أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عطا مناع - حدث في سجن الفارعة














المزيد.....

حدث في سجن الفارعة


عطا مناع

الحوار المتمدن-العدد: 4020 - 2013 / 3 / 3 - 17:33
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


بقلم- عطا مناع
أعادني خبر اعتقال الطفل منذر محمد سالم أبو الحاج من مخيم الفوار الكائن في فلسطين المحتلة والذي لم يتجاوز عمرة 12 عاما عقدين إلى الوراء حيث إسطبل سجن الفارعة سيء الصيت، هذا السجن الذي وجد بهدف سلخ جلد الأطفال وإرعابهم من خلال إخضاعهم لجولات متكررة من العنف الشديد على أيدي محققين عسكريين يستخدمون كل الوسائل لانتزاع الاعترافات من الأطفال.
عقلية شيطانية هي التي أسست وأشرفت على هذا السجن، وكانت تستهدف الأطفال بشكل خاص وكأنها توقعت اندلاع انتفاضة الحجارة عام 1987 ولذلك كانت الاعتقالات بالجملة، ومن عايش جولات التعذيب والشبح والاعتقالات العفوية التي لا هدف لها إلا إرهاب الأطفال والفتيان يستطيع أن يرسم المقاربة بين تلك الفترة وهذه الأيام.
لم يقتصر العنف الذي مارسه المحققون على الناحية الجسدية وإنما طال البعد النفسي، فقد اتخذ طاقم التحقيق لنفسه أسماء حركية مرعبة للأطفال مثل أبو خنجر وأبو جبل وأبو سيف، وأمام هذا المشهد ادعوا القارئ توقع الرعب الذي عاشه أمثال الطفل منذر أبو الحاج الذين زج بهم في الاسطيل بعد "حفلة الاستقبال" التي على كل معتقل المرور بها قبيل الدخول إلى الإسطبل، وهي "حفلة " يتم فيها الترحيب بالمعتقل المعصوب العينين والمقيد اليدين من الخلف وأبطالها أبو خنجر وأبو جبل وبقية طاقم التحقيق الذي ينفث كل حقدة على الأطفال بالركل والصفع والكم.
ألان تحضرني كلمات الشاعر الفلسطيني سميح فرج لاختصر المشهد قدر الإمكان والذي قال في قصيدته يا إسطبل خيل الفارعة.
كلنا نحن المخيم..... فأسرع كثيراً.... وافرح كثيراً أن كان سلخي فرحة يا اسطبل خيل الفارعة.......نأتيك شيباً أو شبابا .....نأتيك نحراً أو عتابا.... نأتيك عرسا أو عذابا.... نأتيك برقاً أو سحابا ......فاغضب كثيراً ...... لا بد أن نكبر .........قد بلغنا من ملاحمنا النصابا.
نحن نتحدث عن مرحلة عاشها من سبقوا الطفل منذر أبو الحاج، أطفال زج بهم في بطن الوحش على أمل بعث الخوف في قلوبهم وبكل الوسائل المتاحة آنذاك، فكنت إذا دخلت منطقة الإسطبل ترى العشرات من الفتيان المشيوحين في الساحة المؤدية للإسطبل الذي هو عبارة عن ممر طويل نوعاً ما وفية غرف التعذيب حيث الفتيان الذين وقع الاختيار عليهم للخضوع لجولات من العنف تستمر لأيام.
وقتها توقع الاحتلال أن يكبح جماح التفاعلات الغاضبة التي وجدت لها مكاناً في الصدور، وتوقع الاحتلال أن التعذيب العنيف سيحيد من يدخل الإسطبل وبالتالي لن يرى المولود المنتظر" الانتفاضة الأولى" النور، ولهذا كانت الاعتقالات بعشرات الآلاف في محاولة فاشلة من قبل قيادة الكيان لدفن الانتفاضة الأولى في مهدها، لكن الانتفاضة اندلعت وكان فتيان الإسطبل وقودها والعنفوان الذي أعطى لأيامنا القادمة معنى.
لو قدر لجدران اسطبل سجن الفارعة أن تتحدث لنسجت العشرات من الحكايات الموجعة التي عاشها أطفال فلسطين، ولو قدر لهؤلاء الأطفال الذين أصبحوا اليوم رجالاً أن يحكوا حكاياتهم لأدركنا أن المشهد يكرر نفسه، هذا من جهة العقلية الاحتفالية التي تحاول قتل الروح والانتماء لدى أطفال فلسطين تلك العقلية التي لن تتوقف عن ممارسة جرائمها بحق أطفالنا الذين تحاول العقلية المخابراتيه الإسرائيلية تشويه بنائهم النفسي وتحيدهم.
ما بين الفارعة الأمس وعسقلان ومجدو وعوفر اليوم تشابه كبير، لكن أطفال فلسطين اليوم لن يكونوا بالضرورة أطفال الأمس، فأطفال اليوم يمتلكون المعرفة والحقيقة وفلسفة التفكير التي تختلف عن أطفال الأمس بالرغم من حالة الإحباط واليأس التي تحاصرهم، هذه الحالة التي ستكون الحافز لمواجهة الواقع بكل أشكاله وخاصة أن العنف الموجه ضد الأطفال الفلسطينيين اتخذ أشكالا أخرى أكثر خطورة.
وإذا انطلقنا من قاعدة مفادها أن الشعب الفلسطيني لم يعد قطيعاً وان المعرفة أصبحت في متناول أطفالنا فالنتيجة المنطقية أننا بصدد جيل مختلف لن تكبح جامحة كل المحاولات التي تستهدفه من اجل تحيده، ولا اعتقد أن هذا الجيل الذي يؤسس قطعاً لحقبة مختلفة تماماً عن الحقب السابقة من كفاح الشعب الفلسطيني، وهذا يتطلب من المستوى السياسي والوطني الفلسطيني إدراك الحالة الراهنة بالرغم من عدم وضوحها، وعملية الإدراك تأتي من خلال قراءة الواقع بتجلياتة الأمنية والوطنية والحياتية التي تلقي بظلالها قطعا على الفعل الوطني للأجيال القادمة التي أحبطت الرهان على نسيانها القضية الأم.



#عطا_مناع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتفاضة الثالثة: شعبية أم تحريكية؟؟
- خيام التضامن مع الأسرى : مطلوب وزير
- عن ذكرى الحكيم وأكوام اللحم واللامكان
- بلطجيه بربطات عنق ولحى
- متى نرى خوسية موخيكا الفلسطيني
- جيفارا بيت لحم !!!!!!!!
- رسالة من لأجيء: إذا لم نشرب...
- يحدث في محكمة بيت لحم
- هرطقة في زمن الانقسام
- الانتخابات المحلية الفلسطينية: الانقلاب الثاني
- يا صبرا: اخرجي من عالمنا
- مين اللي خرب البلد؟؟!!
- سيدي الرئيس: نحن معك.... ولكن
- محمد رشيد وحق الليلة الأولى
- خربشات على قبر أبو علي مصطفي
- حملات المقاطعة: المواطن ما بيفهمش
- المخيمات وأزمة الكهرباء: مين فينا ألحرامي - 1
- وبعدين معك يا حكومة
- في ذكرى غسان: لمن قرعوا جدران الخزان
- لسان حال الموظف: أنا مش كافر


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عطا مناع - حدث في سجن الفارعة