أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - أيام عَ البال














المزيد.....

أيام عَ البال


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4016 - 2013 / 2 / 27 - 12:16
المحور: الادب والفن
    


أيام عَ البال
عندما كنا صغاراً كنا لا نخلد إلى النوم حتى نحلم بالغد .. كنا في كل ليلة ننتظر طيف الغد ليمرَّ بسماء أحلامنا فنمدُّ أيادينا الصغيرة في محاولات عابثة منا لقطف نجوم الغد .. ولكن حينما يبزغ فجر الصباح وبعد أن نفتح أعيننا ونميط عن أجسادنا الصغيرة لحاف الحلم نكتشف أننا كنا فقط نحلم ..
وأننا لم نصل الغد ولم نقطف نجومه بعد فينتابنا الحزن .. ومع ذلك في المساء وفي كل مساء نعاود الحلم .. ذات الحلم .. الحلم بأن نكبر .. بأن نقطف نجوم الغد .
كنتُ كل ليلة أحلم بأن أكبر .. أحلم بأن أصبح شابة جميلة وناجحة .. كنت أغرق في تفاصيل ذلك الحلم .. كيف سأكبر .. كيف سأبدو حين أكبر .. وماذا سأكون أنا حين أكبر ؟
ويكبر الحلم وأغرق في تفاصيله .. وأتوه في طرقاته وتشعباته فيصبح حلمي مهترئاً من كبر حجم التغييرات والتعديلات التي أجريها عليه في كل ثانية فأضطر عندها للملمة الحلم في حجري وأعادة هيكلته من جديد .
اليوم كبرتُ .. كبرت جداً .. كبرت خارج إطار الحلم أو الأحلام التي كنت أعدها كل ليلة في منامي .. لم يكن نفس الحلم .. لكّني كبرت .. ولم أعد أحلم بالغد بل أصبحت أحلم بالماضي ..
الماضي الذي انتهيتُ منه .. الماضي الذي حُفرت طرقاته وشوارعه في قلبي وعقلي ولم يعد لي الحق في إعادة رسمه أو هيكلته كما كنت أفعل بذلك الحلم .. لذلك في كل ليلة أصبحتُ أنادي على الحلم قبل النوم وأرسم له دمعة عالقة في ظل الجفون قبل أن تغرق هي الأخرى في سبات مميت ..
دمعة .. دمعتان .. دموع .. لا يهم .. فالماضي كان كبيراً وجميلاً وغنياً يستحق أنهاراً من الدموع .. وليس دمعة معلقة بين الأهداب في ظل الجفون ..
ويبقى سؤالاً حائراً بلا إجابة يجول في خاطري .. يقض مضجعي ويؤرق منامي لماذا .. لماذا لم أعش ذلك الماضي .. لماذا لم ألتفت إليه في حينها ؟
لماذا غرقت في حلم الغد وتفاصيل الغد طالما أن الغد قادم لا محالة ؟
لماذا أغفلت يومي .. نهاري .. ليلي ؟
لماذا لم أستقبل في يوم إشراقة الشمس في موعدها ولم أنتظر القمر على شرفة العمر ولم أسهر ليلة واحدة أناجي نجوم المساء ؟
لماذا أفلتت من بين يديِّ أول قصة حب .. لماذا أغلقت نوافذي في وجه الحبيب .. وأغلقت أذني في وجه قصائد الغزل وأشعار الحب الصادق .. الحقيقي .. الشفاف ؟
لماذا قسوت على نفسي وتجبرت وتحكمت بها وتمردت على قوانين الطبيعة والعشق ؟
لمَ لم أمضِ يوماً واحداً في قراءة قصيدة من الغزل العذري ؟
لمَ لم أمضِ يوما في ملاطفة الورود التي كانت تتسلق بجرأة وشراسة شرفة نافذتي ؟
على ماذا كنت أنغلق في حينها وأنزوي وأنعزل طالما أن الغد آتٍ لا محالة وطالما أن اليوم تسرب من بين يديِّ إلى غير رجعة ؟
هل أعود اليوم وبعد كل هذا العمر لارتداء " المريول الأخضر " وربط الضفائر بالأشرطة البيضاء ؟
هل أعود لانتظار صديقاتي حتى ننطلق زرافات زرافات نحو المدرسة فنطوي الأرض بأقدامنا طياً .. ونرسل ضحكاتنا تملأ الفضاء دون أن نكترث لوجود أحد على هذه الأرض غيرنا ؟
كنا في كل يوم يجمعنا حديث مختلف .. مشاريع مختلفة .. رؤى مختلفة .. نهارات مختلفة وأمسيات مختلفة ومع هذا لم نعش تلك الأيام من أجل أن نخربش في كل ليلة حلم الغد .. الغد الذي هو آت لا محالة ..
اليوم والليل غير الليل والنجوم غير النجوم والنهارات غير النهارات والصديقات ذهبن كل في طريق .. لم يعد أمامي سوى كلمات أغنيتنا التي كنا نرددها سوياً في باحة المدرسة .. "أي دمعة حزن لا لا لا "..
نعم كنا ندخر الدموع للغد .. الغد الحلم .. الحلم الذي غرقنا في نقش تفاصيله .. فأتى غد آخر .. لم نره في حلمنا ليلة واحدة .. لم نره في ليلة قط ..
وأي دمعة حزن لا لا لا ..



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة لم تكتمل
- الأماكن
- سلسلة حافية القدمين والبحر .. جزء 8 .
- البنفسج حزين .
- أسئلة مشروعة
- ... فاخلعيني .
- ورق
- أنتَ العيد
- حدائق اللوز
- أيها البدويُّ المتعب .
- سلسلة حافية القدمين والبحر .. جزء 7 ..
- سلسلة حافية القدمين والبحر .. جزء6
- هل من خبر ؟
- أي خبر
- الغيم لي .
- اخرج من قلبي
- سلسلة حافية القدمين والبحر .. جزء 5 .
- ألم يعد يسألك الرفاق ؟
- رثاء أمي
- ثورة


المزيد.....




- من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم ...
- الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
- ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي ...
- حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - أيام عَ البال