جواد طالب
الحوار المتمدن-العدد: 1156 - 2005 / 4 / 3 - 11:05
المحور:
الادب والفن
تردد قليلاً قبل أن يدخل متجر الأفلام، وبعد وقوف قصير أمام الواجهة فتح الباب ومشى بخطىً قصيرة مرتبكة، وما بداخله يوبخه على فعلته هذه. مسح جبينه وألقى السلام على صاحب المتجر وقال له أنه يريد استئجار أحد الأفلام، فعرض له مجموعة من الصور بسرعة لم يستطع خلالها ملاحظة أي شيء مثير للاهتمام، فطلب منه أن يلقي نظرة على المكتبة المجاورة لكرسيه.
تمشى أمامها متظاهراً بعدم الرضا، وبدأ يتناول العبوات بلمحة تكبر، ويداه تتداول الصّور الملصقة عليها. حتى عثر على صورة أعجبته، وأيقظت جوارحه وكاد ينسى نفسه ويداعبها أمام صاحب المتجر الذي جعل ينظر إليه مستغرباً، فأعادها بسرعة إلى الرّفّ، وتابع بحثه متظاهراً بأنّ شيئاً لم يحصل. تناول صورة ثانية شبيهة بالتي قبلها، لكنه حاول قدر المستطاع كبت إعجابه الشديد، وكأن ما ينظر إليه من صورة خلابة، شبح ينـزل إلى الأرض مرة كل ألف عام، أو ملاك آتِ من السماء لا يستطيع أحد ملامسته أو الوصول إليه إلا في الأحلام.
أما الصورة الثالثة فكانت مختلفة. هنا انتقل الجمال إلى مرحلة أخرى. ما في هذه الصورة لا يستطيع الإنسان ملاقاته في الطرق العامة، ولا في كافيتيريا الجامعات ولا حتى في دائرة حكوميّة. ما ينظر إليه الآن لا يستطيع أحد مداعبته حتى في المنام. تمنى أن يداعبها بحرّية، تمنى أن يمرر أصابعه برقة ولطف على طول الصورة, تمنى لو يدير صاحب المتجر رأسه ولو للحظة واحدة فقط. دعا الله أن يأتي اتصال مدهم ويشغل الشخص الجالس على الكرسي، آه لو يأتي أي زبون آخر، ويبقى هو مع ما يحمله بيده، وحيداً، في خلوة، لبضع ثوانِ فقط.
لكن الظاهر ألا أمل لما ينادي، حتى هذه الطريق صعبة. أعاد الصورة إلى المكتبة بحزن واضعاً يده في جيبه وأطلق زفيرً طويلاً، ثم توجّه إلى صاحب المتجر : ((رامي، أيمكن أن يأتي معي أبو سليم غداً، طبعاً إذا لا توجد مشاكل))، ((لا ،لا توجد مشاكل، بالطبع.))، ((شكراً جزيلاً لك))، ((لا مشكلة أبا أحمد)).
#جواد_طالب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟