|
الانتفاضة الثالثة: شعبية أم تحريكية؟؟
عطا مناع
الحوار المتمدن-العدد: 4014 - 2013 / 2 / 25 - 14:01
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
هاجس اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة يقلق مضاجع أركان دولة الاحتلال الإسرائيلي كما يدعوا، والسلطة الفلسطينية ترد بالنفي على الاتهامات التي توجهها لها دوله الاحتلال بأنها تعمل على إلهاب الشارع الفلسطيني كمقدمة لانتفاضة ثالثة، وبالمقابل فان قوى الشعب الفلسطيني التي تشكل حطب الانتفاضة الجماهيرية تعيش تفاعلات غير مسبوقة قوامها اليأس المميت من الوضع القائم. حركة حماس دعت ولا زالت لانتفاضة في الضفة الغربية المحتلة، وهدفها من هذه الدعوة وضع السلطة الفلسطينية في الزاوية وتعميق أزمتها التي تتعقد مع مرور الوقت نظراً لاعتمادها الكامل على أموال المساعدات الأمريكية واستحقاقاتها عند دولة الاحتلال وبؤس المشهد التفاوضي، هذه المساعدات المرهونة بمزيد من التنازلات السياسية والأيدلوجية، كما أن حركة حماس معنية بتسجيل المزيد من النقاط على السلطة الفلسطينية وبالتالي إعادة خلط الأوراق من جديد وإطالة عمر الانقسام الذي بات بمثابة خنجرا مسموماً في خاصرة الحراك الشعبي الفلسطيني التواق للدفاع عن حقوقه الوطنية. بالمجمل وبالاستناد لما يجري على الأرض فان الشعب الفلسطيني يائس ومحبط، ويأتي هذا الإحباط من عدم اقتناعه بالقائم من السياسي، وهنا لا نتحدث عن أطراف الانقسام والمستفيدين من الكعكة، نحن نتحدث عن الشرائح الفلسطينية الأكثر فقراً والتي دفعت الثمن الكبير في الانتفاضة الأولى والثانية على أمل الوصول للنتيجة المرجوة دون جدوى، هذه الشرائح اليائسة لن تضع لحمها ودمها على طبق الشريحة السياسية التي استخدمتها وأدارت الظهر لها بالرغم من أن الانقسام الفلسطيني اوجد أجسام باتت بمثابة اذرع تنفيذية للجسم السياسي الرسمي ونسوق ما حصل من هبة احتجاجية على سياسة فياض الاقتصادية التي اعتقد جازماً أنها موجهة في نتائجها ولأسباب معروفة تعكس حالة الصراع بين فياض ومن يطمح اخذ مكانة من مراكز القوى الفلسطينية. المعروف أن الانتفاضة الفلسطينية الأولى انتفاضة أطفال الحجارة جاءت نتاج تراكم موضوعي لسياسات الاحتلال القمعية تجاه الشعب الفلسطيني، وما كانت حادثة جباليا سوى القشة والشرارة التي أشعلت فلسطين المحتلة عام 1987 ، وإذا ما عدنا للوراء سنجد أنها شعبية بامتياز، حيث شاركت بها كافة شرائح وفئات الشعب الفلسطيني عن قناعة راسخة من خلال التناغم مع تعليمات القيادة الوطنية الموحدة، وكانت الانتفاضة الأولى قد أسست لحالة متكاملة من المقاومة الشعبية الشاملة سواء على صعيد مقارعة جنود الاحتلال في المخيمات والمدن والقرى الفلسطينية أو التأسيس للاقتصاد ألبيتي والشعبي والتعليم الشعبي وولادة قيادات شبابية نظيفة استطاعت أن تحظى على ثقة الجماهير الفلسطينية. لا يمكن بالمطلق سحب الحالة الانتفاضية الفلسطينية الأولى على الانتفاضة الثانية التي أخذت شكلاً مختلفاً وصل إلى حد الصدام المسلح مع دولة الاحتلال الإسرائيلي واتساع ظاهرة العمليات الاستشهادية ما قلل من نسبة المشاركة الشعبية الشاملة مقارنة بالانتفاضة الأولى، ناهيك عن المقدمات والنتائج والمزاج الشعبي المختلف بالمطلق إضافة للأداء النخبوي الذي مس الجماهير وفتح المجال لبروز المجموعات المسلحة التي غلبت عليها المبادرة في مقاومة الاحتلال بمعزل عن إستراتيجية عمل وطني متكاملة كما الانتفاضة الأولى. عودة للتوقعات باندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة في الضفة المحتلة وسياسة الضخ الإعلامي ألاحتلالي الذي ينقل تخوف دولة الكيان من الانفجار الفلسطيني القادم الذي لا اعتقد أن هناك مقدمات لهذا الانفجار بالرغم من حالة الغليان التي تسود بعض القطاعات التي تتبنى المقاومة الشعبية ضمن المقاس المتفق علية فلسطينياً، وبالتالي فان دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تعيش "مأزق تفاوضي" وسمعة دولية سيئة بعد ارتكابها جرائم حرب في قطاع غزة واستباحة الأراضي في الضفة المحتلة والمجال الذي أعطي للسلطة الفلسطينية بملاحقتها في المؤسسات الدولة بعد حصول الفلسطينيين على دولة بصفة مراقب. هي أسباب تضاف للتركيبة اليمينية في دولة الاحتلال التي تعتمد الأزمات للخروج من الأزمات التي تعيشها دولياً للإظهار للعالم أن الشعب الفلسطيني يتبنى"العنف" وان السلطة الفلسطينية ترعى هذا"العنف" كما تم الترويج له في الانتفاضة الثانية، ولا اعتقد أن دولة الاحتلال متخوفة من انتفاضة ثالثة لا بل وضعت المقدمات من خلال الاعتداءات اليومية على الشعب الفلسطيني سواء بمصادرة الأراضي او الاعتقالات اليومية التي تطال العشرات من الفلسطينيتين ناهيك عن المجازر اليومية التي ترتكبها ضد الأسرى الفلسطينيين في سجونها واعتقالها للأسرى المحررين في صفقة وفاء الأحرار وإدارة الظهر للأسرى المضربين عن الطعام حيث تجاوز الأسير المحرر سامر العيساوي السبعة أشهر في إضرابه عن الطعام. السلطة الفلسطينية تجد نفسها عاجزة عن التقدم والحفاظ على أسباب استمراريتها فالأزمة المالية الخانقة ولمكانية انهيار ما أسس له أوسلو رغم أن الولايات المتحدة ودولة الاحتلال ستبقى على الوضع القائم "لا موت ولا حياة" لأنهما معنيتان بعدم فقد السلطة السيطرة وسيادة "الفوضى" في الشارع الفلسطيني، ولذلك فان السلطة الفلسطينية في وضع لا تحسد علية قد يدفعها لإطلاق انتفاضة تحريكية للضغط على دولة الاحتلال وحشد تأييد دولي للقضية الفلسطينية، لكن الأداء الفلسطيني المعتمد على المقاومة الشعبية التقليدية التي لا ترتقي لمستوى الانتفاضة الأولى بالتحديد سيكون عقبة أمام انتفاضة شعبية عارمة ولإدراك الشعب الفلسطيني أن القيادة السياسية تستخدمه لتحقيق أهداف محدودة ثم تقوم بتقيد حركته مما يعزز عدم الثقة واتساع الفجوة ما بين القيادة السياسية والشعب الفلسطيني التي هي واسعة أصلا ولا اعرف إذا كان المستوى السياسي يرى هذه الحقيقية. المشهد الفلسطيني صعب وينطبق علية المثل القائل" العتمة مش على قد ابد ألحرامي" والمقصود دولة الاحتلال، وما يحدث في سجون الاحتلال الإسرائيلي من مبادرات فردية باضطراب الأسرى عن الطعام نتيجة عدم الثقة والشعور بأنهم وحيدون أمام بطش الجلاد الإسرائيلي قد يفتح المجال لانطلاق مقاومة فلسطينية من طراز جديد، مقاومة قوامها رفض كل ما هو قائم تعتمد على المبادرات الفردية التي قد تتسع لتشكل خطر على كل ما هو قائم وتعمل على خلط الأوراق، وكانت دولة الاحتلال الإسرائيلي اعترفت بحوالي 18 عشر محاولة اختطاف جنود إسرائيليين في الضفة الغربية مما يعطينا مؤشراً للوضع القادم الذي قد ينسف كافة الترتيبات ويقلب الطاولة على رؤوس الجميع. في المحصلة فإنني اعتقد أن الوضع الراهن لن يراكم لانتفاضة شبيهة لانتفاضة الحجارة وسنظل على الصعيد الشعبي نراوح مكاننا بتحركات اسبوعية في القرى التي تقاوم الجدار وتحركات محدودة جداً في التضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام، والأكيد أن الفراغ القائم لن يبقى طويلاً ولن يستطيع احد توقه المشهد الفلسطيني في المرحلة القادمة ويوضح هذا تخبط كافة الأطراف وبالأساس دولة الاحتلال التي تعتقد أن الإفراج عن أموال السلطة سيشكل انفراجة.
#عطا_مناع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خيام التضامن مع الأسرى : مطلوب وزير
-
عن ذكرى الحكيم وأكوام اللحم واللامكان
-
بلطجيه بربطات عنق ولحى
-
متى نرى خوسية موخيكا الفلسطيني
-
جيفارا بيت لحم !!!!!!!!
-
رسالة من لأجيء: إذا لم نشرب...
-
يحدث في محكمة بيت لحم
-
هرطقة في زمن الانقسام
-
الانتخابات المحلية الفلسطينية: الانقلاب الثاني
-
يا صبرا: اخرجي من عالمنا
-
مين اللي خرب البلد؟؟!!
-
سيدي الرئيس: نحن معك.... ولكن
-
محمد رشيد وحق الليلة الأولى
-
خربشات على قبر أبو علي مصطفي
-
حملات المقاطعة: المواطن ما بيفهمش
-
المخيمات وأزمة الكهرباء: مين فينا ألحرامي - 1
-
وبعدين معك يا حكومة
-
في ذكرى غسان: لمن قرعوا جدران الخزان
-
لسان حال الموظف: أنا مش كافر
-
قناة الميادين: أول ما شطح نطح
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|