات الأفارقة الأمريكيين و الفقراء من المناطق المدينية في انتخابات 2008 ، لقد تحطمت ACORN بفعل حملة اليمين المتطرف ضدها . لقد سحقهم ليبراليو الحزب المحافظ رغم انكشاف أن كل تهمة موجهة كانت كذبة . فقد صوت أيضا لفائدة أوباما حوالي 40 % من البيض ، مما أكد لائتلاف عريض من الأقليات الإثنية بأن الحزب الديمقراطي في ملك لأغنياء و قدماء البيض.
تغيير البنية الديمغرافية
صوت لأوباما حوالي 71% من اللاتينيين ( بما في ذلك تقريبا نصف الكوبيين الأمريكيين ) ، 75% من الأسيويين الأمريكيين و 93% من الأفارقة الأمريكيين . صوت أيضا 70% من اليهود الأمريكيين لفائدة أوباما بإنخفاض طفيف عن 2008 رغم تأييد الوزير الأول الإسرائيلي الفعلي ل Mitt Romney.
ركز نقاش الإعلام منذ الانتخابات ، على سبب تصويت اللاتينيين بنسب كبيرة على الديمقراطيين و أوباما . الأسباب غير مفاجئة إذا نظرنا إلى هجومات جناح اليمين على الهجرة غير الشرعية ، خصوصا المهاجرين من مكسيكو و أمريكا الوسطى، وضغطه من أجل أن تكون القوانين باللغة الإنجليزية فقط و كونه ضد التعليم ثنائي اللغة .
لم تأت سوى القليل من التحاليل، على سبب تصويت الأسيويين لأوباما، رغم أنه من الواضح أن مسألة حقوق المهاجرين هامة بالنسبة للأسيويين مثل اللاتينيين.
حتى الآن يركز الليبراليون على كيف تجاوز أوباما التعصب الأعمى لليمين و إلى أي مدى تغيرت البلاد. الواقع أن هناك تحولا تراجعيا بالنسبة للطبقة العاملة و فقراء الأفارقة الأمريكيين منذ إنتخاب أوباما تقريبا على كل الأصعدة الاجتماعية و الاقتصادية . سيستمر الإنزلاق إلى الخلف ما لم يركز الأفارقة الأمريكيين اهتماماتهم ، و هذا يتطلب تركيزا من القادة السود على تلك القضايا ، رغم ما سيحدثه من تأثير على جدول أعمال أوباما.
ليس هناك تقدم حقيقي
من تناقضات رئاسة بارك أوباما، هو كيف أن مكاسب العمال السود الفقراء تتراجع بدون مقاومة. لاسيما أن تسريح القادة المدافعين القدامى عن الحقوق المدنية، لافت للنظر.
إن معالجة المسائل المتعلقة بالسود ضمن فئة " أفقر المجموعات الإثنية " لا يشكل تقدما . إنه يذكرني بنقاشات الماضي مع اليسار الذي اعتبر مسألة " الطبقة " أكبر من العرق.
في الواقع ، بالنسبة للأفارقة الأمريكيين تترابط قضيا الطبقة و العرق. مسألة العرق مركزية تحديدا لأن هناك تمييزا عرقيا. أن تكون عاملا لا يعني أن يتهرب العامل الأسود من مسألة العرق حتى خلال معارك الطبقة العاملة المركزة على قضايا العمل من خبز و زبدة.
يدل " فوز" أوباما على قدرة الأفارقة الأمريكيين العالية على التغلب على عنصرية اليمين المتطرف و كسب أغلبية الأصوات في معظم الانتخابات .رغم انه من الواضح ان حملة قمع الأصوات المناضلة ستستمر ، حيث أن السود مدمجين في أكثر من 500 شركة ثرية ، فإنه بقدر ما يعملون كأنصار ل"لون العمى"(أي تجاهل الخصائص العرقية لاختيار الأفراد لمزاولة الوظائف أو بعض الأنشطة الأخرى ) فإنهم سينجحون .
يعني الفصل الطبقي في مجتمع السود إهمال أغلب السود. إن اعتبارهم جزءا بسيطا من " الفقراء " يجعلهم غير مرئيين بالنسبة للقائد و المجتمع. حقيقة أن اللاتينيين يشكلون الأقلية العريضة ( رغم تعددها) يزيد من لا مرئية العمال السود في الإعلام عامة و "سياسة" الخطابات الحكومية .
نادرا ما يتحدث سود الطبقة الوسطى و منظماتهم عن هذه الحقيقة . و الذين يفعلون ـ لقد استضافت PBS كل من Tavis Smiley و الأكاديمي Cornel West الذين نظموا جولة الفقر السنة الماضية و برمجوا ندوة في يناير قبل إعادة انتخاب أوباماـ يهمشون من طرف مؤسسات الحقوق المدنية الرسمية بما فيهم بعض أنصار اوباما غير النقديين اذوي الخلفية اليسارية.
إن مساواة حقيقية و متنوعة ليست ممكنة في الولايات المتحدة ما لم يقم كل الأمريكيين بالإمساك بأصول العنصرية العرقية ، أي التركيز عليها أثناء نقاش سياسات الولايات المتحدة ، يجب التركيز على قضايا الأفارقة الأمريكيين لإحياء النضال من أجل الحقوق المدنية و منظمات الطبقة العاملة . المطلوب إعادة بناء الحلم للمساواة الكاملة عن طريق عمل مباشر.
يناير/ فبراير 2013
Against the current 162
تعريب المناضل-ة .
#مالك_مايح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-ساعد نساء سعوديات على الفرار وارتد عن الإسلام-.. صورة ودواف
...
-
ماذا تكشف الساعات الأخيرة للسعودي المشتبه به قبل تنفيذ هجوم
...
-
الحوثيون يعلنون حجم خسائر الغارات الإسرائيلة على الحديدة
-
مخاطر الارتجاع الحمضي
-
Electrek: عطل يصيب سيارات تسلا الجديدة بسبب ماس كهربائي
-
تصعيد إسرائيلي متواصل بالضفة الغربية ومستوطنون يغلقون مدخل ق
...
-
الاحتلال يقصف مدرسة تؤوي نازحين بغزة ويستهدف مستشفى كمال عدو
...
-
اسقاط مقاتلة أمريكية فوق البحر الأحمر.. والجيش الأمريكي يعلق
...
-
مقربون من بشار الأسد فروا بشتى الطرق بعدما باغتهم هروبه
-
الولايات المتحدة تتجنب إغلاقاً حكومياً كان وشيكاً
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|