|
ما الذي يخيف الظلاميين في الحب وفي عيده؟؟
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4008 - 2013 / 2 / 19 - 14:36
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
.في مثل هذا الوقت من كل سنة، يتجدد الخلاف الفقهي ويكثر الجدل والنقاش الاجتماعي حول مناسبة عيد الحب، أو عيد العشاق، أو "يوم القديس فالنتين" الذي تحتفل به اليوم - ولو بصورة رمزية وغير رسمية ورغم اختلاف مسمياته- الكثير من دول العالم المتحضر تقريبا، في الرابع عشر من شهر فبراير من كل عام..كما احتفلت به، وتواريخ ومواعيد مختلفة، أقدم حضارات الأرض من السومريين والبابليين، واليونيين، والعرب، إلى أحمد أمين الذي جعل من يوم 4 نونبر للاحتفال بهذا العيد القديم وغير المستحدث، كما يتصور الذين يقرنونه بقصة القديس "فلانتين".. سبب اشتداد حدة الجدل حول شرعية الاحتفال، الذي تعدت في الآونة الأخيرة، حوله الحكايات، والأقاويل والأساطير والفتاوى، كل الحدود، وفاقت كل التصورات، بين مؤيد ورافض، حيث يرى بعض من علماء الدين، أن مثل هذه الاحتفالات بدعة وتقليد، يرحم على المسلمين القيام بها، بحجج تقليدية مكرورة و غير مقنعة أمام أي أمر مستحدث، بدعوى التشبه بالغرب، كما يرى البعض الآخر، ويؤكد أن تبادلهم الهدايا التي تعبر عن الحب في ذلك اليوم ليس له علاقة بالمعتقدات الدينية. ولعل ما تميز من بين العديد من فتاوى الرافضين، خلال الأيام القليلة الماضية التي سبقت يوم العيد، تلك الفتوى/الخبر التي نشرته بعض الجماعات المُتشددة على مواقعها الكثيرة والمُختلفة منقولا من صفحة مجهولة بالفيس بوك، والتي يحذرون الناس من خلالها من مغبة الاحتفال بعيد الحب، ويهددونهم بالجلد إن هم فعلوا أو ظهرت على وجوههم ملامح الفرح وعلامات البهجة بهذه المناسبة، حيث قالوا: "سنجوب الشوارع فى يوم ما يسمى "عيد الحب" ومن تظهر عليه علامات الاحتفال به سنجلده 80 جلدة على الملأ، ولقد أعذر من أنذر. وليست هذه هي الفتوى الوحيدة، التي أثارت موجة من ردود الفعل الساخطة، والتعليقات الساخرة، على مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي.. بل هناك الكثير من المواقع والفضائيات الإسلامية التي تعج بما لا يعد ولا يحصى من الفتاوى الظلامية التي تغذيها السادية وشهوة القتل وسفك الدماء ، والتي لا يمكن أن يستوعبها هذا المقال، ولذلك ساكتفي بفتوى الشيخ أحمد محمد عبد الله، الشهير بـ"أبو إسلام" -احد الدعاة المصرين المعروفين بتشددهم، مالك قناة الأمة الفضائية الذي أمر النائب العام المصري، مؤخراً، بضبطه وإحضاره، بتهمة ازدراء الدين المسيحي والإساءة إلى المسيحيات بوصفهن عاهرات يذهبن لميدان التحرير، رغبة منهن في التعرض للاغتصا- الغريبة، التي حرم من خلالها على فريق كرة القدم بالنادي الأهلي ارتداء القميص الأحمر خلال مباراته أمام سموحا، لتزامنها مع يوم "عيد الحب"، وقال الشيخ أبو إسلام "إن الجميع مُطالب بعدم ارتداء اللون الأحمر اليوم، وعدم استخدام هذا اللون، بما في ذلك النادي الأهلي مؤكداً أن عيد الحب هو بمثابة "عيد الزنا والدعارة".. كم هو عجيب، ويدعوا للدهشة والاستغراب، أمر هؤلاء الذين يُحرمون على المسلمين المحبة، كسِمة من سِمات الإنسان التى خلقها فيه الله بالفِطرة قبل أن يكتسب الصفات المُجتمعية التى تجعله عنيفا حاقدا متجهما عبوسا غليظ القلب، ليس في قلبه رأفة ولا رحمة، يستهين مشاعر المحبة الإنسانية، ويكره مد جسور المودة والتآلف والتآخي والتآزر مع أبناء وطنه، ويعوضوها بقذائف الدم وأسلحة الدمار التي تحول حياة العباد إلى جحيم.. فكيف لهذه العقول الضيقة والقلوب العنيفة، أن تتذوق - في عالم كالح ذبلت فيه زهوره ووروده - لذة الحب سواء في شقه المُطلق الشامل لكل مخلوقاته التى تُشاركنا الحياة، من إنسان وحيوان وطير ونبات وطبيعة، أو في شقه المتعلق بالمجال الرمانسي العاطفي منه، والذي يأتي على رأسه حب الرجل للمرأة، الذي جعله الله غريزيا بينهما، مند خلق الله آدم وحيداً وخلق له حواء التي لن يقدر على العيش وحيداً بدونها ك"مُعين ونظير له". فكيف لهؤلاء الذين يقرنون الحب بالجنس الهمجي الفاحش، ويرفضون تعامل الذين الإسلامي الراقي مع ما يملأ جوانب النفس البشرية، من حب سامي مشبع بمعاني الانتماء الصادق، والولاء الخالص، والحرص الكامل على مد جسور المحبة والمودة. لا ورب السماء، لن يعرفوا حقيقة الحب النقي، ولن يدركوا مشاعره السامية الرقيقة النبيلة التي تحول المحب من إنسان شرس إلى ملاك خير ووديع، وتُطلق لسان العيي، وتفتح حيلة البليد، وتبعث على النظافة وتزين الملبس والمسكن، وتطييب المطعم، وتدعو الى البدل والعطاء، فتحول البخيل إلى جواد، والقطوب إلى طلق بشوش، والجبان إلى شجاع مقدام، والغليظ إلى طيب سمح ، و الجاهل إلى لبق متأدب.. وأنى لهم أن يتمتعوا تسامح وصفاء المحبين، الذي هيأها سبحانه وتعالى لعباده ليسعدوا في دنياهم ويفوزا في آخرتهم، ماداموا لا يؤمنون إلا بثقافة الموت والجهل، وبلغة قذائف الدم وأسلحة الدمار، ويسعون جاهدين إلى تحويل كل سُبل المحبة والسعادة إلى كراهية وتعاسة سوداء، بتطرفهم الشاذ الرافض لدعوات الله للمودة والمحبة بين البشر، والتي لم يحفل بها كتاب الله الكريم بالحديث عيثا، بل لغاية سامية، كما ورد فى قوله تعالى فى سورة المائدة آية 82 "لتجدنَ أشد الناس عداوةً للذين امنوا اليهود والذين اشركوا ولتجدنَ أقربهم مودةً للذين أمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون" ص ق. وكما فى سورة الروم آية 21 قوله تعالى "ومن اياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمةً إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" ص ق، وكما ورد ايضا فى سورة هود آية 90 قوله تعالى "واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه ان ربي رحيم ودود" ص ق، أو كما جاء فى الآية 23 من سورة الشورى حيث قال تعالى "ذلك الذي يبشر الله عباده الذين امنوا وعملوا الصالحات قل لا أسالكم عليه اجراً إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور" ص ق، وكما ورد فى الآية 7 من سورة الممتحنة قوله تعالى "عسى الله ان يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة ورحمة والله غفور رحيم" .وصدقت آيات الله الكريمة هته وغيرها كثير- والتي لا يتسع المجال لذكرها كلها هنا- في كل ما جاء به لإظهار قدرة المحبة على إنارة أرواح البشر وتخليصها من شرور الكراهية والبغضاء تنشر، وتذكير الإنسان بإنسانيته وتميزه عن غيره من المخلوقات.. ختاما، وحتى نخرج من ظروف والعداوة ولغة الكراهية والموت القاسية، التى فُرضت علينا، في هذا الزمن الخداع, الذي يُصدق فيه الكاذب، ويُكذب فيه الصادق, ويُخون فيه الأمين، ويُؤتمن فيه الخائن. وحتى تسود عالمنا المحبة والتسامح والصفاء والوفاء والإخلاص كل القلوب، أدعوا الجميع أن يحبوا ..ويعشقوا..ويغنوا..ويرقصوا، في هذا اليوم، وفي كل أيام الله الجميلة، وليحضن بعضنا البعض برغبة قوية في خلق عالم جديد لا يعكر صفوه مطبلي الأنظمة الظلامية الفاسدة والعتيقة، الذين لربما تصغي قلوبهم يوما لغنائنا ورقصنا، فيتسلل الحب إلى مشاعرهم، فينثروا النور بديلا عن الظلام وقذائف الدم، يحيلوا حياة الناس إلى جنة على الأرض.. لأن الحب هو ما يجعلنا نتشبث بالأمل ولا نيأس بل ننتظر الغد المُشرق حميد طولست[email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رد على تعليق
-
أحداث ملغومة وكاسدة ومزجاة.
-
هل تحرض الفواجعة الحياتية والمآسي الإنسانية على البوح وممارس
...
-
مأدونيات غريبة لا يعرفها عنها الكثيرون شيئا، لكنها تدر أموال
...
-
لماذا يسرق التراب الأمهات؟؟
-
موقف غريب جدااا بمطار القاهرة
-
ماذا تريد حواء من بعلها؟؟؟
-
قوامة نواب!!!
-
قومةنواب الأمة!؟
-
الكلاب لا تغتصب بعضها، مثل ما يفعل الإنسان
-
الزعامة أو الرئاسة؟
-
حكومة تقسيم وتشتيت بامتياز!؟
-
القاهرة مدينة مجنونة 2
-
حق المدينة وبرج شباط!!!؟
-
القاهرة مدينة مجنونة
-
كل نكتة وانتم بخير!
-
العيد في عاصمة -أم الدنيا- القاهرة.
-
تدهور الارصفة
-
أزمة صحافة أو أزمة سياسة؟
-
الثورات لا يطلقها المنظّرون، والمفكرون، وإنما البسطاء والفلا
...
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|