أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مازن كم الماز - نحو دادائية عربية














المزيد.....

نحو دادائية عربية


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 4021 - 2013 / 3 / 4 - 01:30
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كان العالم العربي ينهار فعلا , و ما يزال .. إحراق البوعزيزي لجسده الشاب مجرد رمز لهذا الانهيار , تجسيد لوعي الشارع به .. عندما ينهار العالم , فإن الثقافة السائدة هي آخر معاقله التي تسقط , أو قد لا تسقط .. لكن دك معاقل الثقافة السائدة لا يقل ثورية و أهمية عن دك قصور الطغاة .. يواجه المقموع الواقع بالحلم , ثم بالثورة , إن ارتباط الحلم بالثورة ارتباط عضوي .. أيضا تعبر الثقافة السائدة كإيديولوجيا للطبقة السائدة عن مصالح تلك الطبقة : "العقل" السائد , "الدين" السائد , حتى "الجنون" السائد .. "تغيير" السائد , استبداله بفكر أو إيديولوجيا , بسائد جديد هو التعبير الفوقي الإيديولوجي عن استبدال طبقة حاكمة بأخرى .. لكن لنقد الثقافة السائدة , كما السلطة السائدة , هدف آخر سعى إليه العبيد عادة في ثوراتهم , هو تفكيك السائد , القضاء على مركزية فكرة ما , دين ما , إيديولوجيا ما , على اعتبارها هوية كل البشر و حدود نشاطهم و تفكيرهم , و حصر تفسيرها بأقلية ما ثم فرضها بالقمع على الجميع .. عندما يكون الخيار هو أن يصبح البشر جميعا سادة أنفسهم , أن يكون هدف الوجود الإنساني التفتح الحر و الكامل لكل فرد , لكل شخصية , إثبات فردانية الجميع كل أنا , و ليس فقط أنا الزعيم أو قلة ما أو نخبة ما , عندما يحل الحوار الحر مكان حق قلة في فرض أفكارها , و اتخاذ القرارات الجماعي الحر مكان تحكم فرد أو قلة بالآخرين , عندما تكون القضية ليست تغيير الحراس القائمين على قمع الوعي أو اللاوعي بل في تحرير هذا الوعي و اللاوعي من أي قمع , يصبح من المستحيل في هذا المجتمع الحر فرض فكرة أو إيديولوجيا أو دين كسائد جمعي إجباري , قمعي .. كانت الدادائية , ثم السوريالية هي التجسيد التاريخي الأكثر معاصرة لكل من النزوع إلى تدمير كل ما يمت للسائد و يكرسه و استبداله هذه المرة بحرية الوعي و اللاوعي , و أيضا تغليب الحلم على الواقع , الحلم كثورة على الواقع .. بهذا المعنى , فإننا متأخرون فعلا في إنتاج "دادائيتنا" العربية , كسلاح رفض و تدمير للثقافة السائدة , لثقافة السلطة السائدة .. جرت في السابق محاولات أو مبادرات لإطلاق ثقافة مضادة : في أواسط الثلاثينيات ( جورج حنين و رمسيس يونان في مصر ) و مرة أخرى في أوائل السبعينيات ( عبد القادر الجنابي و رفاقه ) , كما أن الثقافة الهامشية المضادة لم تتوقف عن الوجود إلى جانب الثقافة الرسمية سواء بشكلها النخبوي المعارض أو الأكثر شعبية .. لكنها بقيت , كما في كل مكان , هامشية و محدودة الأثر , كجزء من أزمة التغيير الثوري لمجتمعاتنا .. حتى تلك المحاولات لنقد الثقافة السائدة كانت مترددة , ناقصة : يشير عبد القادر الجنابي في تحليل متأخر له عن الموجة السوريالية الأولى إلى أن السورياليين الأوائل أنفسهم لم يكونوا نقادا لفكرة العقلانية البرجوازية كما يفترض بهم بل كانوا مدافعين ألداء عن تلك العقلانية , عن مفهوم التطور تحت راية العقل , لكن الجنابي لا يضع اللوم في ذلك على أولئك السورياليين الأوائل بل على ثقافة المجتمع المصري السائدة : المغلقة و اللاعقلانية .. اليوم أيضا قد يبدو الصراع داخل مجتمعاتنا هو بين محاولة "عقلنة" ما للسلطة السياسية ( "تحديثها" أو "دمقرطتها" أو باختصار : برجزتها أو إنتاج الدولة القومية الحديثة من فوق مرة أخرى كما في كل المحاولات "النهضوية" السابقة ) و بين العودة إلى الفكرة القروسطية عن الحق الإلهي للحاكم كما يدعو الإسلام السياسي , نفس الدائرة المغلقة التي ندور فيها منذ قرنين عمليا .. لكن الثورة لا تعني بالنسبة للبشر العاديين مجرد استبدال سادة بآخرين , "أكثر ليبرالية" , تهذيبا , أو تدينا , الخ الخ , العبيد يثورون من أجل حريتهم فقط , فيما بعد ينجح سادة جدد في استعبادهم من جديد : لأجل تلك الحرية بالذات نحتاج لمقارعة العقل السائد و الدين السائد , لنقدهم و رفضهم , و طرح حرية الوعي و اللاوعي فقط كبديل لهما .. إن جزءا مهما من أزمة الثقافة البديلة هو في طبيعة المثقف العربي , المؤسساتي غالبا , الذي يتنقل بين مؤسسات الدولة و الدولة البديلة للنخبة السياسية المعارضة و مؤسسات رأس المال المحلي و العالمي .. إن نوعا جديدا من المثقفين ( و الثقافة ) ضروري لخلق الثورة الفكرية أو الثقافية المأمولة : مثقف شارعي , غير خاضع إلا لإرادته الحرة .. لقد وفرت الثورات العربية الأرضية لهذه الثورة الفكرية في الشارع بأن أضعفت سطوة السلطة على الشارع , لكن فن الغرافيتي وحده , رغم أهميته في اختراق حصار السلطة للشارع , لا يكفي .. لإنتاج تلك الثورة قد نحتاج لأن نجعل من الشارع مسرحا , مرقصا , مكانا لإلقاء الشعر , القصة , للغناء , للحوار الخ , في حالة أبعد حتى من مجرد تفاعل إيجابي بين المبدع و المتلقي , أبعد بكثير من التلقي السلبي , من الفرجة السلبية للمتلقي في الثقافات السلطوية السائدة : أن يكون المتلقي قادرا على التفاعل , النقد , المشاركة و حتى الرفض , بل ربما أن يصبح هو أيضا مبدعا , جزءا من فعل الإبداع نفسه , على طريقته , أن نلغي أخيرا كل الحواجز بين الفن و الحياة , ليصبح الإبداع حالة يومية عامة و فردية تساهم في تفتح كل أنا إلى أقصاها , هكذا فقط يمكن تحطيم السائد , تفكيكه لصالح ثقافة حرة في مجتمع حر , لصالح وعي حر و لاوعي حر في مجتمع لا يعرف القمع أو الكبت .. هذا الهدف ضخم جدا بحجم مهمة تغيير العالم , تدمير العالم القديم و إنتاج عالم جديد أفضل أكثر إنسانية ... في النهاية لا تهم الأسماء , دادائية أو غيرها , ما نحن بحاجة إليه اليوم لنصبح أقرب من حريتنا هو شيء أقرب إلى بلاك بلوك ثقافي , عصيان مدني ثقافي أو عقلي



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكريات إدلبية
- فلسفة التمرد الكامنة وراء تكتيكات البلاك بلوك
- أبو فرات , أبو حاتم , زاباتا الثورة السورية
- تحية للحوار المتمدن
- نحو جيل جديد من الغاضبين
- سيد قطب في الجنة
- حشيش سوري
- الثورة السورية , ابن تيمية , و الحرية
- كلمات عن الله
- مطاردة الساحرات مرة أخرى , عن احتمالات صعود هستيريا جماعية ج ...
- الله غير موجود في حلفايا
- اليونان : الشرطة تهاجم فيلا أمالياس
- في نقد الديمقراطية التمثيلية أو سقف الحرية عند الإسلاميين و ...
- حوار مع عبد الله اغونان , ما معنى أن أؤمن بنفسي
- هل أنا مؤمن ؟ أو بماذا أنا مؤمن ؟
- محاولة طبقية لفهم احتمالات تطور الثورة السورية
- حكاية سورية أو حكاية كل زمان و مكان
- دلالات المواجهة العنيفة أمام قصر لاتحادية
- حوار ودي مع الرفيق علي الأسدي , أو لماذا تحيا الكومونة
- مصر : نحو اللجان و المجالس الشعبية , نحو بناء البديل التحرري ...


المزيد.....




- الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
- عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و ...
- في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در ...
- حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
- تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا ...
- تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال ...
- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مازن كم الماز - نحو دادائية عربية