أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - زهدي الداوودي - عراق... إلى أين؟















المزيد.....

عراق... إلى أين؟


زهدي الداوودي

الحوار المتمدن-العدد: 4018 - 2013 / 3 / 1 - 01:22
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


العراق...إلى أين؟

إذا أمعنا النظر في مجمل خارطة تطور المجتمع العراقي بشكل عام، نجده يتسم بالتخلف الذي رافقه منذ تأسيسه في العام 1921 . وهذا لا يعني أن التخلف صفة عراقية صرفة لا يمكن التغلب عليها، بل بالعكس. كان العراق يخطو خطوات حثيثة على طريق التقدم، ولكن سرعان ما يأتي عامل معرقل للتطور ويسحب ظله على المجتمع والدولة إلى أن يعيد الوضع الطبيعي القائم إلى المربع الأول، حيث التخلف والكبوة. وهكذا عاش العراق في صراع دائم بين التخلف والتقدم، وضعه هذا الصراع في حالة المراوحة فالركود. وتبدأ عملية التطور من الصفر من جديد، حيث لعبة جر الحبل التي تجري داخل الحلقة المفرغة. وخلال هذا الصراع الدائم تجري بلورة درنات متضادة، حلوة ومغذية وسامة قاتلة، تتصارعان من أجل خارطة طريق تحدد مصير البلد والمجتمع. وهنا لابد لنا من الإشارة إلى عنف الإنسان العراقي الذي أفرزه مناخه القاري وتاريخه الدموي الطويل، حيث أنه حين ينتفض يخرب الأول والتالي ويعود المجتمع من جديد إلى المربع الأول.
مع بدء تأسيس الدولة العراقية التي لعبت الكولونيالية الانكليزية دوراً حاسماً في تحقيقها، إنتقل المجتمع العراقي من العلاقات الأبوية إلى العلاقات الاستغلالية – شبه الإقطاعية. كان ذلك في تلك الفترة ذروة التقدم، بيد أنها لم تتمكن من الإستمرار لعدم وجود قوة محركة محلية. وكان أن جنى الإقطاعيون الدرنات الحلوة، تاركين المرة للفلاحين. وفتح الانكليز أبواب العراق لإستيراد السيارات الفاخرة والويسكي لحليفتهم الطبقة الجديدة. وبذلك دخل العراق إلى العصر الحديث من خلال بابين.
كان من المفروض أن تدخل من خلال أحد البابين طبقة جديدة ناشئة، هي الطبقة الصناعية - التجارية المتوسطة كي تسد حاجات الطبقة الإقطاعية التي دخلت من الباب الآخر، بيد أن الانكليز سدوا ذلك الباب الذي لم ينفتح إلا بعد ثورة 14 تموز 1958 الذي دشنها الرجل الواعي لطبقته محمد حديد الذي كان بعض القوى السياسية يسمونه بمحمد تنكه.
كانت ثورة 14 تموز آنذاك تمثل ذروة التقدم في الإتيان بمجتمع متمدن خال من بقايا العلاقات الإقطاعية، تسوده الديمقراطية، لا تورط الدين لخدمة السياسة. كان البناء الفوقي أكثر تطوراً من البناء التحتي الذي تسوده العلاقات الاقطاعية التي لم تستسغ قانون الإصلاح الزراعي وحقوق المرأة والعلمانية والديمقراطية. وكان أن تحالف كل القوى الشريرة في إتيان إنقلاب 8 شباط 1963 . وهكذا رجع العراق إلى المربع الأول. وعاد الإقطاعيون إلى سدة الحكم.
التطور اللامتكافيء:
بدأ التطور اللامتكافئ في العراق منذ اللحظة الأولى من تأسيس الدولة العراقية، حيث بدأ الإقطاعيون يشربون الويسكي، يلعبون القمار، يبنون القصور ويرسلون نواباً إلى ما يسمى بمجلس النواب. ولتسديد مصاريف الحياة المرفهة راحوا يستغلون الفلاحين بصورة أبشع.
أحدثت ثورة 14 تموز شقاً جديداً في هذا التغير الذي شمل العراق كله. ومع بدء الحركة الكردية المسلحة بقيادة الملا مصطفى البارزاني، حدث شق جديد عميق في التطور اللامتساوي أستمر حتى يومنا هذا، حيث أنتصرت الحركة، رغم بعض السلبيات، على العلاقات الإقطاعية ورسخت أركان المجتمع المدني وبناء المدينة على أسس حضارية عالمية. يمكننا أن نقول بكل صراحة بأن الفرق بين تطور المجتمع الكردي والمجتمع العربي هائل جداً وأن هذا الفرق يستمر يوماً بعد يوم وبشدة ويشمل الجوانب الإقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية والحضارية. وبالمقابل من التطور الطبيعي في المجتمع الكردستاني، يجري في القسم العربي من العراق، ليس مجرد ركود شامل، بل تخلف هائل يدفع المجتمع إلى العصور الوسطى وما قبلها، الأمر الذي يؤدي جدلياً إلى التباعد بين المجتمعين العربي والكردي وتوسيع الهوة بينهما. وهكذا أتخذ الصراع بين المجتمعين أبعاداً أخرى لا تجري إلا على طريق المربع الأول الذي يبدأ من الصفر.
زحف الريف إلى المدينة و زحف المدينة إلى الريف
نشأت المدن منذ الألف الثالث قبل الميلاد، كانت لها وظيفة دينية وعسكرية. هكذا علمتنا كتب التاريخ وأضافت أنها كانت محاطة بأسوار هائلة وظيفتها الدفاع عن هذه المدن ضد إحتلال الأمبراطوريات القوية. ونادراً ما كان يجري الحديث عن الوظائف الأخرى التي أصبحت حاسمة بمرور الزمن. خلال إطلاعي على عالم المدن الكلاسيكية، وجدت أن لأسوار المدينة واجباً حضارياً لاتقل أهمية عن الوظيفتين، الدينية والعسكرية وهو الحفاظ على معالم الحضارة التي لا يمكن أن تنشأ سوى في المدينة المحصنة ضد القبائل الهمجية التي إذا أحتلت المدينة، أكلت الأخضر واليابس وقضت على جميع معالم المدينة الحضارية. كانت مدينة بابل مثلاً تسد أبوابها مع مغيب الشمس وكان الغرباء ممن لا يسكنون المدينة يتركونها إلى خارج الأسوار، حيث نصبت خيامهم.
هناك معادلة ترينا الوجه الحضاري المتقدم للمدينة أو الدويلة. إذا تمكنت القبائل الهمجية من إحتلال المدينة والسيطرة على نصب الأله المركزي، يكون قد حل الخراب وسقطت الحضارة وأما إذا تمكنت المدينة من تأسيس مدينة أخرى تتوفر فيها شروط المدينة الحضارية، تكون قد انتصرت الحضارة.
وتنتقل الحضارة أحياناً بصورة سلمية تستغرق زمناً طويلا، يؤدي إلى نشوء حضارة جديدة بنوعية متقدمةً، كما حدث بالنسبة للتوغل الأكدي البطئ في الحضارة السومرية أو بالنسبة للتسلل الجرماني إلى داخل الامبراطورية الرومانية والتي أدت إلى إنحلال مجتمع الرق وظهور الإقطاع في أوروبا.
نفس العملية التاريخية، الصراع بين الحضارة والتخلف، جرت بشكل سافر وبوعي في العراق، الغاية منها إستغلال الدين بتحويله إلى أداة رخيصة بيد الحزبية الضيقة. ومن حيث شئنا أم أبينا أدت وتؤدي هذه الطريقة في التعامل السياسي إلى توظيف الجهل الذي تلغي الهوية الوطنية على حساب الهوية الطائفية والمذهبية اللتين تؤديان إلى تمزيق وحدة الوطن. وخير مثال على زحف الريف إلى المدينة هو الزحف الشامل لقرية العوجة إلى بغداد، والذي أستمر أكثر من ثلاثة عقود من الزمن.
على السياسيين الجدد الذين ركبوا موجة المذهبية والطائفية، أن يدركوا مدى خطورة لعبتهم التي إن حرقت، فتبدأ بهم.
عملية التطور اللامتكافئ في الجتمع العراقي، عملية لا يمكن إنكارها.
أدت جدلياً إلى شق المجتمع العراقي إلى مجتمعين، متخلف يزداد تمعناً في التخلف و متطور يزداد تمعناً في التطور.
الصراع بين التخلف والتقدم.
إن محاولة تطبيق هذه المقولة في الواقع تؤدي بنا إلى طريقين، أولهما، إلغاء الديمقراطية. وثانيهما، العودة إلى المربع الأول. أي تحويل الصراع ألى الصراع بين العلمانية والدين، حيث يجري إستغلال الدين بشكل بشع، ناهيك عن تحويله إلى هراوة.
فإلى أين؟... يا عراق؟



#زهدي_الداوودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطوة جديدة على طريق الرواية الكردية
- من أرشيفي.. ستون عاماً وما زلنا في بداية الطريق
- من أنت؟
- قصة قصيرة قطرات الماء
- أميرتي
- أخي الكردي
- جماعة كركوك: من أرشيف زهدي الداوودي
- الأب يوسف سعيد وداعاً
- من الذي قتل حليم دونر؟
- رهان
- نقاط الانفتاح
- اليسار واليمين
- مواهب مخفية في -عودة الشمس-
- نشوء الوعي القومي وتطوره عند الكورد
- ما زلنا عجولاً
- فقهاء المسجد والملا
- دولتى عليئه ى عثمانية
- الأواني المستطرقة
- الحاج طرشي و الفأرة
- قسم


المزيد.....




- بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط ...
- بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا ...
- مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا ...
- كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف ...
- ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن ...
- معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان ...
- المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان.. ...
- إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه ...
- في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو ...
- السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - زهدي الداوودي - عراق... إلى أين؟