ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم
(Majid Alhydar)
الحوار المتمدن-العدد: 4017 - 2013 / 2 / 28 - 16:11
المحور:
الادب والفن
"25"
قال صاحب الجلالة الأعور بين العميان:
من شرفة قصري الجديد فوق التل المطل على المدينة انظر لعاصمتي العظيمة وأتساءل: أيتها المدينة المسكينة، ماذا كان مصيرك لولا أن الله قد منَّ عليك بملكٍ مثلي؟
وانظر ثانية ثم أقول: أيتها المدينة اللعينة، كم لي فيكِ من الأعداء والحاسدين؟!
**
"26"
قال صاحب الجلالة الأعور بين العميان:
نحن لسنا بلادا مغلقة وشعبنا يعرف الكثير عن شيء اسمه البصر وعن بلاد أخرى فيها مبصرون، لكنه والحمد لله يتعلم منذ الصغر أنه خير منهم جميعاً وأنهم مجرد أنجاس ينبغي تجنب الاختلاط بهم إلا عند الضرورة القصوى!
**
"27"
قال صاحب الجلالة الأعور بين العميان:
أخبرني مستشاري للعلاقات الإلهية أن كل الترتيبات قد أعدت لكي يرفعَ المؤتمر العالمي العاشر لعلماء الأديان (المقرر عقده الشهر المقبل في عاصمتي الحبيبة) توصيةً بجعل عيني السليمة مقدسة ويقترحَ إدخال معجزة ظهورها في نصوص الصلوات والكتب المقدسة. لم أتفاجأ بالطبع بقرار كهذا، فأنا مقتنع منذ زمن طويل بأن مجرد وجودي في هذا العالم معجزة وبركة ورحمة من السماء.
"28"
قال صاحب الجلالة الأعور بين العميان:
كان أبي يوصيني بعد كل مرة أصف له ما أرى: الشمس والقمر وجداول الماء الفضية والغابات البكر ذات الجمال الوحشي.. كان يوصيني قائلاً: هذه النفائس كلها أمانة لديك يا ولدي، لأنك الوحيد الذي يراها، فلا تك مغرورا أو قاسياً.. ولا تفرط بها.. ربما، ربما، بعد عشرة أجيال.. عشرين جيلاً.. يشفى شعبك من العمى!
"29"
قال صاحب الجلالة الأعور بين العميان:
قالت لي أمي وهي تموت:
-أتعرف لماذا لم أقبل منك فلساً ولا كسرة خبز ولا خرقة قماش منذ أن صرتَ ملكاً؟ أتدري لماذا كنت أدوس على قلبي وأقسو عليك في الكلام كلما "رأيتك" تظلم ضعيفاً؟
-كلا يا أماه. وقد كان هذا أمراً يؤرقني ويحيرني على الدوام.
-ذلك لأنك غبي! (وضغطت على يدي وكأنها تريدني أن أفهم أنها تحبني رغم ذلك) أنا أريد أن أموت امرأة صالحة. أتفهم؟ يقولون إن الناس الصالحين يستعيدون أبصارهم بعد الموت، ولا أريد أن أبقى عمياء "هناك"!
"30"
قال صاحب الجلالة الأعور بين العميان:
الطبيب/الساحر الغريب الذي طلب مقابلتي قبل عشرة أعوام، وأخبرني على انفراد بأنه ربما استطاع أن يشفي شعبي من العمى، ما زال منذ ذلك اليوم محبوساً في زنزانته الانفرادية تحت القصر، ممنوعاً من الحديث الى أحد. لا أنكر أنني أحب رعيتي كما يحب أي راع أغنامه، ولكن هذا المعتوه لم يفهم أن الخطوة التالية لهذا الشعب الناكر للجميل بعد أن يفتح عينيه ستكون.. الإطاحة بي!
#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)
Majid_Alhydar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟