|
أمل بورتر في ندوة في -بيت السلام- بلندن
عدنان حسين أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4012 - 2013 / 2 / 23 - 23:35
المحور:
الادب والفن
الأبحاث التشكيلية هي متنفسي الوحيد وحديقتي المفضَّلة
ضيّفت مؤسسة الحوار الإنساني بلندن الروائية والفنانة التشكيلية العراقية- البريطانية أمل بورتر حيث نظّمت لها أمسية ثقافية تحدثت فيها عن رواية "دعبول"، كما ساهم كاتب هذه السطور بدراسة نقدية لهذا النص الروائي بعنوان "البطل السلبي في رواية دعبول". وأوضحت الروائية بورتر في مستهل حديثها بأنها كتبت هذه الرواية في ذاكرتها أول الأول حينما كانت موجودة في العاصمة العُمانية مسقط لأنها كانت تتوفر على أوقات فراغ كبيرة جداً، كما كانت تعاني نوعاً من الوحدة والعزلة على الرغم من المعطيات الجمالية الأخاذة لمسقط، فقد ذكّرتها نكهة سوق "مطرح" بالأسواق العراقية التي تمحضها حُباً من نوع خاص مثل سوق الشورجة والغزِل والصفافير والروافين والبزازين والشيخ عمر وما إلى ذلك من أمكنة محببة إلى نفس الكاتبة وروحها. ولأنني كتبت دراسة خاصة ومفصلة عمّا دار في الأمسية فسأكتفي ببعض الإشارات المهمة التي انطوى عليه حديث المُحاضرة أمل بورتر التي قالت بأن هناك ثلاث مواقف في الرواية هزّتها من الأعماق، الأول حينما شرعت سُكينة بتعليم دعبول القراءة والقراءة فشعرت الكاتبة نفسها باللحظة الروحية المقدسة التي أبكتها وجعلتها تذرف الدموع كلما تذكرت هذا الموقف الغامض، والثاني حينما كان علي ودعبول منتشيين جراء الخمرة وهما يحوِّران الأناشيد الوطنية فيشتمهما أحد المارة بكلمات بذيئة. أما الموقف الثالث والأخير فيتعلق بدعبول حينما كان عمره إحدى عشرة سنة وكان مختبئاً وراء شخصية أخته "بدرية" ويدخل مع "حفيظة" إلى الحمّام ويكتشف عريها الباذخ الذي يصدمه لمدة طويلة من الزمن. كما أشارت بورتر إلى استعارتها لشخصية سليمة الخبازة من الروائي غائب طعمة فرمان، لكنها لم تزوّجها من دعبول الأمر الذي أثار حفيظة العديد من القرّاء. ترصد الرواية الكثير من الأفكار والمستجدات السياسية والثقافية والاجتماعية التي حدثت في المجتمع العراق الذي بدأ يتغير بفعل الظروف والعوامل الداخلية والخارجية التي تركت تأثيرها على شخصيات هذا النص الرئيسة والثانوية. وفي الآتي تغطية لمجمل الأسئلة والأجوبة التي دارت خلال هذه الأمسية الاحتفائية بالروائية أمل بورتر التي وضعنا روايتها الأولى "دعبول" في مختبرنا السردي الذي شمل حتى الآن أربع روائيين وروائيات وهم لنا عبد الرحمن، وسلوى جرّاح، ومحسن الرملي إضافة إلى أمل بورتر آملين أن تتاح لنا الفرصة لوضع أكبر قدر ممكن من الأعمال الروائية في هذا المختبر النقدي الذي يفحص النصوص الروائية بحيادية تامة بعيداً عن المجاملات والمؤثرات الشخصية المعروفة. د. مهند الفلوجي:هناك شخصيات كثيرة موجودة في الذاكرة العراقية مثل أشعب الطمّاع والبهلول وحسون الأميركي وجحا، لكنها شخصيات موجودة على أرض الواقع. هل أن شخصية دعبول موجودة فعلاً أم أنها من صنع المخيلة العراقية؟
دعبول البلّام -نعم، أنه شخصية موجودة فعلاً في منطقة سيد سلطان علي والشِريعة التي تقع بالضبط خلف الأورزدي باك. فدعبول موجود لكنني لم أرَه، ولم أعرف في أية سنة توفي، بل لم أعرف عنه أي شيئ نهائياً. وحينما ذهبت إلى العراق مرات متعددة وبحثت في الصحف العراقية القديمة، لكنني لم أجد له أي ذكر. العراقيون يتعاطفون كثيراً مع هذه الشخصية حتى أن بعضهم انتفض عليَّ لأنني لم أزوِّجه من سليمة الخبازة. مهدي أبو جلُود: من أين أتيتِ بهذا الاسم إذاً؟ أنتِ قلتِ إنه من منطقة سيد سلطان علي والشِريعة، لكنني تصورت أنكِ اخترتِه من النزاع الذي نشب بين النجفيين والكواظمة حيث قُتل فيه شخص يُدعى دعبول، وكان أهل النجف يرددون في " يوم الأربعين" ردّة مشهورة تقول: " يم دعبول لا تبجين، سنة اللُخ لو طيبين، كل إصبع منّه بأربعة"، هل ثمة علاقة بين الدعبولين؟ -لم أخلق اسم دعبول من مخيلتي، لأن الاسم موجود، وهو بغدادي صرف من منطقة سيد سلطان علي، وهو شخصية معروفة جداً، وكان بلّاماً، لكنني بنيت شخصيته بالطريقة التي أريدها، وجعلته يعيش في باب الشيخ، وقتلت أمه وأخته في الحريق الذي نشب في "باب السِيف"، وحادثة الحريق وقعت فعلاً حينما احتل الإنكليز بغداد واتخذوا من باب السِيف مخزناً للمشوربات الروحية، ثم جعلت دعبولاً يهرب إلى مزارع الزهاوي المعروفة آنذاك، وبدأ يعتاش على الخضراوات إلى أن يلتقي بعزوري، الشخص اليهودي الذي سيأخذه إلى البيت متصوراً أنه طفلة لأن شعره طويل بينما هو في حقيقة الأمر طفل يرتدي ثوب أخته بدرية وسوف يتقنّع باسمها لمدة من الزمن إلى أن ينكشف أمره لـ "حفيظة" فيلتجئ إلى بيت بدري وسُكينة. سمير طبلة: هل أن "دعبولاً" هو بلّام في الرواية أيضاً؟ -نعم، أنه يصنع الزوارق والأعواد وبدأ يتعلم القراءة والكتابة على يد سُكينة، ولكننا لا نستطيع ذكر أحداث الرواية كلها.
نكهة الأسواق القديمة صادق جعفر: ذكرتِ مسقط أكثر من مرة، يا تُرى هل ذهبتِ إلى مطرح وتذكّرتِ بغداد فكتبتي رواية "دعبول"؟ -أنا كنتُ في مسقط قبل ستة أشهر، وأنا أزورها بين مدة وأخرى وأحبها جداً، وإذا تركت مسقط شخصياً فإن مسقط لم تتركني. سوق مطرح يختلف بتكوينة وشكله عن أسواق بغداد، ولكن فيه نكهة، هذه النكهة الخاصة أعادتني إلى بغداد فحاولت أن أضخمها بكل الحواس، كما أشار الزميل عدنان، فوظفتها وحولتها تقريباً إلى أسواق بغداد، لأن أسواق بغداد الشعبية بالنسبة لي أهم بكثير من الأورزدي باك والأسواق الحديثة التي لا تحتل شأناً كبيراً في ذهني. فأنا مثلاً مستعدة لأن أقضي في سوق الصفافير أو الشورجة أو الغزِل النهار كله من دون أن أضجر لأنني أحب هذه الأسواق القديمة، أما الأسواق والمحلات المستحدثة فلا أشعر بأي انتماء لها، لكنني أشعر بانتماء إلى سوق السراي أو البزّازين أو الروّافين، أما شارع الشيخ عمر فيمثل ذروة الفرح بالنسبة لي، وأنني أحب هذا السوق لأنني نشأت في كركوك، هذه المدينة التي طوّر فيها والدي مشروع الكهرباء وأنار المدينة برمتها في أربعينات القرن الماضي. أتذكر حينما كنا نسكن في كركوك في بيت مؤلَف من طابقين، الطابق الأسفل كان مخصصاً لمحطة توليد الكهرباء التي تحتوي على عدة ورشات حدادة ونجارة وبعض المكائن الضخمة، فكنت أتنقل بين هذه الورشات، الأمر الذي يكشف عن حجم الثقة الكبيرة الموجودة بين والدي والعمال الذين يعملون في هذه الورشات، فكل العمال كانوا بمثابة إخواني الكبار أو آبائي، وحتى هذه اللحظة أتذكر اسم الحدّاد سعيد المسؤول عن ورشة الحدادة، وكاكة حمه المسؤول عن ورشة النجارة، الكل كان يدللني. وحتى الآن حينما أريد أن أروّح عن نفسي أذهب إلى محلات بيع العُدد اليدوية والكهربائية مثل المطارق والمفكات والدريلات وما إلى ذلك. أتذكر الآن محلاً كان يقع مقابل فخري الساعاتي يبيع مثل هذه العُدد اليدوية التي أحب التفرج عليها حينما كنت أذهب إليه لهذا الغرض، ولكنني كنت أتذرع بمشاهدة القطة التي يمتلكها بخلاف السبب الحقيقي وهو رؤية المطارق والمفكّات والمبارد والكلّابات والمسامير وما إلى ذلك، وربما لهذا السبب أساند الطبقة العاملة.
هيمنة الشخصيات الروائية سلوى جرّاح: أنا لدي أربع روايات منشورة ومن خلال تجربتي الروائية أستطيع أن أقول بأنني أترك شخصياتي تنمو وتكبر مع الوقت، ثم تبدأ هذه الشخصيات تملي عليّ أفكارها ومتطلباتها، بل أنني أحذف الآراء أو القناعات التي لا تؤمن بها هذه الشخصيات. أنتِ أخذتِ شخصيات لديها كينونة معينة، كما استعرتِ سليمة الخبّازة من الروائي غائب طعمة فرمان، كيف تعاملتِ مع هذه الشخصيات؟ -هذه الشخصيات سيطرت عليّ سيطرة تامة، بالمناسبة أنا عندي ابن يعالج بالإبر، ولأن هذه الشخصيات هيمنت عليّ إلى أقصى حد بحيث بدأوا يضّحكونني ويبّكونني فقلت له: "ربما صار بيّ شيئ غير طبيعي فدير بالك مني!" لأن هذه الشخصيات بدأت تتلاعب بمقدراتي، ولأن عيادة ابني مشهورة يرتادها العديد من الأدباء الذين يراجعون بهدف العلاج فتكلم مع أحدهم عن سيطرة شخصيات رواية "دعبول" عليّ فقال: "ليس الأمر مقتصراً على والدتك فكلنا نعاني من هيمنة شخصياتنا الروائية علينا". فأدركت بأن الأمر ليس مقتصراً علي فقط، وإنما يعاني منه غالبية الكتّاب.
الشخصيات المستعارة سلوى جرّاح: أنا قصدت في سؤالي أن شخصياتك عندها شيئ من الكينونة، بينما نخلق نحن شخصياتنا من لا شيئ، وندعها تكبر، وحينما نصل إلى الفصل الثاني عشر مثلاً نكتشف أن هناك شيئاً ناقصاً، ثم نرجع لكي نكمله. سؤالي هو: كيف تعاملتِ مع هذه الكينونة التي استعرتِها؟ -أنا أخذتُ الاسم فقط، ولم آخذ حوادث، ولم أعرف شيئاً عن الشخصية، وماذا أكلت أو شربت أو لَبِست؟ أو مِنْ أحبت أو كرهت؟ أو كيف تصرفت؟ أنا لم أعرف أي شيئ عن هذه الشخصيات، لقد أخذت كينونتها المجهولة، ومنحتها كينونة جديدة، وتصرفات قد تكون مغايرة لتصرفات الشخصية الأصلية، كما أعطيتها طريقة تفكير قد لا تكون هي نفس طريقة تفكير الشخصية الأصلية، وكان هذا الأمر مُتعِباً بالنسبة لي أيضاً لأنني كنت أتساءل مع نفسي وأقول: "هل أنّ من حقي أن ألعب بهده الشخصية على وفق ما أريد؟" لقد أدركت بأنني أستطيع أن أفرض على الشخصية ما أريد، لكن حينما تنضج هذه الشخصية في الرواية تفرض عليّ ماذا تريد، ولكي أثبت صحة ما أذهب إليه أقول إن دعبولاً فرض عليّ موقف رفض المشاركة في تعزية وفاة عليّ لأنه يعتقد بأنَّ علياً لم يمت، فكنت أتساءل": هل من المعقول أن لا يذهب دعبول إلى تعزية وفاة علي لكي يقرأ الفاتحة على روحه؟ وكما تعرفون فإن علياً كان أكبر من صديقه دعبول بسنوات كثيرة، كما أنه من طبقة اجتماعية مرفهة ويتوفر على ثقافة واسعة ومحمولات فكرية عديدة وصفها لنا دعبول بنفسه لأن علياً لم يتحدث عن نفسه كثيراً. لقد أخذت اسم دعبول فقط من دون التفاصيل التي تعرفونها عن هذه الشخصية الظريفة التي خلقت منها شخصية مأساوية لأن الرواية تنطوي على حزن وتشرّد ووفاة، كما أن فيها بعض الظرف التي تستوجبها بعض المواقف الفكاهية.
كاتبة أنانية أمين شاتي: هل أسقطتِ دعبول على بعض أعمالك التشكيلية؟ -أنا أفصل بين الإنتاج التشكيلي والإنتاج الروائي. أتذكر ماقاله رشيد خيون وصلاح نيازي حينما وصفاني بالأنانية لأنهما يقولان لي: "أنت تكتبينَ كتابة جميلة، لكنك لا تريدين أحداً أن يقرأها وكأنما تكتبين لنفسكِ فقط!". دعني أتحدث لك عن ثلاثة أعمال فنية لي تمّ اختيارها لأهم معرض تشكيلي في نيوكاسل، أنا لا أحاول أبداً إقحام التراث في أعمالي التشكيلية، ولو ترى هذه الأعمال فإنك يمكن أن تقول عنها عراقية أو صينية أو يابانية أو أميركية لأن فيها مسحة عالمية، هذه الأعمال سوف تشارك في بينالي لشبونة. حينما أنهمك في العمل الفني لا تهمني القواعد والأصول، ولا أفكر بأنها سوف تعجب المتلقين أو لا تعجبهم وأشتغل غالباً بألوان مائية بحرية كبيرة تعزز عدم الالتزام بالشروط المذكورة. لم أُدخل دعبول في أي عمل فني لي، لكن الأعمال الفنية تظل متنفسي الحقيقي، فأنا عندي مَرسماً جميلاً أنجز فيه لوحاتي الفنية وأعمالي التي تتألف جلها من الحديد لأنني كما ذكرت لازلت أحِّن إلى كركوك، كما أشتغل على الـ "سبع عيون" وبقية المشغولات التي عرضتها أمامكم وهي مخصصة لبرنامج مساعدة أطفال اللاجئين من مختلف بلدان العالم، أطفال يعانون من صعوبة التعلّم، لكنهم تعلموا الآن أشياء كثيرة من بينها هذه المشغولات الجميلة. لابد من الإشارة إلى أنني أركِّز كثيراً على الكتابة النقدية في الفن التشكيلي، ولدي الآن كتاب نقدي بثلاثة أجزاء وبواقع "750" صفحة، سوف يصدر قريباً إنشاء الله، وهو عبارة عن مجموعة من الأبحاث التشكيلية التي أعتبرها الفنية هي متنفسي الوحيد وحديقتي المفضلة التي أحبها كثيراً . لابد لي من القول بأنني أستعير الفنون التشكيلية وأضمنها في الرواية لأمنحها أبعاداً وخامات متنوعة، أما في الرواية فأنا أتلاعب بالحروف وأدخل بواسطتها كل ما توحي به الفنون التشكيلية من لون وصوت وإضاءة وانسيابية وتضاد. أمين شاتي: إذا تداخلت الفنون فيما بينها فلابد أن تنتج شيئاً جديداً، أليس كذلك؟ -ربما لا أمتلك هذه القابلية، لكنني، كما قلت، أوظف الفنون التشكيلية في النص الروائي.
مدينة أخّاذة الجمال د. صباح جمال الدين: أنا أود أن أشكركِ على شيئ لم يذكره الآخرون وهو مسقط التي عشتُ فيها عشر سنوات وعدتُ منها في سنة 2002، واستغربت في أثناء حديثك لأنكِ لم تكوني مرتاحة في مسقط التي أحبها جداً، وتحبها زوجتي أيضاً، ولا تذكر وطنها، وإنما تريد أن تسافر إلى مسقط. سؤالي هو: ألم تحبي مسقط؟ -أنا مستعدة أن أسافر غداً إلى مسقط، فعندما وصلتني دعوة من مسقط ألغيت الكثير من الالتزامات، وتخليت عن العديد من المواعيد، لأنه حينما تدعوني مسقط أهرع إليها، ولكن أنتَ كرجل حينما تذهب مع عائلتك سيختلف الأمر، أما المشكلة فهي حينما تذهب امرأة لوحدها فإنها ستواجه الكثير من الصعوبات وأن كل الأعين ستتجه لها في الشارع أو في المقهى أو في أي مكان عام. كنت أدرِّس في جامعة مسقط ثلاثة أيام في الأسبوع وبمعدل ثلاث ساعات في اليوم ولأنني إنكليزية فيجب أن يتقيدوا معي بالنظام، بينما كانوا يستغلون زملائي الأساتذة المصريين، ولو أن الاستغلال متبادل من الطرفين، وبسبب ساعات العمل المحدودة كان لدي وقت فراغ كبير جداً وكان طلبتي هم السند الوحيد الذي كنت أتكئ عليه طوال مدة بقائي في مسقط سنتين تقريباً. فإذا جلست المرأة لوحدها في مسقط فإن كل العيون تتجه نحوها، أما إذا كنت مع عائلتك فإنها بالتأكيد ستكون مصدر حماية لك. لابد من القول بأن مسقط في ذلك الوقت كانت تعاني من قلة النشاطات الأدبية والفنية والثقافية فكيف أقضّي أوقات فراغي الكثيرة. صحيح أن مسقط مدينة جميلة جداً، بل أن جمالها أخّاذ وغريب وخيالي، لكنك ماذا تفعل بكل هذا الجمال بينما يلتهمك الفراغ القاتل. الشعب العُماني شعب طيب، ودمث الأخلاق، بل هم حكماء في سلوكهم اليومي وتعاملهم مع بعضهم بعضا ومع الآخرين أيضاً، وهذا ما لاحظته حينما حصل حادث سير بالمصادفة حيث نزل السائقان وتبادلا كلمات طيبة وعبارة "ماشاء الله" كثيراً في إشارة إلى أن الضرر لم يكن كبيراً فتصافحا بعد أن تبادلا الكارتات وأصبحا صديقين.
كركوك مدينة ملونة بدور الدده: أحسستُ أن دعبول شخص مهم في حياتك، هل أن اختيارك لدعبول له علاقة بك كعراقية؟ -أنا أعتبر نفسي بنت كركوك، وهي بالنسبة لي أهم من بغداد. ربما كان هاجس أمي الوحيد هو بغداد، وتريد أن تعيش فيها، حينما انتقلت أنا إلى بغداد وجدتها مدينة مسطّحة وغير ملونة بخلاف كركوك الجبلية المتموجة الغارقة بألوان الطبيعة. بغداد تبدو رمادية أو ترابية وألوانها محدودة، لكنها تتوفر على تاريخ وتراث وحضارة، كما أنها تتميز بسحرها الخاص، بغداد مدينة مثيرة وغريبة، ولا أدري حقيقة إن كانت جميلة أم لا، لكنني أردت في هذه الرواية أو في غيرها من رواياتي الثلاث أن أفيها حقها وأن أنبّه إلى سحرها وغموضها، لذلك كتبت رواية "دعبول" لأن دعبول هو بغداد، وبغداد هي دعبول بمعنى من المعاني. لقد ارتبطت بغداد بذاكرتي حينما جئت إليها وكنت طالبة في الصف الرابع الابتدائي. د. سعد الشريفي: أنا لم أستطع أن أبقى في مسقط أكثر من سنة بخلاف الزميلين العزيزين اللذين أحبا مسقط. أنا أعتقد أن مسقط تعاني من ضعف مادي تقني مقارنة ببقية أقطار الخليج العربي. -المدى في مسقط محدود وهي لم تتوسع في الأدب والفن فحينما كنت أطالع الصحف العُمانية كنت أشعر أنها لا تلبي حاجتي ولا تغذيني ثقافياً ومعرفياً، فقلت في نفسي أن مستواي الفني والثقافي سوف يتراجع شيئاً فشيئاً، بينما كنت أتطور يومياً في إنكلترا لأنني أشاهد المسرحيات والأفلام ومعارض الفن التشكيلي وأحضر عشرات الفعاليات الثقافية والفنية، لذلك شعرت بأن مسقط لا تستطيع أن تضيف لي أي شيئ بسبب محدودية أفقها الثقافي والفني والمعرفي بشكل عام. مصباح كمال: يبدو أن مسقط قد احتلت مكاناً كبيراً في نقاش الأخوة السائلين، ولكنها لم تكن سوى مكان كُتبت فيه الرواية. أنا أسأل عن حقبة العشرينات والثلاثينات التي شهدها العراق، يا تُرى هل سجّل هذا التاريخ حضوراً قوياً في الرواية أم لا؟ -لقد أشرت إلى الاحتلال البريطاني في أثناء حديثي، كما تطرقت إلى نزوح العوائل الفلسطينية والسورية بسبب الحروب والتغيرات السياسية التي طرأت على المنطقة، كما وفدت إلى العراق مجموعة من الأفكار الجديدة التي وصفت بـ "الهدّامة" وشكّلت خلفية للرواية حيث بدأ الناس ينفتحون ويتثقفون ويتعرفون على أشياء جديدة لم يألفوها من قبل.
#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشاكل المرأة العراقية في المملكة المتحدة
-
احتفاءً بالمنجز الأدبي للشاعر الراحل عبد السلام إبراهيم ناجي
-
تاريخ عربستان وثقافتها
-
الثابت والمتغير في واقع ما بعد الثورة في تونس
-
همسات مقدّسة في المركز الثقافي العراقي بلندن
-
في أمسية بالمركز الثقافي العراقي بلندن (ج4)
-
أمل بورتر: حينما أدخل في مناخ الكتابة الروائية أعاني، وأبكي،
...
-
خالد القشطيني . . الضاحك الباكي (ج2)
-
المركز الثقافي العراقي بلندن يستضيف خالد القشطيني(1)
-
قراءات نقدية ل (كوميديا الحُب الإلهي)
-
حرية الجسد
-
نأي الرأس وغربة الجسد في مرويات تحسين كرمياني
-
بحر كاظم يستنطق ذاكرة المكان وتجلياته عند سعود الناصري
-
الكتابة في ظلال ملحمة كلكامش
-
ترجمة النفس
-
تكريم الدكتور محمد مكية في حياته (2-2)
-
تكريم الدكتور محمد مكية في حياته (1-2)
-
استذكار العالم عبد الجبار عبدالله (الجزء الثاني)
-
استذكار العالم عبد الجبار عبدالله (الجزء الأول)
-
السخرية السوداء واللغة المبطنة في روايات الداودي
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|