أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - ثلاثة أشكال للنزعة السلمية في الثورة السورية














المزيد.....

ثلاثة أشكال للنزعة السلمية في الثورة السورية


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4015 - 2013 / 2 / 26 - 19:17
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ظهرت ثلاثة ضروب من النزعة السلمية في مسار الثورة السورية خلال عامين: سلمية مبدئية، وسلمية عملية، وسلمية كيدية.
تتجسد السلمية العقدية أو المبدئية على نحو خاص في الشيخ جودت سعيد وتلاميذه.
لدى الشيخ تأويل سلمي للإسلام، وله فيه مريدون ومريدات، يجعل بعضهم منه "مذهب ابن آدم الأول". وشعار هذا التيار هو الآية القرآنية التي رُفعت غير مرة في مظاهرات السوريين الباكرة: "لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك".
ترفض السلمية العقدية العنف بكل أشكاله، بما فيه العنف اللفظي. وهو ما يتجسد بالفعل في سلوك الشيخ نفسه. وكان بعض أبنائه وزملائهم شاركوا في مظاهرات خرجت في دمشق أيام الحرب الأميركية على العراق 2003، رافعين شعارات تدعو إلى السلم ورفض العنف بتاتا.
كان لهذا التوجه حضور لافت في داريا قرب دمشق. في السنوات الأولى من حكم بشار الأسد نشط شبان من تلامذة الشيخ من داريا، طلاب في الجامعة أو متخرجون حديثا، لتنظيف بلدتهم ودعوة الناس إلى القراءة وعدم الارتشاء ومكافحة التدخين. اعتقلوا عام 2003، ونالوا من محكمة الأمن الدولة العليا أحكاما بسنوات في السجن.
لم يكن الشهيد غياث مطر من داريا من مريدي الشيخ جودت، لكن لعله لم يكن غريبا عن هذا الجو. معلوم أنه صاحب مبادرة تقديم وردود وقناني الماء إلى جنود النظام.
غياث قتل تحت التعذيب في خريف 2011.
هناك صيغة علمانية من السلمية المبدئية، تحشد حججا من مؤلفين غربيين، بخاصة جين شارب الذي يشغل كتابه "سياسة الحراك السلمي" عند هذا التيار الفرعي من السلميين موقعا يشبه كتاب لينين "ما العمل؟" عند المناضلين الشيوعيين في زمن مضى.
الشكل الثاني للنزعة السلمية براغماتي أو عملي، يسوِّغ دعوته بأن العنف ملعب النظام، وأننا ننجر إلى ملعب يرجح أن نخسر فيه إذا حملنا السلاح. كنتُ شخصيا طورت حججا من هذا النوع قبل الثورة السورية (في سياق التفكير في الشأن الفلسطيني في الواقع)، واسترجعتها في شهور الثورة الأولى.
عدا أن حمل السلاح يعني الانجرار إلى ملعب يتفوق فيه النظام، كانت الحجة الثانية أن حمل السلاح نخبوي، يُهمِّش حتما النساء والصغار وكبار والسن، وعموم غير المقاتلين، لمصلحة حملة السلاح من الشبان وأصحاب العضلات.
ويبدو أن سير الثورة السورية ذاتها يدعم الخيار السلمي بحجة ثالثة: هناك تناسب عكسي بين حمل السلاح وحمل القيم، والصراعات المسلحة أقل قدرة على حمل قيم العدالة والحرية من الصراعات السلمية. بعبارة أخرى، ليس العنف أداة محايدة في الصراعات الاجتماعية والسياسية. إنه بذاته يحمل قيما أنسب للطغيان مما للحرية والديمقراطية.
وكما هو ظاهر، يتعلق الأمر هنا بتشكك في جدوى العنف، وليس بحماس عقدي للنزعة السلمية، أو بعداء عقدي للعنف.
الصنف الثالث من النزعة السلمية طفيلي وكيدي. نتكلم هنا على السلمية كإيديولوجية تتيح لأصحابها منازعة غيرهم، وليس بنظام قيم متسق يراعونه في كل حال. نتكلم على سلمية كيدية لأن دعاة هذا الضرب من السلمية محاربون إيديولوجيون عنيفون، لا يمتنعون عن عنف لفظي أو رمزي حيال خصومهم. النزعة السلمية هنا سلاح إيديولوجي منفصل عما يفترض أنها السلّة القيمية والسلوكية الخاصة بنزعة سلمية متسقة.
والخصوم النوعيون هنا هم أساسا معارضون ومثقفون مع الثورة.
يتميز هذا التيار أيضا بتحويل المشكلات الاجتماعية والسياسية الفعلية إلى منازعات إيديولوجية مجردة. وتبدو قضايا السلمية والحربية خيارات حرة لأفراد أحرار من الطبقة الوسطى، ولو حصل أن اخترنا السلمية وانتقدنا الحربية لما تعسكرت الثورة ولكانت الأمور بخير. ولأن بعضنا لم يفعلوا، ينصرف أشد انفعال السلميين الكيديين إلى مواجهتهم.
نتكلم على سلمية كيدية أو طفيلية لأن حياة تفكير ونقاش هذا التيار لا تعتمد على فاعليته الخاصة، أو على مساهمة فعلية من جانبه في الصراع الفعلي، بل هو يعتاش على المواقف المتكونة من هذا الصراع.
ولذلك لا يبدو أن هذا الضرب من النزعة السلمية مرشح للزوال مثل الضربين السابقين.
الطفيلي لا يموت إلا بموت الكائن الذي يتعيش عليه.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استحضار كربلاء في -قلعة العلمانية-!
- عمر عزيز
- قطع رأس أبي العلاء
- عن الانتقال الديمقراطي والثورة الديمقراطية...
- ثورة أكثر، سياسة أكثر
- سورية الفلسطينية... -النظام- الإسرائيلي
- ... ولكن أين هو -الحل السياسي-؟
- هل هناك عرب في سورية؟
- تحطيم متعدد الأشكال للمجتمع السوري
- اقتراح معاذ الخطيب: خطأ إجرائي وصح سياسي!
- ما هي مشكلتنا مع -جبهة النصرة-؟
- المرحلة الأخطر في الثورة السورية
- الأسد أو لا أحد/ الأسد أو نحرق البلد: نظام العدمية السياسية
- المراقب المثالي والصراع السوري
- المنسى السوري... المنساة السورية
- في شأن -جبهة النصرة- والسياسة الملائمة حيالها
- ليس لدى -السيد الرئيس- من يشاركه!
- قبول -الحل الإبراهيمي-، وليس رفضه، هو ما يؤدي إلى -الصوملة-؟
- الثورة، الإسلام، وامتلاك السياسة: في نقد -التيار المدني- وال ...
- تحولات صورة الأميركيين أثناء الثورة السورية


المزيد.....




- هزتها انفجارات قوية.. شاهد اللحظات الأولى بعد قصف الضاحية ال ...
- مسؤول أمني لبناني يرد لـCNN على سؤال حول مصير حسن نصرالله
- الجزائر تفرض على المغاربة تأشيرات لدخول أراضيها.. فبماذا اته ...
- فيديو ومقاطع صوتية لتحرش -أطباء- في مصر والشرطة تحقق
- إسرائيل تستهدف نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت بطائرات ا ...
- دارفور: عشرات القتلى والجرحى بهجوم لقوات الدعم السريع على سو ...
- ضربة إسرائيلية على قيادات لحزب الله وغموض حول مصير نصر الله ...
- إسرائيليون يفرون إلى الملاجئ في حيفا تزامنا مع اعتراض صواريخ ...
- مسؤولون إسرائيليون يؤكدون تواجد قيادات من -حزب الله- في المق ...
- إسرائيل تعلن حالة التأهب استعدادا لرد من حزب الله وإيران على ...


المزيد.....

- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - ثلاثة أشكال للنزعة السلمية في الثورة السورية