أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسام عيتاني - العولمة والإرهاب: رأسمالية الجزر الآمنة















المزيد.....

العولمة والإرهاب: رأسمالية الجزر الآمنة


حسام عيتاني

الحوار المتمدن-العدد: 1 - 2001 / 12 / 9 - 01:56
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    



يشرح بنيامين باربر في كتابه اللامع ((الجهاد ضد ماكوورد)) العلاقة الجدلية بين عالمين متناقضين: عالم ((الجهاد)) الرافض للقيم الأساسية للرأسمالية المعولمة وخصوصا في صيغتها الاميركية (متخذاً من ((الجهاد)) عنواناً لعالم كامل ليس مرتبطاً بالضرورة لا بالاسلام ولا بالجهاد بمعناه السائد)، وعالم ((الماكوورد)) المندفع تحت لواء الشركات الكبرى ك((الماكدونالدز)) و((الماكنتوش)) الى غزو العالم وفرض القيم الرأسمالية وتسليع كل ما يخطر على البال من أفكار ومنتَجات وخدمات.
يوضح باربر الطبيعة المعقّدة للصراع بين هذين العالمين اللذين يستفيد كل منهما من وجود الآخر ليبرر نشاطه ومطالبته بالمزيد من النفوذ والاحترام. الصراع بين هذين العالمين اللذين يستفيد كل منهما من وجود الآخر ليبرر نشاطه ومطالبته بالمزيد من النفوذ والاحترام. الصراع بين هذين العالمين اذاً هو أحد العوامل المحددة لهوية كل منهما ولموقعه. وفي هذا الصراع لا يبدو اي من الطرفين راغباً في إلغاء الآخر ونفيه. وخلافاً للصراع السابق بين الرأسمالية والشيوعية، يصعب اليوم تصوّر وجود اي من العالمين من دون الآخر.
كان هذا صحيحاً حتى يوم 11 أيلول. لكن بعد الهجمات على نيويورك وواشنطن بدا ان حرباً قد أُعلنت ليس على اميركا فحسب بل ايضا على النمط الحالي من العلاقات بين الدول والشعوب القائم برعاية الولايات المتحدة.
فهل هناك من قرأ في التظاهرات المناهضة للعولمة من سياتل الى جنوا علامة تذمر كبرى من السيطرة الاميركية على العالم ورأى ان الوقت بات مناسباً للقيام بتحرك على المستوى العالمي يستخدم العنف كوسيلة؟ وهل يمكن القول ان الصراع المضبوط القواعد بين العالمين تحول الى تناقض تناحري لن ينتهي الا بهزيمة واحد من العالمين؟
الكاتب فرانسيس فوكوياما يرى (((الغارديان)) 11 تشرين الاول) ان الاحداث الاخيرة، برغم مأساويتها، لا ترقى الى مستوى الحدث ((التاريخي)) بمعنى انها لن تشكل انعطافا في مسيرة البشرية نحو الحداثة وعنصريها المحددين: الرأسمالية والديموقراطية. ويقول ان نموذجي الحكم الاسلامي في إيران وأفغانستان لا يشكلان اي جاذبية لا على المستوى المحلي وبطبيعة الحال ليس على المستوى العالمي، وبالتالي لا يمثلان تهديدا، مهما صغُر، للنموذج الديموقراطي الغربي.
لكن الاجواء التي أعقبت الهجمات على الولايات المتحدة فرضت مجموعة طويلة من التعديلات قد تطال بعض الأسس التي يقوم عليها المجتمع والاقتصاد في دول العالم المتقدم.
فحالة التوجس من كل ما هو عربي إسلامي وبالأحرى من كل ما يأتي من خارج حدود الدول الصناعية الكبرى وحليفاتها المباشرات، واعتبار ان الدول العربية والاسلامية ودول العالم الثالث تشكل مصدرا للخطر الامني، يؤديان الى إهمال التعامل مع مناطق شاسعة من العالم وفرض المزيد من القيود على التبادل التجاري معها. فبعدما كانت حرية التنقل بالنسبة لسكان العالم الثالث محصورة بالشرائح القادرة على تلبية الشروط المادية للدول الغربية وهو ما يعد انتهاكا للعولمة بتعريفها الواسع سترتفع اصوات تطالب بتقييد التعامل الاقتصادي والتجاري ايضا مستغلة المخاوف الامنية التي بدأت ملامح تحولها الى ما يشبه الهستيريا في أكثر من بلد غربي.
ويمكن التوقف أمام نموذجين من الاستغلال ((المتطرّف)) للهلع الامني للمطالبة بفرض قيود على نواحٍ لا تمت بصلة الى الأمن. فالممثل التجاري الاميركي روبرت زويليك دعا الى استغلال احداث 11 أيلول لتسريع مفاوضات تحرير التجارة التي تجريها الادارة الاميركية مع عدد من الدول مشيرا الى ان ذلك ((يصب في صميم الصراع الحالي)).
في المقابل، حمل مقال نشرته صحيفة ((واشنطن بوست)) للمحامية روبين مازر مقولة مناقضة حيث دعت الى شن حرب ضروس على منتهكي حقوق الملكية الفكرية الأميركية حول العالم بذريعة انهم ((يموّلون الارهاب)) وتعطي على ذلك مثالا: القمصان المزورة من ماركة ((نايك)) تباع في باكستان وهي تحمل صورة أسامة بن لادن وتحتها شعار: ((المجاهد الاسلامي الأعظم)).
لا يقدم زويليك ومازر تفسيرا للعلاقة بين مطالبهما الاقتصادية الضيقة وبين الارهاب ومكافحته بل ان رائحة المركنتلية تزكم الأنوف في هذين الموقفين.
ولا ريب في ان كل جهة ذات مصلحة ستلجأ الى الأساليب الأكثر انتهازية والأقل إقناعا والأشد بعدا عن المنطق لتسويق مطالبها وإسباغ شرعية عليها بصفتها عنصرا مهما في ((مكافحة الارهاب)).
وسترى الشركات الكبرى قريباً ان في وسعها تجاهل بعض القمصان المزورة في ازقة مدن الصفيح الباكستانية. وستركز على الاسواق التي تجني منها الارباح الحقيقية. فالتبادلات الاقتصادية الكبرى تجري بين الدول الصناعية ولا يزيد حجم التبادلات مع الدول النامية عن العشرة في المئة من اجمالي حركة التجارة العالمية. وقدّم ((الاقتصاد الجديد)) في الاعوام القليلة الماضية نموذجا عن امكان توصل الغرب الى اكتفاء ذاتي في الانتاج والتسويق من دون الالتفات الى مواد خام أولية او أيد عاملة او اي من ((الصادرات)) الجنوبية.
هذا المنحى المتصاعد منذ أواخر الثمانينات، يشجع الدوائر الاقتصادية الرئيسية على ((التضحية)) بأسواق الجنوب وإقفال الباب بحزم أمام منتجاتها والتركيز على أسواق الشمال. فاذا كان تحرير التبادل التجاري يحتل في نظر الغرب المرتبة الثانية في الاهمية بعد الامن، فمن المؤكد ان أحدا في هيئات صنع القرار في الدول الصناعية لن يعترض على التشدد في التعامل مع الدول النامية.
والمخاطر الامنية الحقيقية او الوهمية معطوفة على فشل مشاريع التنمية في الجنوب وهزال القيمة الاقتصادية لأسواق الدول النامية تشكل عناصر كافية لخروج هذه الدول من دائرة اهتمام الشمال.
هذه المعطيات تقود الى إعادة تعريف جذرية لمفهوم العولمة. فبعدما كان المفهوم الذي تهيمن فيه قوة اقتصادية سياسية واحدة على العالم وتفرض منتجاتها وسلعها ((الناعمة)) (حقوق الملكية الفكرية هي أبرز الصادرات الاميركية في الاعوام العشرة الماضية)، يشكل انحرافا عن المفهوم الذي يعتبر العولمة حالة من التكامل بين دول تتمتع كل منها بوجود رؤوس أموال وسلع قابلة للتصدير وأسواق مستهلكة، من المرجّح ان يؤدي انتصار نهج انعزالي جديد الى جعل مفهوم العولمة محصورا في دول الشمال الغني الذي لا يتجه رجال أعماله الى دول الجنوب سوى في رحلات أشبه برحلات القنص والصيد في الزمن الغابر.
جسامة التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي الذي كان قد بدأ في التباطؤ قبل أشهر من أحداث 11 أيلول، دفعت رئيس الاحتياطي الفدرالي الاميركي آلان غرينسبان الى التأكيد على ضرورة عدم التراجع عن مهمة اقامة اقتصاد رأسمالي عالمي معتبرا ان العولمة ((محاولة يمكن ان تنشر في العالم أجمع قيم الحرية والاتصال المدني المناقضة للارهاب)). ودعا الى عدم السماح بالتخلي عن انجازات العولمة التي تحققت في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
دور منظمات مناهضة العولمة
اعادة رفع الأسوار بين العالمين المتقدم والنامي تهدد بترك الدول الفقيرة ساحة لنمو كل ما يمكن تخيله من آفات سياسية واجتماعية. واذا كان كهنة العولمة بشروا في العقد الماضي بالفوائد الجمة التي سيجنيها فقراء العالم من ((العولمة السعيدة))، فان المخاطر الماثلة أمامنا اليوم لا تشبه ما كانت تحذر منه منظمات مناهضة العولمة التي ركزت طويلا على الآثار السلبية التي تتركها الحركة العاصفة لرؤوس الاموال المضاربة والاستغلال الفظ للأيدي العاملة الرخيصة في العالم الثالث لمصلحة الشركات العابرة للقوميات.
وتشبه الخيارات المطروحة اليوم أمام منظمات مناهضة العولمة تلك الخيارات التي واجهت المنظمات البيئية في النصف الاول من الثمانينات: اما التحول الى قوى سياسية ببرنامج صريح يفرض عليها اختيار موقع في الطيف السياسي مع تركيز على قضايا العالم الثالث، او الانكفاء نحو أدوار اعتراضية ((تقنية)) اذا صح التعبير.
وتصاعد نبرة الخطاب ((الوطني)) في الولايات المتحدة المترافقة مع العداء للاجانب في دول أوروبا الغربية ادى الى بوادر انقسام في الحركة المناهضة للعولمة التي وجدت نفسها أمام تحد غير مألوف. فقد حوّل عدد من المنظمات نشاطه للتنديد بالحرب على أفغانستان فيما وقف قسم آخر (الاتحادات النقابية الاميركية خصوصاً) الى جانب حكومة الولايات المتحدة.
ربما من المبكر الحكم على مصير الحركة، لكن من الجلي ان الفرع الاميركي منها الذي اضطر الى إلغاء تظاهراته المقررة في 30 أيلول الماضي للاحتجاج على اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي (التي أُلغيت بدورها) في واشنطن محكوم بالمناخ العام في بلاده، وان التيارات اليسارية فيه تجد نفسها في موقف دفاعي.
يوم تدمير مركز التجارة العالمي وزعت وكالات الأنباء صورة شاحنة لشركة ((كوكا كولا)) محطّمة أمام أنقاض البرجين. فهل يكفي القضاء على رموز المنحى السائد من العولمة للقضاء على الظاهرة؟






#حسام_عيتاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
- لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو ...
- كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع ...
- -دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية ...
- قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون ...
- حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
- بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
- ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا ...
- مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
- أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسام عيتاني - العولمة والإرهاب: رأسمالية الجزر الآمنة