أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - أمطار الجحيم -24- رواية














المزيد.....

أمطار الجحيم -24- رواية


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4015 - 2013 / 2 / 26 - 03:11
المحور: الادب والفن
    


أمطار الجحيم -24- رواية
*****************
تخلت السحب عن سوادها ، أو ربما أخلت مكان السواد لسحب أقل سوادا ، قبل أن تحتل السحب البيضاء وجه السماء .
للطبيعة أحوالها المخاتلة ، فربما استبدلت السحب بعد حين بياضها الناصع بسواد فاقع . هو نفس حالة النظام المغربي ، وكأن منهجه في التعامل مع قضايانا منهج راسخ ، منذ بدأ تشكل نظام المخزن في طبعته الجديدة ، التي تعود الى بداية تولي الملك الحسن الثاني حكم المغرب . وكأننا ما نزال نجتر نفس المرحلة بكل طزاجتها وعنفوانها العفن حسب سياقها التاريخي النتن ، بكل أخطائها وأطماعها ، وصراعاتها الدونكيشوتة حول من يحكم المغرب . ومعنى الحكم آنئذ لم يكن يعني الا التحكم في خيرات الوطن وثرواته ، وليس توزيعها على المواطنن ، وتوظيفها لتحسين ظروف عيشهم . فتناحر الأخوة الأعداء فيما بينهم ، وتصارعت الأحزاب ضد بعضها حد الاغتيال والتخوين والتصفيات والاقصاء .
نفس المشهد ما زلنا نعيشه وأفظع ، فرغم أن الوعي العام تطور وأصبح أكثر تحليلا للأحداث والسياقات والأهداف ، فان المخزن ما زال يصر على التعامل مع المواطنين بمنطق السيد والعبد ، بمنطق الراعي والرعية ، وكأننا ما زلنا نجتر عصر الزراعة البدائي .
قبل يومين أفرجت السلطات عن زهير هذا البهلول الذي لا يدع أي تجمهر أو احتفال أو وقفة ، أو زفاف ، أو مشاداة كلامية ، أو تجمع الا وانحشر فيه . طفل بهيكل بشري ضخم ، ربما كان ناجما عن مرض انتفاخي ، تم اعتقاله قبل أيام ، كغيره ممن وردت صورهم في قائمة الصور التي اشتغلت عليها السلطات الزجرية .
وكانو قبله قد أفرجوا عن شخص آخر ، وكيفوا تهمة العصيان والمشاركة في تظاهرة غير مرخص لها لأحد الفتيان ، فحكموا عليه بأشهر أربع بعد أن أثبتوا عليه تهمة السكر العلني والفوضى .
الملف فارغ اذن من أساسه ، لكن مسلسل الاعتقالات ما زال مستمرا . كما السماء فارغة أساسا ، لكن السحب السوداء ما تزال تصر على الظهور فوق أديمها .
هيبة الدولة ، ليست هي اطلاق يد البطش والاعتقال والترويع والتخويف .هيبة الدولة تكمن أساسا في اشاعة ظواهر الطمأنينة عبر توفير العمل ، وتنزيه القضاء ، ولجم المعتدين على سلامة المواطن ، من أي طرف كان ، وبأي صورة كانت .
المواطن هو وقود الوطن ، وحين تبيع المواطن للشيطان ، فانتظر بلدا من العفاريت والجن الكافر .
المواطن هو محرك الاقتصاد الوطني ، وحين تسرق قوته وتحد من تطور قدراته ، فان اليبوسة هي الطبيعة الجيولوجية لتربة هذا الوطن .
كثيرا ما اعتقد أني واقع تحت تأثير الهلوسة ، وأنا أفكر في أحداث أحمد السقام .لكنني أجدني محاطا بهلوسة أعظم وأكبر .
هلوسة الدولة والوجود والقدر والحياة ، تفوق هلوستي بكثير ، بل هي بمثابة دمعة طفل صغير وسط لج المحيطات العاتي .
جاء عمر الي وأنا جالس تحت شمس شهر كانون الثاني ، قبالة صندوق الخبز المثبت فوق صناديق الفواكه البلاستيكية ، اجلس فوق كرسي أصبح كأنه من أملاكي الخاصة ، رغم أني استعرته من مطعم "با العياشي " ، سألني هل توصلت بآخر الأخبار ؟
-لا ، ماهي هذه الأخبار ، لقد اعتقلوا عبد السلام الرحموني .
-ومن هو عبد السلام الرحموني ؟ .
-الشاب الذي اتهموه بحرق العلم الوطني .
ابتسمت في وجهه ابتسامة ساخرة ، وقلت في نفسي " عبث " .نعم القضية تجاوزت حد العبث ، تهم الانتماء الى تنظيم محظور يطلق عليه السلفية الجهادية ، وتهم بحرق العلم الوطني ، وتهم بالمشاركة في عرقلة تنفيذ حكم قضائي ، وتهم تتعلق بالتهجم على القوة النظامية ، وتهم تتعلق بالمشاركة بترويع المواطنين وافساد والاعتداء على الأملاك العمومية ، وتهم...الخ .
كثرة التهم في قضية واحدة لا تعني الا شيئا واحدا أن القضية فارغة ، وعندما تستغل الدولة سلطة الجبر والقهر تحت غطاء الحفاظ على هيبة الدولة ، فهي تحقر هذه الهيبة من حيث لا تدري .
-يجب تحديد المسؤولية اولا .وهل قرار الافراغ كان قانونيا ومؤسسا على قراءة سليمة للموضوع . ما هي حدود استعمال القوة ، وفي أي المواضيع ؟ وما هو حجمها ؟ وما هي حدود تدخلها ؟....الخ ان توليد الأسئلة القانونية ، أسهل من توليد وتجميع قرارات الادانة ...أين رجال القانون في هذه البلاد؟ أين الجمعيات الحقوقية ؟ أين جوهر القانون وأولية العفو على العقاب واريحية الدولة وسمو رجالها ؟ والرحمة والسلم الاجتماعي .
توقفت وتذكرت هلوستي . وقفت وانتصبت في وجهه ، وقلت له :
- أرجوك لا تحدثني عن الموضوع ثانية ...



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حر أنا مني
- تسفيه العمل السياسي بالمغرب
- سامر العيساوي والقضية الفلسطينية
- في مفهوم التواضع-2-
- جلباب المخزن المخروم ، وعري المجتمع الفاضح
- أمهليني.....
- حركة 20 فبراير : المنزلقات الموضوعية
- عيد ميلاد ديكتاتور
- أبحث عن امرأة ثائرة
- محاولة محاصرة وقائع جناية
- الثورة السورية تكشف حقيقة أوباما
- استراتيجية البلد العشوائي
- أمطار الجحيم -23- رواية
- كان الشعر ولا يزال...
- منتعلا أملي أمشي
- الرويبضة...وضرورة الحسم
- الاغتيال السياسي والرهان الخاسر
- أمطار الجحيم -22- رواية
- الغيب ليس من شأننا -قصة قصيرة -
- المواطنة بالوصاية


المزيد.....




- مبادرة جديدة لهيئة الأفلام السعودية
- صورة طفل فلسطيني بترت ذراعاه تفوز بجائزة وورلد برس فوتو
- موجة من الغضب والانتقادات بعد قرار فصل سلاف فواخرجي من نقابة ...
- فيلم -فانون- :هل قاطعته دور السينما لأنه يتناول الاستعمار ال ...
- فصل سلاف فواخرجي من نقابة فناني سوريا
- -بيت مال القدس- تقارب موضوع ترسيخ المعرفة بعناصر الثقافة الم ...
- الكوميدي الأميركي نيت بارغاتزي يقدم حفل توزيع جوائز إيمي
- نقابة الفنانين السوريين تشطب سلاف فواخرجي بسبب بشار الاسد!! ...
- -قصص تروى وتروى-.. مهرجان -أفلام السعودية- بدورته الـ11
- مناظرة افتراضية تكشف ما يحرّك حياتنا... الطباعة أم GPS؟


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - أمطار الجحيم -24- رواية