أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - احسان طالب - فلسفة مؤسسة الحجاب















المزيد.....

فلسفة مؤسسة الحجاب


احسان طالب

الحوار المتمدن-العدد: 1156 - 2005 / 4 / 3 - 12:24
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


الشادور الأفغاني يغزو شوارع سورية ستان:

في حي من أحياء مدينة دمشق الجميلة ذات العراقة التاريخية حيث تنتشر الأوابد الأثرية و البيوت الدمشقية القديمة ذات الصيت الذائع في الجمال و الفن، حيث يوجد حمام الشيخ رسلان و مقامه, والكنائس الأقدم و الأجمل في بلدنا، المكان الذي ينسب إلى أحد أسماء قادة الرومان وكل من زار الشام يعرف أنني أتحدث عن حي باب توما ذي الأغلبية المسيحية من بين السكان.
لم يلفت نظري في أسواق باب توما الأزياء الحديثة أو الفتيات الجميلات, بل ظاهرة الحجاب المنتشرة بوضوح. لقد رأيت طفلة لا يزيد عمرها عن الخمس سنوات ترتدي حجابا كاملا وهي تتعثر في مشيتها وقبلها شابة بل طفلة صغيرة لا يزيد عمرها عن إحدى عشر ضحكة ترتدي جلبابا من قمة رأسها إلى أخمص قدميها لا يظهر منه إلا فتحة صغيرة لعين واحدة، رأيت سيدة مسنة ترتدي غطاء للرأس تكشف وجهها وجزءاً من ساعدها وثوبا لا يغطي طول ساقيها إلى جانب صبية بعمر الورد ترتدي الملاءة وتخفي وجهها تحت منديل أسود مزدوج مسدول على الوجه كادت تتعثر وتسقط من فوق الرصيف قبل أن تبعده عن وجهها بعض الشيء
لترى طريقها في واضحة النهار. قلت في نفسي أخشى أن يأتي اليوم الذي لا يستطيع المسيحيون فيه الدخول إلى الكنائس إلا بالحجاب.

في الشهر الثاني من عام 2002 م خمس عشرة تلميذة لقين حتفهن وعشرات أصبن بجروح في إحدى مدارس البنات في السعودية عندما أجبر رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الفتيات الهاربات من الحريق على العودة إلى مبنى المدرسة المحترق لأخذ عباءاتهن التي تحولت إلى أكياس لاحتواء جثثهن، دعت بعدها الصحافة السعودية إلى استقالة وزير التربية.
من المعلوم أن الحجاب فرض في السنة الخامسة للهجرة وهو عام ذو خصوصية عصفت فيه حادثة الإفك وأمر فيه النبي بالزواج من زينب بنت جحش التي كانت زوجة لابنه بالتبني زيد والذي أمر بطلاقها، وتوضح آيات سورة النور والأحزاب مدى الضرر الذي لحق بالنساء عموما، والأذى الذي كن يتعرضن له من إجبارهن على البغاء، فنزلت آية الحجاب بداية على نساء النبي ثم جاء للنساء كافة.

كان الحجاب في ذلك الوقت ضرورة هدفت إلى إعطاء المرأة أهمية ومكانة خاصة وتحصينها من الانزلاق أو الانحراف حفاظا على الأسرة والمجتمع فكان التشديد على الحجاب عائد إلى الوضع الاجتماعي و الأمني للمرأة بمعنى أنه إجراء احتياطي الهدف منه سد ذريعة ومنع ضرر، ولم يكن أمره ( أي الحجاب ) مطلوبا لذاته وإنما ضرورة أوجدتها الظروف والواقع أن النبي (ص) دَرَأ الفساد الآخذ في الانتشار داخل المدينة بالحجاب وعندما شمل كل النساء كان تشريعا النية فيه المساواة بين عامة النساء وهذا من صلب الرسالة. ( تتفنن المحجبات من الأثرياء في ابتكار أشكال وألوان من الحجاب يرضي غرورهن و يشير إلى تميزهن عن باقي المحجبات الفقيرات و ليس غريبا أن تدفع إحداهن ثمنا لحجاب يعادل ما تنفقه مثيلتها الفقيرة على ثيابها كاملة طوال سنة، ملاحظة : هناك حجابات تستورد من أوربة ). وهنا نلحظ أن الرادع الديني الداخلي لم يكن كافيا لمنع ارتكاب الفاحشة أو التحريض عليها.

وإنه لمن الضرورة بمكان التأكيد على الفارق الهائل بين المجتمعات المعاصرة وتلك التي وجدت قبل أربعة عشر قرنا فحماية أمن الناس وأعراضهم غدا واجب الدولة ونظامها الأمني الداخلي المرتبط بسلطة الدولة المعنوية وثقافة المجتمع والواقع المعاصر الذي تعيشه البلاد الأصولية كإيران والسعودية والذي يتخلله الفساد وتمتلئ فيه مشاكل سوء الأخلاق وخصوصا المتعلقة بالجنس ومحرماته المحظورة. (ما بين عام 1979و 1980 تم رجم 1200 امرأة في إيران كحد لفعل الزنى و في شباط 2001علقت الحكومة الإيرانية حد الرجم بطلب من أوروبة. و لم تلغه من تشريعاتها).
إن اعتبار الحجاب سداً لذريعة الفساد لم يتحقق الآن كما لم يتحقق زمن النبي (ص) و الخلفاء حيث وجد الزنى و الرجم إلى جانب الحجاب ز تعدد الزوجات و إباحة الإماء. (روى البخاري عن عمر بن الخطاب قوله: ((رجم النبي و رجمنا من بعده)) و الرجم هو القذف بالحجارة حتى الموت عقوبة على فعل الزنى).

و تكمن المشكلة في أيامنا كون الحجاب مؤسسة قائمة بذاتها و هدفاً و غايةً لا علاقة لها بالظروف أو النوايا مما أوقع الفكر الإسلامي الحديث قي تناقض بين مكانة المرأة و إنسانيتها من جهة و الحجاب الذي لا حدود له في النهاية إلا كبتها و حصرها في غرفة المنزل و تقييد وظيفتها بالوعاء و الحاضنة, فهي وعاء لشهوة الرجل و حصن لنطفته ثم هي حاضنة و راعية لما ينتج عن وظيفتها في إشباع متعة الرجل و الوقوف سداً بينه و بين الحرام.

هكذا نرى أن فلسفة الحجاب بنيت على أساس حماية المرأة و تحصين الرجل و الإبقاء على سرية المتعة و منع أي طرف غير الزوج من التأثير على حقه المطلق في الاستمتاع الكامل, أن المفهوم تطور إلى فصل تام بين الجنسين و اعتبار المرأة كنزاً ثميناً يجدر إبعاده و حجبه في مخابئ يصعب الوصول إليها, مما يعطل وجود المرأة ككائن حي و فعال فكما أن الجوهرة للزينة و الكنز تزيد مالكها غنى و غروراً فالمرأة مثلها, و في ذلك استخفاف بالعقل الإنساني و لعب بالألفاظ تسبب باسترقاق المرأة و تسيّد الرجل فحجابها واجب عليها و حق من حقوقه الأخرى كتطليقها و الزواج عليها و تأديبها إذا لزم الأمر. (سوف تكون مؤسسة الحجاب غير مفيدة إلا حيث يكون الجنسان منفصلان و النساء مبعدات عن الحياة العامة. فاطمة المرنيسي_ النبي و النساء).

لقد أراد المتشددون من الأصوليين اعتبار الحجاب رمزاً يدلّ على انتماء أصحابه إلى فكر متطرف و شعار يرفع في وجه حرية الفكر و انفتاح العقل, لقد غدا مشكلة حقيقية كونه ظاهرة توحي بانغلاق المجتمعات التي ينتشر فيها و التمسك به كمؤسسة فكرية و تربوية يهيئ لوجود تربة خصبة للانعزال الفكري و الاجتماعي, لقد حول الحجاب العلاقات الأسرية إلى شك دائم واستحضار للنية السيئة و فساد الرادع الذاتي, فإذا كانت مجرد النظرة إلى وجه المرأة سهماً مسموماً من سهام إبليس فلا مجال لنظرة بريئة أو سمو خلقي لدى الإنسان أياً كان. و سوء النية المتبادل بين المرأة و الرجل هو الأساس في حال اجتماعهما, فكما أن نظراته شهوانية فكذلك نظرتها هي. من هذا المنطلق نفهم لماذا حرمت طالبان ظهور الرجال على شاشة التلفاز و من هذا المنطلق نفهم أيضاً أن بعض المشايخ يقترحون النقاب للشاب الفاتن.

وجد الحجاب في بداية التشريع لأهداف محددة و غاية سامية إلا أن التطبيق الكامل أو المجتزأ لأحكامه في الحياة العامة لم يحقق المطلوب منه قديماً و حديثاً و ربما جاءت نتائجه عكسية في مجمل الأحوال و من ذلك الكبت الجنسي المستشري في البلاد الإسلامية الأصولية و ما يتبعه من فساد مستتر وظلم ظاهر.

لقد تكفلت مؤسسة الحجاب الحديثة بوضع المرأة بين حدي النجاسة و القداسة و لم تستطع الانسجام مع مجمل القيم الإنسانية المتعارف عليها و التي ترفعها شعارات تدافع بها عن الحالة المتواضعة للمرأة في الأقطار الإسلامية عموماً.

تحت مسمى جرائم الشرف في باكستان يقتل في المتوسط امرأتان يومياً.

في شريط فيديو هُرب من إيران عرض لامرأتين مكتفتين و هما على قيد الحياة يجري إنزالهما في قبرين حُفرا حديثاً, تجمعٌ حاشد من الرجال و الأولاد حولهما يرجمون المرأتين بأحجار بحجم قبضة اليد, كانت غالبية الحجارة تصيب هدفها.



#احسان_طالب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل انقضى عهد الولاء المطلق؟ ممارسة حق المواطتة
- ألا لا يجهلن أحد علينا
- نداء إلى بهية الحريري
- عذرا سيدي العقيد أصواتنا غير مسموعة
- مسلمات العقلية العربية بين التخلف والديكتاتورية
- قصيدة الناقوس
- شمولية التطبيق ومصالح الحكام هل يمكن تطبيق الشريعة كاملة؟!
- قصيدة أمل مفقود
- امرأة تتحدّث
- إلى ضحايا الحلّة
- هزيمة هتلر وإنجازات الجزيرة


المزيد.....




- ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية ...
- الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي ...
- تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
- فوز ترامب يهيمن على نقاشات قمة المرأة العالمية بواشنطن
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- إعلامية كوميدية شهيرة مثلية الجنس وزوجتها تقرران مغادرة الول ...
- اتهامات بغسيل رياضي وتمييز ضد النساء تطارد طموحات السعودية
- جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - احسان طالب - فلسفة مؤسسة الحجاب