|
الشهيد عرفات جرادات...و ماذا بعد؟!
أحمد سعيد قاضي
الحوار المتمدن-العدد: 4014 - 2013 / 2 / 25 - 01:31
المحور:
القضية الفلسطينية
اِعتُقل المواطن الفلسطيني عرفات جرادات في تاريخ 2013/2/18 ، ليستشهد بعد أقل من أُسبوع في أقبية التحقيق "الإسرائيلية". حاولت السلطات "الإسرائيلية" في البداية تمرير "السكتة القلبية" كسبب للوفاة على الشعب الفلسطيني، لكن نتائج التشريح أظهرت عكس ذلك، حيث ان سبب الوفاة هو التعذيب الوحشي الهمجي الذي مارسه ضباط المخابرات بدون أي رأفة، و لم تظهر النتائج أي تجلّطات في قلب الشهيد كما ادعى الاحتلال. و لا يقل قسوة ما قالته زوجة الشهيد جرادات في حديث للدائرة الاعلامية في نادي الأسير " أن رجل مخابرات الاحتلال أعاد عرفات للبيت بعد دقائق من اعتقاله و طلب منه أن يودّع أبنائه و يودّعني و هذا ما أثار الخوف في ذاتي طوال هذه الأيام خصوصاً أن زوجي تم اعتقاله و توقيفه لأكثر من مرة و كانت لهجة رجل المخابرات غريبة"، إن كان لهذا الكلام من دلالة فهي أن قتل المعتقل الفلسطيني جرادات كانت بسبق الاصرار، لبعث رسالة تهديد للأسرى المضربين عن الطعام أولاً، و لباقي الأسرى ثانياً، بأن الاحتلال غير آبه بحياة الأسرى الفلسطينيين، و أنهم اذا حاولوا التصعيد فالموت سيكون مصيرهم. خاصة و أن الاحتلال الصهيوني يواجه مشكلة كبيرة في كيفية قمع و وقف انتفاضة الأمعاء الخاوية، فقتل أسير قد ترعب البقية في نظره، وكذلك يظن الاحتلال أنه بهذه الطريقة ينشر الرعب بين صفوف المواطنين الفلسطينيين. كان وقع خبر استشهاد الأسير الفلسطيني عرفات جرادات في أقبية التحقيق الصهيونية في معتقل مجدو مدوياً، في نفوس الفلسطينيين. حيث خرج الفلسطينيون في مظاهرات احتجاجية بعد انتشار الخبر مباشرة مطالبين بالثأر. و ما إن بزغ فجر اليوم التالي حتى بدأ الفلسطينيون في تنظيم مظاهرات عفوية باتجاه نقاط التماس مع الجنود "الإسرائيليين" للتنفيس عن الغضب العارم في نفوسهم، و لصب جام غضبهم على الاحتلال الذي لا توجد في معجمه مفردات الرحمة و الرأفة. تحرك الشارع الفلسطيني، الذي كان يغلي على نار هادئة، منذ العدوان على غزة مروراً بإضراب العديد من الأسرى الفلسطينيين، على رأسهم سامر العيساوي و أيمن شراونة اللذان مضى على إضرابهما عن الطعام أكثر من مئتي يوم. انفجر بركان الغضب الفلسطيني، البركان الذي يثبت دائماً أن خموده إنما للتحضير للانفجار الأكبر. و خسر الاحتلال رهانه على هذا الشعب العظيم،. ففي كل مرة يراهن الاحتلال على كسر إرادة و عزيمة الفلسطينيين، ليعود هذا الشعب العظيم يثبت وجوده على هذه الأرض صامداً أمام آلة القمع "الإسرائيلية". إذا كان المقصود بقتل عرفات جرادات هو فحص الشعب الفلسطيني، فالشعب الفلسطيني موجود، ولن يموت. و مستعد لتقديم التضحيات كما اعتاد في سبيل الحرية و الكرامة. أدرك الاحتلال أن الاوضاع تتجه باتجاه ثورة كبيرة، ثورة الأسرى، ستكنس الاحتلال بلا شك، خصوصاً مع استمرار الاحتقان السياسي و انسداد افق ما يسمى بعملية السلام. على الفور، بعد المواجهات الشديدة بين قوات الاحتلال و الشباب الفلسطيني الغاضب، قامت حكومة الاحتلال بتحويل أموال المقاصة المحتجزة للسلطة الفلسطينية في محاولة لمقايضة الهدوء مقابل المال. و ليس هذا فحسب بل طلب مكتب رئيس الوزراء "الاسرائيلي" بنيامين نتنياهو من الرئيس أبو مازن بتهدئة الأوضاع في الضفة الغربية. فالمال و اطلاق سراح الأسرى المضربين عن الطعام، و تقديم بعض التسهيلات للفلسطينيين، و إعطائهم بعض الحرية، هي مجرد حقن مخدرة، استخدم احداها مباشرة و قد يستخدم البقية، لتهدئة الشعب الفلسطيني الثائر. فهل سيرضى الشعب الفلسطيني مقايضة دم الشهيد ببعض المال؟ هل سيبتلع الشعب الفلسطيني حبوب التخدير؟ أم ستفيض سيول الغضب و القهر على المحتل المغتصب و المتخاذلين؟ و ماذا عن الرؤوس الفاسدة في منظمة التحرير الفلسطينية و السلطة الفلسطينية، هل سيقومون بقمع الشعب أم دعم الثورة؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة على هذه الأسئلة، لكني أقول بأن هذه التحركات الفلسطينية ما هي الى ارهاصات للانتفاضة الفلسطينية الثالثة، التي إذا لم تنفجر اليوم ستنفجر غداً بلا ريب. فالشعب ضاق ذرعاً بجرائم الاحتلال بحق الأرض و الشعب و المقدسات و الأسرى البواسل، و الصمت العربي المهين على هذه الانتهاكات. و ضاق ذرعاً بعدم كفاءة الأحزاب السياسية الفلسطينية التقليدية و فشلها في تحقيق المصالحة الفلسطينية على أقدر تقدير، أو طرح رؤية واضحة للتحرير. هل سيكون دم عرفات جرادات جسر تحرير فلسطين؟! و هل سيكون دم الشهيد الشرارة لتصحيح بوصلة الأحزاب السياسية الفلسطينية؟
#أحمد_سعيد_قاضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التعصب الفئوي و الحزبي في فلسطين..مأساة تتعمق
المزيد.....
-
العثور على قط منقرض محفوظ بصقيع روسيا منذ 35 ألف عام.. كيف ب
...
-
ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف -الناتو- في فلوريدا
...
-
الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ
...
-
صواريخ حزب الله تقلق إسرائيل.. -ألماس- الإيرانية المستنسخة م
...
-
كيف احتلّت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، ولماذا انسحبت بعد نح
...
-
باكستان ـ عشرات القتلى في أحداث عنف قبلي طائفي بين الشيعة وا
...
-
شرطة لندن تفجّر جسما مشبوها عند محطة للقطارات
-
أوستين يؤكد لنظيره الإسرائيلي التزام واشنطن بالتوصل لحل دبلو
...
-
زاخاروفا: -بريطانيا بؤرة للعفن المعادي لروسيا-
-
مصر.. الكشف عن معبد بطلمي جديد جنوبي البلاد
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|