محمود جلبوط
الحوار المتمدن-العدد: 4021 - 2013 / 3 / 4 - 22:48
المحور:
الادب والفن
ملاحظة : ليس من الضرورة أحيانا أطلاق تسمية على عمل أدبي ما أو اختيار عنوان خاصة إذا تكثف جدا إلى درجة قصة قصيرة جدا أو خاطرة , بل من المناسب أصلا تركها حرة من أسر تسميتها ويترك للقارئ أن يختار لها ما عكست عليه من اندهاش أو الملل .
.................................................................
اقتحمت في غفلة منه ودون استئذان يذكر لامبالاته المتكلسة التي اعتاد عليها في تحديد علاقته مع محيطه , بل تمددت فيه حتى امتلأ بها فأيقن لتوه , ورغم سماحه , أنها قد احتلت كل فواصل الزمن فيما عبر , اقتحمته وتصاعدت حتى بلغت آخر ما يمكن من الاحتمال حتى تحولت داخله شمسا ليغدو غزالها الشارد.
ولم يجد مخرجا لإلحاحها في ولوج سره سوى أن تقمصها واتخذها صومعة وراح يكثر فيها من صلواته خارج أوقاتها المحددة .
ولما اطمأنت إلى رسوخها فيه صارت تستجديه ألاّ تخرج منه , يمضي الوقت يتساءل : ماذا تريد هذه اللّعوب ؟ ترجوه أن يبقى فيها وقد قررت ومن وراء ظهره أن تنفلت منه بعيدة بعيدة حتى كادت تلامس الحد الأقصى من القهر الذي يصعب تحمله لكنه تحلى بالصبر وقرر الإنغلاق على ألمه , وحين استعان بصمته العاري تعرّت فيه فرحا متغنجا فأضعف ألمه حتى الوهن , استسلم لها كالّذي يسير في نومه إلى حتفه , وقف في محرابها يصلّي الله أن يحفظ له ابتسامتها ثم راح يمضي النهار يتسوّك طعم رضابها , يمرّغ وجهه بعبق نهديها ليتضمخ منه زهر الليمون , ويقيم الليل يسامرها من العشاء حتى مستهل الفجر ووحدة الجسدين الصاخبة تنحو إلى انفجارهما على شكل وردة .
إنها آخر مراحل العمر ونهاية القهر وبداية مواسم الجنى وختام القبل مما دعاه لمنحها آخر ما تبقى في القلب من ميسرة , أخذت طفولته بين يديها قسّمتها بين أصابعها خبزا , ملّحته لكي تحللّه, ثم شرعت تقضمه متأنّية .
يلحّ على كليهما أمل , ولكن القلب في القلب شقاءهما .
يلحّ عليه الألم ويجرح الحب طواياه وهو : " ليتني حجر لا أحن إلى شيء ", أما هي لا تلو لرجائه , تتابع مسيرها مطمئنة في شعابه تحدث خطاها رفيفا يأسره علّها تدفعه لا يلو سوى على رنة خلخالها ليكون دربه الوحيدة , تعتمد على إدمانه على وجودها فيه وتسعى أن تكون خاتم أشياءه القادمة.
يحاول كثيرا الانشغال عنها بما اعتاد عليه سابقا , أيهجرها؟ هل يحاول نسيانها؟ لكنها تعود لتثور في دمه فتزهر في عينيه عبرات
بعض الحكايات يجب أن تغلق بأقوى ولا تفتح أبدا حتى ولو كانت داخلها أشياؤنا وأسمال قلوبنا وأرواحنا وأن نحترم بقرارنا بختمها للأبد .
#محمود_جلبوط (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟