مالوم ابو رغيف
الحوار المتمدن-العدد: 4015 - 2013 / 2 / 26 - 01:52
المحور:
ملف التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية - بمناسبة 8 آذار/ مارت 2013 عيد المرأة العالمي
التحرش الجنسي تعبير مخفف جدا لوصف ما تتعرض له الانثى من فعل عدواني عنيف، اكان بالتلميح او باللفظ او الاعتداء المباشر.
وفضلنا استخدام مفردة الـ {انثى} على مفردة الـ {امراة}، لأن التحرش الجنسي الذكوري على المرأة يهمل كل صفاتها الاخرى، كالامومة والحمل او الرضاعة او التقدم في العمر او صغر السن وعدم النضوج ، ولا يرى منها سوى صفة واحدة هي الانوثة بمعناها الجنسي التخيلي المبتذل وليس بمعناها القيمي الجمالي.
كما ان ضحايا الاعتداءات والتحرشات الجنسية طيف واسع يضم كافة شرائح النساء بمختلف انتمائاتهم الدينية والمذهبية، ورغم اصرار رجال الدين الاسلاميين على ان الازياء الاسلامية، كالحجاب والنقاب تصون الاناث من عيون الرجال، الا انها على ما يبدوا لا تمنع اياديهم من الوصول الى ما خلف هذه الاغطية السوداء وبعنف وقسوة جنسية مكبوتة، كما ان المعتديين هم ايضا طيف واسع لا يتحدد بعمر او بوظيفة او بمهنة او بايمان او بزواج او بعزوبية. كذلك ان ظاهرة الاعتداءات والتحرشات الجنسية لا تقتصر على بلد دون اخر، فهي تشمل كل الدول التي يكون الاسلام هو دينها الرسمي او يكون الحكم فيها اسلاميا، كالسعودية او ايران، ففي السعودية ما ان يلمح الذكور ظل امراة قد تكون منفردة او مع رفيقة لها حتى يطاردونها كما تطارد كلاب الصيد الفريسة، ويتم نهشها من كل مكان من جسمها والقيام بحركات غاية في البذاءة والسقوط الاخلاقي، بينما تقل حالات التحرش والاعتداءات الجنسية في الدول غير الاسلامية او تلك الدول التي لم تعد الدونية الدينية او السيطرة الجسدية، الوظيفية او العضلية معايير للموقف من المرأة بغض النظر عن اغراءات الازياء وجمال المظهر.
التربية الاسلامية الاجتماعية لا تنظر الى الانثى الا من خلال الوظيفة الجنسية والمتعة الحسية لاشباع شهوات الرجل والاستجابة الى رغباته، فالله حسب المعتقد الديني قد خلق المرأة لهذا الغرض كما تقول اسطورة ادم.
منذ مرحلة الطفولة يربي الاهل ابناءهم وفق التصورات الاساطير الدينية و يمنعون حتى اللعب البريء بين الجنسين، فتتحول الانثى في عقل الرجل الباطن
unconsciousness
الى مجموعة الغاز واسرار يسعى الذكر الى حلها ومعرفة خفاياها بسوانح او بانتهازات الفرص، ودائما ما تكون بغفلة عن عيون الاهل او انظار المجتمع، ذلك يعني ايضا، بان الذكر في البيئة الاسلامية قد يفقد براءته الطفولية، التي تعتمد على علنية الفعل لا على سريته، فسرية اي فعل تعني تخطيط مسبق ودراية قد تكون بدائية على عدم قبول الاخرين ، ان ذلك يعني تناقضا مبكرا يبنى لبناته الاولى في بناء الشخصية المسلمة.
التربية الاسلامية مبنية على العزل بين الجنسين، ان هذا العزل يوقض الميول الجنسية عند الاطفال في وقت مبكر جدا ثم يستمر في البروز والتمركز مع زيادة العمر ويصبح مرافقا دائما للهواجس الغرائزية، دون ان يكون لهذا الضغط النفس والغرائزي اي منفذ للتنفيس او للتقليل من الكبت الذي يسببه على نفسية الذكور ، فيستمر في الاشتداد حتى يصل الى حالة التازم الجنسي الذي يفضح عن نفسه بشكل سعار يدفع اما نحو الاعتداء السافر على الاناث دون اكتراث للقيم الاجتماعية او يدفع نحو الشذوذ الجنسي، وهذا ما نلاحظه في زيادة معدلات الشذوذ في المدن المقدسة حيث تقل فرصة الالتقاء مع الاناث في المزدحمات او في الشوارع الخالية، وهنا لنا ان نشير الى ان الطواف حول بيت الله في مكة، رغم قدسية المكان وسلامة القصد، لا يتردد بعض المؤمنين الشباب من الالتصاق بالحاجات بنيات جنسية مشينة.
التحرش الجنسي ليس جديدا على المجتمعات الاسلامية، لكن الجديد هو ان يتحول من فردية التحرش وانعزالية الفعل الى تكالب وسعار جماعي علني ضد الضحايا ودون اي اعتبار للقيم الاجتماعية او القانونية او السياسية او حتى الدينية. انها حالة اقرب الى الهياج الجنوني او العطب العقلي منها الى افعال ساقطة.
ان رجال الدين الاسلاميين هم المسئولين الحقيقين عن حالة السقوط القيمي التي وصلت لها المجتمعات، فمنذ ان زادت ادوارهم في التثقيف الاجتماعي، ومنذ ان تربعوا على كراسي السلطات، ومنذ ان اصبحت ارائهم هي عمود التثقيف الاجتماعي والسياسي وسخروا الفضاء لبث فتاويهم وارائهم ونشر اعلامهم، زادت الظواهر السلبية وانحطت القيم الاجتماعية وتحول الناس الى متوحشين يكره بعضهم البعض الاخر ويعيب بعضهم البعض ويعتدي بعضهم على البعض ويقتل بعضهم البعض.
ففي الدول الغربية، ورغم كل الجمال الانثوي وتنوعات الازياء ومزدحمات الناس، في الاسواق وفي الباصات وفي المهرجانات، يكاد ينعدم اي تحرش او هياج جنسي، وان وجدت بعض الحالات الشاذة، فانها حالات تقتصر على التحرشات اللفظية التي تقابل بنفس القوة من الجانب المتحرش به، لكن لن يصل التحرش حد الملامسة المباشرة للاجزاء الحساسة كما يفعل الذكور في البلدان الاسلامية بتهور وقرف يبعث على التقيأ.
المراة حسب التثقيف الوهابي ، الذي اصبح هو المرجع لكل المذاهب الاسلامية السنية والشيعية، فهي، اي المذاهب، وان اختلفت مع المذهب الوهابي في طقوس العبادة لكنها على وفاق معه في التصورات القيمية الاجتماعية وخاصة من للمرأة. المرأة حسب الدين الوهابي ان خرجت دون رفقة ذكر ، فهي اثمة ومتحللة وساقطة، هي التي تعاقب ان أُعتدي عليها فقد ساهمت في اغواء المسلمين وفتنتهم بتضاريس وتقاسيم جسمها، حتى وان كانت منقبة متحجبة، وافسدت عليهم تاملاتهم الالهية واستبدلتها بتصورات شيطانية واشعلت نيران غرائزهم الجنسية فتحولوا الى كلاب مسعورة.
وهكذا تصبح المراة وفق الثقافة الاسلامية محل ازدراء واحتقار وليس محل احترام وتقدير، فالمرأة السافرة عاهرة، والمراة بدون رفقة رجل متهورة، والمراة المتظاهرة شبقة، والمراة العاملة متهتكة.. هذا ما يقوله رجال الدين الاسلاميون علنا وبكل جراة، دون ان يشخوا ردة فعل اجتماعية مضادة، ويطبق المراهقون البالغون فتاويهم على شكل اعتداءات جنسيا دون خشية ردة فعل ايضا.
والسبب ان الحكومات القومية الدكتاتورية سلبت الناس ثقتهم بنفسهم وحولتهم الى شعوب مهزوزة تنقصهم الشجاعة الفردية، شجاعة التحدي لوقف هذ السعار الجنسي ضد النساء وايقاف رجال الدين عند حدود اساطيرهم.
ان اي تحرش جنسي يجب ان يكون حالة للاحتجاج العلني، حالة للرفض الاجتماعي، حالة ضد ان يكون التثيقف الديني المضاد بطبيعته للمراة هو التثقيف الاجتماعي والتربوي والمدرسي.
#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.