أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الناصر لعماري - لماذا يؤمن الناس بالآلهة و الأديان ؟















المزيد.....

لماذا يؤمن الناس بالآلهة و الأديان ؟


الناصر لعماري

الحوار المتمدن-العدد: 4020 - 2013 / 3 / 3 - 15:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لماذا يؤمن الناس بالآلهة و الأديان ؟

ما السبب أو الأسباب التي تجعل أي إنسان يتمسك بالخرافات التي تربى عليها ؟

الحقيقة أنا فكرت في هذة الأسئلة كثيرا و حاولت أن أصل إلي إجابة شافية بقدر الإمكان, فلأنني ملحد لم أجد سببا واحدا وجيها يجعل شخصا ناضجا يؤمن بخرافات الأديان و أساطيرها رغم وضوح كذبها و زيفها.

لم أفهم أبدا ما هو الكريه في الواقع الذي يجعل الناس تنفر منه و ترتمي في احضان الخرافة بهذا الشكل. أعرف أن كل الناس يتعرضون لغسيل دماغ مستمر يصحبهم منذ الطفولة و حتى الممات في كل مكان : المدرسة, المنزل, العمل .. ألخ. لكن مع ذلك يحتاج الإنسان لاكثر من مجرد غسيل دماغ لكي يصدق الأساطير الدينية و يتمسك بها كما يفعل الكثيرين.

و في النهاية توصلت لأن الأسباب ليست موضوعية بل نفسية و أخلاقية ..

بمعنى أن أن السر ليس أن الإلحاد صعب التصديق أو مجهد للعقل او ما إلي ذلك بقدر ما هو العيب في الشخصية التي تربت على أخلاق معينة و طباع معينة جعلت دماغه غير قابلة لتقبل الحقيقة. و هي في الواقع ليست أخلاق او طباع بقدر ما هي خطايا أو عيوب أخلاقية. خطايا تشوه شخصية الإنسان و تغرس فيه الإيمان بما هو زائف.

إنها الخطايا المميتة التي تؤدي إلي الإيمان بكل ما هو خرافي و غير أخلاقي و اول تلك الخطايا :

الكبرياء و الدونية

المبالغة في تقدير الإنسان لنفسه بالزيادة و النقصان .. كل شيء إلا الحجم الحقيقي للإنسان.


عجيب هو تقبل الناس العبودية للإله لمجرد أنه خارق القدرات. كيف يتحمل إنسان أن يتسمى ” عبد ” ؟!! ( عبد الله أو عبد النبي أو عبد أي شيء ) لماذا يتقبل أي إنسان كل هذا الخضوع و المسكنة في التعامل مع ما يخص الإله أو الدين. و الإجابة هي أن هذا الإنسان قد تربى على التعايش مع شعوره بالدونية و الإنسحاق امام أشياء معينة على رأسها الدين و الإله.

لكن برغم كل شيء فهناك الكثير من الكبرياء الكامن في كل هذا الإنسحاق و تلك الدونية. فالعبودية لله و شدة الإنسحاق له تبرر التجبر على بقية الناس و شدة التكبر عليهم. العنف يولد العنف و كبرياء الله على الناس يولد كبرياء الناس على بعضهم البعض. لا حيلة لأي مؤمن في أن يرى الله مثله الأعلى و مادام مثله الأعلى يمارس كل هذا الكبرياء و لديه تلك الذات المتضخمة فلماذا لا يمارس نفس هذا السلوك على بقية الناس.

الفكرة هي أن أي شيء يقوم به الله يعتبر مبرر و أخلاقي عند المؤمن به حتى و إن لم يكن كذلك. يعني لو قال الله أنه متكبر سيعتبر الكبرياء فضيلة حتى لو قال الله للناس بعد ذلك : كونوا متواضعين و لا تتكبروا فسيكون مثل الأب الذي يدخن السجائر و مع ذلك يمنع إبنه من التدخين. من الصعب ان يمارس المثل الأعلى شيئا و لا يمارسه من يقتدي به.

فإذا كانت العبودية لله هي لب الشعور بالدونية فهي أيضا التبرير لكل الشعور بالكبرياء و تضخم الذات في مواجهة من لا يؤمن بالله و في مواجهة بقية الكائنات الحية. هذا الشعور بالكبرياء هو الذي يمنع الشخص من أن يقر بخطأه و يعترف أن دينه الذي هو جزء من تكوينه كان خطأ منذ البداية و من ثم يتنصل منه. هذا الشعور بالكبرياء هو الذي يجعل المرء يتقبل أي مصير تعس يلحق بمن لا يؤمن بإلهه لأنه أقل منه منزلة. هذا الشعور بالكبرياء هو الذي صنع الفاشية الدينية في شكل “خير أمة أخرجت للناس” و “شعب الله المختار” و ما إلي ذلك. هذا الشعور بالكبرياء هو الذي صنع حاجزا ضخما ضد قبول الكثير من المؤمنين لنظرية التطور رغم تأكيد العلم الحديث عليها.

يقولون : كيف يتساوى الإنسان بالقرد و هو الذي كرمه الله و رفعه فوق جميع المخلوقات (الإنسان و ليس القرد) ؟

و لكنهم لا يسألون لماذا كرم الله الإنسان و رفعه فوق جميع المخلوقات ؟ لماذا يتوهم المؤمنين ان الإنسان هو كائن مختلف عن بقية الكائنات الحية إلي هذا الحد ؟ لماذا يأمر الله الشيطان بالسجود لآدم على سبيل المثال؟ أليس السجود هو لله وحده ؟ لماذا لا يستنكر اي واحد مؤمن مثل تلك الواقعة ؟

لماذا يفضل الله الإنسان على بقية مخلوقاته ؟ بل لماذا يهتم بالإنسان أصلا ؟

يعني ما الفرق بين الإنسان و القرد المحدودين بالنسبة لله الغير محدود ؟ أليسوا سواء بالنسبة لله ؟

إن من ينظر للناس بمنظور عين الطائر فسيراهم مثل النمل أما لو حاول النظر إليهم بمنظور عين الإله فلن يراهم أساسا. المفروض أن الله خلق الإنسان كما خلق بقية المخلوقات جميعا. فما هي قيمة الإنسان لكي يعيره الله أي إنتباه خاص و لماذا يستحق كل هذا الإهتمام ؟ من وجهة نظر الله الخارق السرمدي الغير محدود المفروض أن الإنسان الفاني العاجز المحدود لا يساوي شيئا ..

لكنه الكبرياء العظيم عند الذين آمنوا و الذي يبرر تفوق الإنسان على جميع المخلوقات الإلهية لان الله إختار الإنسان على وجه الخصوص ليكون خليفته في الأرض و الكون.

لماذا يختار الله العظيم خليفة حقيرة بهذا الشكل ؟ ألا يدل هذا على أن القصة قد لفقها إنسان ليرفع من قيمة النوع الإنساني و يبرر الكبرياء الآثم على بقية الناس و الكائنات الحية.

و لماذا يختار الله من كل الناس فرد واحد بعينه ليكون نبيه و رسوله ؟ هو لا يسأل و هم يسألون !!

سيغموند فرويد قال ان الدين هو وهم كانت البشرية بحاجة اليه في بداياتها وان فكرة وجود الاله هو محاولة من اللاوعي للوصول إلى الكمال في شخص مثل أعلى بديل لشخصية الأب اذ ان الأنسان في طفولته ينظر إلى والده كشخص متكامل وخارق ولكن بعد فتره يدرك انه لا وجود للكمال فيحاول اللاوعي ايجاد حل لهذه الأزمة بخلق صورة وهمية لشئ اسمه الله الكامل.

أما لماذا يصر الإنسان على توهم الكمال و لماذا يسجد للكمال, فالسبب هو الشعور بالكبرياء الذي يوهم الإنسان أن هناك من يملك كل تلك العظمة و كل ذلك الكمال. إنه التفكير بالتمني the wishful thinking, بمعنى أن يتصور المرء وجود الكمال لأنه يتمنى وجود الكمال و هو يتمنى وجود الكمال لكي يرضي شعوره بالكبرياء و هو يشعر بالكبرياء كما يشعر بالدونية بسبب التربية الخاطئة التي تربى عليها, و على أساس تلك التربية يربي أولاده ليصيروا مثله و ندور جميعا في حلقة مفرغة ..

و الحل ؟

الحل هو بالإلحاد.

أي أن يتجاوز المرء أمانيه في وجود الكمال و شعوره بالكبرياء حينا و بالدونية حينا آخر ليعرف قدر نفسه جيدا.

قديما قال سقراط : إعرف نفسك.

أنت لست عبدا لإله و لست سيدا على مخلوقاته بل مجرد ابن للطبيعة و أحد الكائنات الحية الموجودة.

سواء كان الإنسان مخلوقا أم لا, متطور ام لا, فلا يوجد فرق كبير بينه و بين القرد : كلنا حيوانات ثديية على أي حال.

هكذا يقول العلم : ان الإنسان ينتمي إلي ..

مملکة : الحيوانات

شعبة : الحبليات

صنف : الثدييات

رتبة : الرئيسيات (الإنسان والقردة)

عائلة : قردة عليا (أشباه الإنسان)

الجنس : إنسان Homo

النوع : إنسان عاقل Homo Sapiens

النوع الفرعي : إنسان عاقل عاقل Homo sapiens sapiens


أنظر ويكيبيديا


القردة العليا great apes أو Hominidae عبارة عن عائلة حيوانية تتضمن البشر ، الشمبانزي ، الغوريلا و الأورانغوتان. يعني نحن نشترك مع الشمبانزي في إنتمائنا لمملكة الحيوانات و في شعبة الحبليات و في صنف الثدييات و في رتبة الرئيسيات و في عائلة القردة العليا ..

و نختلف فقط في الجنس و النوع و النوع الفرعي ..

يعني الإنسان ليس أصله قرد فحسب بل هو أحد أنواع القرود أيضا الآن و حاليا.

(( إعرف نفسك .. هكذا يقول سقراط. ))

انا لست عبدا لأحد و لا سيدا لأحد بل أنا قرد عاقل و أحد الكائنات الحية الطبيعية.

بعد التواضع لن يضر ..

و أيضا بعض الكبرياء لن يفعل.

النزوع للكبرياء هو نزوع للعظمة و المجد عن طريق تجاوز الذات.

لكن تجاوز الذات لا يكون باوهام العظمة و الكمال بل نتجاوزها بالعمل و المثابرة و الإجتهاد.

الإنسان بالفعل لديه ما يفخر به : بنى حضارة عظيمة و سافر للفضاء الخارجي و لأعماق المحيطات و إحتل الكرة الأرضية كلها .. حيوان عظيم فعلا.

لكنه حيوان على أي حال, لماذا نتنكر لأصولنا الحية ؟

ربما يجعلنا الكبرياء في المستقبل أكثر من مجرد قرود عاقلة لكنه أبدا لن يغير ماضينا و أصلنا.

نحن ابناء الطبيعة الأبرار بكل تواضع و كبرياء.

نحن الحيوانات العاقلة الوحيدة المعروفة.

نحن البشر.



#الناصر_لعماري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرافة نوح
- الأخلاق الاسلامية
- المتدين يحتقر نفسه
- الموسيقى
- الوهابية
- إن لم تشك فأنت مؤمن
- الدمقراطية العربية
- فكرة تجسيد شخص الله
- فوبيا الجحيم
- الغيب و العلم
- عاطفة الإيمان
- الأخلاق الدينية
- هل من الممكن ان يكون هناك شيء اسمه تعصب اسلامي؟
- رياح خريف الاسلام السياسي
- الطب النبوي الخاطئ
- التفكير الأصولي
- الحاكمية الله


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الناصر لعماري - لماذا يؤمن الناس بالآلهة و الأديان ؟