|
النسخة الإخوانية من سجن أبوغريب
أحمد عسكر
الحوار المتمدن-العدد: 4012 - 2013 / 2 / 23 - 22:21
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
هل حقا بدأت الثورة المصرية تأكل أبنائها وتنهش أجسادهم؟! لم يكن أكثر المتشائمين بالثورة المصرية يتخيل أو يتوقع ما يحدث ويجري في الواقع المصري الآن من عمليات اعتقالات واسعة، وتلفيق التهم، والتعذيب الممنهج لشباب الثورة الثائرين ضد النظام الجديد، الذي يرى الكثيرون أنه لا يختلف عن سلفه بل أسوأ، خاصة بعد ثورة قامت من أجل الحرية والكرامة الإنسانية وإعلاء قيمة الإنسان في بلد عانى شعبها من القمع والتعذيب على مدار عقود كثيرة فائتة.
تطالعنا يوميا القنوات الفضائية والصحف المستقلة المصرية على ضحايا جديدة وقصص مريبة من ضحايا التعذيب في سجون وزارة الداخلية، وتعامل الأمن الغاشم مع المتظاهرين المعتقلين، الذين يتم اعتقالهم من الشوارع والميادين التي تشهد مظاهرات ينظمها شباب الثورة المناهضين للنظام المطالبين بتعديل مسار الثورة التي انحرفت عن مسارها الطبيعي، وتحقيق مطالب الثورة، والتي قامت من أجلها الثورة، وتعد حملات الاعتقال هذه هي الأوسع والأكبر منذ 12 عام، حيث تم اعتقال أكثر من 1000 شخص، والتي فاقت حملات الاعتقال التي شهدتها مدينة المحلة عام 2008 والتي حدد عدد المعتقلين فيها حوالي 475 شخص.
تبدأ رحلة الاعتقال باختطاف الشاب وترحيله إلى أحد أقسام الشرطة، ويتم تلفيق تهم باطلة له كـ"تكدير الأمن العام، وحيازة مولوتوف، ورمي حجارة على المنشآت العامة، والمشاركة في قلب نظام الحكم، وغيرها من التهم الواهية"، ثم ينتقل المعتقلون إلى أحد معسكرات الأمن المركزي، وتبدأ حفلة التعذيب كما روى كثير من الشباب المعتقلين، والذين تم الإفراج عنهم لعدم ثبوت ما أدينوا به، حتى وصل الأمر لكثير من قطاعات المجتمع بأننا أمام سجن أبو غريب جديد، ولكن هذه المرة النسخة الإخوانية في مصر، فمن السب والضرب بـ"الهراوات"، إلى خلع الملابس وتعذيب بالأماكن الحساسة في الجسم.
ولعل المثال الأكثر وحشية وإيلاما ما حدث مع عضو التيار الشعبي الشاب محمد الجندي – رحمه الله – الذي تم اعتقاله وتعذيبه في معسكرات الأمن المركزي إلى أن وافته المنية، ولم يكن الجندي المثال الوحيد لضحايا التعذيب في سجون الداخلية في حكم الإخوان، ففي برنامج للإعلامي المتميز حافظ الميرازي على قناة دريم الثانية، استضاف عدد من الشباب وأهالي آخرين تعرضوا للاعتقال والتعذيب على أيدي رجال الشرطة في معسكرات التعذيب، وعرض كل شاب منهم كيفية القبض عليه والتعامل في أقسام الشرطة والتعذيب الذين تعرضوا له، وغيرهم الكثيرين من الشباب. ولا يقف الأمر عند ذلك بل وصل حد اعتقال الأطفال الصغار وتعذيبهم في أقسام الشرطة والمعسكرات، فلا رحمة بطفل مريض ولا شفقة بشباب لم يكن همهم يوما سوي بلد ينعموا فيها بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. أي نظام فاشي هذا؟!
ثم نأتي لموقف الرئاسة الصامت تجاه تلك الأحداث المؤسفة وهذه الجرائم المرتكبة ضد شباب الثورة، وكأنها عقاب لهم على قيامهم بثورة، على الرغم من أن مرتكبي هذه الجرائم يُعدّون المستفيد الأكبر من تلك الثورة، ولكن هناك رئيس ظنناه رئيسا لكل المصريين وليس لجماعته وأهله وعشيرته فقط، يعمل بمبدأ "لا أرى، لا أسمع، أشيد وأؤيد الداخلية"، فبعد التعامل الوحشي من الشرطة مع المتظاهرين أمام قصر الاتحادية واعتقال وقتل عدد من الشباب في التظاهرات، خرج علينا الرئيس منددا بالتظاهرات ومؤيدا للداخلية، وكأنه يفتح لهم الباب على مصراعيه للنيل من المتظاهرين، فبدلا من أن يحمي الرئيس شعبه الذي عصر السواد الأعظم منه الليمون ليأتي به رئيسا أملا منهم فيه أن يكمل أهداف الثورة التي تلفظ أنفاسها الأخيرة للأسف! في ظل ذلك الحكم الإخواني الفاشل حتى الآن بكل المقاييس في أن يقدم أوراق اعتماده للشعب المصري. إن ما يحدث من اعتقال وتعذيب وقتل للشباب المصري الذي ضحى بدمه من أجل حرية هذا البلد والعمل على رفعته لهو بحق جريمة لا تغتفر، ولن يغفرها الشعب مهما طال الزمن، ويجعلنا أمام نظام فاشي لا يحترم الآدمية ولا يحترم حقوق الإنسان، فأين دولة القانون وأين الدستور الذي قيل عنه أعظم دستور في تاريخ مصر في الحقوق والواجبات، وخاصة حقوق الإنسان؟! وأين تطبيق القانون في أن يعرف المقبوض عليه الاتهامات الموجهة له وأحقيته في أن يبلغ أهله بمكانه قبل مرور 12 ساعة من القبض عليه؟!
ثار الشعب على مبارك وطغيان أجهزته الأمنية القمعية بعد أن فاض به الكيل، ولن يقبل الشعب بإهانته مرة أخرى، فاتقوا غضبة هذا الشعب الذي عرف طريق الحرية ولم ولن يرجع أو يركع أو يتراجع عن حريته. فالشعب لن يرحم والتاريخ أيضا.
#أحمد_عسكر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دولة القانون.. هل غابت وسقطت؟!!
المزيد.....
-
استأنفت نيابة العبور على قرار إخلاء سبيل عمال شركة “تي أند س
...
-
استمرار إضراب عمال “سيراميك اينوفا” لليوم السابع
-
جنح مستأنف الخانكةترفض استئناف النيابة وتؤيد قرار إخلاء سبيل
...
-
إخلاء سبيل شباب وأطفال المطرية في قضية “حادث الاستثمار”
-
إضراب عمال “النساجون الشرقيون”
-
تسعة شهور من الحبس الاحتياطي.. والتهمة “بانر فلسطين”
-
العدد 590 من جريدة النهج الديمقراطي
-
اليمين المتطرف يحتفل برحيل أونروا من إسرائيل
-
الفصائل الفلسطينية تفرج عن دفعة جديدة من الأسرى بينهم أربيل
...
-
تسع خطوات عاجلة لـ 10 نقابات مهنية مصرية ضد تهجير ترامب للفل
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|